إسلام ويب

الفتور أسبابه ومظاهره وعلاجهللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يجب على الإنسان أن يستغل طاقته في طاعة الله تعالى، وكلما قوي إيمانه زادت طاقته، وقد يعتري الإنسان الفتور الذي من مظاهره: التذبذب، والانقطاع عن البر، واستعجال قطف الثمار، وتغير الإنسان بسبب تغير الأحوال، والتردد وغيرها، ومن مخاطر الفتور الطرد عن الله، وتربية الأجيال على الضعف، وسوء الخاتمة، وللفتور أسباب منها: الإفراط، والتفريط، وكثرة الأمل، وعدم التخطيط وغيرها

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى جعل في الإنسان طاقة عظيمة، يستطيع بها تذليل الصعاب وتحقيق المهام، وهذه الطاقة إما أن تكون عامل بناء وإما أن تكون عامل هدم، فإذا استغلها الإنسان فيما خلقت من أجله كانت عامل بناء، فإذا كان الإنسان يعلم أن ما آتاه الله من قوة هو من نعمة الله عليه، وينبغي أن يصرفه في مرضاة الله الذي خلقه وفيما شرع الله له، فيبني مستقبله وحياته؛ فهو في هذه الحياة سعيد؛ لأنه أدى المهمة التي من أجلها ابتعث إلى الأرض وأنزل إليها، وهو في الآخرة سعيد؛ لأنه قدم لنفسه ما يرضيه ويرجح حسناته عند العرض على الله، وعند وزن الأعمال في ميزان القسط، وإذا أهمل هذه الطاقة فلم يستغلها كان من الخاسرين المغبونين، ولذلك أخرج البخاري في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ ).

    وإذا استغلها في ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى فإنه بذلك يكون من الغاوين، الذين أنعم الله عليهم بأنواع النعم، وخصهم بأنواع الفضل؛ فصرفوه في عداواته، ولا يضرون إلا أنفسهم، وهم الأشقياء في الحياة الدنيا؛ لأنهم يعالجون ما يغلبهم، فهم بذلك يعادون قدرة الله القدير، العليم، المهيمن، الجبار، ولا يمكن أن يغير أحد شيئاً من قضائه وقدره، فأمره نافذ وسلطته دائمة، وهم بذلك أشقياء في الآخرة أيضاً؛ لأنهم سيجدون سيئاتهم أرجح من حسناتهم عند الوزن وعند العرض على الله سبحانه وتعالى.

    إذا عرف الإنسان هذا وآمن به فإن عليه أن يراجع مسيرته في هذه الحياة، وعمله فيها حتى يقوم سلوكه وأداءه، هل هو من الذين يستغلون الطاقات التي أودعها الله تعالى، أو ليس ممن يستغلونها؟ وإذا كان من المستغلين لها فهل هو ممن يستغلها في الخير، أو هو ممن يستغلها في الشر؟ لا بد أن يقوم الإنسان سلوكه وأداءه بناءً على هذه المعايير الواضحة وهذا الميزان الفاصل.

    وإذا وفق الإنسان لهذا التقويم فسيجد أن كثيراً من المنعرجات في حياته تشكك، فقد يكون الإنسان في بعض الأوقات من المستغلين لها في الطاعة، وقد يكون في بعضها من المستغلين لها في المعصية، وقد يكون في بعض الأوقات من المعطلين لها الذين لا يستغلونها، وهذه المنعرجات في طريق الإنسان وحياته تؤثر فيها عوامل داخليه، وعوامل خارجية؛ فيحتاج الإنسان إلى التطلع لها ومعرفتها للنجاة من غوائلها، فالإنسان يسير في طريق محفوف بالمخاطر والأشواك، وهو محتاج إلى ما يعينه في طريقه، وما يقوم سلوكه ويمنعه من الانحراف عن هذا الصراط الدنيوي، الذي هو تمثيل للصراط الأخروي، فالصراط الدنيوي المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، والصراط الأخروي ( جسر منصوب على متن جهنم أرق من الشعر، وأحد من السيف، وعليه كلاليب كشوك السعدان، يتفاوت الناس عليه بحسب أعمالهم، فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كالريح المرسلة، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل والإبل، ومنهم من يمر كالرجل يشتد عدواً، فناج مسلم ، ومخدوش مرسل، ومكردس على وجهه في نار جهنم )، لكنه بقدر استقامة الإنسان على الصراط الدنيوي تكون استقامته على الصراط الأخروي، وبقدر نجاته من هذه الغوائل والعقبات تكون نجاته كذلك من عقبات الصراط وكلاليبه يوم القيامة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن للصراط نكبات كشوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟ ) فهذه النكبات يمكن أن يكون مثالها ما يحصل للإنسان من انحرافات في حياته، وانزلاقات بسبب هذه العوامل التي بعضها داخلي في نفسه، وبعضها خارجي بمحيطه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504064

    عدد مرات الحفظ

    772720559