إسلام ويب

الدعوة إلى الله والتحديات المعاصرةللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الصراع بين الحق والباطل صراع أبدي, بدأ منذ أهبط الله آدم وحواء وإبليس إلى هذه الأرض, ولن يقضي أحدهما على الآخر فيها, فمصلحة الدنيا في تدافعهما, لكن العاقبة للحق. ومن صور التحديات الجسام التي تواجه الحق: شبهات الغلو والتفريط, سواء المتعلقة بالاعتقاد أو بالعبادة أو بالمعاملة أو بالتهافت على حطام الدنيا الفانية.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى أراد بحكمته البالغة استمرار الصراع بين الحق والباطل في هذه الدار التي هي الدار الدنيا، وبدأ ذلك من إهباط آدم وحواء وإبليس إلى هذه الأرض، فقد أراد الله بحكمته البالغة أن يبقى على هذه الأرض حزبان هما: حزب الله، وحزب الشيطان، وأن تكون هذه الدار مسرحاً للصراع بينهما، ولن يقضي أحدهما على الآخر فيها، بل مصلحة الدنيا في بقاء تدافعهما؛ فكل واحد منهما يدفع الآخر ما استطاع، ويعين الله سبحانه وتعالى أولياءه وحزبه فتكون العاقبة لهم، ولكن لا يمكن أن يقضى على الباطل بالكلية على هذه الأرض، ولهذا قال الله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة:251].

    ووجه ذلك: أنه لو تمحض الحق على الأرض فلم يبق للباطل وجود لاستحق أهل الأرض أن ينتقلوا إلى الجنة، فهذه الدار دار الكدر والأذى، ومن نجح في الامتحان يستحق الجزاء، والجزاء جنات النعيم، ولو تمحض الباطل على الأرض فلم يبق للحق وجود لاستحق أهل الأرض سخط الله ومقته، وقد ورد في الحديث: ( إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله )، وذلك حين لا يبقى على الأرض من يقول: الله، فأراد الله بقاء هذا الصراع.

    ولو شاء ما خلق إبليس، ولا خلق الضلال، ولكنه ذو الحكمة البالغة، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وقد قال في محكم التنزيل: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [يونس:99-100].

    ولو شاء لانتقم من أعدائه في طرفة عين، فما أهون الأرض وأهلها على الله إذا عصوه، فريشة واحدة من أجنحة جبريل عليه السلام تقضي على الأرض وأهلها، ولله جنود لا يمكن أن نستحضرها، فكثير من جنود الله لا يعلمها إلا هو جل جلاله، كما قال: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31].

    وقد أخرج مسلم في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله قيوم لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يرفع القسط ويخفضه، يرفع إليه أمر الليل قبل النهار، وأمر النهار قبل الليل، حجابه النور -وفي رواية: حجابه النار- لو كشف الحجاب عن وجهه لحظة لأحرقت سبحات وجهه ما وصل إليه بصره من خلقه ).

    وقد قال الله تعالى: ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ [محمد:4]، وبهذا يعلم أن هذه الحياة هي مدة امتحان فقط، وقد بدأت الأقلام تعمل، والملائكة يكتبون أعمال العباد فيها، والنتائج تعلن عندما ينادي المنادي: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]، فهذه الدار دار امتحان، كما قال الله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504243

    عدد مرات الحفظ

    772721858