إسلام ويب

الإسلام ودوره في إسعاد البشريةللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ختم الله الرسالات برسالة الإسلام الخالدة الصالحة لكل زمان ومكان، الشاملة لكل مناحي الحياة. وللإسلام دور في سعادة البشرية في الدنيا والآخرة، ومن ترك الإسلام عدم السعادة كلها. فتشريعاته وعباداته سعادة روحية لكل فرد وفي كل عبادة، وكذا فيه سعادة الأسرة وتآلفها، وسعادة المجتمع وتماسكه، وفيه السعادة في البرزخ تحت الأرض، وأعظم من هذا كله السعادة الأبدية في جنات النعيم.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى خلق البشر وهو غني عنهم، وهو أعلم بمصالحهم، وقد أرسل إليهم الرسل لإقامة الحجة عليهم ولإظهار المحجة لهم، وقفَّى على آثارهم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فجاء بالحنيفية السمحة، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وجاء على فترة من الرسل واقتراب من الساعة، وجهالة من الناس، فهدى الله به من أراد هدايته من أهل الأرض إلى هذه المحجة، فشرفهم على سائر الأمم من سبق ومن يأتي، فجعل هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، وجعلها شهداء على الناس، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيداً عليها، وجعل هذا الملة خير الملل، وجعلها كفالةً وضماناً لمصالح البشر، فهي ضمان لمصالحهم الدينية والدنيوية، فلا يصلح البشرية إلا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله، ولا يمكن أن يصلوا إلى رضوان الله، ولا تحقيق مراده فيهم إلا عن طريق هذه الرسالة المشرفة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من طلب الصواب في غير ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ضال عن الصواب لا يمكن أن يناله.

    تحريف الأديان وحفظ دين الإسلام

    وهذا الدين هو الدين الحق عند الله، فكل الأديان التي قبله كانت مرحلية تصلح لمرحلة محددة، وإذا تجاوزت تلك المرحلة لم تعد صالحة للتطبيق، ولذلك قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، فكل الشرائع الأخرى إنما تصلح لمدة محددة ثم تزول صلاحيتها وتنتهي بعد ذلك، فمن أراد تطبيق الشرائع حتى ولو لم تحرف ولم تبدل، فإذا أراد تطبيق التوراة التي أنزلت على موسى، أو الإنجيل الذي أنزل على عيسى، وغير ذلك من الشرائع الآن، لا يستطيع ذلك؛ لأن حياة الناس لم تعد موافقة لما كانت شرعت فيه تلك الشرائع.

    وما يوجد اليوم من هذه الشرائع كله محرف مبدل زيادة على ذلك، وقد عصم هذه الشريعة من التحريف والتبديل، فعصمها بهذا القرآن الذي هو حجة قائمة على الثقلين الإنس والجن إلى يوم القيامة، وكل الشرائع الأخرى كانت معجزة أنبيائها مادية، لا تقوم بها الحجة إلا على من رآها أو من نقلت إليه تواترا، كناقة صالح وعصا موسى وغير ذلك من المعجزات المادية.

    أما معجزة هذا الدين فهي هذا الكتاب الذي نحفظه في صدورنا، ونقرأه في مصاحفنا وألواحنا، وهو محفوظ معصوم من التغيير والتبديل: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42]، لا يستطيع أحد أن يحذف منه حرفاً واحداً، ولا أن يزيد فيه حرفاً واحداً، ولا أن يغير شيئاً منه، ولذلك جاء في الحديث: ( هو حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، من تمسك به عصم، ومن تركه من جبار قصم الله ظهره )، فهذا القرآن هو أحدث الكتب بالله عهداً، فيه خبر ما قبلنا وخبر من بعدنا، وفصل من بيننا، وهو الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى حكماً لأهل الأرض، وجعله حكماً مستمراً، صالحاً لكل زمان ومكان، ولذلك شرع فيه ما يكفل مصالح الناس في علاقاتهم فيما بينهم وفي علاقاتهم بربهم، فنظم للناس العبادات، ونظم لهم المعاملات، ونظم لهم الأخلاق، ونظم لهم الحقوق، فما من شيءٍ يحتاج الناس إلى تفصيله إلا جاء مفصلاً في القرآن، ولذلك قال الله تعالى: تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ [الأنعام:154]، وقال تعالى: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:38]، وقال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القرآن بسنته، فجاءت الشريعة متكاملة في القرآن والسنة، فيهما بيان كل ما يحتاج إلى البيان، وأتيا على كل حاجة البشرية، وأتيا بما يرضي الله سبحانه وتعالى من عباده، فمن اقتصر على ما جاء فيهما ولم يتعده كان ناجياً في الدنيا والآخرة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504001

    عدد مرات الحفظ

    772720258