أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا القواريري حدثنا ابن أبي زائدة حدثنا حسن بن عمرو عن فضيل بن عمرو عن إبراهيم أنه قال: كانوا يرون أن من شرب شراباً فسكر منه لم يصلح له أن يعود فيه].
لما ذكر النسائي رحمه الله، جملة من الأقوال عن العلماء فيما يتعلق بالنبيذ، وذكر ما يجوز شربه وما لا يجوز شربه منه، ذكر الاختلاف على إبراهيم النخعي في النبيذ، أي أنه جاء عنه أقوال مختلفة في النبيذ فأفرده بهذه الترجمة، وذكر الأقوال أو جملة من الأقوال التي نقلت عنه، وعزيت إليه، وأورد النسائي هذا الأثر عن إبراهيم: (كانوا -أي: العلماء- يرون أن من شرب شراباً فسكر منه لم يصلح أن يعود فيه)، يعني: أنه إذا كان شرب شراباً ثم تبين أنه مسكر وعرف بالتجربة أنه مسكر أنه لا يعود إليه؛ لأنه جربه ووجد أنه يسكر، يعني: كان مجهولاً عنده، أو كان لا يدري عنه هل يصل إلى حد الإسكار أو لا يصل إلى حد الإسكار؛ فشربه على حال معينة، وعرف أنه مسكر، فإذاً: ليس له أن يعود إليه، كانوا يرون أنه لا يعود إليه، أو لا يصلح له أن يعود إليه؛ لأنه قد جربه ووجده مسكراً.
ومن المعلوم أنه لا يدخل في ذلك كون الشيء مسكراً ومعروف أنه يسكر، ثم يقدم الإنسان عليه، فإن ذلك لا يجوز، وإنما الكلام في شيء مشتبه، وشيء كان يظن أنه لا يسكر ثم أسكر، فليس للإنسان أن يعود إليه بعد ذلك، فقد عرف أن مثله يسكر.
هو: أحمد المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا القواريري].
هو: عبيد الله بن عمر القواريري ،وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا ابن أبي زائدة].
هو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حسن بن عمرو].
هو: حسن بن عمرو الفقيمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن فضيل بن عمرو].
هو: فضيل بن عمرو الفقيمي، وهو ثقة، وقد أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن إبراهيم].
هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي هذا الأثر عن إبراهيم قال: [لا بأس بنبيذ البختج]، وهو عصير مطبوخ، ومن المعلوم أنه لا يصل إلى حد الإسكار، وأما إذا علم بأنه يسكر فإن ذلك لا يجوز؛ ولهذا جاء عن إبراهيم رحمة الله عليه، أنه قال: (لا بأس بعصير البختج).
هو: سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد الله].
هو: عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن مغيرة].
هو: مغيرة بن مقسم الضبي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي معشر].
هو: زياد بن كليب، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن إبراهيم].
هو: إبراهيم النخعي.
أورد النسائي هذا الأثر عن إبراهيم النخعي أنه: سأله أبو مسكين الحر بن مسكين قال: [كنا نأخذ دردي الخمر أو الطلاء فننظفه، ثم ننقع فيه الزبيب ثلاثاً، ثم نصفيه، ثم ندعه حتى يبلغ فنشربه، قال: يكره]، يعني: أنه لا يبيح ذلك، وأنه يكره، وما أردي ما المقصود بالكراهة، هل هي التنزيه أو التحريم؟، لكن المشهور عن السلف أنهم يطلقون الكراهة على التحريم.
والكراهة بمعنى التنزيه هو من اصطلاحات الفقهاء لما جعلوا الأحكام خمسة، وهي: الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والمباح، جعلوا من أقسامه المكروه كراهة التنزيه، وإلا فإن المشهور عندهم أنهم يطلقون ذلك على كراهة التحريم.
هو: أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي مسكين].
هو: الحر بن مسكين، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[سألت إبراهيم].
إبراهيم وقد مر ذكره، والترجمة له.
أورد النسائي هذا الأثر عن ابن شبرمة قال: رحم الله إبراهيم شدد الناس في النبيذ ورخص فيه).
المقصود من ذلك: الذي لا يسكر، وإنما المقصود الذي يكون في جرار يمكن أن يسارع إليه الإسكار، أو أن المقصود بذلك ما كان يسكر، ولكن القليل الذي لا يسكر الذي رخص فيه، فيكون محمولاً على ذلك، وأما ما كان مسكراً فإنه لا يرخص فيه لا إبراهيم ولا غيره؛ لأن (كل مسكر حرام).
هو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن جرير].
هو: جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن شبرمة].
هو: عبد الله بن شبرمة وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن إبراهيم].
إبراهيم وقد مر ذكره.
أورد النسائي هذا الأثر عن عبد الله بن المبارك أنه قال: (ما وجدت الرخصة في المسكر عن أحد صحيحاً إلا عن إبراهيم)، ولعل المقصود بهذا القليل من الذي يسكر؛ لأنه لا يسكر، وهذا قال به بعض فقهاء الكوفة، ولكن الجمهور من أهل العلم على أنه حرام، أخذاً بما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، وإلا فإن المسكر لا يبيحه إبراهيم ولا غيره، ولكن المقصود منه القليل الذي لا يسكر من الذي يسكر.
هو: عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[عن أبي أسامة].
هو: أبو أسامة حماد بن أسامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن المبارك].
ابن المبارك وقد مر ذكره.
أورد النسائي هذا الأثر، وهو لا علاقة له بالترجمة، وهي: الاختلاف على إبراهيم فيما يتعلق بالنبيذ؛ لأن هذا ثناء على عبد الله بن المبارك، ولعل ذلك بمناسبة ذكر عبد الله بن المبارك وذكر كثير مما ورد عنه في هذا الباب بما يتعلق بكتاب الأشربة، يعني: رواياته كثيرة، يعني: رواية سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك كثيرة، فلعله بهذه المناسبة، وهي كونه جاء عنه روايات كثيرة في هذا الكتاب، الذي هو كتاب الأشربة، ذكر طلبه للعلم، وأنه ما رأى أحداً أطلب منه للعلم، وذكر الجهات التي ذهب إليها: الشام، واليمن، ومصر، والحجاز، وهو مروزي من أهل مرو، معناه: أنه أخذ العلم في بلده ثم انتقل إلى البلاد الأخرى، حيث ذهب إلى الشام، وقال: الشامات، المقصود به البلاد الشامية.
وهذا يشبه الأثر الذي ذكره مسلم في كتابه عندما جاء في طرق حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، فيما يتعلق بأوقات الصلاة، فإنه لما أورد الطرق الكثيرة أورد معها أثراً عن يحيى بن أبي كثير اليمامي في إسناده إليه قال: [لا يستطاع العلم براحة الجسم]، يعني: أنه هذه الروايات الكثيرة وهذا العلم الذي جمعت طرقه لا يحصل إلا بالتعب، والنصب، والمشقة، فلعل صنيع النسائي رحمه الله، في ذكره للأثر عن عبد الله بن المبارك الذي يدل على طلبه للعلم، والعناية فيه، واجتهاده فيه، ورحلته فيه، أنه لما مرت الروايات الكثيرة عنه في هذا الباب أو في هذا الكتاب، رأى أنه يذكر هذه الكلمة من أبي أسامة حماد بن أسامة، يعني: ذكر هذا الثناء عليه في رحلته، وكثرة أخذه عن العلماء في البلاد المختلفة.
أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: ( كان لـ أم سليم
أورد النسائي هذه التراجم: وهي الأشربة المباحة.
لما ذكر في التراجم السابقة الأشربة المحظورة والمشتبهة ذكر هنا الأشربة المباحة، وأورد النسائي حديث أم سليم وهي: أم أنس بن مالك رضي الله تعالى عن الجميع، قالت: [إنه كان لها قدح من عيدان]، وقيل: المقصود بالعيدان: النخل الطوال، يؤخذ منها أوعية، وقد سبق أن مر بنا ذكر النقير، وأنه يتخذ من جذوع النخل، فقيل: إنه من عيدان، هو جمع عيدانة، اسم للنخل الطوال، وقيل: إنه من عيدان جمع عود، (وقالت: إنها سقت الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا القدح كل الشراب الماء، والعسل، واللبن، والنبيذ).
والنبيذ طبعاً المقصود به: الشيء الذي ينبذ مثل التمر، ينبذ في الماء من أجل أن يحليه، هذا يقال له: نبيذ، وقد جاء في قصة وفاة عمر رضي الله عنه، لما طعن وجلس مدة قال: كانوا يسقونه اللبن فيخرج من جوفه ويسقونه النبيذ فيخرج من جوفه، يعني: أن النبيذ هو التمر الذي ينبذونه في الماء، أو يجعلونه من أجل أن يحلو ويصير فيه شيء من الحلاوة، كي يستساغ شربه ويناسب.
الربيع بن سليمان يحتمل المرادي، ويحتمل الجيزي، وكل منهما ثقة.
[حدثنا أسد بن موسى].
أسد بن موسى هو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا حماد بن سلمة].
هو: حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[عن ثابت].
هو: ثابت بن أسلم البناني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو: أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وهو خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[كان لـأم سليم].
أم سليم، وهي: أم أنس رضي الله تعالى عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
أورد النسائي هذا الأثر عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أنه سأله عبد الرحمن بن أبزى عن النبيذ فأرشده إلى أن يشرب أشياء مباحة ما فيها إشكال، وأن يدع ذلك الذي سأل عنه، فقال له: (اشرب الماء، واشرب العسل، واشرب السويق، واشرب اللبن الذي نجعت به)، يعني: الذي غذيت به؛ لأن غذاء الإنسان هو اللبن والحليب، وإن أول ما ينشأ الإنسان يتغذى بالحليب، فمعنى (الذي نجعت به) أي: الذي غذيت به في أول أمرك والذي نشأت عليه.
قوله: (فعادوته)، يعني: أعاد عليه السؤال، وكرر عليه السؤال (فقال: الخمر تريد؟ الخمر تريد؟) ومن المعلوم أن هذا الذي قاله من باب الاحتياط، وإلا فإن من النبيذ ما لا شبهة فيه، ولا إشكال فيه، لكن الشيء الذي فيه شبهة بعض العلماء يتحرز منه، وإن كان ما كان سليماً فهو سائغ، وما كان غير سليم فهو الذي لا يسوغ ولا يجوز، لكن الشيء الذي فيه شبهة بعض أهل العلم يتحرز منه.
[عن سلمة بن كهيل].
سلمة بن كهيل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ذر بن عبد الله].
ذر بن عبد الله، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى].
هو: سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه عبد الرحمن بن أبزى وهو صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بن كعب].
أبي بن كعب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي هذا الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: (أحدث الناس أشربة ما أدري ما هي، وليس لي شراب منذ عشرين سنة إلا الماء والسويق ولم يذكر النبيذ)، وإنما ذكر الماء والسويق.
هو أحمد بن علي بن سعيد بن إبراهيم، وهذا هو الذي يأتي ذكره كثيراً: أبو بكر بن علي، يعني: هنا ذكره بنسبه ولم يذكره بكنيته، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا القواريري عن معتمر بن سليمان].
القواريري مر ذكره.
ومعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو: سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد].
هو: محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيدة].
هو: عبيدة بن عمرو السلماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن مسعود].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي هذا الأثر عن عبيدة بن عمرو السلماني مثل كلام ابن مسعود، قال: (أحدث الناس أشربة ما لي شراب منذ عشرين سنة إلا الماء، والعسل، واللبن)، يعني: أن الأشربة المباحة، والمشتبهة يتجنبها، ويبتعد عنها.
ابن عون، هو: عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن سيرين عن عبيدة].
وقد مر ذكرهما.
ثم أورد النسائي هذا الأثر عن طلحة بن مصرف [قال طلحة لأهل الكوفة: في النبيذ فتنة؛ يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، قال: وكان إذا كان فيهم عرس كان طلحة وزبيد يسقيان اللبن والعسل].
قوله: (كان طلحة، وزبيد)، هما طلحة بن مصرف اليامي وزبيد بن الحارث اليامي، وقوله: (يسقيان العسل واللبن) يعني: في مناسبة العرس، (فقيل له: ألا تسقيهم النبيذ؟ قال إني أكره أن يسكر مسلم في سببي).
وهذا ليس المقصود منه: أنه معروف بأنه يسكر، لكن احتمال أن يحصل فيه إسكار، فهو يسقيهم الشيء الذي هو مباح، والذي لا شبهة فيه، والشيء الذي قد يصل إلى حد الإسكار وقد يقع أن يسكر أحد بسبب شربه، وإن كان قد يظن أنه غير مسكر فيتبين أنه مسكر، فيقول: (لا أحب أن يسكر أحد بسببي)، يعني: بكوني أسقيته، وكوني ناولته شيئاً كنت أظنه لم يصل إلى حد الإسكار ثم بلغ حد الإسكار وسكر بسبب ذلك، لا أحب أن يحصل ذلك بسببي.
كل هؤلاء مر ذكرهم.
[عن طلحة].
هو: طلحة بن مصرف اليامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي هذا الأثر عن ابن شبرمة: أنه كان لا يشرب إلا الماء واللبن، والأشربة الأخرى كان يتجنبها، وهذا من باب الاحتياط والورع، وإلا فإن هناك أشربة فيها سلامة، لا سيما مثل الشيء إذا عصر وشرب طرياً، فإن هذا بعيد عن الإسكار، ولا علاقة له بالإسكار، ولكنه كان أي: ابن شبرمة رحمة الله عليه، لا يشرب إلا الماء واللبن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر