أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزا خيبر، فصلينا عندها الغداة بغلس، فركب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وركب
يقول النسائي رحمه الله: البناء في السفر، أي: الدخول على الزوجة، واللقاء معها لأول مرة في خلوة، وذلك في حال السفر، هذا هو مقصود النسائي من هذه الترجمة أن البناء بالزوجة كما يكون في الحضر، وهذا هو الغالب، والأصل فيه، وأنه أيضاً يكون في السفر، والناس مسافرون فيمكن للإنسان أن يتزوج وهو مسافر.
وقد أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غزا خيبر، وفتح الله عز وجل على المسلمين، وكان من السبي صفية بنت حيي رضي الله تعالى عنها، وكان أن طلب منه دحية بن خليفة الكلبي واحدة من السبي، فأخذ صفية، ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم وقيل له: [إن دحية أخذ فلانةً صفية بنت حيي، وهي لا تصلح إلا لك، فقال: ادعوه بها، فجاء بها، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: خذ واحدة من السبي سواها]، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام اصطفاها لنفسه، وتزوج بها، وأعتقها، وجعل عتقها صداقها، ولما كانوا في أثناء الطريق راجعين إلى المدينة هيأت أم سليم صفية للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم زفتها عليه، فأصبح عروساً صلى الله عليه وسلم، وطلب منهم أن يأتوا بما معهم من أزواد، فأتى بعضهم بالسمن، وأتى بعضهم بالأقط، وبعضهم بالتمر، فحاسوا حيسةً، أي: صنعوا من هذا الطعام الذي هو من ثلاثة أصناف، صنفاً واحداً خلطوه وجمعوه، ويقال له: حيس، فأكلوا من هذه الوليمة التي هي ليست بلحم، وإنما هي حيس مؤلف من ثلاثة أصناف من الطعام هي: التمر، والسمن، والأقط.
ومقصود النسائي من الترجمة: أن النبي عليه الصلاة والسلام لما هيأت أم سليم صفية له عليه الصلاة والسلام، وهم سائرون في الطريق، وهم نازلون في سفر، وأهدتها للنبي عليه الصلاة والسلام، أي: أدخلتها عليه، وهذا هو البناء، فالدخول على المرأة، والخلوة بها لأول مرة، يقال له: بناء، ويقال له: خلوة، فمن أجل هذا أورد النسائي هذه الترجمة، وهذا الحديث تحتها من أجل هذه الجملة التي هي: كون أم سليم هيأتها وأدخلتها عليه، فصار بذلك بانياً بأهله وهو مسافر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والحديث طويل، أوله: [أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، ولما كان فيها أجرى دابته في زقاق]، وهو الطريق الضيق، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه رديفاً لـأبي طلحة زوج أمه أم سليم رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وكان من ضيق ذلك الزقاق أن ركبة أنس بن مالك تكاد تلتصق بفخذ الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا على دابة، وهذا على دابة، ولضيق الطريق والزقاق تقرب الدابة من الدابة، ويقرب من عليها إلى من عليها، فتكون ركبة أنس بن مالك رضي الله عنه قريبة من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم [نظر إلى بياض فخذه صلى الله عليه وسلم]، قال بعض أهل العلم: وفي هذا دليل على أن الفخذ ليس بعورة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كشف ذلك، وأظهر ذلك، فيدل هذا على أنه ليس بعورة، وجمهور العلماء على خلاف هذا القول يقولون: إنه عورة، ولكن هذا الذي حصل إنما انكشاف، وانحسار، ولم يكن قصداً، وذلك بسبب سرعة السير على الدابة أنه ينكشف الإزار عن الفخذ، فتبدو. فيكون بدو الفخذ لم يكن عن قصد، ولم يكن أمراً متعمداً حتى يستدل به على أن الفخذ ليس بعورة، وإنما حصل مع السرعة ومن غير قصد، فلا يستدل به على أن الفخذ ليس بعورة بل هو عورة.
ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(خربت خيبر، إنا إذا نزلنا ساحة قومٍ فساء صباح المنذرين)]، قالوا: وفي هذا دليل على جواز الاقتباس، وهو نوع من أنواع علم البديع في البلاغة، وهو: أن يضمن الكلام الذي يأتي به الإنسان شيئاً من كلام الله عز وجل، أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، دون أن ينسب ذلك إلى الله وإلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، يعني: دون أن يقال: قال الله تعالى كذا، أو يقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ولهذا قال: (إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين)، فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ [الصافات:177]، هذا من كلام الله عز وجل، ولكنه جاء على هذه الطريقة، وعلى هذا النحو الذي يسمى في علم البلاغة الاقتباس.
ثم إن اليهود خرجوا من بيوتهم لمزارعهم، وحروثهم، فلما رأوا النبي عليه الصلاة والسلام ومعه الجيش عرفوه وقالوا: [محمد، والخميس]، أي: الجيش، والجيش يقال له: خميس؛ لأنه يكون من خمس فئات: مقدمة، ومؤخرة، وميمنة، وميسرة، وقلب، أي: وسط، هذه خمسة أحوال.
ثم إن الله عز وجل فتحها للمسلمين عنوة، يعني: ليست بصلح، وليس دخول المسلمين بها بصلح، بل كان عنوةً، وقهراً، وغلبةً لليهود، حيث تغلب عليهم المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم إنه لما جمع السبي [جاء دحية بن خليفة الكلبي وقال: يا رسول الله! أعطني جاريةً، فقال: اذهب وخذ جارية، فذهب، وانتقى صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله تعالى عنها وأرضاها]، وكأنه حصل في نفوس بعض الصحابة شيء لكونه يأخذ هذه الشريفة في قومها، النسيبة في قومها، ويختص بها، ويتميز بها، فجاء بعض الصحابة وذكر النبي صلى الله عليه وسلم بحال هذه المرأة، وبحال دحية، وأنه أخذها وهي لا تصلح له، وإنما تصلح للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها بنت كبير قريظة، والنضير ومقدمهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه هذه الكلام [أمر دحية بن خليفة أن يأتي بها وقال له: يأخذ امرأةً من السبي سواها]، معناه: يذهب وينتقي له واحدةً غير هذه الشريفة في قومها، التي هي صفية بنت حيي رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فاستعادها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخذ شيئاً متميزاً، وكان من حقه ألا يأخذ من هي بهذا الوصف، ومن هي بهذه المنزلة، بل يأخذ ما هو دونها.
ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام تزوجها وجعل عتقها صداقها. وفي أثناء الطريق دخل بها، وبنى بها، واتخذ وليمة هي مكونة من التمر، والأقط، والسمن، وتسمى: حيس، وهو وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمناسبة هذا الزواج على صفية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
قوله: [(ما أصدقها؟)].
يعني: ما هو صداقها؟ قال: نفسها، يعني: أعتقها، وجعل عتقها صداقها؛ لأنه منّ عليها بهذه النعمة، وهي: العتق، وهو مكسب عظيم لها، فجعله صداقاً لها.
قوله: [(قال: حتى إذا كان بالطريق جهزتها له
والعروس يطلق على الذكر والأنثى، ليس خاصاً بالأنثى، وليس خاصاً بالذكر.
الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بأن يأتوا بما معهم من أزواد، فمنهم من أتى بالسمن، ومنهم من أتى بالتمر، ومنهم من أتى بالأقط، فجمعوا هذه الأمور الثلاثة وخلطوها، وهي تسمى: حيس، فأكلوا منها من هذه الوليمة، وفيه دليل على أن الوليمة يمكن أن تكون بغير الذبح وبغير اللحم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (أولم ولو بشاة)، لـعبد الرحمن بن عوف، فهذا يدلنا على أنه يمكن أن تكون الوليمة بغير اللحم، وأنها تكون بالحيس.
زياد بن أيوب، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل بن علية].
وهو: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية نسبةً إلى أمه، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز بن صهيب].
عبد العزيز بن صهيب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك رضي الله عنه].
وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد خدمه عشر سنوات رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وهذا الإسناد من رباعيات النسائي التي يكون فيها بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعة أشخاص.
أورد النسائي حديث أنس رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو خاص بذكر ما ترجم له النسائي، وهو بناء الرسول صلى الله عليه وسلم بـصفية بنت حيي، وأن النبي عليه الصلاة والسلام بنى بها في السفر، وأقام ثلاثة أيام في ذلك المكان الذي دخل عليها فيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [(ثم كانت فيمن ضرب عليها الحجاب)]. على أنها زوجة وليست ملك يمين، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوجها، (أعتقها وجعل عتقها صداقها)، فكانت زوجة لها حق القسم، وليست أمة تخالف الزوجات في أحكام كثيرة.
هو: محمد بن نصر النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أيوب بن سليمان].
هو: أيوب بن سليمان، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا أبو بكر بن أبي أويس].
هو: عبد الحميد بن عبد الله بن أبي أويس الأصبحي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن سليمان بن بلال].
هو: سليمان بن بلال، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو: يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد].
هو: حميد بن أبي حميد الطويل البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع أنساً رضي الله عنه].
وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث أنس بن مالك من طريق أخرى، وهو مثل التي قبلها، يعني في بناء الرسول صلى الله عليه وسلم بـصفية في السفر، وأنها صارت من أمهات المؤمنين، وأن النبي عليه الصلاة والسلام ضرب عليه الحجاب وحجبها عن الناس، فعرف بأنها زوجة، وأنها ليست ملك يمين، وصارت بذلك من أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، والنبي صلى الله عليه وسلم اصطفاها لنفسه؛ لأنها شريفة، وكبيرة في قومها، فجعلها له عليه الصلاة والسلام، وهذا فيه جبر لما حصل لها من المصيبة في قتل والدها، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم اصطفاها لنفسه، ولم يجعلها لواحد من آحاد الناس، وفي ذلك رفعة لشأنها، وبيان عظيم لمنزلتها رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
هو: علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل].
وهو: ابن علية، وقد مر ذكره.
إذا أطلق إسماعيل فالغالب أنه: ابن علية، ولكن لا أدري هل هو منصوص عليه أنه: إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، فإذا كان منصوصاً عليه فهو المعتبر وإلا فإنه عند الإطلاق يكون: ابن علية فيتحقق من هذا.
وقد مر ذكرهما.
وهذا الإسناد من رباعيات النسائي أيضاً، بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص.
أخبرنا علي بن حجر حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد قال: (دخلت على
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: اللهو والغناء عند العرس، اللهو لفظ عام، ولكن المقصود به هنا: الغناء، وعطف الغناء عليه من عطف الخاص على العام؛ لأن اللهو يشمل الغناء، وغير الغناء، والمقصود به هنا الغناء.
وأورد النسائي حديث قرظة بن كعب وأبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنهما: أنهما كانا في عرس وكان جواري يغنين، فجاء عامر بن سعد فأنكر عليهما هذا، وقال: أنتما صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكون هذا وأنتم شاهدان، فقالا له: تعال، إن كنت تريد أن تسمع فاسمع، وإن كنت تريد أن تنصرف انصرف، إن النبي صلى الله عليه وسلم (فقد رخص لنا في اللهو عند العرس).
قوله: [(فقد رخص لنا في اللهو عند العرس)]، والمقصود بذلك هذا الذي حصل من هذه الجواري، وهو يبين ما جاء في بعض الأحاديث السابقة التي فيها ذكر الدف وذكر الصوت، لأن الدف هو الآلة التي يضرب عليها ويخرج لها صوت، وعطف الصوت عليها يفيد بأنه الغناء الذي ليس فيه محظور، والذي يحصل من النساء لا سيما إذا كن صغيرات، فهو يدل على جواز مثل ذلك؛ لأنه جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي إنكار عامر بن سعد ما يدل على أن الغناء المعروف عندهم أنه حرام، وأنه غير سائغ، ولهذا أنكر الرجل هذا الذي جاء في الحديث على هذين الصحابيين، والصحابيان أجابا بأن هذا رخص فيه في العرس.
علي بن حجر، وقد مر ذكره.
[حدثنا شريك].
هو شريك بن عبد الله القاضي النخعي الكوفي، وهو صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي إسحاق].
وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن سعد].
هو: عامر بن سعد البجلي الكوفي، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن قرظة بن كعب].
قرظة بن كعب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
أبو مسعود الأنصاري، وهو: عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا نصير بن الفرج حدثنا أبو أسامة عن زائدة حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه، عن علي رضي الله عنه أنه قال: (جهز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: جهاز الرجل ابنته، أي: تهيئتها للزواج، وذلك بإعطائها شيئاً تتجهز به، ويكون معها. وقد أورد النسائي حديث علي رضي الله عنه.
قوله: [(جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا هو الجهاز الذي جهزها به رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو يدل على اليسر، والسهولة، وعدم المشقة، وعدم التكلف.
نصير بن الفرج، وهو بالتصغير، وابن حجر في التقريب لما ذكر هذه الصيغة قال: نصير بالتصغير، وذكر جملة من الأشخاص منهم هذا، ثم ذكر في الآخر شخصاً يقال له: نصير، ثم قال: ويقال له: بالفتح أيضاً نَصير، ونصير بن الفرج هذا هو نُصير بالضم، والشكل الذي عندكم يعني ليس على الصواب الذي هو نَصير بالفتح بل هو نُصير بالضم، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا أبو أسامة].
هو حماد بن أسامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
هو: زائدة بن قدامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عطاء بن السائب].
هو: عطاء بن السائب، وهو صدوق اختلط، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو: السائب بن مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن علي].
هو: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين، أبو السبطين، صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوج ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها وعنه، وعن الصحابة أجمعين، وهو صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرنا أبو هانئ الخولاني: أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (فراشٌ للرجل، وفراشٌ لأهله، والثالث للضيف، والرابع للشيطان)].
ثم ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: الفرش، يعني: اتخاذ الفرش، وذكره هنا، وإن كان لا يختص بالزواج، ولكنه ذكره بالمناسبة؛ لأن الزواج يترتب عليه إحضار الفرش، وتهيئة الفرش، ولكن الأمر لا يتعلق بالزواج، بل هو مطلق، فذكر هذه الترجمة بهذا الإطلاق.
وأورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(فراشٌ للرجل، وفراشٌ لأهله، وفراشٌ للضيف، والرابع للشيطان)].
المقصود من ذلك: ما كان خارجاً عن الحاجة، وزائداً عن الحاجة مما يمكن أن يكون فيه فخر، أو يكون مباهاة وما إلى ذلك، وذكر الفراش الذي للضيف هذا لا يعني أنه ما يكون إلا فراشاً واحداً، بل المقصود من ذلك ما يحتاج إليه الضيف أو الضيوف، فإذا كان الإنسان من عادته أنه كثير الضيوف ويبيتون عنده، فإنه إذا هيأ عدة فرش، فإنه لا يكون مخالفاً لما جاء في هذا الحديث؛ لأنه قال: [(للضيف)]، والضيف يمكن أن يكون واحداً، ويمكن أن يكون أكثر، فإذا هيأ ما يحتاجه الضيف، سواءً كان واحداً أو أكثر، وهذا على حسب ما اعتاده الإنسان من كثرة الضيفان، فإن هذا لا بأس من الزيادة على ذلك؛ لأن كل واحد من الضيوف يحتاج إلى فراش، وعلى هذا فذكر الفراش للضيف إذا كان الضيف غير متكرر، أو أن المقصود من ذلك: الجنس، فالضيف يطلق على الواحد، وعلى الأكثر، وعلى الجماعة، والفراش يمكن أن يكون واحداً، ويمكن أن يراد به الجنس، لكن في قوله: [(والرابع للشيطان)]، يفيد أنها أربعة فرش، فيستفاد من هذا أنه فيما إذا كان الضيف واحداً.
قوله: [(والرابع للشيطان)]، الذي هو زائد عن قدر الحاجة، وزائد عن المطلوب، مما يكون فيه مباهاة وافتخار، وما إلى ذلك، فإن هذا هو الذي يكون من نصيب الشيطان، ويكون من أجل الشيطان، ويكون مما يحبه الشيطان ويريده الشيطان.
هو يونس بن عبد الأعلى المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[أخبرنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا أبو هانئ الخولاني].
هو حميد بن هانئ الخولاني، وهو لا باس به، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي].
هو عبد الله بن يزيد الحبلي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن عبد الله].
هو: جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن ابن المنكدر عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل تزوجت؟ قلت: نعم. قال: هل اتخذتم أنماطاً؟ قلت: وأنى لنا أنماط؟ قال: إنها ستكون)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الأنماط، والأنماط هي: بسط لها خمل رقيق وأشياء بارزة، وهي رقيقة لينة، وهي فرش ناعمة.
وأورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه أنه تزوج، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: [(هل اتخذتم الأنماط؟ قال: وأنى لنا ذلك؟ يعني: من أين لنا ذلك، قال: إنها ستكون)]، يعني: أن هذه الأنماط ستكون، وستوجد وستكثر في أيدي الناس، وهذا الذي وقع كما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنها فتحت الفتوحات، وظفر المسلمون بالغنائم ومنها هذه الأشياء، وكثرت في أيدي الناس، وتحقق ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم من أنها ستكون.
وهو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
وهو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن المنكدر].
هو: محمد بن المنكدر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
جابر رضي الله عنه، وقد مر ذكره، وهذا الإسناد من رباعيات النسائي.
أخبرنا قتيبة حدثنا جعفر وهو ابن سليمان عن الجعد أبي عثمان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخل بأهله، قال: وصنعت أمي
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الهدية لمن عرس، يعني: الهدية بمناسبة العرس والزواج. أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج فأرسلته أمه أم سليم بهدية وهي: حيس، والحيس سبق أن مر بنا قريباً أنه الطعام المؤلف من ثلاثة أصناف وهي: التمر، والأقط، والسمن، فأرسلت معه حيساً، وطلبت منه أن يعتذر عن تقديم هذه الشيء القليل، وقال: إن أمه تقرئه السلام، وتقول: هذا لك منا قليل، يعني: أن هذا شيء بسيط، قليل، فهي تعتذر لعدم حصول الشيء الكثير، وأنها لم تتمكن إلا من هذا الشيء القليل، فقال: ضعه، ثم طلب منه أن يدعو وأن ينادي يعني: يدعو أناساً سماهم، وقال: [(ومن لقيت)]، يعني: ممن لم يسمه، فدعا من لقيه ومن سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى صار العدد الذي جاء زهاء ثلاثمائة شخص، فطلب منهم أن يتحلقوا، فقدم الطعام، فجاء عشرة وأكلوا، ثم عشرة وأكلوا.. وهكذا حتى انتهى هذا المقدار الذي هو ثلاثمائة، ثم بعد ذلك قال: إن الطعام على حاله التي وضع عليها أولاً، يعني: بعد أكل هذا العدد الكبير كأنه لم ينقص، وبقي على ما هو عليه، وهذا من تكثير الطعام بين يديه صلى الله عليه وسلم، وحصول البركة له عليه الصلاة والسلام. والمقصود من ذلك: أن هذا الحيس هدية من أم سليم للرسول صلى الله عليه وسلم بمناسبة زواجه عليه الصلاة والسلام.
قتيبة، قد مر ذكره.
[حدثنا جعفر وهو: ابن سليمان].
وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفر، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الجعد أبي عثمان].
وهو: الجعد بن دينار اليشكري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن أنس].
هو: أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد مر ذكره، وهذا الإسناد من رباعيات النسائي.
أورد النسائي حديث أنس رضي الله عنه في قصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه وزواجه، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لما قدم المهاجرون إلى المدينة آخى بين المهاجرين، والأنصار، وكان أن آخى بين سعد بن الربيع، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما، وكان الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم كما ذكرهم الله عز وجل في القرآن: يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9]، فقال هذا الأنصاري لهذا المهاجر: إنه يقسم ماله بينه وبينه نصفين، وأن عنده امرأتان، فهو يخيره بأن يختار واحدة منهما حتى يطلقها سعد بن الربيع رضي الله عنه، وإذا ما خرجت من العدة يتزوجها عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه، ولكن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لم يرد أن يستجب لهذا المطلب، وأن يأخذ من ذلك الأنصاري ذلك المال الذي هو نصف ماله، وكذلك أيضاً لم يوافق على ما ذكره من مسألة التنازل عن واحدة من نسائه يطلقها، فإذا ما فرغت من العدة يتزوجها، ودعا له بالبركة وقال: دلوني على السوق، يعني: يريد أن يبيع ويشتري، حتى يحصل شيئاً بجهده وكده وتعبه، فاجتمع له شيء وربح واستفاد رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ورآه النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة، فقال: [(تزوجت؟ قال: نعم، قال: أولم ولو بشاة)] والحديث ليس فيه ذكر ما ترجم له النسائي وهو ذكر الهدية، اللهم إلا أن تكون في بعض الطرق التي جاءت في هذا الحديث، ولم يذكرها المصنف.
هو: أحمد بن يحيى بن الوزير المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[حدثنا سعيد بن كثير بن عفير].
وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود في القدر، والنسائي.
[أخبرني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن حميد الطويل عن أنس].
وقد مر ذكر هؤلاء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر