أخبرنا عمران بن يزيد حدثنا مخلد بن حسين الأزدي حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ( إن أول لعان كان في الإسلام أن
قال الشيخ: والقضيء، طويل شعر العينين، ليس بمفتوح العين ولا جاحظها، والله سبحانه وتعالى أعلم].
يقول النسائي رحمه الله: كيف اللعان، ذكر جملة من الأبواب فيما سبق تتعلق باللعان، وهذه الترجمة تتعلق بكيفية اللعان أو الصفة التي يكون عليها اللعان كيف يتم اللعان، هذا هو المقصود من هذه الترجمة.
أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليه هلال بن أمية وأخبره بأنه يتهم شريك بن السحماء في زوجته وأنه وقع عليها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: أربعة شهداء وإلا حد في ظهرك، يعني: أن هذا قذف، والقاذف إذا لم يأت بالشهود الذين يثبت بشهادتهم حد الزنا فإنه يكون عليه حد القذف، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأن عليه أن يأتي بأربعة شهود يشهدون بحصول الزنا وإلا فليس هناك إلا الحد والجلد لظهره حد القذف، فقال هلال بن أمية رضي الله عنه: الله يعلم أني صادق، وسينزل الله عليك ما يبرئ ظهري من الجلد، لكونه يعلم أنه صادق فيما قال، فبينما هم كذلك إذ نزلت آية اللعان، فدعا بالمرأة وحصل اللعان بينهما بأن طلب من هلال بن أمية أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم دعيت المرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، ولما جاء عند الخامسة أو الرابعة قال: وقفوها فإنها موجبة، فتلكأت حتى ظنوا أنها ستعترف ثم أقدمت على اليمين وقالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، وحصل اللعان، ثم بعد ذلك قال عليه الصلاة والسلام: إن جاءت به -أي: هذا الذي في بطنها- سبطاً قضيء العينين فهو لـهلال بن أمية، وإن جاءت به آدم جعداً ربعاً أحمش الساقين فهو لـشريك بن السحماء فأتت به على الوصف الذي أشار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة لـشريك بن السحماء.
وقوله: لـشريك، يعني: أنه متخلق من مائه وإلا فإنه لا ينسب إليه، والزاني لا ينسب إليه ولد، ولا يحصل ولداً بزناه، بل ليس له إلا الحد ولا يظفر من زناه أن يحصل ولداً وينسب إليه ولد، لكن قوله: وإن جاءت به كذا فهو كذا وإن جاءت به كذا أي: متخلق من مائه لا أنه يكون ولداً له، والحاصل: أن الحديث دال على كيفية اللعان أو أورده المصنف للدلالة على كيفية اللعان، وقد جاء ذلك مبيناً في القرآن في هذه الآيات التي أشار إليها في الحديث والتي حصل تطبيقها وتنفيذها في حق هذين المتلاعنين، فإنه أجري عليهما ما جاء في القرآن من حصول اللعان الذي هو أن يبدأ بالزوج الذي ادعى زنا زوجته فيشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين أنها زانية، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم يدرأ عنها الحد والعذاب الدنيوي بأن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين عليها، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما يقول، ثم يترتب على ذلك التفريق بين المتلاعنين وأن المرأة لا تحل له أبداً فيفرق بينهما.
وقوله: (إن أول لعان كان في الإسلام) هذا الذي حصل في قصة هلال بن أمية وزوجته، وقد سبق أن مر في قصة عويمر العجلاني أنه أول لعان، فيحتمل أن تكون هذه الأولية كل أخبر بما علم وأن هذا علم هذا ورأى أنه أول شيء حصل فيه التلاعن، وأحد رأى أن هذا أول شيء حصل فيه التلاعن فكان أن حكى كل الأولية على حسب ما علم، يحتمل أن يكون هذا هو وجه التوفيق بين ذكر الأولية في قصة هلال بن أمية والأولية في قصة عويمر العجلاني الذي سبق أن مر ذكره في بعض الأحاديث فيما يتعلق باللعان.
قال: (والقضيء طويل شعر العينين).
والذي يبدو أنه النسائي، ويقول ذلك الراوي عنه أو من دونه، يعني: هذا تفسير لكلمة من كلمات الحديث التي هي من غريب الحديث وهي (قضيء العينين)، فقال: إنه طويل شعر العينين.
وقوله: (طويل شعر العينين ليس بمفتوح العين ولا جاحظها).
وقد سبق أن ذكرنا أن بعض العلماء فسر القضيئ بأنه فاسد العين إما لاحمرارها، أو لحصول شيء حصل فيها مما هو مضر بها.
هو عمران بن يزيد الدمشقي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن مخلد بن حسين الأزدي ].
هو مخلد بن حسين الأزدي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي.
[ عن هشام بن حسان ].
هشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين ].
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، ستة رجال وامرأة واحدة، هؤلاء هم أكثر الصحابة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم على الإطلاق رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
أخبرنا عيسى بن حماد أنبأنا الليث عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: ( ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
أورد النسائي هذه الترجمة وهي قول الإمام: اللهم بين، يعني: بين الأمر في حق هؤلاء المتلاعنين، وقد أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة عاصم بن عدي وعويمر العجلاني الذي سبق أن مر أنه طلب من عاصم أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم وعاب المسائل وكرهها، وجاء وأخبر عويمر بما حصل عند النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء عويمر وقال: إنه لابد وأن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، فذهب به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأخبره، ونزل القرآن ولاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين زوجته أي: بين هذا الرجل الذي جاء بواسطة عاصم بن عدي رضي الله عنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم بين، وذكر صفة الرجل الذي هو الزوج، وصفة الرجل الذي اتهمت به المرأة، وجاء الولد شبيهاً بالرجل الذي اتهمت به المرأة، والذي نفاه الزوج باللعان الذي حصل بينه وبين زوجته.
هو عيسى بن حماد التجيبي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسبق أن مر بنا حديث عن عائشة من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق فيما يتعلق بالخلع برقم (3453).
هذا جاء فيه عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة، وقد جاء في السنن الكبرى: عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، وجاء أيضاً في تحفة الأشراف في نفس الحديث الذي هو عند النسائي هذا أنه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
وعلى هذا فتكون هذه الرواية التي هنا فيها سقط وهو سقط عن أبيه، فيحتمل أن يكون ساقط عن أبيه ويحتمل أن تكون (ابن) بين عبد الرحمن والقاسم مصحفة عن (عن)، يعني: جاء (ابن) بدل (عن)، أو أنه سقط منها عن أبيه، أو أنه سقط من الرواية عن أبيه لأنه موجود في تحفة الأشراف الحديث من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة، يعني: ففيه الواسطة بين عبد الرحمن وبين عائشة وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وهو كذلك في السنن الكبرى، وأنا ذكرت في الدرس الماضي أنني كأنني رأيت في تحفة الأشراف وفي أعلى الصفحات عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة، والواقع أنه حصل فهي تصحيف يعني: بين ابن وعن بالنسبة لي؛ لأن فيه عبد الرحمن عن القاسم عن عائشة، عن عبد الرحمن عن القاسم عنها، فكنت ظننت أنه عن عبد الرحمن بن القاسم عنها، فتصحفت ابن إلى عن أو عن إلى ابن، مع أن الذي موجود عن عبد الرحمن ولم ينسبه وقال: عن القاسم، عبد الرحمن عن القاسم عن عائشة، وعلى هذا فالرواية التي مرت بين عبد الرحمن بن القاسم وعائشة القاسم بن محمد فإما أن تكون الرواية كما كانت ولكن صحفت عن إلى ابن فصار عن عبد الرحمن بن القاسم، يعني: صحفت عن ابن القاسم، أو سقط (عن أبيه) بعد عن عبد الرحمن بن القاسم، والذي في تحفة الأشراف: عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، يقول: عبد الرحمن بن القاسم أدرك عائشة يقول: ما أدري.
وفي الحديث: (ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولاً).
يعني: يبدو أنه يفسر الحديث الذي سبق أن مر، وهو أنه جاء يسأل عن ذلك، وأن الرسول كره المسائل وعابها.
ثم قوله: (فقال رجل لـابن عباس في المجلس: أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحداً بغير بينة رجمت هذه؟).
يعني: قال رجل لـابن عباس في المجلس الذي حدث فيه بهذا الحديث: أهذه المرأة التي حصل التلاعن بينها وبين زوجها هي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت راجماً أحداً بغير بينة لرجمت هذه؟ فقال: لا، تلك امرأة كانت تظهر الشر في الإسلام، يعني: قال بعض أهل العلم: إن المقصود من ذلك: أنها كانت شاع عنها واشتهر وانتشر بين الناس أنها تأتي بالفاحشة، لكن ما حصل اعتراف ولا حصل بينة، لكن لكونه شاع وانتشر وكان كأنه في حكم المعلوم عند الناس أنها كانت تظهر الشر الذي هو الفاحشة، ولكن الحكم الشرعي لا يكون إلا بثبوت ما يقتضيه وهو إما شهود أربعة يشهدون بالزنا، وإما اعتراف من الزانية أو الزاني، وعند ذلك يقام الحد، وأما مجرد الإشاعة ومجرد الحديث الذي لا يثبت أو لا يكون معه ثبوت بهاتين الطريقتين وهما أربعة شهود أو اعتراف، إما هذا وإما هذا، قال: ( لو كنت راجماً أحداً بغير بينة لرجمت هذه ).
أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما من طريق أخرى، وهي مثل الطريق السابقة التي مرت قبل هذه الطريق.
وفيه ذكر الوصف للرجلين كما في التي قبلها إلا أنها أكثر وصفاً، حيث قال في الأول الذي هو الزوج: كان مصفراً قليل اللحم سبط الشعر، (كان مصفراً) يعني: وجهه فيه صفرة، (قليل اللحم) يعني: ناحل، (سبط الشعر) يعني: مسترسل وليس متجعداً.
والآخر: (آدم)، يعني: فيه أدمة، يعني الذي هو أسمر أو لونه لون الأرض، ليس أبيض وليس أسود، وإنما هو آدم.
(خدلاً): هو الغليظ الممتلئ الساقين.
(كثير اللحم جعداً قططاً): كثير اللحم يعني: سمين، ضد ذاك الذي كان خفيف اللحم، أو قليل اللحم، (جعداً) يعني: متجعد ومنكمش الشعر وليس مسترسلاً، (قططاً) يعني: شديد الجعودة، وهي التكسر والتثني وارتفاع الشعر بدل ما يكون مسترسلاً، وتلك الجعودة شديدة، يعني: ليس مجرد تجعد بل قال: قططاً أي: شديد الجعودة.
يحيى بن محمد بن السكن صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[ عن محمد بن جهضم ].
محمد بن جهضم صدوق، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن إسماعيل بن جعفر ].
إسماعيل بن جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
هو ابن سعيد الأنصاري، وقد مر ذكره.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن ابن عباس ].
مر ذكرهم.
أخبرنا علي بن ميمون حدثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا أن يضع يده عند الخامسة على فيه وقال: إنها موجبة) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الأمر بوضع اليد على في المتلاعنين عند الخامسة، يعني: أنه عندما يتم اللعان ويشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، عندما يأتي إلى الخامسة توضع اليد على فمه، يعني: يطلب منه أن يتمهل وألا يستعجل، وأن يعترف إذا كان هناك شيء خلاف ما يقول في أنه كاذب وليس صادقاً فيما يقول، وقال: (إنها موجبة) يعني: كون الإنسان يكون كاذباً ويفتري هذا الافتراء ويلصق هذا العيب وهذا الذنب في المرأة وهو كاذب عليها يعني: أراد منه أن يتمهل، وألا يستعجل في إتمام اللعان بأن يأتي بالخامسة.
وأورد النسائي حديث ابن عباس (وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا أن يضع يده عند الخامسة على فيه).
أمر رجلاً أن يضع يده على فيه يعني: في الرجل الذي يشهد بالشهادات في اللعان عندما يأتي إلى الخامسة أو قبل أن يبدأ بالخامسة التي هي: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، يضع يده على فيه يريد منه ألا يستعجل وأن يتريث، وأن الأمر خطير، وأنه ما بقي إلا أن يأتي بالشيء الذي ليس وراءه شيء، وينتهي اللعان بهذه الطريقة، وإذا كان كاذباً معناه: أنه ارتكب إثماً كبيراً، وإثماً عظيماً حيث كذب، وافترى، وقذف، فيمكن أنه عندما يعمل معه هذا العمل أنه يتريث، ويتمهل، ويعترف بالواقع وينجو من مغبة الكذب إن كان كاذباً، وإلحاق العيب بها، والعار إن كان كاذباً، وهذا بالنسبة للرجال، وأما بالنسبة للنساء فلا توضع اليد على فيها إلا إذا كان من محارمها، هذا هو الذي يمكن أن يفعل ذلك، أما الأجنبي فلا يتصور في حقه أن يضع يده على فم امرأة أجنبية، وإنما يتصور ذلك ممن كان من أقاربها، ويمكن إذا كان ليس هناك أقارب أنها تقرب اليد ولكنها لا تلمس الجسد، يعني: إشارة إلى الامتناع وعدم التسرع في إنهاء اللعان.
هو علي بن ميمون الرقي، وهو ثقة، أخرج له النسائي، وابن ماجه.
[ عن سفيان ].
سفيان هو ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم بن كليب ].
عاصم بن كليب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبيه ].
هو كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: ( سئلت عن المتلاعنين في إمارة
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: عظة الإمام الرجل والمرأة عند اللعان، يعني: قبل البدء باللعان يعظهما ويذكرهما، وقد أورد النسائي حديث ابن عمر في قصة المتلاعنين، وأن النبي عليه الصلاة والسلام وعظ الرجل وذكره وقال: إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، عذاب الدنيا كونه يجلد حد القذف حيث لم يستطع أن يقيم الشهود على الزنا، أهون من عذاب الآخرة يعني: كونه يعذب لكذبه على المرأة، وإلصاقه العيب والعار فيها، وكونه يعذب على ذلك في الآخرة أهون عليه أن يجلد وأن يقام عليه حد الجلد في الدنيا الذي هو حد القذف، والحدود كفارات تكفر الذنب الذي يحصل إذا أقيم الحد، وهو أهون من عذاب الآخرة، ثم وعظ المرأة وذكرها، ولما أصر أنه صادق، وهي تقول: إنه كاذب، لاعن بينهما ثم فرق بينهما، وكان سبب الحديث أن سعيد بن جبير سئل في إمارة ابن الزبير عن المتلاعنين يفرق بينهما فلم يدر ما يقول؛ لأنه لا يعرف الحكم في ذلك، فجاء إلى عبد الله بن عمر وسأله وقال: سبحان الله، يعني: كيف يخفى عليك هذا الأمر، وأخبر بحصول التلاعن، وأن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين بعد الفراغ من اللعان.
والترجمة معقودة لعظة الإمام الرجل والمرأة قبل اللعان، وذلك واضح من الحديث.
سعيد بن جبير يقول: سئلت عن المتلاعنين في إمارة ابن الزبير: أيفرق بينهما، فما دريت.
يعني السؤال عن المتلاعنين هل يفرق بينهما بعد اللعان، فلم يدر ما يقول، فجاء إلى ابن عمر يسأله، ويعرض عليه ما حصل له، وابن عمر رضي الله عنه تعجب وقال: سبحان الله، تعجباً من كون سعيد بن جبير يخفى عليه هذا الحكم، ثم أخبر بحصول التلاعن، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وعظ الرجل ووعظ المرأة، ثم حصل التلاعن، وفرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (فما دريت ما أقول، فقمت من مقامي إلى منزل ابن عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، المتلاعنين أيفرق بينهما؟ قال: نعم، سبحان الله، إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان فقال: يا رسول الله، أرأيت ولم يقل عمرو: أرأيت).
لأن النسائي له شيخان في هذا الإسناد: عمرو بن علي الفلاس ما قال: أرأيت، وإنما عنده: (الرجل يحصل منه كذا وكذا)، وأما محمد بن المثنى: (أرأيت الرجل)، زيادة أرأيت موجودة عند محمد بن المثنى وليست موجودة عند عمرو بن علي الفلاس.
(الرجل منا يرى على امرأته فاحشة إن تكلم فأمر عظيم، وقال عمرو: أتى أمراً عظيماً).
يعني: أن محمد بن المثنى الذي هو الشيخ الثاني واللفظ له قال: تكلم بأمر عظيم، وعمرو بن علي قال: أتى أمراً عظيماً، يعني: الفرق في العبارة، هذا قال: تكلم بأمر عظيم، وهذا قال: أتى أمراً عظيماً.
(فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الأمر الذي سألتك ابتليت به).
يعني: هذا الرجل الذي هو فلان بن فلان، لأنه كنى عنه ما سماه، ولكن الذي حصل منه ذلك كما مر عويمر العجلاني.
( ( فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [النور:6] حتى بلغ: وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور:9] ) ) وجه التفريق بين: غضب الله عليها، ولعنة الله.
اللعن جاء في حق الرجل، وجاء الغضب في حق المرأة، وقيل للتفريق بينهما: أن المرأة يسهل عليها اللعن وكذا، ومن أجل ذلك كان التعبير بالغضب في حقها، وأنها تدعو بغضب الله عز وجل عليها.
فبدأ بالرجل فوعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال: والذي بعثك بالحق ما كذبت، ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها، فقالت: والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه).
والخامسة، لكن لفظ القرآن فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ [النور:6-7] لأنها في الأول في حق الرجل مرفوعة لأنه فيه مبتدأ، وبالنسبة للمرأة منصوبة وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ [النور:8-9] لكن هنا جاءت الشهادة مقدمة في كل منهما، فتكون منصوبة.
(فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففرق بينهما).
ففرق بينهما وهذا هو الذي أشكل على سعيد بن جبير وسأل ابن عمر عنه وأجابه وساق الحديث، قال: نعم يفرق بينهما، وساق الحديث حتى وصل إلى آخره، وفيه تفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين.
وأما بالنسبة للتفريق يعني: ذات اللعان هو السبب المفرق أم يحتاج إلى حكم؟
فالجواب: يحتاج إلى حكم، إما الزوج يطلق وإما الحاكم يفرق، فيحكم بالفراق، والتفريق هذا يكون مؤبداً.
وأما لعان وكل واحد يذهب إلى بيته ما ينفع، بل لابد من حكم الحاكم أو طلاق الزوج مثلما حصل في بعض الأحاديث التي مرت فقال: إن أمسكتها فأنا كاذب عليها ثم طلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عمرو بن علي هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
وكذلك محمد بن المثنى الزمن العنزي أبو موسى البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة أيضاً، فـعمرو بن علي ومحمد بن المثنى شيخان من شيوخ أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الملك بن أبي سليمان ].
عبد الملك بن أبي سليمان، صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى واللفظ له، قالا: حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير قال: لم يفرق المصعب بين المتلاعنين، قال سعيد: فذكرت ذلك لـابن عمر رضي الله عنهما فقال: (فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التفريق بين المتلاعنين يعني: بعد اللعان، وأورد فيه حديث ابن عمر، وقد مر في الحديث السابق مطولاً وفي آخره: ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، وفي هذا الحديث أنه لم يفرق المصعب بين متلاعنين، يعني: المصعب لا أدري من هو، لكن أنه حصل قضيه فجاء سعيد بن جبير إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين أخوي بني العجلان، يعني: عويمر العجلاني وزوجته، وهذا فيه توضيح لما مر في الرواية السابقة وأن المقصود به: عويمر العجلاني الذي كنى عنه بفلان بن فلان في الرواية السابقة هنا قال: أخوي بني العجلان، يعني: عويمر العجلاني وزوجته، والمقصود منه: حصول التفريق بين المتلاعنين.
مر ذكر شيخي النسائي عمرو بن علي، ومحمد بن المثنى، ومعاذ بن هشام صدوق ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عزرة ].
هو عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن سعيد بن جبير عن ابن عمر ].
مر ذكرهما.
أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا ابن علية عن أيوب عن سعيد بن جبير قلت لـابن عمر رضي الله عنهما رجل قذف امرأته، قال: ( فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان، وقال: الله يعلم إن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ قال لهما ثلاثاً فأبيا ففرق بينهما، قال
أورد النسائي استتابة المتلاعنين بعد اللعان، أورد فيه حديث ابن عمر في قصة العجلاني وفيها أنه قال: ( الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ) يعني: كونه يحلف بأنه صادق، وهي تحلف بأنه كاذب واحد منهما كاذب، لا يكونان صادقين جميعاً ولا كاذبين جميعاً، يعني: واحد صادق وواحد كاذب، فقال: فهل منكما تائب؟ فأبيا، يعني: أصرا على ما هما عليه، ثم لاعن بينهما رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال عمرو بن دينار: إن في هذا الحديث شيئاً لا أراك تحدث به، يعني: يقولها عمرو بن دينار لـأيوب السختياني، ثم ذكر هذا الذي رآه لا يحدث به وهو قول الرجل: مالي، يعني: عندما حصل اللعان بينهما قال: مالي؟ المال الذي دفعته لها أين يذهب، وكيف يفرق بيني وبينها وأنا دفعت لها مالاً؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: إن كنت صادقاً فقد دخلت بها، وقد استحللت فرجها ولها المهر لكونك استحللت فرجها ودخلت بها، وإن كنت كاذباً فهي -أي: النقود، أو الدراهم، والدنانير التي دفعت إليها- أبعد منك، يعني: أشد بعداً، يعني: كونك لا تحصلها لو كنت صادقاً، فإذا كنت كاذباً فكونك لا تحصل النقود من باب أولى.
زياد بن أيوب ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن ابن علية ].
ابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم، المشهور بـابن علية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره.
[ عن ابن عمر ].
مر ذكره.
أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو سمعت سعيد بن جبير يقول: ( سألت
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى من طريق عمرو بن دينار وفيه الزيادة التي قال لـأيوب: إنك ما تحدث بها، وهي قول الرجل عندما حصل اللعان وفرق بينهما، قال: مالي؟ يعني: ما شأن مالي الذي دفته إليها، يعني يضيع بدون مقابل؟ فقال: إن كنت صادقاً فهو بما استحللت من فرجها قد دخلت بها، وإن كنت كاذباً فذاك أبعد، يعني: من باب أولى أنك لا تحصله، فسواء صدقت أو كذبت، لن تحصل ذلك الذي تطالب به.
قوله: اجتماع المتلاعنين يعني: عدم اجتماعهما، أنهما لا يجتمعان، ولا يحصل الالتقاء بينهما في الزواج، بل هو تفريق مؤبد، ولهذا قال: لا سبيل لك عليها، يعني: أنه لا سبيل له على تلك المرأة أبداً، فلا يرجع إليها بأي حال من الأحوال، المقصود من الترجمة أو الذي يشهد للترجمة: لا سبيل لك عليها، كما هو اللفظ في أوله.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: ( حسابكما على الله أحدكما كاذب، ولا سبيل لك عليها ).
يعني: الله تعالى يتولى الحساب، فالكاذب هو الذي سيلقى جزاءه عند الله، ولا سبيل لك عليها، يعني: أنها تحرم عليك.
ثم قال: (مالي)، وأخبره أن ماله لا سبيل له إلى الوصول إليه.
هو محمد بن منصور المكي الجواز، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[ حدثنا سفيان ].
هو ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو ].
هو ابن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير عن ابن عمر ].
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا قتيبة حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: (لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجل وامرأته وفرق بينهما وألحق الولد بالأم) ].
أورد النسائي (نفي الولد باللعان)، يعني: نفي الولد باللعان عن الزوج (وإلحاقه بأمه)، يعني: ينسب إلى أمه ويضاف إلى أمه، ولا يضاف إلى الزوج الذي لاعن ونفاه باللعان، أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجل وامرأته وفرق بينهما وألحق الولد بالأم).
ألحق الولد بالأم ولم يلحقه بالأب؛ لأن الأب نفاه باللعان، أو انتفى منه باللعان، وهو مطابق لما ترجم له: انتفاء الولد باللعان يعني: من جهة الزوج، وإلحاقه بأمه التي حصل لها الملاعنة، وسواء كانت كاذبة، أو صادقة هي أمه وقد خرج منها، وسواء كان للزوج أو للأجنبي الذي زنا بها هو ينسب إليها، ولا ينسب إلى أبيه؛ لأن الزوج نفاه باللعان، الوالد نفاه باللعان، والزاني لا يلحق به ولد، ولا ينسب إليه ولد، بل ليس له إلا الحجر كما قال عليه الصلاة والسلام: ( الولد للفراش، وللعاهر الحجر ).
هو قتيبة بن سعيد بن بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر ].
وقد مر ذكره، وهذا الإسناد من رباعيات النسائي التي هي أعلى الأسانيد عند النسائي، بين النسائي فيها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر