أخبرنا عمران بن بكار حدثنا علي بن عياش حدثني شعيب حدثني أبو الزناد مما حدثه عبد الرحمن الأعرج ذكر أنه سمع أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( انظروا كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، إنهم يشتمون مذمماً، ويلعنون مذمماً وأنا محمد ) ].
يقول النسائي رحمه الله: باب: الإبانة والإفصاح بالكلمة الملفوظة إذا أريد بها ما لا يحتمله معناها، لا توجب حكماً ولا يترتب عليها شيء، ومقصود النسائي من هذه الترجمة: أن الكلام إذا أريد به ما لا يحتمل معناه أنه لا يترتب عليه حكم، وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( انظروا كيف يصرف الله عني سب قريش وشتمهم، إنهم يسبون مذمماً، ويشتمون مذمماً، وأنا محمد ) أي: أن قريشاً عندما يسبون النبي عليه الصلاة والسلام لا يذكرونه باسمه، وإنما يذكرون ما يقابل اسمه، وهو محمد عليه الصلاة والسلام اسماً ووصفاً، وهم يسبون مذمماً الذي هو ضد محمد وما يقابل محمداً، أي: أنهم لا يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم باسمه، ولكنهم يأتون بلفظ آخر ليس اسمه عليه الصلاة والسلام وإنما ما يقابل اسمه؛ لأن اسمه محمد عليه الصلاة والسلام وعكسه مذمم؛ لأن محمداً من الحمد، ومذمما من الذم، فهم لا يأتون باسمه ولا يسبونه باسمه، وهو: محمد ويسبون محمداً، وإنما يسبون مذمماً، فشتمهم وسبهم إنما يقع على غير اسمه وعلى غير شخصه صلى الله عليه وسلم، فمقصود النسائي من الترجمة هو: أنه لما سبوا محمداً أي: سبوا ما يقابل اسمه وليس اسمه صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقع ذلك عليه، عليه الصلاة والسلام، لا من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى، لا من حيث اللفظ، لأنهم ما سبوه باسمه، ولا من حيث المعنى؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لا يستحق ذلك الذم، فانتفى عنه لفظاً ومعنى، وعاد عليهم ذمهم؛ لأنهم هم المستحقون للذم وهو المستحق للحمد والمدح؛ لأنه محمد فهو محمود وهو محمد لفظاً ومعنى، وهم مذمومون وذمهم يرجع إليهم، وهو بريء مما وصفوه به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه من الذم.
هو عمران بن بكار الحمصي وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن علي بن عياش ].
هو الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن شعيب ].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الزناد ].
أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان المدني، وكنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الزناد لقب ولكنه على صيغة الكنية وعلى لفظ الكنية، وكنيته أبو عبد الرحمن، فهذا مما جاء فيه اللقب على صفة وصيغة الكنية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن هرمز ].
هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، وأبو هريرة رضي الله عنه هو أكثر السبعة حديثاً رضي الله عنه وأرضاه.
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أنبأنا يونس بن يزيد وموسى بن علي عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تعجلي حتى تستأمري أبويك، قالت: قد علم أن أبواي لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: ثم تلا هذه الآية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [الأحزاب:28] إلى قوله: جَمِيلاً [الأحزاب:28] فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟! فإني أريد الله عز وجل ورسوله والدار الآخرة، قالت عائشة: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت، ولم يكن ذلك حين قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم واخترنه طلاقاً من أجل أنهن اخترنه ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التوقيت في الخيار. يعني: عندما يحصل التخيير للزوجة بين البقاء والفراق، يمكن أن يكون مؤقتاً وأن يكون هناك مهلة، يعني: لا يلزم أن يكون على الفور، بل يمكن أن يكون فيه إمهال؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أزواجه بين البقاء على ما هو عليه من قلة العيش، وعلى أن يسرحهن سراحاً جميلاً، ويحصلن ما يحصلن من متع الدنيا ولذتها، فقال لـعائشة: (لا عليك أن تعجلي)، يعني: معناه فكري، وتأملي وشاوري أبويك، ففيه توقيت وإمهال في الخيار أو التخيير.
لما نزلت الآية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:28-29]، فـعائشة رضي الله عنها وأرضاها لصغر سنها خشي الرسول صلى الله عليه وسلم أنها قد تستعجل في الأمر ولا تتريث فيه، فأمرها أن تستأذن أبويها، ولكنها رضي الله عنها وأرضاها كانت حريصة على البقاء معه عليه الصلاة والسلام فقالت: (أبهذا أستأمر أبوي؟ بل أريد الله ورسوله والدار الآخرة) وهذا يدل على كمال ورجاحة عقلها مع صغر سنها، رضي الله عنها وأرضاها، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرها بأن تستأمر أبويها لأنها قد تكون مع حداثة سنها تتطلع إلى الدنيا وتفكر فيها، وقد تستعجل في الرأي، ولكنها رضي الله عنها وأرضاها أبدت رغبتها في البقاء وإرادة الله عز وجل ورسوله والدار الآخرة، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل مع نسائه مثل ما فعل معها، وكلهن اخترن البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك يدل على فضلهن ونبلهن، وحرصهن على إرادة الخير، وإرادة ما عند الله عز وجل، وأنهن لم يردن الدنيا وزينتها، وإنما أردن الله ورسوله وما أعد لهن من الأجر العظيم والثواب الجزيل، وكونهن أمهات المؤمنين، وكونهن أزواجه في الدنيا والآخرة رضي الله عنهن وأرضاهن.
ولما خيرهن واخترنه لم يكن ذلك طلاقاً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خيرهن بين أن يبقين أو أن يخترن الفراق فيسرحهن، ومن المعلوم أن التخيير إذا خيرها: اختاري كذا أو كذا واختارت فإنه يقع ما اختارت، ولكن الذي جاء في القرآن أنه إن اخترن الله عز وجل والدار الآخرة بقين على ما كنّ عليه، وإن اخترن الفراق فهو يفارقهن، والأمر ليس إليهن، وإنما إليه بعد أن يخترن الفراق، ولهذا قال: إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ [الأحزاب:28] ما قال: اخترن وأمركن بيدكن وإنما قال: فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:28] فمجرد التخيير والاختيار للبقاء لا يكون ولا يعتبر طلاقاً، لأن الزوجية باقية على ما هي عليه، فلم يعد ذلك التخيير طلاقاً ولم يقع الطلاق بل حصل اختيار البقاء وبقين على ما كنّ عليه رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن، وهذا يدل على فضلهن ونبلهن، رضي الله عنهن وأرضاهن.
هو يونس بن عبد الأعلى المصري الصدفي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[ حدثنا ابن وهب ].
عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس ].
هو: يونس بن يزيد الأيلي، ثم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ وموسى بن علي ].
هو موسى بن علي المصري، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه مكثر من الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وأكثر الصحابيات رواية لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنهن وأرضاهن.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق آخر، وهو مثل الذي قبله؛ أنه بعد نزول الآية في التخيير بدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منها التريث وعدم التعجل، وأن تستأذن أبويها، وقالت: (إنه قد علم أن أبوي لا يأمراني بفراقه، وقالت: أبهذا أستأمر أبوي؟) أي: مثل هذا لا أتردد فيه، ولا أختار سوى البقاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختارت البقاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك أمهات المؤمنين سرن على ما سارت عليه عائشة رضي الله عنها وأرضها، واخترن البقاء على قلة الدنيا، وعلى شظف العيش، وعدم التوسع في المآكل والمشارب، رغبة فيما عند الله عز وجل والدار الآخرة، وبقاء في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يكن أمهات المؤمنين، وأن يكن أزواجه في الدنيا والآخرة، رضي الله عنهن وأرضاهن.
محمد بن عبد الأعلى ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ حدثنا محمد بن ثور ].
محمد بن ثور ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري وقد مر ذكره
[عن عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة ].
رضي الله عنها قد مر ذكرها.
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى هو: ابن سعيد عن إسماعيل عن عامر عن مسروق عن عائشة أنها قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فهل كان طلاقاً ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: المخيرة تختار زوجها، أي: أنها باقية في عصمته ولا تكون مطلقة بالتخيير؛ لأنها لم تختر الفراق، وكما ذكرت: إذا كان جعل الأمر إليها في البت يختلف عما إذا قال أخيرك بين كذا وكذا، فأنت ترين ماذا تختارين لأنظر فيه، ولأبت فيه أنا على ما أريد؛ لأن هذه العبارة تختلف عن هذه العبارة، جعل الأمر إليها ليس ككون الأمر معلقاً بما يبت به ويجزم به، وبما يصير إليه في آخر الأمر.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خير نساءه اخترنه ولم يعد ذلك طلاقاً؛ لأنهن خيرن بين البقاء والترك فاخترن البقاء، فبقي الأمر على ما هو عليه، ولم يكن هناك طلاق بهذا التخيير الذي قد حصل.
هو عمرو بن علي الفلاس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسماعيل ].
إسماعيل هو ابن أبي خالد الأحمسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عامر ].
عامر هو ابن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسروق ].
هو مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة قد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، التخيير قد حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعد ذلك طلاقاً.
قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].
وقد مر ذكره.
[ حدثنا خالد ].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها.
[ عن عاصم ].
عاصم وهو ابن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشعبي عن مسروق عن عائشة ].
قد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن صدران ].
هو محمد بن إبراهيم بن صدران، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن خالد ].
هو خالد بن الحارث وقد مر ذكره.
[ عن أشعث هو ابن عبد الملك ].
أشعث وهو: ابن عبد الملك الحمراني، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عاصم عن الشعبي عن مسروق عن عائشة ].
قد مر ذكر هؤلاء الأربعة.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أن فيه: أنه لما خير نساءه أفكان طلاقاً؛ لأن هناك قال: فلم يكن طلاقاً، وهنا: أفكان طلاقاً! أي: ولم يكن طلاقاً.
وقد مر ذكرهما.
[ عن شعبة ].
شعبة وقد مر ذكره.
[ عن سليمان ].
وهو الأعمش سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه الأعمش ويأتي ذكره بالاسم أحياناً، ومعرفة ألقاب المحدثين نوع من أنواع علوم الحديث، فائدة معرفتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه، من لا يفهم ومن لا يعرف يظن أن الأعمش شخص وأن سليمان شخص آخر، لكن من يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان لا يلتبس عليه الأمر.
[ عن أبي الضحى ].
أبو الضحى هو مسلم بن صبيح ومشهور بكنيته، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، يعني: خير الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه فاخترنه ولم يعده ذلك طلاقاً، بل بقين في عصمته صلى الله عليه وسلم.
وهو الطرسوسي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، والضعيف لقب لقب به وهو ليس على ما يتبادر إلى الذهن من لفظ الضعيف، وإنما قيل له الضعيف لكثرة عبادته، أو لنحول جسمه قيل له الضعيف، وقيل: لإتقانه وضبطه، ويكون هذا من قبيل ما يقال للديغ: سليم تفاؤلاً بالسلامة، وأنه لا يضره ما حصل له من اللدغ، فهو مقابل وضد للشيء الذي أطلق عليه، فكلمة ضعيف لا يراد بها الضعف في الحديث والرواية، بل هو قوي وثقة، ولكن هذه نسبة أو وصف في غير ما يتبادر إلى الذهن.
[عن أبي معاوية].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو معاوية.
عن الأعمش عن مسلم، ومسلماً هو: أبو الضحى جاء في إسناد بكنيته، وجاء في إسناد آخر باسمه، ومعرفة كنى أصحاب الأسماء نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدته ألا يظن الشخص الواحد شخصين مثلما جاء أبو الضحى في إسناد، وجاء مسلم في إسناد، من لا يعرف الحقيقة يظن أن أبا الضحى شخص، وأن مسلماً شخص آخر، لكن مسلماً هو ابن صبيح أبو الضحى جاء مرة باسمه ومرة بكنيته.
قد مر ذكرهما.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا حماد بن مسعدة حدثنا ابن موهب عن القاسم بن محمد قال: ( كان لـ
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: خيار المملوكين يعتقان.
المقصود من هذه الترجمة: أن المملوكين عندما يعتقان وهما زوجان، فإذا أعتقت الأمة الزوجة، فإنها تخير إذا بقي زوجها في العبودية بين البقاء وعدمه، وإذا اختارت الفراق فلها ذلك، كما حصل لـبريرة رضي الله عنها عندما اختارت فراق زوجها لما عتقت وهو مملوك، فالخيار إنما يكون للزوجة إذا عتقت قبل الزوج، يعني: وهما مملوكان، هذا هو الذي يفهم من ذكر الخيار في المملوكين يعتقان.
وأما بالنسبة لكون الرجل يعتق وهي باقية في العبودية، فليس لها خيار، والزوج لا يحتاج إلى خيار؛ لأن الأمر بيده، الطلاق لمن أخذ بالساق، إذا أراد أن يتخلص منها تخلص منها، وإنما الذي يحتاج إلى خيار من أمرها ليس بيدها وإنما بيد الزوج، وعندما تخالفه في العبودية بأن تكون حرة وهو عبد، ولا ترضى بالبقاء معه، فإن الأمر بيدها إن أرادت البقاء بقيت وإن أرادت الفراق فارقت، وليس له حق الإبقاء عليها ما دام أنه عبد وهي حرة.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: أنه كان لها جارية وغلام أي: والغلام زوج الجارية؟ وأرادت أن تعتقهما، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ابدئي بالغلام قبل الجارية ) قيل: إن الحكمة من إرشادها إلى أن تبدأ بالغلام قبل الجارية حتى لا يحصل منها لو أعتقت اختيار فراقه، وإنما يبدأ به لأن البدء به لا يترتب عليه مضرة بالنسبة للزوج؛ لأنها تبقى في عصمته، وإن أراد الخلاص منها سواء في العبودية أو في الحرية، فالأمر بيده في الحالين، لكن المرأة إذا بدأ بها وأعتقها قبل أن يعتق الزوج، وخيرت فاختارت الفراق، تذهب الزوجية. وتنتهي.
قيل: إن هذه هي الحكمة من إرشادها إلى أن تبدأ بالغلام قبل الأمة، لكن يمكن التخلص من هذا بأن يعتقهما معاً في وقت واحد، ولا يبدأ بأحد منهما، يقول: هما حران، فينتقلان جميعاً من العبودية إلى الحرية، وتبقى الزوجية على ما هي عليه، عبدان ثم صارا حرين، لكن الخيار والشيء الذي يترتب عليه الفرقة هو كونها تعتق قبله، ثم تخير فتختار الفراق، هذا هو معنى هذا الحديث.
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ حدثنا حماد بن مسعدة ].
حماد بن مسعدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن موهب ].
هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب، وقال عنه: ليس بالقوي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن القاسم بن محمد ].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها، والحديث جعله الشيخ الألباني في الضعيفة، ولعله من أجل ابن موهب هذا الذي هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب.
أخبرنا محمد بن سلمة أنبأنا ابن القاسم عن مالك عن ربيعة عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: ( كان في
أورد النسائي هذه الترجمة: خيار الأمة، يعني: إذا عتقت وهي تحت زوج مملوك في الرق فهي تخير بين البقاء معه في عصمته، أو الفراق وعدم البقاء في العصمة.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة، وقالت: إن فيها ثلاث سنن، حديث بريرة فيه أمور كثيرة من الفقه، ألف فيه بعض العلماء تأليفاً خاصاً، استوعب واستخرج ما فيه من الفوائد، لكن الذي اشتهر أن ثلاث سنن جاءت في قصة بريرة، واستفيدت مما حصل لـبريرة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي أولاً: أنها كانت وزوجها مغيث في الرق فعتقت فخيرت بين البقاء وعدم البقاء، فاختارت الترك وعدم البقاء، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الولاء لمن أعتق ) ولو شرط الولاء لغير من أعتق، فإن الولاء إنما يكون لمن أعتق، ويبطل الشرط الذي يخالف الشرع المخالف لهذه السنة.
والسنة الثالثة: أنها تصدق عليها بلحم وأهدته للنبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه لها صدقة ولهم هدية، ومعنى هذا أن العين الواحدة إذا تغيرت وانتقلت من ملك، فإنه يتغير وضعها لأنها أعطيت وقدمت لـبريرة على أنها صدقة، ولكنها لما ملكتها تتصرف فيها ما يتصرف الملاك في أملاكهم، فلها أن تبيع، ومن باعت عليه خرج من كونه صدقة، ما يبقى صدقة وقد بيع، وكذلك لو أهدى أو وهب لأحد، فإن وصف الصدقة ذهب عنها، يعني: وصف الصدقة حصل من كونها أعطيت، لكن كونها تتصرف بأن تقدم طعاماً تطبخ وتعطي للناس، أو تهدي أو تبيع من المال الذي تصدق به عليها، فملكها خرج عن كونه صدقه؛ لأن كونها ملكته وتصرفت بكونها تقدم طعاماً لأحد يأكله ولو كان ممن لا تحل له الصدقة؛ لأنه ملكها، فإذا قدمته مطبوخاً أو قدمت شيئاً غير مطبوخ ليطبخ وأهدته، فإنه يكون حلالاً لمن أهدي له ولو كان ممن لا تحل له الصدقة؛ لأن العين الواحدة تغير وضعها من ملك إلى ملك، فهي قبل لما قدمت لـبريرة كانت صدقة، والذي قدمها متصدق، ولكن بريرة لما ملكتها وأعطتها لمن تريد صار هدية، فخرج عن كونه صدقة؛ لأن الصدقة إنما هي في انتقالها من المتصدق إلى المتصدق عليه، وبعد أن ملكها المتصدق عليه فسواء طبخها وقدمها لأحد يأكل ولو كان فيهم من لا تحل له الصدقة، فهو ليس بصدقة منها على من قدم له، وكذلك من إذا أهدي، أو وهب، أو بيع، فإنه يخرج عن كونه صدقة، هذه ثلاث سنن استفيدت، وكان سببها ما حصل لـبريرة رضي الله عنها وأرضاها في قصة مكاتبتها، وأنه حصل قبل عتقها وبعد عتقها هذه السنن الثلاث، التي جاءت مبينة في حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ أنبأنا ابن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، محدث، فقيه، وإمام مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربيعة ].
هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن القاسم بن محمد عن عائشة ].
قد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وقصة بريرة رضي الله عنها أنها كانت عند جماعة، وأنهم كاتبوها، أي: اتفقوا معها على أن تحضر لهم مبلغاً من المال ومنجماً، وإذا أحضرته فإنها تعتق، ويكون الولاء لهم؛ لأنهم هم الذين يعتقون بعد أن يقدم لهم المال، لكن عائشة رضي الله عنها لما جاءت بريرة تستعين بها وتطلب منها المعونة على ما كوتبت عليه قالت عائشة وعرضت عليها: أنا أعد لهم تلك الأشياء التي طلبوها منك عداً دفعة واحدة وأشتريك فهم اللذين يملكون بريرة قالوا: يكون لهم الولاء، يعني: معناه أنهم يأخذون الثمن من عائشة، ولكن يكون لهم الولاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الولاء لمن أعتق، لا يكون لغيره، لكن لو بقيت بريرة على مكاتبتها واستعانت بـعائشة وغير عائشة، وكل أعطاها ما أعطاها وجمعت المبلغ وأعطتهم إياه، فهم يعتقونها والولاء لهم، ولكن عائشة أرادت أن تشتريها شراء، وتملكها ثم تعتقها، وتدفع لهم المبلغ الذي طلبوه منها، وتعده لهم عداً، وليس الأمر بحاجة إلى أن تعينها بشيء قليل، بل هي ستدفع المبلغ كله وتشتريها فلم يوافقوا إلا أن يكون لهم الولاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الولاء لمن أعتق ) فهذه الأمور الثلاثة التي في قضية بريرة رضي الله عنها وفي قصتها، وهي كانت سبباً في بيان تلك السنن التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو محمد بن آدم الجهني، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ حدثنا أبو معاوية ].
هوأبو معاوية محمد بن خازم الضرير وقد مر ذكره.
[ عن هشام ].
هو هشام بن عروة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو القاسم بن محمد، وقد مر ذكره.
[ عن عائشة ].
قد مر ذكرها.
أخبرنا قتيبة حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: ( اشتريت
أورد النسائي: باب خيار الأمة تعتق وزوجها حر.
معلوم أن الأمة إذا كانت مملوكة، وكان زوجها حراً، ثم أعتقت، فإنها تساويه في الحرية فلا يكون لها خيار؛ لأنها قبل كانت أنقص منه، وبعد أن عتقت ساوته، فهو كما لو أعتقا جميعاً يبقيان على ما كانا عليه، فهي كانت أنقص منه، ثم بالإعتاق صارت مساوية له فلا تخير.. لا خيار لها، والنسائي عقد هذه الترجمة على ما جاء في الحديث من أنه كان حراً، وأنها اختارت نفسها، وقضية بريرة رضي الله عنها قصة واحدة جاء في بعضه أنه كان حراً، وفي بعض الروايات أنه كان عبداً، وما جاء من أنه كان عبداً هو المحفوظ، وما جاء من أنه كان حراً هو الشاذ، والشاذ هو: ما وجدت فيه مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، وهو مع سلامة الإسناد، وسلامة رجال الإسناد، إلا أنه يكون مع ذلك شاذاً لا يعتبر، وإنما يعتبر المحفوظ الذي هو مقابل الشاذ، والمحفوظ هو كونه عبداً، وهو الذي يناسب التخيير، وكونه حراً ثم عتقت تكون هي ساوته، فما كان هناك شيء يقتضي أن تخير، وإنما الذي يقتضي أن تخير أن تكون هي أعلى منه وهو أنقص منها، فهذه التي هي تخير.
إذاً: فقصة بريرة واحدة، جاء في بعضها أن زوجها حر، وأنها خيرت واختارت نفسها، وفي بعضها أنه عبد، والمحفوظ أنه عبد، والشاذ حديث من روى أنه حر.
فإذاً: لا خيار للأمة إذا عتقت وهي تحت حر؛ لأنها قد ساوته في الحرية، فليس لها ميزة عليه، وإنما يكون لها الخيار إذا كانت فوقه بأن تكون حرة وهو عبد، فهذا هو الذي يكون به التخيير؛ لأنها كانت أعلى منه.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جرير].
هو جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، خال إبراهيم النخعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
عائشة قد مر ذكرها.
هوعمرو بن علي الفلاس وقد مر ذكره.
[ عن عبد الرحمن ].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
شعبة قد مر ذكره.
[ عن الحكم ].
هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
قد مر ذكرهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر