إسلام ويب

الطريق إلى القدسللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جعل الله سبحانه وتعالى الصراع بين الحق والباطل سنة أبدية أزلية، وقد يبتلي الله سبحانه وتعالى بالمحن والمنح، وهذا ما حصل لأمة الإسلام حين ابتلاهم الله باستيلاء اليهود على جزء من أرض الشام، وقد عرف عبر التاريخ أن اليهود من شرار الناس والأجناس، لكن الله قيض لهم من يسومهم سوء العذاب، فلا زالت المقاومة تؤرقهم وترعبهم حتى يأذن الله بانتهاء دولتهم إلى الأبد.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين. أما بعد:

    نحمد لله تعالى على هذا اللقاء تحت مظلة الندوة العالمية للشباب الإسلامي، والتي رفعت رءوس هذه الأمة وشرفتها بمواقفها وعملها، وبالأخص في الأزمة الأخيرة في غزة وما قبل ذلك من الحصار، نسأل الله تعالى أن يوفق القائمين عليها، وأن يؤيدهم بنصره ولطفه، وأن يحقق رجاءهم ويستجيب دعاءهم، وأن يجعل هذه الوجوه جميعاً من الوجوه الناضرة الناظرة إلى وجه الله الكريم.

    ثم إن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الحياة الدنيا مسرحاً للصراع بين الحق والباطل، وجعل فيها حزبين متنافسين هما: حزب الله وحزب الشيطان، والصراع بينهما أبدي مستمر، ولا يمكن الحياد بينهما أبداً، فإما أن يكون الإنسان من حزب الله، وإما أن يكون من حزب الشيطان؛ لأنه لا ثالث للحزبين في هذه الحياة الدنيا.

    وهذان الحزبان يتصارعان وليس من سلطة أحدهما ولا من إمكانياته أن يقضي على الآخر بالكلية، بل إستراتيجيتهما تتصل بالدفع، فهي سنة كونية للتدافع بين الحق والباطل بين الله أنها مصلحة الأرض فقال تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ[البقرة:251].

    ومعنى ذلك أنه لو تمحض الحق على الأرض فلم يبق للباطل وجود، وانتصر الحق نصراً نهائياً لاستحق أهل الأرض أن ينتقلوا عن دار الأقذار إلى دار القرار؛ لأنهم نجحوا في الامتحان، والدنيا دار امتحان وليست دار جزاء.

    ولو انتصر الباطل على الحق فلم يبق للحق صولة ولا جولة في الأرض وطبقها حزب الشيطان بالكلية، لاستحق أهل الأرض سخط الله ومقته وغضبه المهلك الذي ليس بعده بقاء على وجه الأرض، فلذلك اقتضت حكمة الله بقاء هذا الصراع أبدياً أزلياً، وإذا تخلف أقوام عنه فيأتي الله جل جلاله بقوم يخلفونهم فيؤدون الواجب، وقد هدد الله بذلك في كتابه في أربعة مواضع، فقال تعالى في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة:54]، وقال في سورة الأنعام: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89]، وقال في سورة التوبة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [التوبة:38-39].

    وقال في سورة محمد صلى الله عليه وسلم: هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087501611

    عدد مرات الحفظ

    772703293