أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار حدثنا عبيد الله عن شيبان عن فراس عن الشعبي حدثني جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن أباه استشهد يوم أحد وترك ست بنات وترك عليه ديناً، فلما حضر جداد النخل أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك ديناً كثيراً، وإني أحب أن يراك الغرماء قال: اذهب فبيدر كل تمر على ناحية، ففعلت ثم دعوته، فلما نظروا إليه كأنما أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدراً ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: ادع أصحابك، فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي وأنا راض أن يؤدي الله أمانة والدي لم تنقص تمرة واحدة)].
يقول النسائي رحمه الله: باب قضاء الدين قبل الميراث.
الدين هو من الحقوق اللازمة التي هي متعلقة بذمة الإنسان، وهو مقدم على الميراث؛ لأنه حق ثابت عليه فلابد أن يؤدى ذلك الحق، وإن فضل شيء بعد ذلك أمكن أن يكون هناك ميراث، أما إذا استغرق الدين ما خلفه الميت فإنه لا يكون هناك ميراث، بل الميراث هو آخر الحقوق المتعلقة بالمال بعد موت المورث، وهي خمسة حقوق، هي أولاً مئونة التجهيز، كالكفن، وحفر القبر، وتغسيله، وما إلى ذلك من الأمور التي لا بد منها لتجهيز الميت، ثم الحقوق المتعلقة برهن، يعني: الدين المتعلق برهن، فإنه يكون مقدماً على غيره من الديون المطلقة التي ليست موثقة برهن؛ لأنه من المعلوم أن المفلس إذا أفلس وهناك دين برهن فإن صاحب الدين الذي برهن مقدم على الغرماء، وليس أسوة الغرماء، وإنما يوفى حقه من الرهن الذي وثق به حقه ووثق به دينه.
ثم بعد ذلك الدين، يعني: بعد مئونة التجهيز، وبعد الحقوق المتعلقة بعين التركة، أي: حصل رهن بعين فإن تلك العين يوفى منها حق الدائن الذي وثق دينه بتلك العين، ثم بعد ذلك الديون المطلقة، التي ليست موثقة برهون، ثم بعد ذلك الوصايا، ثم بعد ذلك الميراث، وقد جاء في القرآن الكريم في ذكر آية المواريث عندما يذكر ميراث صنف من الأصناف، يقال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] أولاً قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] ثم قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] ثم قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] أربعة مواضع جاء فيها ذكر أن الميراث بعد الوصية والدين، والدين مقدم على الوصية؛ لأن الوصية تبرع وإحسان، والدين حق ثابت، ولهذا قضى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية؛ لأن الدين مقدم على الوصية، ثم بعد الحقوق المتعلقة بالرهن والديون المطلقة الوصايا، وتكون في حدود الثلث، ثم بعد ذلك الميراث، فهذه هي الحقوق المتعلقة بالتركة، وقد قال أحد الشعراء في نظمها:
يبدأ من المتروك قيمة الكفن مع مؤنة يحتاجها ويدفن
ثم الحقوق اللاء قد تعلقت بعين متروك فدين قد ثبت
ثم الوصايا ثم وارث يلي فافهم فهذا مذهب ابن حنبل
فهذه مرتبة على حسب هذا الترتيب في مذهب الإمام أحمد، ومن العلماء من قال: إن الحقوق المتعلقة بالدين الموثقة برهن مقدمة على مئونة التجهيز؛ لأن هذا حق ثابت في هذه العين، ومئونة التجهيز على أقاربه، أو على المسلمين أن يقوموا بما يلزم له، لكن من العلماء من قال: إن مئونة التجهيز مقدمة على الحقوق المتعلقة بالدين الموثق، أو الدين الموثق برهن، ومن العلماء من قدم الدين الموثق على مئونة التجهيز، وهذه الأبيات التي قدم فيها مئونة التجهيز على الديون الموثقة برهن على مذهب الإمام أحمد.
والنسائي يقول: قضاء الدين قبل الميراث؛ لأن الدين حق لازم في ذمة الإنسان، فيجب أداؤه، فإن كان هناك شيء بعد ذلك فالوصية في حدود الثلث، والباقي بعد ذلك يكون ميراثاً، وإن لم يكن هناك وصية فكل ما يخلفه يكون ميراثاً بعد قضاء الديون، وإن كان هناك وصية في حدود الثلث فإنها تخرج قبل قسمة الميراث، وقبل توزيع الباقي على الورثة.
ثم أورد النسائي بعد ذلك حديث جابر رضي الله عنه من طرق متعددة، والنسائي رحمه الله ذكر في آخر الوصية بالثلث طريقا من طرق حديث جابر، وهي ليس فيها شيء يدل على الثلث، ولا علاقة لهذا الحديث بباب الوصية بالثلث، بل علاقته بالباب الذي بعده وهو: قضاء الدين قبل الميراث، جاء هذا الحديث في كتاب النسائي المجتبى، وكذلك في الكبرى، في آخر الباب الذي هو الوصية بالثلث، والواقع أنه متعلق بالباب الذي يليه، الذي هو قضاء الدين قبل الميراث، وحديث جابر في قضاء دين أبيه، كلها جاءت في هذا الباب، وهذا واحد منها، فمحله المناسب له أن يكون في أول الباب الذي يليه، لكن الذي وجد في الكبرى، ووجد في الصغرى، أن هذا الحديث في آخر باب الوصية بالثلث، ولعل الباب أخر عن محله في الموضعين، فجاء الحديث الأول من الطريق الأولى من حديث جابر في باب الوصية بالثلث، مع أن محلها أن تكون أول باب قضاء الدين قبل الميراث.
والنسائي ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر فيه، وليس فيه ذكر الشعبي.
إذاً: فمحله المناسب له أن يكون أول الباب الذي يليه، الذي هو قضاء الدين قبل الميراث، فحديث جابر رضي الله عنه أن عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله استشهد يوم أحد، وقصته مشهورة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولما مات شهيداً كان قد خلف ديناً وترك ست بنات، وقد سبق أن مر بنا أن جابراً رضي الله عنه تزوج امرأة ثيبة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك) وكان من جوابه أنه اختار امرأة ترعى أخواته، وتحسن إلى أخواته، فآثر مصلحة أخواته على مصلحته رضي الله عنه، فتزوج ثيباً، ولم يتزوج بكراً حتى تكون أعرف منهن، وتحسن إليهن وترعاهن رضي الله عن جابر وعن الصحابة أجمعين، قال: وترك ديناً ولم يترك وفاءً، وعنده نخل، ولكن ثمر ذلك النخل لا يؤدي ذلك الدين ولا قريباً من أدائه، وكان الغرماء يطالبونه، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر إلى بستانه ليراه الغرماء، فلعلهم إما أن يضعوا عنه شيئاً أو يؤخروا المطالبة بجميع حقهم، فيأخذوا البعض ويؤخروا المطالبة بالبعض، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يجد النخل، وأن يجعله أكواماً كل نوع على حدة، أي: كل صنف من أصناف التمر على حدة، فقال: (بيدر) يعني: كونه في البيدر، وهو المكان الذي يخصص لوضع التمر بعدما يجد، وهو المربد أيضاً وسبق أن مر المربد، وهو: المكان الذي يوضع فيه التمر ويجف فيه، ففعل ذلك وجاء الغرماء، ولما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم لزموا جابراً يعني: يريدون حقهم، وكأنما أغروا به، معناه: يتزاحمون عليه ويأتون أمامه، ويقربون منه، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل يطيف بكومٍ من تلك الأكوام، ويدعو بالبركة ثم قال له: كل لغرمائك، فصار يكيل لهم حتى استوفوا حقوقهم من كومٍ واحد، وبقيت الأكوام الأخرى، لم ينقص منها شيء، فأدى جابر أمانة أبيه وأوفى الحق الذي على أبيه وهو راضٍ بذلك، وقد كان راضٍ ألا يبقى له شيء، وإنما يهمه أن يوفى دين أبيه، وما كان يفكر أن يبقى له بقية، بل كان يعتقد أن الثمرة لا تفي بالدين، ولا توفي الحق الذي على أبيه، وأن الدين سيبقى في ذمته لأعوامٍ أخرى غير هذه السنة، وهو يريد من الغرماء أن يؤخروا المطالبة؛ لأن الدين قد حل، وهو يريد إما الوضع وإما التأخير.
ولما كال لهم ودعا النبي صلى الله عليه وسلم، وبارك الله في ذلك الطعام ونما وكثر حتى أوفى الغرماء، وما كان يتطلع إلى أن يبقى منه شيء، ولم ينقص منه تمرة، ويحتمل أن يكون معنى: لم ينقص منه تمرة، أن الحق الذي على أبيه وفي كاملاً لم ينقص منه تمرة، أو أن الذي بقي بعد أن كال للغرماء كأنه ما نقص منه تمرة، يعني: كأنه على وضعه الذي كان عليه قبل أن يكال للغرماء، وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، حيث دعا وبارك الله تعالى في ذلك الطعام، وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام حيث يدعو في الشيء القليل فيكثره الله عز وجل وينميه كما حصل في قضايا وفي مسائل عديدة بارك الله تعالى في الطعام الذي يكون في حضرته، والذي تمسه يده، ويدعو فيه حتى يكفي الفئة من الناس إذا كان مقدماً للأكل، وحتى أوفى الديون التي كانت الثمرة كلها لا تفي ببعضها، فإذا ببعض تلك الثمرة أوفى بذلك، وكأنه لم ينقص منه شيء ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث شاهد على تقديم الدين على الميراث؛ لأن جابراً أراد أن يوفي دين أبيه وهو راضٍ ألا يبقى له شيء يرثه هو وأخواته رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
وهو ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شيبان].
هو شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن فراس].
هو فراس بن يحيى، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي أثرت عنه الكلمة المشهورة في بيان سوء الرافضة، وهو أنه قال: إن اليهود والنصارى قد فاقوا الرافضة بخصلة، يعني: تميز اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة، ذلك أن اليهود لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم لقالوا: أصحاب موسى، والنصارى لو قيل لهم من خير أهل ملتكم لقالوا: أصحاب عيسى، والرافضة إذا قيل لهم: من شر أهل ملتكم قالوا: أصحاب محمد، فاليهود والنصارى فاقوا الرافضة بهذه الخصلة؛ لأن أولئك يعظمون أصحاب موسى وعيسى، وهؤلاء يسبون أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، وهذه المقولة التي قالها الشعبي جاءت على لسان شاعر من شعرائهم يعني: بلغت به الخسة، والوقاحة، والسوء إلى أن ألف قصيدة طويلة فيها سب الصحابة، وذم الصحابة، وهذه الكلمة التي قالها الشعبي قالها في بيت من أبيات قصيدته الخبيثة حيث يقول:
أهم خير أمة؟ استفهام إنكار.
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات ذاك بل أشقاها
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات يعني: بعد هذا، بل أشقاها أي: أشقى أمة أخرجت للناس، نفس الكلام الذي قاله الشعبي رحمة الله عليه قاله ذلك الرافضي الخبيث في هذه القصيدة الخبيثة.
[حدثني جابر بن عبد الله].
وهو صحابي ابن صحابي أبوه استشهد يوم أحد رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وجابر بن عبد الله أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم، وعن الصحابة أجمعين.
مداخلة: أحسن الله إليك، ذكرت أن الدين مقدم على الوصية، وفي الآيات التي ذكرتها قد ذكر الله فيها الوصية قبل الدين؟
الشيخ: العطف بالواو لا يقتضي الترتيب؛ لأنها لمطلق الجمع، ولهذا تأتي أمور متعاطفة بالواو والمتأخر يقدم على المتقدم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وهذا دل على أن الدين مقدم، والدين حق ثابت والوصية تبرع؛ فبعد أن توفى الديون تأتي التبرعات والمواريث.
مداخلة: أحسن الله إليك، هل لشخص أن يعمل مثل عمل جابر، يطلب من شخص له وجاهة ومنزلة أن يأتي حتى يحترمه مثلاً الغرماء؟
الشيخ: كونه يشفع أحد له منزلة ما فيه بأس، وأما كونه يأتي ويطلب منه الدعاء بالبركة فليس له ذلك؛ لأن هذا من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد كان يكثر الله الطعام بين يديه، وأما غيره فلا يفعل معه ذلك، ولكن كون الإنسان ينظر لأحد له منزلة ويطلب منه أن يتوسط لدى الغريم بأن يؤخر الدين، أو يؤخر بعض الدين، أو يضع بعضه لا بأس بهذا؛ لأن الشفاعة مستحبة، وقد يتحقق على يديه أن تقبل شفاعته، لكن قضية أنه يؤتى به للتبرك به، ويطلب منه أن يدعو لتحصيل البركة ويحصل النماء في هذا المال مثل ما حصل لرسول الله عليه الصلاة والسلام ليس له هذا؛ لأن الصحابة ما كانوا يفعلون هذا مع أحد سواه عليه الصلاة والسلام.
أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، وفيه الإشارة إلى أن الدين يحتاج إلى سنين أخرى غير هذه السنة، يعني: من حيث الثمرة، فيحتاج إلى ثمرة سنين غير هذه السنة حتى يقضي الدين، ولكن بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وحصول البركة بهذا الدعاء وفى الدين، وبقي مثل ما حصل، بل جاء في بعض الروايات كأنه ما نقص منه شيء صلوات الله وسلامه وبركاته على رسوله.
لا بأس به، وهي تعادل صدوق، وأخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
هو إسحاق بن يوسف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زكريا].
هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، وجابر رضي الله عنه أراد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع عند الغرماء بأن يضعوا من الدين، ولكنهم ما وافقوا على وضع شيء منه، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من جابر أن يجد النخل، وأن يجعل كل صنف على حدة، وهذا يدل على أنه ينبغي أن تكون التمور مميزة بعضها عن بعض، ولا يخلط بعضها مع بعض، فتكون أصنافاً مخلوطة الجيد منها مع الرديء، وإنما يكون أصنافاً، كل صنف يكون على حدة، قال: [(العجوة على حدة، وعذق ابن زيد على حدة)] عذق ابن زيد يعني: نوع من النخل يسمى عذق بن زيد، وأصنافه أي: الأصناف الأخرى كل صنف منها في موضع يخصه، ولا يخلط بعضها ببعض؛ لأن الأنواع فيها الجيد وفيها الرديء فيكون الجيد على حدة، والرديء يكون على حدة، ولا يخلط جيد برديء.
قوله: [(فإذا فعلت ذلك فآذني)]، أي: أخبرني، فجاء، وطاف بها ودعا، ثم كال للغرماء وأوفاهم الحق الذي عليه، وبقي كأنه لم ينقص منه شيء ببركة دعاء النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
قوله: [(فجلس في أعلاه أو في أوسطه)].
يعني: أعلى البيادر أو أوسطها، يعني: إما أن يكون المقصود أعلاه الذي هو أجوده، ووسطه الذي هو أوساط الثمر، أو أنه أعلاه من حيث الموضع، أو أوسطه من حيث الموضع.
وفي الذي قبله: (ثم جلس عليه).
ما يفهم منه الجلوس على التمر، وإنما الجلوس على ناحيته بجواره يعني: يجلس عنده، وذلك مثل ما يكون الإنسان إذا أراد أن يكيل من الطعام، أو يلمس الطعام، فيأتي بجواره ويلمسه في ناحية من نواحي الكوم.
هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مغيرة].
هو مغيرة بن مقسم الضبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله من طريق أخرى، وفيه: أن من الغرماء يهودي كان له عليه دين كثير، وهذا لا يعني أن الدين ليهودي واحد؛ لأن الطرق التي مرت فيها غرماء، وأنهم كانوا أغروا به، وكانوا يلتفون حوله يريدون حقوقهم، وقد مر أن الرسول صلى الله عليه وسلم شفع عندهم وأبوا، وهذا الحديث يبين أن الذي شفع عنده يهودي، وطلب منه أن يأخذ نصف حقه من هذه الثمرة، ويؤخر النصف الثاني إلى ما بعد فأبى، فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب من جابر أن يجد النخل، وأن يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك فجاءوا إلى إحدى الحديقتين وجدوا منها وكالوا حتى أوفيت الحقوق التي على والد جابر رضي الله تعالى عنهما وعن الصحابة أجمعين.
في آخره: [ثم أتيتهم برطب وماء فأكلوا وشربوا].
ثم أتيتهم يعني: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ومن معهم برطب، فأكلوا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: [(إن هذا من النعيم الذي تسألون عنه)] كما قال الله عز وجل: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8].
حرمي هذا لقب؛ لأنه ذكر نسبه ثم ذكر لقبه في الآخر، فجمع بين نسبه ولقبه، بين اسمه واسم أبيه وجده ولقبه، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبي].
وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمار بن أبي عمار].
صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن عبد الله].
وقد مر ذكره، وهذا ليس من طريق الشعبي، بل من طرق أخرى غير طريق الشعبي، الطرق التي مرت كلها من طريق الشعبي، وهذا طريق آخر.
أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من جابر لما جاء وأخبره بوفاء الدين والانتهاء من قضاءه بأكمله، أمره بأن يخبر أبا بكر وعمر لأنهما كانا معه، وكانا يعلمان الذي قد حصل، فأخبرهما وقالا: إننا قد علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما فعل ذلك أنه سيحصل الوفاء، يعني: الدين، وأنه سيبقى بقية؛ لأن هذا هو الذي عهدوه من بركة الطعام الذي يكون بين يديه، ويدعو فيه عليه الصلاة والسلام.
هو أبو موسى العنزي الملقب: الزمن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن حديث عبد الوهاب].
هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن وهب بن كيسان].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن جابر بن عبد الله].
وقد مر ذكره.
أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث).
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [إبطال الوصية للوارث]، يعني: بعد أن فرض الله الفرائض وبين المواريث للأقرباء، نسخ ما كان مشروعاً من قبل من الوصية للوالدين والأقربين، عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يخطب: [(إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)] يعني: أن أصحاب الحقوق الذين هم الورثة يكفيهم ما قدر الله لهم، وفرض لهم من الحقوق سواء كانت فرضاً أو تعصيباً، أما إذا كان غير وارث، فإنه يوصى له، ولا بأس من الوصية له؛ لأن المنع إنما هو لمن يرث، أما إذا أوصى لغير الوارث كأن يكون له ابن وابن ابن وأوصى لابن ابنه، فابن الابن لا يرث مع وجود الابن، فإذا أوصى للقريب الغير الوارث، وذلك في حدود الثلث فأقل فإنه لا بأس بذلك، والمنع إنما هو من الوصية لوارث، وكانت الوصية قد كتبت من قبل على الناس للوالدين والأقربين إذا ترك خيراً، وبعد ما أنزل الله آية المواريث التي فيها بيان الحقوق، وبيان استحقاق كل وارث عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث).
وقوله: [(لوارث)] معناه: أن المنع إنما هو لمن يرث، أما من كان قريباً لا يرث بأن كان محجوباً ولا نصيب له من الميراث لوجود من هو أقرب منه ومن يحجبه، فيجوز الوصية لذلك الغير الوارث، ولكن بالثلث فما دون.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شهر بن حوشب].
وهو صدوق، كثير الإرسال والأوهام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الرحمن بن غنم].
هو عبد الرحمن بن غنم، وهو مختلف في صحبته، وقال العجلي: هو من ثقاة كبار التابعين، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن خارجة].
هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والإسناد وإن كان فيه شهر بن حوشب وهو كثير الإرسال والأوهام، إلا أنه جاء من طرق أخرى، ومنها إحدى الطرق التي ستأتي بعد هذا، وهي ليست من طريق شهر بن حوشب.
أورد النسائي حديث عمرو بن خارجة رضي الله عنه وهو مثل ما قبله، في أن الله تعالى أعطى كل من له نصيب في الميراث نصيبه، وبين في كتابه العزيز فلا تجوز لوارث وصية، فهو مثل الذي قبله في بيان أن الوصايا للورثة لا تجوز.
قال: [(إنه خطب الناس على راحلته وهي تقصع بجرتها)] قيل: تقصع يعني: تمضغ وتحرك فمها بالطعام، وجرتها: ما تسحبه من جوفها وتجعله في فمها وتلوكه فيه، وهذا يحصل من الناقة إذا كانت مستريحة ومطمئنة، أما إذا كانت في شدة وفي خوف فإنه لا يحصل منها هذا الاجترار.
هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا قتادة عن شهر بن حوشب أن ابن غنم ذكر أن ابن خارجة].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.
أورد النسائي حديث عمرو بن خارجة رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أنبأنا عبد الله بن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن عمرو بن خارجة].
وقد مر ذكرهما.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر