مرت أحاديث عديدة تتعلق بالمزارعة وكراء الأرض، وهذه جملة من الأحاديث المتعلقة في الموضوع، أولها حديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له أرض فليزرعها، فإن عجز أن يزرعها فليمنحها أخاه، ولا يزرعها إياه) أي: أن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى ما هو الأفضل والأكمل، وهو أن الإنسان يمنح أخاه الأرض التي هو غير محتاجٍ إليها ليزرعها ويستفيد منها.
قوله: ولا يزرعها إياه، يعني: لا يؤجرها عليه، وإنما تكون بدون مقابل، وتكون إحساناً وإرفاقاً إليه، ولا شك أن هذا إرشاد إلى ما هو الأكمل والأفضل.
وقد عرفنا في الدرس الماضي أو الدروس الماضية أنه إذا كان التأجير بشيء معلوم يدفعه المستأجر لصاحب الأرض، ثم يستفيد من الأرض، وما ينتج عنها يكون له، أو يأخذ منه الأرض بجزءٍ معلوم النسبة مما يخرج منها كالثلث والربع والنصف وما إلى ذلك، عرفنا أن ذلك سائغ وجائز، وليس بمحرمٍ ولا ممنوع، وما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وفي غيره من الأحاديث مما في معناه المقصود منه: الإشارة إلى ما هو الأكمل، وإلى ما هو الأفضل.
هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن خالد بن الحارث].
هو خالد بن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الملك].
هو عبد الملك بن أبي سليمان، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عطاء].
وهو عطاء بن أبي رباح المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم (من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها أخاه، ولا يكريها) يعني: لا يكريها أخاه المسلم وإنما يعطيها إياه بالمجان، وبدون مقابل إرفاقاً وإحساناً، وهذا كما أشرنا إرشاد إلى ما هو الأكمل والأفضل.
هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ثم أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه: (أن أناساً كان لهم فضول أرضين) يعني: زائدة عن حاجتهم، وهم مستغنون عنها، فاضلة عن حاجتهم وعما يقومون به، (وكانوا يؤجرونها على الثلث والربع)، يعني: على الثلث والربع مما يخرج منها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له أرض فليزرعها، أو يزرعها، أو يمسكها).
والمقصود يُزْرعها يعني: يمنحها ويعطيها أخاه ولا يؤجرها.
(أوليمسكها)، يعني: يتركها بدون أن يستعملها أو بدون أن يؤجرها، وهذا كما عرفنا إشارة إلى ما هو الأكمل وإلى ما هو الأفضل، وأن كون الإنسان يعطيها بدون مقابل إرفاقاً وإحساناً خير من أن يعطيها بثلث أو ربع أو بغير ذلك، وقد عرفنا أن الحكم الثابت المستقر هو أنه يجوز تأجيرها بالثلث والربع كما جاء في معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر على ما يخرج منها من زرع أو ثمر، فقد أبقاها بأيديهم على النصف مما يخرج منها.
وهذا يدلنا على جواز التأجير بالثلث والربع، أو المزارعة أو المساقاة بالثلث والربع، وهو مثل المضاربة التي يدفع الإنسان نقوداً لإنسانٍ عامل يعمل فيها، وما يحصل من الربح فهو بينهما نصفين..، وهذه مسألة مجمع عليها بين العلماء، لا خلاف فيها، فهذه مثلها، فالذي لا يجيد إلا التجارة، أمامه المضاربة، يأخذ بجزءٍ معلوم النسبة من الربح، والذي لا يجيد التجارة ولكنه يجيد الزرع، يأخذ الأرض بجزء مما يخرج منها ثلث، أو ربع، أو نصف، أو ما إلى ذلك، وهكذا كثير من الأمور والأعمال، فمثلاً كون الإنسان عنده سيارة، يعطيها لإنسان آخر يؤجرها له ويستفيد منها على النصف مما يخرج منها، هذا له النصف من أجل ملكه السيارة، وهذا له النصف من أجل عمله، وهكذا من يؤاجر على شيء من أجل أن يجذه بنصفه، أو يسقيه بنصفه، أو يخدمه بنصفه.. بجزء معلوم النسبة مما يخرج، كل ذلك سائغٌ وجائز، ولا بأس به، وهو من المشاركة المعتبرة مثل شركة المضاربة، فهذه من جنسها اشتراك، هذا منه الأرض، وهذا منه العمل، والربح والنتائج بينهما، وهكذا.. كل ذلك سائغ ولا بأس به، وكذلك تأجيرها بالذهب والفضة، أو بأي شيءٍ آخر يدفعه المستأجر مقدماً ويأخذ الأرض أو يستخدمها على جزء، وتكون فائدتها له بأكملها؛ لأنه دفع الأجرة لصاحبها، فلم يبق له نصيب في منفعتها، فصارت منفعتها مختصة بالعامل الذي أخذها مزارعة، أو أخذها استئجاراً.
هشام بن عمار صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن يحيى بن حمزة].
يحيى بن حمزة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي].
الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث جابر من طريقٍ أخرى وهو مثل ما تقدم (من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها) يعني: يعطيها بالمجان، (ولا يؤاجرها) يعني: لا يعطيها لأحدٍ بالأجرة، وإنما يعطيها له بالمجان، وهذا كما هو معلوم إرشادٌ إلى ما هو الأفضل والأكمل.
عيسى بن محمد أبو عمير بن النحاس ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[و عيسى بن يونس هو الفاخوري].
عيسى بن يونس الفاخوري صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن ضمرة].
هو ضمرة بن ربيعة، وهو صدوق يهم قليلاً، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن شوذب].
ابن شوذب هو عبد الله بن شوذب، صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، أصحاب السنن الأربعة.
[عن مطر].
هو مطر بن طهمان الوراق، وهو صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف، وهنا من طريق عطاء، لكن الحديث كما هو معلوم جاء من طرقٍ عديدة عن عطاء بهذا اللفظ.
أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو بلفظ: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض)، والمقصود من ذلك كراؤها بأي شيء، يعني كما مر أنه لا يكريها وإنما يمنحها، وهذا مبني على ما هو الأكمل والأفضل، اللهم إلا أن يكون المقصود بالنهي عن كراء الأرض فيما إذا كان يعني شيئا فيه جهالة وغرر، فإن هذا لا يسوغ ولا يجوز، أما إذا كان المقصود منه تأجيرها بالثلث والربع، أو تأجيرها بشيء معلوم يدفعه المستأجر سواء ذهباً أو فضة أو غير ذلك، فإن هذا لا بأس به، والنهي عن كرائه بهذه الطريقة إنما هو إرشاد إلى ما هو الأكمل.
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن يونس].
هو يونس بن محمد البغدادي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد].
هو حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث جابر وقد قال في الحديث السابق: إن عبد الملك بن جريج وافقه على النهي عن كراء الأرض، وقد أورد هذا الحديث من طريق ابن جريج، وليس فيه ذكر كراء الأرض، ولكن فيه ذكر المخابرة.
وحديث جابر رضي الله عنه يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة) والمخابرة فسرت بأنها تأجير الأرض بجزء مما يخرج منها، وهذا هو الذي يطابق ما أشار إليه المصنف من أن ابن جريج وافق على رواية النهي عن كراء الأرض؛ لأن النهي عن المخابرة هو نهي عن كراء الأرض على معنى أن المخابرة هي استئجار الأرض بجزء مما يخرج منها.
وقد فسرت المخابرة أيضاً بتفسيرٍ آخر؛ وهو بيع العنب بالزبيب أو بأوساق من الزبيب، فيكون من جنس المزابنة التي هي بيع أوساق من التمر بالتمر على رءوس النخل، فيكون إذا بيع الزبيب بالكرم -أي: بالعنب- وهو في الشجر، يكون من هذا القبيل، أي: بيع الشيء بجنسه غير معلوم المساواة، ويكون متفاضلاً، وقد عرفنا أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، فبيع الشيء بمثله إذا كان غير معلوم الوزن، وأن هذا مثل هذا، وأنه يداً بيد، فإن ذلك لا يصح؛ لأنه إن قبض الزبيب، وهذا قبض العنب على شجره، فيكون فيه ربا فضل، وإن كان أعطاه الزبيب ثم يعطيه فيما بعد العنب فيكون ربا فضل وربا نسيئة، ومن المعلوم أنه حتى بيع العنب بالزبيب لا يجوز، وبيع الرطب بالتمر لا يجوز؛ لأنه ليس متساوٍ؛ لأن الرطب ينقص إذا جف، ولهذا نهى الرسول نهى عن بيع التمر بالرطب، وقال: (أينقص الرطب إذا جف؟) يعني وأرشد إلى الحكمة وإلى العلة بأن الرطب إذا بيع بالتمر فإنه بيع غير متساوٍ؛ لأن التمر ينقص إذا جف، فيكون بيع الشيء بمثله غير متساوٍ.
(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة، وعن المزابنة)، وفسرت المخابرة بأنها مثل المزابنة وهي بيع الحنطة بالحب في السنابل على الزرع، يعني إنسان يعطيه أوساقاً من الحنطة، وقيمتها الحب الذي في السنابل، مثل مَن يبيع أوساقاً من التمر، وقيمتها التمر الذي على رءوس النخل، أو يبيع أوساقاً من الزبيب، وقيمتها العنب الذي في الشجر؛ لأن هذا فيه الربا من جهة عدم التساوي، ومن جهة ما قد يكون فيه أيضاً من النسيئة.
وعلى هذا فالمخابرة فسرت بتفسيرات عدة: فسرت باستئجار الأرض بجزء مما يخرج منها، وهذا ثابت جوازه في خيبر وغيرها، وفسرت بأنها بيع الحب المصفى الجاهز بحبٍ في السنابل على الزرع، وهذا لا يجوز، وفسرت بتفسيرٍ آخر -سيأتي- بأنها بيع الكرم أو الزبيب بالكرم أو العنب في شجره، وهذا يصير مثل المزابنة، وكل ذلك لا يسوغ ولا يجوز.
والمحاقلة: هي مأخوذة من الحقل، وفسرت بأنها هي المزابنة كما جاء في بعض الروايات، وفسرت بأنها بيع الحقل مثل ما فسرت المخابرة بأنها بيع الحب بالحب في السنابل على الزرع، يعني أنها تصير مثل المخابرة.
(وبيع الثمر حتى يطعم) يعني لا يباع الثمر وهو غير مطعوم لم يستو ولم يزه؛ لأنه عرضة للتلف والفساد، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يزهو، يعني: حتى يطيب أكله.
(حتى يطعم) يعني: يؤكل ويجيء وقت كونه يؤكل، يعني بيع التمر حتى يطعم يعني: على رءوس النخل لا يباع حتى يطعم، أما إذا جذ ونزل من رءوس النخل وبيع على الناس، فهذا ما فيه بأس؛ لأن الإنسان يقبض السلعة التي اشتراها، يعني كونه يجذه وهو لم يزه ثم يبيعه، هذا ما فيه إشكال..، ولا بأس به؛ لأنه سيأكله، ولكن الشيء الذي هو عرضة للفساد والتلف، وعرضة للجائحة حين يباع وهو أخضر على رءوس النخل قبل أن يحمر ويصفر، ولم يأت وقت أكله فيكون ذلك محظوراً، أما لو قطع القنو وهو أخضر وبيع، فهذا لا بأس به ولا محظور فيه.
(إلا العرايا) العرايا فسرت بعدة تفسيرات، لكن قد يكون الأقرب لمعناها هنا: كون الإنسان يعطي فقيراً نخلة أو نخلتين.. يمنحها إياه، ثم يأتي الإنسان يتردد ويدخل كل يوم في ذلك البستان من أجل هذه النخلة، ومن أجل إصلاحها وخدمتها، فيتضرر به الذي منحه، يتضرر بدخوله عليه، فيستردها منه ويعطيه مكانها شيئاً مما يحصله من الثمر، فيكون أعطاه عرية عطية، ثم رجع واشتراها منه، ومعلوم أن هذا غير جائز، فالإنسان إذا تصدق فلا يشتري بعد ذلك صدقته، ولا يجوز له ذلك، لكن مثل هذا مستثنى من النهي؛ لما فيه من دفع الضرر الذي يحصل له بتردد ذلك الشخص على بستانه حيث يؤذيه ويلحق به حرجاً ومشقة وضرراً، فله أن يشتري الشيء الذي أعطاه إياه، ويكون ذلك مستثنى من كون الإنسان منهي أن يشتري صدقته ممن تصدق بها عليه.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن المفضل].
هو المفضل بن فضالة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء وأبي الزبير].
عطاء مر ذكره، وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق يدلس، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
جابر قد مر ذكره.
أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه قوله: (نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة)
المحاقلة قد عرفناها، وهي بيع الحب الجاهز الخالص بالحب على السنابل الذي في الزرع، أو استئجار الأرض بجزء مما يخرج منها، وقد عرفنا أن بعضها سائغ وبعضها لا يسوغ، فتفسيرها بحب يباع بحب، هذا لا يجوز، وكونه يستأجرها بجزء معلوم النسبة مما يخرج منها، ذلك جائز.
والمزابنة وهي تتعلق بالتمر، يعني بيع أوساق من التمر بالتمر على رءوس النخل.
والمخابرة قيل: إنها بمعنى المحاقلة، وهي استئجار الأرض بجزء مما يخرج منها.
(وعن الثنيا إلا أن تعلم) يعني: الاستثناء، (إلا أن تعلم) يعني معناه: لا تكون مجهولة، أو يكون فيها غرر، مثل كون الإنسان يقول: أعطيك هذه الأرض على أن تزرعها ولي من الزرع ألف صاع والباقي لك، فهذا لا يجوز؛ لأنه يمكن أن الأرض ما تخرج إلا ألف صاع، ما تخرج إلا هذا المقدار، فيحوزه أحدهما، والثاني الذي هو العامل يذهب عمله بدون مقابل، فهذا لا يجوز، وإنما يجوز بالثلث أو الربع، يعني استثناء ثلث أو ربع أو نصف أو ما إلى ذلك، يقول: هي لك إلا الثلث فإنه لي، هي لك إلا الربع فإنه لي، هذا شيء معلوم غير مجهول، أما إذا كان مجهولاً بأن يقول: تأخذ الأرض ولي سهمٌ منها، هذا شيء مجهول؛ لأن السهم لا يدرى ما هو.. يختلفون في معناه ولا يتفقون عليه، أو يقول العامل: لي ألف صاع والباقي لك، فيحوزه أحدهما دون الآخر، ولكن إذا كانت الثنيا في شيءٍ معلوم بأن يقول مثلاً: إلا الثلث فإنه لي، فإن هذا شيء معلوم النسبة، ولا بأس بذلك.
زياد بن أيوب ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
وكان الإمام أحمد بن حنبل يقول عنه: شعبة الصغير، يعني: لإتقانه وضبطه يشبهه بـشعبة المشهور بأنه أمير المؤمنين في الحديث، شعبة بن الحجاج الواسطي معروف بضبطه وإتقانه.
[عن عباد بن العوام].
عباد بن العوام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان بن حسين].
سفيان بن حسين ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم في المقدمة، وأصحاب السنن الأربعة.
الشيخ: في نسخة أبي الأشبال مسلم في المقدمة.
[عن يونس بن عبيد].
يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى، وفيه يقول النسائي ما يدل على أن عطاء لم يسمع حديث (من كان له أرض فليزرعها أو ليزرعها، ولا يكريها) أنه لم يسمعه من جابر، وقد أورد فيه هذا الإسناد الذي فيه أن عطاء سأل سليمان بن موسى فحدثه عن جابر، معناه: أن بينه وبين جابر واسطة، فهذا يشعر بأنه ما سمع، لكن كما هو معلوم قد يروي بواسطة ثم يروي بغير واسطة، قال: سأل عطاء سليمان بن موسى قال: حدث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا يمكن إذا كان في زمان جابر، وأنه سأل سليمان بن موسى فحدثه بواسطة، ثم بعد ذلك لقي جابراً وحدثه بغير واسطة على هذا لا يوجد إشكال، وإن كان يعني أنه ما حصل إلا السؤال، وأنه ما عرف إلا بواسطة، فيكون هذا الحديث إنما سمعه بواسطة، والواسطة معروف، وهو سليمان بن موسى.
هو أحمد بن يحيى بن زكريا الأودي، ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن أبي نعيم].
أبو نعيم هو الفضل بن دكين الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن همام بن يحيى].
همام بن يحيى ثقة، ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
عطاء قد مر ذكره.
[عن سليمان بن موسى]
هو سليمان بن موسى الأموي، صدوق في حديثه بعض لين، أخرج له مسلم، والأربعة.
[عن جابر].
جابر قد مر ذكره.
أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه وهو: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحقل وهي المزابنة) وهذا تفسير الحقل بأنه المزابنة، لكن المشهور أن المزابنة تتعلق بالتمر وبالثمر، والمحاقلة أو الحقل يتعلق بالزرع.
محمد بن إدريس هو أبو حاتم الرازي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه في التفسير.
[عن أبي توبة].
أبو توبة هو الربيع بن نافع الحنفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن معاوية بن سلام].
معاوية بن سلام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن نعيم].
يزيد بن نعيم مقبول، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي.
[عن جابر].
جابر قد مر ذكره.
أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمخاضرة).
(المزابنة) وقد عرفناها أنها بيع أوسق من التمر بالتمر على رءوس النخل، وهي لا تجوز، (والمخاضرة بيع التمر قبل أن يزهو).
وهي بيع التمر قبل أن يزهو، يعني كونه يبيعه وهو أخضر لم يحمر ولم يصفر ويطيب أكله كما جاء في الحديث، هذه هي المخاضرة، يعني: بيع التمر قبل أن يزهو.
(والمخابرة بيع الكرم بكذا وكذا صاع).
ثم ذكر المخابرة وفسرها بأنها بيع الكرم بكذا وكذا صاع.
يعني: من الزبيب، فبيع الكرم في الشجر بكذا وكذا صاع من الزبيب هذا لا يجوز، وقد عرفنا أن المخابرة هي استجار الأرض بجزء مما يخرج منها، وأن ذلك سائغ، أو أنها تكون بمعنى المحاقلة التي هي بيع الحب في السنابل، وهذا لا يجوز.
ولعل هذا هو أول موضع يمر بنا في سنن النسائي لا يذكر النسائي شيخه، وإنما يقول: أخبرني الثقة، أنا ما أتذكر أنه مر علينا تعبير النسائي بمثل هذا التعبير الذي مر بنا الآن.
وكلمة (حدثني الثقة) هذه عند العلماء غير معتبرة في التوثيق، قالوا: لأنه قد يكون ثقةً عنده ومجروح عند غيره؛ حتى يعلم ويعرف أنه ثقة أو غير ثقة، لكن هذا تعديل مع الإبهام؛ لأنه أبهم شيخه ووثقه، وعند العلماء لا يعتبر قول الراوي: حدثني الثقة؛ لأنه قد يكون ثقةً عنده ومجروحاً عند غيره.
حماد بن مسعدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن أبي عبد الله].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
يحيى بن أبي كثير مر ذكره.
[عن أبي سلمة].
هو ابن عبد الرحمن بن عوف، ثقة، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[عن جابر بن عبد الله].
جابر بن عبد الله قد مر ذكره.
أورد النسائي حديث أبي هريرة (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة) وقد عرفناهما.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو عمرو بن علي الفلاس مر ذكره.
[عن عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن إبراهيم].
هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر بن أبي سلمة].
هو عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
قد مر ذكره.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، رضي الله عنه وأرضاه.
أورد النسائي حديث أبي سعيد رضي الله عنه (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة) وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].
هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
يحيى بن آدم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحيم].
هو عبد الرحيم بن سليمان الكناني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عمرو].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري].
أبو سلمة قد مر ذكره، وأبو سعيد هو سعد بن مالك بن سنان الخدري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور بكنيته أبو سعيد، وبنسبته إلى الخدري، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث رافع بن خديج رضي الله عنه (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة)، وقد مر ذكرهما مراراً.
قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
وهو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن يزيد بن إبراهيم].
محمد بن يزيد بن إبراهيم مقبول، أخرج حديثه النسائي وابن ماجه.
[عن عبد الله بن حمران].
عبد الله بن حمران صدوق يخطئ قليلاً، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن عبد الحميد بن جعفر].
عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[عن الأسود بن العلاء].
الأسود بن العلاء ثقة، أخرج له مسلم والنسائي.
[عن أبي سلمة عن رافع بن خديج].
أبو سلمة عن رافع بن خديج قد مر ذكرهما.
الجواب: كون أحد يسند ظهره على الدرج الذي فيه المصاحف، ويكون ظهره متصلاً بالمصاحف.. هذا ما ينبغي؛ لأن احترام المصحف مطلوب، فلا ينبغي ذلك للإنسان المسلم، نحن ما نعلم دليلاً خاصاً يدل على هذا، لكن احترام المصحف يقتضي ألا يجعل الإنسان ظهره إليه مباشرةً ويستند عليه، أما لو كان الإنسان في الصف واستند على جانبه الذي بينه وبينه ساتر، وهو اللوح الذي في ظهر الدرج، فما في هذا بأس إن شاء الله، لكن كونه يسند ظهره إلى المصحف مباشرةً، هذا في النفس منه شيء، وينبغي اجتنابه، و(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، و(ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، وإذا كان الأمر فيه شبهة فالإنسان يترك ما فيه شبهة، وكونه لا يسند ظهره إليه، هذا لا شبهة فيه، وكونه يسند ظهره إليه، هذا فيه شبهة، هذا هو الذي يمكن أن يستدل به على مثل ذلك.
وإذا كان درج المصاحف فوق الرأس على الجدار، فما الاستناد حينئذ بمحظور؛ لأنه ما يسند ظهره إلى المصاحف ما دام أن المصاحف مرفوعة من فوق.
الجواب: يقول العلماء: إذا كان على الإنسان حق لله وحق للعباد، فتقدم حقوق العباد على حق الله إذا لم يمكن توفية الجميع، قالوا: لأن حقوق العباد مبنية على المشاحة، وحق الله مبني على المسامحة، والله تعالى يعفو ويتسامح، والعباد لا يسامحون، فحقوق العباد مقدمة وكون الإنسان عليه حقٌ لله مالي، وعليه ديون للناس، فحقوق الناس مقدمة.
أما إذا كان ميراث فحق الله مقدم على الميراث؛ لأن هذا الحق لا يأتي إلا بعد ما ترد الحقوق التي على الإنسان، فالحقوق التي على الإنسان توفى من ماله، ثم بعد ذلك يأخذ الورثة ما يستحقون؛ لأن الدين الذي على الإنسان سواءٌ لله أو للآدميين يخرج أولاً، وأما إذا كان دين لله ودين للآدميين، وهو لا يفي بهما، فيقدم وفاء دين الآدميين على حق الله عز وجل؛ لأن حقوق العباد مبنية على المشاحة، والله عز وجل حقوقه مبنية على المسامحة والتفضل.
الجواب: إي.. نعم، يجب عليه أنه يبادر إلى ذلك، إلا إذا خشي أن يترتب على ذلك مفسدة بأن يكون قومه يلحقون به ضرراً، أو يحصل بينه وبين أهله نفرة وعداوة، فما ينبغي له هذا، لكن ينبغي له أن يطلب منهم مساعدته ما دام أنهم سيعترضون عليه، وسيلحقون به الأذى، وإذا لم يستطع لا هذا ولا هذا، فعليه أن يصوم، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).
الجواب: نعم، إذا كان يخشى على نفسه ضرراً، أو أنه محتاج لهذا لحصول الضرر الذي يظنه غالباً على نفسه، فله أن يلتحف، وإن أمكنه أن يلتحف بشيءٍ ليس فيه فدية، كبطانية يلتحف بها مثل ما يلتحف بالرداء، فهذا لا بأس به، وليس عليه كفارة أو فدية، وأما إن لبس شيئاً مخيطاً كعباءة أو ثوب أو جبة.. أو ما إلى ذلك، فإنه يكون عليه فدية، وهو مخير بين واحدة من ثلاث: إما أن يذبح شاة، أو يطعم ستة مساكين، أو يصوم ثلاثة أيام.
الجواب: حلف ألا يفعل ففعل، فلم يف بما حلف عليه، فكفارته كفارة يمين: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يستطع لا هذا ولا هذا فعليه أن يصوم ثلاثة أيام.
الجواب: أصلاً ما في اعتراض، أقول: كلمة الاعتراض هذه لا معنى لها في هذا المكان، ولا يفهم لها معنىً صحيح، لكن إذا كان بعض الناس يجمع ما ورد في الباب مما صح وضعف، ومن المعلوم أن ما صح يغني عما فيه ضعف، والذي فيه ضعف يدل على أن له أصلاً بحيث لو رؤي هذا الذي جاء من طريق ضعيفة، وعرف أنه جاء من طريق صحيحة يعرف أن المعنى ثابت من طريق أخرى، فيفعل هذا من يجمع ما جاء في الموضوع مما صح وضعف؛ حتى يعلم الضعيف، وحتى يعلم الصحيح، ومن حيث الثبوت فالصحيح ما يغني عن الضعيف.
الجواب: الصفات الخبرية هي الصفات الفعلية، وإنما التقسيم الصحيح أن تقسم إلى ذاتية وفعلية، يعني شيء لا يتعلق بالمشيئة والإرادة، هذه صفة ذاتية، مثل كونه حياً سميعاً بصيراً.. هذا ما له علاقة بالمشيئة، يعني هو حي، سميع بصير، لا تعلق لذلك بالمشيئة، لكن كونه رازقاً خالقاً.. هذا يتعلق بالمشيئة.
والخبرية هي التي جاء الخبر فيها عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو جاء في بعض الأحاديث، ثم الخبرية قد تتعلق بذاتية، لكنها ما أثبتها العقل، وما يثبتها النقل فالمتكلمون يقولون عنها: خبرية جاءت عن طريق آحاد، فلا يعول عليها، ومن الفعلية ما هو خبري، ومن الخبري يأتي ما هو فعلي، وقد يكون أيضاً ذاتياً وهو خبري، ولا يثبته المتكلمون، وأهل السنة يثبتونه إذا صح النقل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر