أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأةٌ فقالت: يا رسول الله! إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، قال رسول الله عليه وسلم: هل عندك شيء؟ قال: ما أجد شيئاً، قال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، لسورٍ سماها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكها على ما معك من القرآن)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: هبة المرأة نفسها لرجل بغير صداق، هذه الترجمة المراد بها: أن المرأة إذا وهبت نفسها لرجلٍ بغير صداق، فإن ذلك يصح، ولكن هذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو الذي اختص بهذا، وقد جاء ذلك في القرآن: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:50]، أي: كون المرأة تهب نفسها له، ويكون ذلك بغير صداق، ولما لم يكن له بحاجة إليها.
أورد النسائي حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، في قصة المرأة الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءت إليه وهو في مجلسه ومعه جماعة، فوهبت نفسها له صلى الله عليه وسلم ليتزوجها، فالرسول صلى الله عليه وسلم صوب فيها النظر وخفضه، ولم يرد جواباً، وكأنه ليس له بها حاجة، فجلست، فقال رجل من الحاضرين: (إن لم يكن لك بها حاجة يا رسول الله! فزوجنيها، فقال: هل عندك شيء؟ - تصدقها إياه- فأخبر بأنه ليس عنده شيء، قال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس ولم يجد حتى الخاتم من حديد، ثم إنه سأله: هل عنده شيء من القرآن؟ فذكر سوراً من القرآن يحفظها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكها بما معك من القرآن)، فهبة المرأة نفسها بغير صداق، هذا إنما هو للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما لم يكن له بها حاجة، احتاج الأمر إلى صداق، ولهذا قال له: [ابحث حتى ولو عن خاتمٍ من حديد، فبحث ولم يجد]، ثم بعد ذلك انتقل إلى أن يوصل إليها منفعة، وهي أن يعلمها شيء من القرآن، فهذا يدلنا على أن الصداق لا بد منه، ولكن حصول الزواج هبةً من الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم بدون صداق، هو من خصائصه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
والحديث مر من طرقٍ متعددة في أبوابٍ مختلفة، وقد مر ذكره، وذكر شيءٍ من الكلام فيه.
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا معن].
هو عن معن بن عيسى، وهو ثقةٌ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
وهو الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حازم].
سلمة بن دينار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن سعد الساعدي].
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي بشر عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (في الرجل يأتي جارية امرأته، قال: إن كانت أحلتها له جلدته مائة، وإن لم تكن أحلتها له رجمته)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إحلال الفرج، يعني: يقصد بذلك المرأة التي لها أمة تملكها، وأحلت فرجها لزوجها لأن يطأها، أي: مكنته من وطئها، أي: المرأة زوجته المالكة للأمة، أحلت فرج أمتها لزوجها، يعني: ما حكم ذلك إذا حصل؟ وإذا وقع فما يترتب عليه؟
ومن المعلوم أن الأبضاع لا تستباح إلا بأمرين اثنين لا ثالث لهما، وهما: الزواج، وملك اليمين، يعني: كون الإنسان يتزوج فيطأ زوجته، أو يملك أمةً فيطؤها بملك اليمين، وليس وراء هذين الطريقين شيءٌ يجوز وتستباح به الفروج، وقد بين الله عز وجل ذلك في كتابه العزيز فقال: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7]، فأخبر أنه لا يكون استباحة الفرج أو الفروج إلا بالزواج، أو بملك اليمين، وأن من طلب هذا الأمر الذي هو استباحة الفرج من غير هذين الطريقين، فقد سلك مسلكاً خطيراً، وفعل أمراً محرماً، وعلى هذا فإن كل ما يخالف هذا الذي جاء به القرآن من قصر الأمر على الزواج، وعلى ملك اليمين، يدل على أن كل ما كان خلاف ذلك، فهو مخالفٌ لما جاء به الكتاب والسنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وذلك لا يجوز، يعني: كل شيءٍ سوى هذين الطريقين فهو غير جائز، ومن ذلك كون الرجل يطأ أمة زوجته، فإن ذلك غير سائغ، ولو مكنته من ذلك فإنه لا يجوز؛ لأنه تمكين من محرم، والإباحة إنما هي بالطريقين الاثنين، وهما: الزواج وملك اليمين، لأن البضع مقصور الاستفادة منه على أن يكون ذلك من الزوج، أو يكون مالكاً لتلك الأمة التي يستمتع بها.
وقد أورد النسائي حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما، في قصة الرجل الذي وقع على جارية امرأته، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن أحلتها له -يعني: زوجته- فإنه يجلد مائة، وإن لم تحلها له فإنه يرجم)، يرجم لأنه محصن، والمحصن حده الرجم، وأما البكر فحده الجلد والتغريب، والذي جاء في الحديث هنا ليس حداً، من كونه يجلد مائة، هذا ليس حداً؛ لأن مثله محصن، والمحصن حده الرجم، وكونه جاء في الحديث: [أنه يجلد مائة]، ليس ذلك حداً، وإنما هو تعزيراً، ومبالغةً في التعزير؛ لأن هناك شيءٌ عول عليه، وهو الترخيص له من زوجته بأن يطأ أمتها، فيكون ذلك يقتضي التعزير والمبالغة فيه إلى مثل حد البكر، وهو أنه يجلد مائة جلدة الذي لم يكن محصناً، أما من كان محصناً، فإن حده الرجم كما هو معلوم، والرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: [(إن أحلتها له يجلد مائة، وإن لم تحلها له)]، أي: أنه هو الذي أقدم على فعل هذه الفاحشة بها وهو محصن، فيكون حكمه الرجم، وحده الرجم، وقيل: إن هذا كان قبل الحدود.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب جماعةٌ من الصحابة إلى أن حده الرجم؛ لأنه محصن، وقد فعل أمراً لا يسوغ، وهو ليس بزوج، ولا مالك للأمة، بل المالك لها غيره، فيكون عليه الرجم، وجاء عن عبد الله بن مسعود أن عليه التعزير الذي يبالغ فيه، وجاء عن الإمام أحمد وعن غيره أنه يفصل هذا التفصيل الذي جاء في هذا الحديث، وهو أنها إن حصل من الزوجة شيءٌ في تمكينها منه، وإحلالها فرج أمتها، فإنه يجلد مائةً تعزيراً، وإن كان ذلك بإقدامٍ من الزوج، زوج المرأة على فعل الفاحشة في أمة زوجته، فإن الحكم يكون هو الرجم.
والحديث جاء من طرق متعددة، ولكن بألفاظٍ مختلفة، وفيها اضطراب، وبعض العلماء تكلم عليها من حيث الاضطراب، وقال: إنها لا تصح؛ لأنها مضطربة تأتي على أوجه مختلفة، لا يرجح بعضها على بعض. ومن العلماء من قال: إن فيها ضعف غير الاضطراب، من جهة حصول التدليس من المدلسين، وكذلك الضعف في بعض الرواة.
هو: محمد بن بشار الملقب بندار، وهو ثقةٌ، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخٌ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا محمد].
هو ابن جعفر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بشر].
هو جعفر بن إياس المشهور بـابن أبي وحشية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
مقبولٌ، أخرج حديثه البخاري في الأدب، وأبو داود، والنسائي.
[عن حبيب بن سالم].
وهو لا بأس به، وتعادل صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن النعمان بن بشير].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وكان من صغار الصحابة رضي الله عنه وأرضاه، توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنين. وصغار الصحابة هناك أشياء يروونها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضها يروونها عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وتعتبر ومراسيل الصحابة كلها عمدة، وحجة يعول عليها؛ لأن الغالب عليهم أنهم لا يروون إلا عن الصحابة.
وقد جاء عن النعمان بن بشير التصريح بسماع أحاديث من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهي ليست من مراسيل الصحابة، ومنها الحديث المشهور: (إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات)، رواه الشيخان البخاري، ومسلم من حديث النعمان بن بشير، وفيه قوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، فتحمل في حال صغره، وأدى في حال كبره، تحمل وعمره أقل من ثمان سنوات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وعمر النعمان بن بشير ثمان سنوات.
ومعنى هذا: أنه تحمل قبل ذلك، وتحمل الصغير في حال صغره، وتأديته في حال كبره، هذا أمرٌ معتبر؛ لأن المعول عليه هو إخباره وهو مكلف، إخباره، وذكره ما يريد أن يرويه، وهو مكلف، فـالنعمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، سمع من النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث، وكان عمره لما توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام ثمان سنين، ومثل ذلك الكافر إذا تحمل في حال كفره، وأدى في حال إسلامه، فإن ذلك معتبر، الصغير يتحمل في حال الصغر، ويؤدي في حال الكبر، معتبر تحمله وتأديته، والكافر يسلم، ويكون متحملاً في حال كفره، ثم يؤدي بعد إسلامه، ذلك معتبر. ومن ذلك حديث هرقل عظيم الروم مع أبي سفيان، وأبو سفيان، كان مشركاً، وكان يحدث، ويخبر عما جرى له من المعارضة، والمخالفة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في حال كفره، وما رواه وأخبر به مما كان تحمله في حال كفره؛ لأن المعتبر في حال الأداء، فإذا أدى وهو أهلٌ للأداء، فإن ذلك هو المعتبر ولو كان تحمله في حال الكفر، فالصغير إذا تحمل في الصغر، وأدى في الكبر، والكافر إذا تحمل في الكفر، وأدى في حال الإسلام، فكلٌ منهما حديثه معتبر ومعولٌ عليه.
ثم أورد النسائي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله، إن كانت أحلت له من سيدتها فإنه يجلد مائةً، وإن لم تحلها له فإنه يرجم بالحجارة.
قوله: [قال قتادة: فكتب إلى حبيب بن سالم فكتب إلي بهذا]، معناه: أنه يرويه مكاتبةً، والمكاتبة معتبرة عند العلماء، يعني: كون الإنسان يكتب إلى شخص، ثم يحدثه بالكتاب، ذلك معتبر عند العلماء.
هو البحراني، وهو صدوقٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخٌ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، يعني مثل: محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، وعمرو بن علي الفلاس، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، كل هؤلاء من الذين هم شيوخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنهم مباشرةً وبدون واسطة.
ومحمد بن معمر ذكر المزي في تهذيب الكمال: أنه روى عن حبان بن هلال، وفي تهذيب التهذيب ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة محمد بن معمر الجهني: أنه روى عن حبان بن هلال، فيحتمل هذا وهذا، وكلٌ منهما صدوق، إلا أن البحراني شيخٌ لأصحاب الكتب الستة، وأما الثاني الجهني فروى له أبو داود، والنسائي فقط.
[حدثنا حبان بن هلال].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبان].
هو أبان بن يزيد العطار، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، أي: أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقةٌ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد بن عرفطة].
وقد مر ذكره.
[عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير].
وقد مر ذكرهما.
قوله: (فأجلده) و(فأرجمه) ما أدري إذا كان الضمير يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يكون بهمزة قطع، لكن الذي مر في بعض الروايات أنه قال له: إن كان كذا فكذا، وإن كان كذا فكذا، أي: إذا كان النبي يخبر عن نفسه صلى الله عليه وآله وسلم فيكون أجلده وأرجمه، وإن كان أمراً منه صلى الله عليه وسلم لمن يتولى هذه المهمة، فيكون فاجلده، وفارجمه، بدون همزة قطع.
هو سليمان بن سيف الحراني، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا عارم].
هو محمد بن فضل أبو النعمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن سلمة].
هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سعيد بن أبي عروبة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن حبيب عن النعمان].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.
أورد النسائي حديث سلمة بن المحبق رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً وقع على جارية امرأته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [(إن كان استكرهها فهي حرةٌ، وعليه لسيدتها مثلها)]، يعني: تكون حرة بسبب فعله هذا، وعليه أن يأتي لسيدتها بمثلها عوضاً عنها، قوله: [(وإن كانت طاوعته)]، أي: ليست مكرهة، ثم قال: [(فهي له)]، يعني يملكها، وعليه لسيدتها مثلها، وهذا بيان لما يئول إليه أمر الأمة التي فعل فيها هذا الفعل؛ لأن الأول فيه ما يتعلق للرجل وحكمه، هل يجلد أو يرجم؟ وهنا بيان حال تلك الأمة التي حصل لها ذلك الشيء, هل هي باقية على ما هي عليه أو غير باقية؟ فقال: [(إن كان استكرهها فهي حرةٌ وعليه لسيدتها مثلها)]، يغرم لسيدتها مثلها؛ لأنها صارت حرة بهذا العمل، [(وإن كانت طاوعته)]، أي: الأمة لم يكن هناك استكراه, بل مطاوعة، فهي تكون له, ويكون عليه لسيدتها مثلها.
هو: محمد بن رافع النيسابوري القشيري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو ابن همام الصنعاني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معمر بن راشد].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
قد مر ذكره.
[عن الحسن].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قبيصة بن حريث].
صدوقٌ، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[عن سلمة بن المحبق].
أورد النسائي حديث سلمة بن المحبق من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أنه [إن كان استكرهها فهي حرةٌ ولسيدتها مثلها]، قوله: [(الشروى)] يعني: مثلها؛ لأن من معاني المثل الشروى، وهذا مما يستعمل عند العوام عندما يقولون: شرواك، يعني: مثلك، وكثيراً ما يأتون بهذه العبارة يستعملونها في البيع وهي لغة عربية، بمعنى: المثل، وشرواك، يعني: مثلك كذا وكذا، والشروى المثل، (فإن كان استكرهها فهي حرة، ولسيدتها الشروى)، يعني: مثلها، يعني واحدةً مثلها عوضاً عنه؛ لأن تلك خرجت من ملكها بالتحرير، حررت، فصارت حرة، (وإن كانت طاوعته فهي لسيدتها وعليها مثلها)، أيضاً، يعني: هذا يختلف عن الذي قبله، فالرواية السابقة [تكون له ولسيدتها مثلها]، وهنا [هي لسيدتها]، وأيضاً يضاف إليها [أمةً أخرى] تعطى لسيدتها.
وهذه الأحاديث حديث النعمان بن بشير، وحديث سلمة بن المحبق كلها ضعفها الألباني، وقد ذكر العلماء أنها مضطربة، وهذا الاضطراب الموجود فيها من حيث التفاوت في ألفاظها، مثل ما جاء في هذا الحديث، مرة يقول: (إنها إن طاوعته فهي له، ولسيدتها مثلها)، والرواية الثانية يقول: (هي لسيدتها، ولسيدتها مثلها)، أي: يضاف إليها أمة أخرى تملكها السيدة.
هو: محمد بن عبد الله بن بزيع، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا يزيد].
هو يزيد بن زريع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سلمة].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى عن عبيد الله بن عمر حدثني الزهري عن الحسن وعبد الله ابني محمد عن أبيهما رضي الله تعالى عنه: (أن
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تحريم المتعة، والمتعة هي: الزواج المؤقت الذي له أمدٌ ينتهي إليه؛ لأن من شأن الزواج أن يكون على التأبيد، يعني: ليس له أمدٌ ينتهي إليه، يتزوج الإنسان وهي زوجته على التأبيد، إلا إذا حصل طلاقٌ منه أو فسخ أو ما إلى ذلك، فإنه ينتهي، لكن الأصل فيه أنه لا يؤجل بأجل، ولا يكون له غاية ينتهى إليها، بل الأصل في الزواج أنه يكون على التأبيد، وهي زوجته دائماً، لا يفرق بينهما إلا الموت، أو الطلاق، ما يفرق بينهما ببلوغ الأجل الذي يحدد، هذا هو الأصل في الزواج.
والمتعة هي زواجٌ مؤقت له أمدٌ ينتهي إليه، فمثلا مدة شهر يتزوجها لمدة شهر، فإذا انتهى الشهر انتهت مدة وصلاحية العقد، وهي كانت مباحة، وجاءت النصوص في إباحتها، ولكنها حرمت بعد ذلك، وصار تحريمها مؤبداً، وعلى ذلك حكم العلماء على أنها حرام، وأنها لا تجوز، وأن تحريمها مؤبد، والرافضة هم الذين يقولون بها، ويرون بقاءها، ومع هذا فقد جاءت الأحاديث عن علي نفسه رضي الله تعالى عنه، في بيان تحريمها، الذي يعتبره الرافضة أول الأئمة الإثني عشر الذين يصفونهم بالصفات التي هم براء منها، وهم لا يرضونها؛ لأنهم يغلون فيهم غلواً شديداً، ويصفونهم بصفات لا يجوز وصفهم بها، وهم لا يرضون بذلك بلا شك، فهذا النكاح المحرم الذي كان مباحاً ثم نسخ، إنما جاء تحريمه عن علي نفسه، وما جاء عن أبي بكر، وعمر، وعثمان الذي ما يعول عليهم الرافضة، والذين يكفرهم الرافضة أو يفسقونهم، ويبغضونهم ويسبونهم، وإنما جاء عن علي نفسه، فهذا زيادة في الثبوت عليهم، وثبوت التحريم أنه جاء ممن يعولون عليه، وممن يصفونه بالعصمة الذي هو علي رضي الله عنه وأرضاه، أول الأئمة الإثني عشر عند الرافضة، وهو رابع الخلفاء الراشدين المهديين عند أهل السنة والجماعة، رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
فالمتعة وهي: الزواج المؤقت الذي يضرب له أجل ينتهي ببلوغ الأجل كانت مباحةً ثم حرمت، وبقيت محرمةً، وصار حكم ذلك لا يسوغ، بل جاء عن بعض الصحابة بل جاء عن عمر رضي الله عنه: أن من فعل ذلك فإنه زانٍ، وأنه يستحق الجلد أو يستحق الرجم، يعني إن كان محصناً أو كان بكراً.
علي رضي الله عنه، قال هذا بهذه المناسبة، وهي: أنه بلغه وجاءه رجل يخبره بأن رجلاً لا يرى بها بأساً، فقال: [إنك تائه]، يعني: الذي تقول هذا، وإذ تبحث عن هذا، وإذ تسعى وراء هذا إنك تائه، والتائه هو: الضائع أو الهالك، أو الذي ليس على سبيل، ولا على طريق.
وقوله: [(إنه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها -أي: عن المتعة- وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر)]، وكان ذلك في السنة السابعة، ثم أبيحت بعد ذلك، وحرمت تحريماً مؤبداً لا تجوز معه أبداً.
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن عمر].
هو: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن وعبد الله ابني محمد].
الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي بن الحنفية، وكل منهما ثقة، وكل منهما أخرج له أصحاب الكتب الستة، الحسن، وعبد الله ابني محمد بن علي الذي اشتهر بـابن الحنفية، وهو أيضاً ثقة الذي هو محمد بن الحنفية، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن أبي طالب].
محمد بن علي بن أبي طالب الذي هو ابن الحنفية يروي عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، يعني هذا الحديث الذي هو تحريم المتعة، وعلي رضي الله عنه، هو أبو الحسنين وأبو السبطين، صهر النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمه، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة، وعن لحوم الحمر الإنسية)، والإنسية هي: الأهلية، التي هي في مقابل الوحشية؛ لأن الحمر الوحشية حلال، وأما الإنسية فكانت حلالاً من قبل، ولكنها حرمت يوم خيبر كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقال لها: الإنسية نسبة إلى الإنس، أو إلى الأنس وهو ضد الوحشة، وهي في مقابل الوحشية التي هي مباحة وحلال، ولا إشكال في حلها وإباحتها.
هو: محمد بن سلمة المرادي المصري، ثقةٌ، أخرج له مسلم، وأبو داود، وابن ماجه.
[والحارث بن مسكين].
هو: الحارث بن مسكين المصري، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[أنبأنا ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك].
وقد مر ذكره.
[عن ابن شهاب].
وقد مر ذكره.
[عن عبد الله والحسن ابني محمد].
عبد الله والحسن ابني محمد عن أبيهما عن علي رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكر هؤلاء في الإسناد الذي قبل هذا.
أورد النسائي حديث علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو مثل الذي قبله، (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء، وعن لحوم الحمر الأهلية، وذلك يوم خيبر)، وفي رواية ابن المثنى.
قوله: [قال ابن المثنى].
قال ابن المثنى الذي هو شيخ النسائي أحد الشيوخ الثلاثة في الإسناد: (يوم حنين)، قال: هكذا حدثنا عبد الوهاب من كتابه. يعني أن محمد بن المثنى يروي الحديث على أنه يوم حنين، وأما غيره الذي محمد بن بشار، وعمرو بن علي الفلاس فيروونه على أنه يوم خيبر، وهو مطابق لما مر في الروايات السابقة.
هو عمرو بن علي، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، هؤلاء الثلاثة من شيوخ أصحاب الكتب الستة، رووا عنهم مباشرةً وبدون واسطة، وكلٌ منهم أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عبد الوهاب].
هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني مالك بن أنس].
قد مر ذكره.
[أن ابن شهاب أخبره أن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي أخبراه أن محمد بن علي أخبرهما أن علي بن أبي طالب قال].
ابن شهاب عن الحسن، وعبد الله ابني محمد بن علي عن أبيهما محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه، وقد مر ذكر هؤلاء جميعاً في الإسناد الذي قبل هذا.
أورد النسائي حديث سبرة بن معبد رضي الله تعالى عنه، أنه قال: [أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتعة، فذهبت أنا وصاحبٍ لي إلى امرأةٍ من بني عامر، فعرض نفسه عليها]، يعني: يريد أن يستمتع بها متعة، [فقالت: ما تعطيني؟ قال: أعطيك ردائي، وقال الآخر: أعطيك ردائي، فكان رداء صاحبه أجود من ردائه، ولكنه هو أشب من صاحبه، فكانت المرأة إذا نظرت لرداء صاحبه أعجبها، وإذا نظرت إليه هو أعجبها هو]، وانتهى بها الأمر إلى أن اختارته ورداؤه الرديء، [وقالت: أنت ورداؤك يكفيني]، يعني أنت صاحبي، ورداؤك الذي هو دون صاحبك يكفيني، يعني: اختارته لشبابه ولكونها تراه أشب، واعتبرت الرداء الذي هو دون الرداء الأجود يعني: يكفيها مع ذلك الشخص، فاختارت من كان أشب، ومن كان رداؤه أردى، وتركت من كان رداؤه أجود، فمكث عندها ثلاثاً.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم ذلك، وقال: [(من كان عنده شيءٌ من النساء يستمتع به فليخل سبيله)]، يعني: فليتركها، معناه: أنه انتهى، يعني: جاء التحريم وانتهت الإباحة، فيخلي سبيلها ولا يستمر معها حتى بلوغ الأجل الذي اتفقا عليه، بل عليه أن يخلي سبيلها، وأن يتركها.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الربيع بن سبرة].
هو الربيع بن سبرة بن معبد الجهني، رضي الله تعالى عنه، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، أما أبوه سبرة بن معبد الصحابي فحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر