إسلام ويب

تجديد الصلة باللهللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الإنسان بحاجة إلى تجديد صلته بمن يخافه أو يطمع فيما عنده أو يحبه، وأولى مقام بذلك هو الله سبحانه وتعالى الذي يملك وسائل الخوف والطمع، فكان على المسلم أن يستشعر ذلك ويعود إلى الله ويجدد صلته به سالكاً كل طريق تؤدي إلى ذلك، من عمل الخير والذكر وتذكر لقاء الله.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن كل من يحتاج إليه الشخص يحاول أن يربط به الصلة، وأن تكون علاقته به متينة قوية، وتزداد حاجة الإنسان إلى ربط العلاقات وتقويتها بحسب حاجته واستفادته ممن يربط معه تلك العلاقة. والله سبحانه وتعالى هو الغني، ووصفه بالغنى يخالف وصف المخلوقين، فالغني من المخلوقين محتاج دائماً إلى غيره، والله سبحانه وتعالى هو الغني الغنى المطلق، لا حاجة به إلى أحد من خلقه، والخلق كلهم محتاجون إليه سبحانه وتعالى، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15].

    لذلك فإن الناس محتاجون إلى أن يتعاهدوا علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، وأن يجددوا الصلة به في كل الأحيان وفي كل الأوقات، سواءً كان ذلك في أوقات السراء أو في أوقات الضراء؛ ولهذا نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبد الله بن عباس بقوله: ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة )، فالتعرف إلى الله سبحانه وتعالى في أوقات الرخاء معين على التعرف إليه في أوقات الشدة، وبئس العبد الذي لا يعرف الله إلا وقت حاجته ووقت اضطراره! والعبد الذي لا يرفع حاجته إلى الله ولا يعرفه ولا يناديه إلا إذا اضطر يسلك طريق المشركين؛ لأن المشركين هم الذين يدعون الله في وقت الضراء، ولا يدعونه في وقت السراء، لا يعرفونه إلا في وقت الضرورة والحاجة؛ ولذلك قال الله تعالى: وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء:67]، فالمشركون يدعونه ما داموا في أعماق البحر إذا خافوا على أنفسهم، فإذا وصلوا إلى البر عادوا إلى ما كانوا فيه من الشرك، ونسوا حاجتهم وفقرهم إلى الله سبحانه وتعالى. وينبغي للمؤمنين أن يخالفوا المشركين في هذا، وأن يجددوا علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، ويقووا صلتهم به، حتى تكون هذه الصلة أركز في نفوسهم وأقوى من كل الصلات، فابن آدم سيرد إلى الله سبحانه وتعالى فرداً، ويحشر إليه فرداً ليس معه إلا عمله، في ذلك الوقت الذي يفر فيه من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه يرد فرداً إلى بارئه سبحانه وتعالى الذي خلقه وسواه، وكذلك عندما تقبض روحه فإن أهل بيته يسوءهم أن يستقر في بيته أربعاً وعشرين ساعة، لا يريدون إلا إخراجه إلى المقابر، وإلى تلك الحفرة الضيقة التي يبقى فيها وحيداً مع عمله.

    ولذلك إذا مات ابن آدم صحبه ثلاثة: عمله وأهله وماله، فإن وضع في قبره رجع اثنان ويبقى واحد، عندما يبقى في قبره لا يصل إليه من الخير إلا روح الله ورحمته إن كان مرحوماً، تنقطع عنه الأسباب وينقطع الرجاء إلا من الله سبحانه وتعالى؛ لذلك فإن الموقن بتلك الضجعة وحيداً فريداً، يجاور الموتى ولا يلقاهم؛ فهم أهل قرب لا يتزاورون، وأهل سجن لا ينفكون، وهو بينهم وحيد غريب، من كان يعرف هذا ويؤمن به حق المعرفة؛ فعليه أن يقوي علاقته بالله، وأن يجدد الصلة به سبحانه وتعالى، وليعلم أن هذا لمصلحته هو، وأنه لا ينفع الله سبحانه وتعالى ولا يضره شيئاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504169

    عدد مرات الحفظ

    772721490