إسلام ويب

المسارعة إلى الخيرللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المتقون يسارعون في مرضاة الله، ويسابقون في طاعته لينالوا مغفرته وجنته، فمآل المسارعين إلى الطاعات مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن الله تعالى أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران:133] وما بعدها من الآيات بعد غزوة أحد؛ فكانت تثبيتاً للمؤمنين، وتسلية لهم عما أصابهم من القرح، ووعداً لهم بما ينتظرهم من الفتح، وبياناً لحكم ما يحصل من قدر الله سبحانه وتعالى، وما يصيب المؤمنين من السراء والضراء، وكانت تقويماً لهذه المعركة بعد حصولها، ولو جاء التقويم سابقاً على الأوامر والنواهي لكان ذلك إرجاعاً إلى المعايير المادية الدنيوية؛ فلذلك افتتح التقويم بأمره سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين بالمسارعة إلى جنات النعيم؛ فقال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ[آل عمران:133]، والواو في هذه الآية هي في المصحف الكوفي والمكي، وأنتم تعلمون أن المصاحف التي كتبها عثمان رضي الله عنه، وأجمع عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ستة مصاحف، مصحف استأثر به عثمان لنفسه، ومصحف أخرجه لأهل المدينة، ومصحف أرسله إلى أهل مكة، ومصحف أرسله إلى أهل البصرة، ومصحف أرسله إلى أهل الكوفة، ومصحف أرسله إلى أهل الشام.

    وهذه المصاحف الستة على أساسها كانت قراءات القرآن، وكل واحد منها يسمى "الإمام" أي: المصحف المتبوع الذي لا تحل مخالفته في الرسم، وكل قراءة خالفت رسمهاً جميعاً؛ فهي شاذة، وكل قراءة وافقت رسم واحد منها، وكانت صحيحة النقل بالتواتر، ووافقت وجهاً من الوجوه العربية في النحو أو الصرف؛ فهي قراءة متواترة.

    والمصحف الكوفي والمكي جاء فيهما زوائد في الواوات، لا تغير حكماً، وهي مما نزل به جبريل من عند الله تعالى في العرضات التي عرضها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك هذه الواو في قوله: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ[آل عمران:133]، والواو التي في سورة المائدة في قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ[المائدة:53]، والواو التي في سورة التوبة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ[التوبة:107]، ومثلها الفاء التي في سورة الشورى في قول الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ[الشورى:30]، وكذلك إبدال الفاء واواً في سورة الشمس في قول الله تعالى: وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا[الشمس:15] بالإضافة إلى زيادة الضمير "هو" في قول الله تعالى: هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ[الحديد:24] في سورة الحديد؛ فهذه إذاً زوائد لا تغير المعنى، وهي مكملة لمعنى الآية بدونها؛ فالمعنى واحد على الإثبات وعلى الحذف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504243

    عدد مرات الحفظ

    772721860