إسلام ويب

التربية من أخلاق القرآنللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اهتم القرآن الكريم بالتربية اهتماماً بالغاً، وذلك للسمو بالمسلم في كل جوانب الحياة من أخلاق ومعاملة وتعبد، ووردت في القرآن الآيات الدالة على ذلك وكذا الأحاديث في السنة النبوية دلالة على منهج القرآن والسنة في التربية وطريقتها.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن هذا الكتاب الكريم هو أحدث الكتب بالله عهداً وأهداها سبيلاً وأوضحها حجة، ختم الله به الكتب المنزلة إلى البشر، وجعله تبياناً لكل شيء، وعصمه وحفظه، فتولى حفظه بنفسه ولم يكله إلى الناس: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42]، وقد بين الله فيه لهذه الأمة خبرها وخبر من قبلها وخبر ما يأتي بعدها، وبين فيه ما يحتاج إليه الناس في معاملتهم مع الله وفي معاملتهم فيما بينهم، وكذلك في معاملتهم مع أنفسهم، وهذا الجانب الأخير هو موضوعنا الذي سنتحدث فيه اليوم وهو التربية من خلال القرآن.

    ز ذلك أن الله سبحانه وتعالى جعل ابن آدم نكتة العالم؛ فخلق له ما في الأرض جميعاً، وجعله خليفته في هذه الأرض، وكرمه تكريماً كبيراً فخلق آدم بيمينه ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وجعله خليفته في الأرض، ثم كرم ذريته بعد ذلك فقال: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [الإسراء:70].

    تركيب الجنس البشري

    وقد جعل الله هذا الجنس البشري مؤلفاً من ثلاثة عناصر هي: الروح؛ التي هي نفخة غيبية من أمر الله، والبدن؛ الذي أصله من تراب، والعقل؛ الذي شرف الله به الإنسان على غيره من سائر الحيوان، وهذه العناصر الثلاثة مجتمعة هي الإنسان، وعلى أساسها رتب الله الدين؛ فجعله ثلاثة عناصر هي: الإيمان؛ وهو لمصلحة العقل، وهو مقتضاه، والإسلام؛ وهو لمصلحة البدن، وهو مقتضاه كذلك، والإحسان؛ وهو لمصلحة الروح، وهو مقتضاها.

    وهذه العناصر الثلاثة كلها يقبل الإنسان فيها النمو والزيادة؛ فبالإمكان أن يزداد الإنسان تربية لروحه ونماءً لها وارتفاعاً بها عن سفاسف الأمور، وبالإمكان أيضاً أن يزداد عقل الإنسان بالتجربة وبالعلم وبزيادة الإدراك، وبالإمكان كذلك أن يزداد بدن الإنسان مهارة وخبرة وإتقاناً للأمور، فهذا التفاوت العظيم بين أجناس الناس إنما هو بحسب هذه التربية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504064

    عدد مرات الحفظ

    772720569