قال: أخبرنا محمد بن بشار عن محمد قال: حدثنا شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن نبيط عن جابان عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر ) ].
يقول النسائي رحمه الله: الرواية في المدمنين الخمر.
المدمن للخمر هو: الذي يداوم أو مستمر أو مفتون بها، بحيث يشربها باستمرار، هذا هو المدمن للخمر، والرواية أي: ما ورد من الوعيد الشديد في حق من يكون كذلك، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: ( لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر )، فهذا الحديث فيه إثم هؤلاء الثلاثة، وعظيم جرمهم، وأنهم لا يدخلون الجنة، ومن المعلوم أن نفي دخول الجنة في المعاصي ليس المقصود به عدم دخولها أبداً؛ لأن من كان من أهل الإيمان ومن أهل التوحيد وماتوا على ذلك، فإنه لابد وأن يدخل الجنة، ولو دخل النار ومكث فيها ما شاء الله أن يمكث فإنه لابد من خروجه من النار ودخوله الجنة.
ولكن الذنوب الكبيرة إذا استحلها الإنسان أو ما علم من دين الإسلام بالضرورة واستحله الإنسان فإنه يكفر باستحلاله، ومن يكون كذلك لا يدخل الجنة؛ لأن من يكون كافراً لا يدخل الجنة، ولكن من كان غير مستحل فإن نفي دخوله الجنة ليس نفياً مؤبداً، وإنما هو نفي لفترة معينة وهي المدة التي شاء الله عز وجل أن يعذب فيها في النار، ثم يدخل الجنة بعد ذلك؛ لأن كل من مات على التوحيد وعنده ذنوب وكبائر وشاء الله عز وجل دخوله النار، فإنه لابد من خروجه من النار ولابد أن يدخل الجنة، وعلى هذا فيكون لا يدخلها مع أول من يدخلها إذا شاء الله عز وجل أن يعذب، وإن تجاوز الله عنه وعفا عنه فإنه يدخل الجنة بفضله وكرمه سبحانه وتعالى.
والمنان هو الذي يمن بما أعطى، وكلمة (منان) هي للمبالغة، يعني: أن من شأنه ذلك ومن صفته ذلك، والعاق هو العاق لوالديه، ومدمن الخمر هو المداوم على شربها والملازم لشربها، فإن هؤلاء الثلاثة عقوبتهم عظيمة وذنبهم كبير كما جاء ذلك في هذا الحديث وغيره من الأحاديث الكثيرة.
محمد بن بشار، هو: الملقب بندار ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد ].
هو: ابن جعفر، الملقب غندر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور] .
هو: منصور بن المعتمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم بن أبي الجعد ].
سالم بن أبي الجعد ، وهو ثقة يرسل كثيراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن نبيط ].
نبيط، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن جابان ].
جابان، وهو مقبول أيضاً، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه مقبولان، ولكن الحديث له شواهد، وقد جاء له شواهد، فهو حديث ثابت.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: ( من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها لم يشربها في الآخرة )، يعني: أنه مات غير تائب، ومن تاب تاب الله عليه؛ لأن (من تاب من الذنب كمن لا ذنب)، وإنما العقوبة هذه لمن لم يتب، (من شرب الخمر ثم مات ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة)، يعني: يعاقب بأنه لا يشربها في الآخرة.
هو: سويد بن نصر المروزي ، ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي .
[أخبرنا عبد الله ].
هو: ابن المبارك المروزي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو: أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
وهو: مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
هو: عبد الله بن عمر الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله:[ أخبرنا يحيى بن درست ].
يحيى بن درست ، هو ثقة أخرج حديثه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر] .
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
أورد النسائي هذا الأثر عن الضحاك هو ابن مزاحم قال: (من مات مدمناً للخمر نضح في وجهه بالحميم حين يفارق الدنيا).
يعني: هذا أثر عن الضحاك بن مزاحم، ويقال له المقطوع؛ لأن ما انتهى سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقال له مرفوع، وما انتهى إلى الصحابي قيل له: موقوف، وما انتهى إلى التابعي أو من دونه قيل له: مقطوع.
ومثل ذلك: إذا جاء عن صحابي يكون له حكم الرفع، لكن ما جاء عن التابعين ومن دونهم لا يكون كذلك، ويمكن أن يكون هذا أخذه من بعض الكتب المتقدمة، أو رواه عن غيره، لكن مثل هذه الأمور الغيبية لا تثبت إلا بالدليل، ومن المعلوم أن كلام غير الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الذي له حكم الرفع لا يعتبر ثابتاً، ويعتقد ما يقتضيه بناءً على قول من دون الصحابة مما يكون له حكم الرفع، فهذا فيه زجر وفيه كلام شديد في حق من يكون شارباً للخمر ومدمناً لها، ويمكن أن يكون ذلك أخذه من بعض الكتب السابقة، أو مما اطلع عليه مأثوراً عن المتقدمين، ومن حيث الثبوت لا يثبت مثل ذلك ولا يقال: إن هذا ثابت.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الحسن بن يحيى ].
سويد وعبد الله مر ذكرهما، والحسن بن يحيى ، مقبول أخرج حديثه النسائي .
[ عن الضحاك ].
هو: الضحاك بن مزاحم ، وهو صدوق أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا معتمر بن سليمان حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه قال: غرب عمر رضي الله عنه ربيعة بن أمية في الخمر إلى خيبر، فلحق بـهرقل فتنصر، فقال عمر رضي الله عنه: لا أغرب بعده مسلماً ].
أورد النسائي تغريب شارب الخمر، تغريبه هو جعله يكون في بلد غير البلد التي شرب فيها الخمر، في فترة معينة، وقد جاء التغريب في السنة في حق الزاني البكر، فإنه يجلد مائة جلدة كما جاء في القرآن، ويغرب مدة سنة، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه في هذا الأثر: (أنه غرب ربيعة بن أمية في شرب الخمر إلى خيبر، فلحق بـهرقل وتنصر، وقال عمر رضي الله عنه: لا أغرب بعد ذلك مسلماً).
قوله: (لا أغرب بعد ذلك مسلماً)، يحمل على ما إذا كان عن طريق تغريبه عن طريق الاجتهاد، وعن طريق أنه رأى فيه المصلحة، أما ما ورد فيه نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالزنا، فإن هذا حكم ثابت، وهو من جملة الحد ومن جملة ما يجب تنفيذه، هذا هو الذي لابد منه، وأما الشيء الذي يحصل بالاجتهاد، فيمكن أن يحصل عن طريق التعزير في بعض الأمور، ويمكن أن يترك ذلك الذي يعزر به، فهذا هو الذي جاء عن عمر رضي الله عنه هو من قبيل التعزير وليس من قبيل الحد الثابت الذي لابد منه، والذي يتعين الإتيان به، بل رأى من المصلحة تعزيره بذلك، وأن التغريب قد يترتب عليه فائدة، من جهة أن المكان الذي حصل له فيه ذلك ينتقل إلى مكان آخر، وقد يختلط بأناس، وقد يكون في ذلك تأديب له، فيكون في ذلك مصلحة، الذي عن طريق التعزير هو الذي يمكن أن يترك، والذي عن طريق الحد كما في الزنا، فهذا حكم لابد منه؛ لأنه من جملة الحد.
هو: زكريا بن يحيى السجزي ، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الأعلى بن حماد ].
عبد الأعلى بن حماد ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي .
[حدثنا معتمر بن سليمان ].
هو: معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عبد الرزاق ].
هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
هو: معمر بن راشد الأزدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ، وهو ثقة، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمر ].
هو: عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وهو ثاني الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين، وصاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
والأثر ضعفه الألباني ، وقال: ضعيف الإسناد، ما أدري ما وجه ضعفه للألباني ، إلا إن كان سعيد بن المسيب ما أدرك عمر ، انظر ترجمة سعيد بن المسيب .
أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار من كبار الثانية، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، وقال ابن المديني : لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه، مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين.
يعني: بحدود عشرة من الهجرة، يعني: لما توفي عمر يكون عمره ثلاثة عشر أو قريباً من ذلك، أقول: لا أدري ما وجه التضعيف، والإسناد رجاله فيهم الثقة وفيهم الصدوق.
أخبرنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة بن نيار رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( اشربوا في الظروف ولا تسكروا ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة: ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر.
المقصود من هذه الترجمة ذكر الأخبار التي اعتل بها أي: اعتبرها علة واحتج بها من قال: إن الشراب الذي لا يسكر قليله وإن كان يسكر كثيره من غير العنب فإنه يكون سائغاً، وهو إشارة إلى ما قاله بعض فقهاء الكوفة من أن ما أسكر كثيره من غير العنب فإن قليله الذي لا يسكر لا بأس به، وأنه يباح ذلك، وسبق للنسائي أن ذكر بعض الأحاديث المتعلقة في تحريم القليل من الذي يسكر كثيره، وبين أن هؤلاء الذين يقولون بهذه المقالة مخادعون لأنفسهم، وأن الشربة الثالثة التي يكون بها الإسكار إنما حصل الإسكار بها لأنها مضمومة إلى الأولى والثانية، والشيء الكثير إنما وجد ببنائه على غيره، وإلا فإنه بمفرده إذا ضم بعضه إلى بعض وجمع بعضه إلى بعض وأجزائه يحصل الإسكار، فيكون حراماً ولو كان قليلاً، ثم أيضاً كما سبق أن عرفنا أن القليل أو تعاطي القليل الذي كثيره يسكر يكون وسيلةً إلى شرب الكثير الذي يسكر.
وقد سبق أن مر في ذلك الأحاديث التي فيها تحريم قليل ما أسكر كثيره، وهي نص في الموضوع: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، يعني: من أي شيء كان، وقد أورد النسائي جملة أحاديث، منها ما هو عام، ولا يقابل به الخاص الذي هو نص في محل النزاع، وهو القليل من كل ما أسكر، فإنه يكون حراماً، فالأحاديث التي استدلوا بها عامة، لا تدل على ما قالوه، بل النصوص الخاصة التي دلت على تحريم القليل من الشيء الذي أسكر كثيره هي المعول عليها، وهي التي يجب المصير إليها، ويجب البعد عن استعمال أي شيء هو مسكر ولو كان ذلك القليل منه لا يسكر.
أورد النسائي حديث أبي بردة بن نيار رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اشربوا في الظروف ولا تسكروا )، يعني: أنه أباح الشرب وقيده بعدم الإسكار، قالوا: فيفهم منه: أنه إذا وجد الشرب وهو لا يسكر، فإنه يكون حلالاً ويكون مباحاً، مادام أنه لم يسكر: (اشربوا ولا تسكروا)، المنع من الإسكار، وإذا كان هناك شيء دون الإسكار، معناه أنه داخل تحت قوله: (اشربوا) ولكن يقابل هذا الإطلاق الأحاديث التي فيها: ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )، فإنه نص في تحريم ذلك القليل الذي لا يسكر.
هو: هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ عن أبي الأحوص ].
وهو: أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ].
هو: سماك بن حرب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ عن القاسم بن عبد الرحمن ].
هو: القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبيه].
وهو: عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بردة بن نيار ].
أبو بردة بن نيار ، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث كما هو معلوم معناه جاء في أحاديث، ( اشربوا ولا تشربوا مسكراً )، مر في أحاديث كثيرة في هذا، لكن الكلام على هذا من حيث الرواية أو من حيث كونه من هذه الطريق ما جاء إلا من طريق سماك ، وأبو الأحوص أخطأ فيه، وإلا فإن متنه ومعناه ثابت في أحاديث كثيرة سبق أن مر جملة منها في حديث أبي موسى، ومعاذ (أن فيها أشربةً كثيرةً، فما أشرب وما لا أشرب؟ قال: اشرب ولا تشرب مسكراً)، يعني: اشرب ما شئت، لكن بشرط أن لا تشرب مسكراً، فقوله: (اشربوا ولا تسكروا) هو مثل تلك الأحاديث، لكن القدح فيه هو من حيث التفرد به، ومن حيث الرواية من هذه الطريق، وأما من حيث المتن فإن معناه ثابت، ولكن الإطلاق الذي فيه يقابله التنصيص على تحريم القليل الذي لا يسكر من الشيء الذي كثيره يسكر.
قوله: ( اشربوا ولا تشربوا مسكراً )، يعني: يشربون الشيء الذي ليس خمراً، يعني: كالأشربة التي كثيرها وقليها لا يسكر؛ لأنها ليست خمرا، وأما إذا كان الكثير يسكر فإن القليل من جنسه وداخل فيه، فلا يجوز شربه ولو لم يسكر، وقد ورد التنصيص على ذلك في الأحاديث التي أشرت إليها.
أورد النسائي حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت )، وهذا ليس بواضح من حيث الترجمة؛ لأن الترجمة في إباحة نوع من الشراب يسكر كثيره وقليله لا يسكر، وهذا ليس فيه إلا النهي عن هذه الأشياء الأربعة، وهو في حديث بريدة بن الحصيب ، لكن سبق أن مر بنا أنه: ( نهيتكم عن الانتباذ في أوعية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً )، فإذا كان مقصوده ما جاء عن بريدة في معنى حديث ابن نيار المتقدم فيكون واضح المقصود منه، ولكن هذا اللفظ ليس فيه إلا تحريم هذه الأشياء الأربعة التي هي ثابتة في أول الأمر، ولكنها نسخت كما جاء في حديث بريدة رضي الله عنه.
هو: ابن إبراهيم بن علية، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد ].
هو: ابن هارون ، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شريك ].
وهو: ابن عبد الله القاضي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ عن سماك بن حرب عن ابن بريدة ].
سماك وقد مر ذكره، عن ابن بريدة وهو: سليمان بن بريدة ، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[عن بريدة].
وهو: بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو: ( اشربوا ولا تسكروا )، وهو مثل حديث أبي بردة بن نيار ، يعني: الكلام فيه كالكلام فيه، والنسائي قال: إنه غير ثابت، وقرصافة لا يعرف حالها، لكن معناه كما عرفنا جاء في أحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي ].
هو: أحمد بن علي المروزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أخبرنا إبراهيم بن حجاج ].
وهو: إبراهيم بن حجاج بن زيد، وهو ثقة يهم قليلاً، أخرج حديثه أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو عوانة ].
هو: الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
سماك وقد مر ذكره، وقرصافة ، مجهولة لا يعرف حالها، أخرج حديثها النسائي وحده.
[ عن عائشة ].
هي: أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق من أوعية السنة وحفظتها، حفظ الله بها السنة الشيء الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاسيما ما يتعلق بأحوال البيوت، وما يجري بين الرجل وأهله، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها (أنها سئلت عن النبيذ، وأنهم ينبذونه غدوة ويشربونه عيشة، وينبذونه عشية ويشربونه غدوة)، يعني: معناه يوماً واحداً أو ليلةً واحدةً، فهي رضي الله عنه أجابت بأنها قالت:
(لا أحل مسكراً وإن كان خبزاً وإن كان ماءً) يعني: التحريم يتعلق بالإسكار، فهو حرام، وإن كان وقع في أطيب الطيبات أو في الأشياء الطيبة، مادام أنه مسكر فإنه يكون حراماً، على أي حالة كان ومن أي جهة كان، وهي سئلت عن النبيذ، وأجابت بكلام عام يتعلق بالإسكار، ومحل الشاهد منه للترجمة قولها: (لا أحل مسكراً)، ومعنى هذا إذا كان القليل لا يسكر فإنه يكون حلالاً على قول القائلين بذلك، ولكن الأحاديث الخاصة التي جاءت بمنع ذلك هي المقدمة، وهي التي يجب التعويل عليها.
سويد بن نصر عن عبد الله تقدم ذكرهما ، وقدامة العامري، هو: قدامة بن عبد الله العامري ، وهو مقبول أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[أن جسرة بنت دجاجة حدثته].
جسرة بنت دجاجة ، وهي مقبولة، أخرج حديثها أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[سمعت عائشة ].
عائشة وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة قالت: (نهيتم عن الدباء)، ومن المعلوم أن قول الصحابي إذا قال: (نهيتم أو نهي أو نهينا، الناهي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم نهيت عن كذا أو أمرت بكذا، فالآمر والناهي هو الله عز وجل، نهيتم عن الدباء، نهيتم عن الحنتم نهيتم عن المزفت، ثم أقبلت على النساء فقالت: إياكن والجر الأخضر).
والجر الأخضر هو الحنتم، كما سبق أن مر بنا أن الحنتم جرار خضر كانوا ينبذون بها، وكان ذلك في أول الأمر، والمقصود بالمنع هو ما وصل إلى حد الإسكار، وأما ما لم يصل إلى حد الإسكار فإنه يكون مباحاً إذا كان لا يسكر القليل والكثير، كما جاء في حديث بريدة بن الحصيب الذي سبق أن مرت الإشارة إليه مراراً: ( كنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية، فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً ).
ثم قالت للنساء: (وإن أسكركن ماء حبكن، فلا تشربنه).
الحب: بضم المهملة فتشديد في الصحاح هو الخابية فارسي معرب.
فما أدري ما المقصود (بماء حبكن)، لكن يحتمل أن يكون المقصود أنه لو رغبنه وأحببنه حباً شديداً وأسكرهن حبه، بمعنى أنه بلغ الغاية في افتتانهن به ورغبتهن به فإنهن لا يشربه، ولا أدري ما معنى هذا الكلام الذي قاله المحشي؛ أن الخابية فارسي معرب نقلاً عن الصحاح.
ويحتمل أن تكون الخابية بمعنى الجرة.
فيمكن ذلك، إذا كان المقصود بها ماء جرة، وأن الحب معربة، وأن المقصود به جرة فيقال لها الخابية.
سويد بن نصر، وعبد الله مر ذكره، وعلي بن المبارك ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثتنا كريمة بنت همام ].
كريمة بنت همام، وهي مقبولة، أخرج حديثها النسائي، وأبو داود.
[ أنها سمعت عائشة ].
عن عائشة وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة، وهو ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كل مسكر )، ومحل الشاهد منه، معروف وهو: (نهى عن المسكر)، وأما إذا كان لا يسكر قليله فهم يستدلون بعمومه على حل ذلك، وكما عرفنا ما هو نص في القليل وتحريمه مقدم على ذلك اللفظ العام الذي يفهم منه ما فهموه.
هو: إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد ].
هو: خالد بن الحارث البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبان بن صمعة ].
أبان بن صمعة، وهو صدوق أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثتني والدتي].
والدته، لا أعرف شيئاً عنها.
[ عن عائشة ].
عائشة وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث (قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب)، وهم فسروا الخمر بالعنب، يعني: القائلين بإباحة قليل ما يسكر خصوا ذلك بغير العنب، وأما العنب فما أسكر كثيره قليله حرام، ولهذا فسر الخمر بأنها ما كانت من العنب فيكون القليل والكثير حرام، وأما ما كان من غير العنب فالكثير المسكر حرام، والقليل الذي لا يسكر يكون حلالاً.
وقوله: (حرمت الخمر قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب)، يعني: لما ذكر الخمر والشيء الذي اعتاده الناس وعرفوه مثله السكر من كل شراب، فأي شراب يحصل منه الإسكار، بل غير الشراب لو كان جامداً أو كان مسحوقاً فإنه يكون حراماً.
القواريري، هو عبيد الله بن عمر وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[حدثتنا عبد الوارث ].
هو: عبد الوارث بن سعيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن شبرمة ].
هو: عبد الله بن شبرمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن عبد الله بن شداد بن الهاد ].
عبد الله بن شداد بن الهاد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: [ابن شبرمة لم يسمعه من عبد الله بن شداد].
ابن شبرمة لم يسمعه من عبد الله بن شداد ، ثم ذكر بعد ذلك الأثر الحديث.
يذكره عن عبد الله بن شداد ، ثم الحديث الذي بعده يبين أن فيه واسطة ، لأن معناه أنه منقطع.
أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله:[ أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا سريج بن يونس ].
سريج بن يونس، ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي .
[حدثنا هشيم ].
هو: هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شبرمة حدثني الثقة عن عبد الله بن شداد].
عبد الله بن شداد هنا بين أن فيه واسطة، وأنه لم يسمع منه وأن الرواية يذكره، يعني: أن فيه انقطاع، وهنا قال: (الثقة).
ومن المعلوم أن الرواية عن الشخص مبهماً بذكره موثقاً، أن ذلك لا يعتبر عند العلماء حتى يسمى ويعرف؛ لأنه قد يكون ثقة عنده ومجروحاً عند غيره؛ لأن مجرد أن كونه يقول: ثقة لا يكفي؛ لأنه قد يكون ثقة عنده، ولكنه مجروح عند غيره.
ابن حجر رحمه الله في آخر التقريب في المبهمات يقول: هو عمار الدهني .
وعمار الدهني صدوق أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ].
مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله:[ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم ].
أحمد بن عبد الله بن الحكم ثقة، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي .
[ حدثنا محمد ].
هو: محمد بن جعفر ، وهو ثقة مر ذكره.
[ ح وأخبرنا الحسين بن منصور ].
الحسين بن منصور، ثقة، أخرج حديثه البخاري والنسائي .
[ حدثنا أحمد بن حنبل ].
أحمد بن حنبل، الإمام المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن مسعر ].
مسعر هو: مسعر بن كدام، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عون ].
وهو: محمد بن عبيد الله الثقفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ].
عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ، وقد مر ذكرهما.
لم يذكر ابن الحكم (قليها وكثيرها).
يعني: أحد الشيخين؛ لأنه ذكر عن شيخين، الشيخ الأول هو: أحمد بن عبد الله بن الحكم ، يعني: ليس في روايته (قليلها وكثيرها)، وإنما (قليلها وكثيرها) في رواية الحسين بن منصور الشيخ الثاني.
أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثلما تقدم.
[ قال أبو عبد الرحمن : وهذا أولى بالصواب من حديث ابن شبرمة ، وهشيم بن بشير كان يدلس، وليس في حديثه ذكر السماع من ابن شبرمة ، ورواية أبي عون أشبه بما رواه الثقات عن ابن عباس ].
يعني: هذا المقارنة بين حديث أبي عون وبين ابن شبرمة وذكر أن ابن شبرمة روى عنه هشيم بن بشير وهو مدلس ولم يصرح بالسماع، وأن هذا أولى الذي هو رواية أبي عون ، ولكن كما هو معلوم: أن المعنى جاء في أحاديث أن تحريم كل ما أسكر جاء في أحديث كثيرة.
قوله: [أخبرنا الحسين بن منصور حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إبراهيم بن أبي العباس ].
إبراهيم بن أبي العباس، وهو ثقة أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثنا شريك عن عباس بن ذريح ].
عباس بن ذريح ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
[ عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ].
أبو عون، وهو: محمد بن عبيد الله الثقفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجه.
[ عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ].
مر ذكرهما.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر