إسلام ويب

نواقض الإيمان [1]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإيمان كما عليه أهل السنة وما جاءت به الأدلة يزيد وينقص ويتجدد ويبلى، كما أن له نواقض من أتى بواحدة منها خالف مقتضاه، وخرج بذلك إلى دائرة الكفر المقابلة للإيمان، وهذه النواقض هي ما يقابل مقتضيات شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وكذلك موالاة أعداء المسلمين ومناصرتهم

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم، ولا يمكن أن يؤمن أحد إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى وتوجيهه؛ لأن الإيمان نور رباني يقذفه في قلب من شاء من عباده، وقد صرح بذلك في كتابه في عدد من الآيات كقوله تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [يونس:99-100]، وكما قال تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ [الأنعام:109-111].

    وقد عرف الله الإيمان في سورة الشورى بقوله: وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52].

    فمن شرفه الله تعالى بهذا النور وقذف في قلبه الإيمان فاهتدى إلى طريق الله تعالى فهو ممتحن بكثير من العقبات والعراقيل أمامه لا بد أن يتعلمها، ولا بد أن يحذرها على إيمانه؛ لأنه أبلغ ما يحرزه الإنسان، وأبلغ تشريف له وتكرمة من عند الله سبحانه وتعالى، فيحتاج الإنسان إلى المحافظة على دينه؛ لأنه عرضة للزوال، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الإسلام يجد ويخلق )، وجاء عنه كذلك ما يدل على أن في آخر هذه الأمة فتناً يتساقط فيها كثير من الناس عن دين الله، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسى كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا ).

    فاحتجنا إلى مدارسة هذا الموضوع وهو من الموضوعات التي تهم كل إنسان؛ لأنه ما من أحد منا لديه كفالة وضمان بحسن الخاتمة، بل كل إنسان عرضة لسوء الخاتمة، نسأل الله السلامة والعافية، فيحتاج كل إنسان أن يتعاهد إيمانه وأن يحرص على بقائه ممتعاً به إلى الموت، ولذلك فإن نبي الله يعقوب عليه السلام تعاهد إيمان أولاده في آخر لحظة من حياته عندما حضره الموت، كما قال الله تعالى: أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ[البقرة:133].

    حتى اطمأن على إيمان أولاده عند موته؛ ليكون ذلك آخر العهد بهم، ومن هنا فإن وصية نبينا صلى الله عليه وسلم للناس كذلك في موقف عرفة ختمها بتعاهد هذا الإيمان، كما في حديث أبي بكرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بموقف عرفة: ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ).

    فكان ذلك آخر ما أوصاهم به بعرفة، ثم إنه صلى الله عليه وسلم كذلك عند موته ذكر كثيراً مما يدل على تعاهد الإيمان ومراجعته فقال: (لا يبقى بجزيرة العرب دينان)، وذكر اليهود والنصارى فذكر أنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فقال: ( أولئك شرار الخلق ).

    وكل هذا يدلنا على الاهتمام بهذا الموضوع والعناية به، وبما أن الإيمان والإسلام حقيقة، فكل حقيقة لها مقابل، فالإيمان يقابله الكفر، فمن هنا على الإنسان أن يحرص على بيان الفرق بينهما، وعلى الحذر مما يؤدي به إلى الكور بعد أن هداه الله تعالى للإسلام، فلذلك لا بد من مراجعة نواقض الإيمان، وبالأخص في زمان الفتن، فهذه الأمة هي آخر الأمم ونحن في آخرها ولا ننتظر إلا أشراط الساعة الكبرى، لا ننتظر الآن إلا خروج الدجال أو طلوع الشمس من مغربها، أو خروج الدابة بمكة، أو غير ذلك من الأشراط الكبرى، التي تأتي في آخر هذه الأمة.

    وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في خطبه كذلك أن هذه الأشراط آتية، وأن علينا أن نبادر الأعمال قبل قدومها، فقد أخرج أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا بالأعمال ستاً، فهل تنتظرون إلا غنىً مطغياً، أو فقراً منسياً، أو هرماً مفنداً، أو مرضاً مجهزاً )، وفي رواية: ( أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فالدجال شر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر )، فلذلك نحن ننتظر هذه الفتن، فعلينا أن نتعرف عليها قبل أن تبغتنا، وعلى كل إنسان منا أن يعرف ما يناقض إيمانه؛ لئلا يقع فيه، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرصون على معرفة الأضداد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504102

    عدد مرات الحفظ

    772720992