إسلام ويب

أولويات المرأة المسلمة [1]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله استخلف بني آدم من الجنسين في هذه الأرض، والمرأة المسلمة مشاركة للرجل في كثير من الأوامر والنواهي الشرعية، ولكن هناك أمور تختص بها المرأة عن الرجل، وهناك أولويات في حياة المرأة المسلمة منها: تعلم العلم، والاهتمام بشئون بيتها وأولادها وصحتها ضمن الضوابط الشرعية.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

    فإن الله تعالى قد امتن على البشرية بالتنوع، فجعل منها رجالاً ونساءً، وقد بين هذه النعمة في قوله في بداية سورة النساء الطولى:

    بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، وهذا التنوع مذر للبشرية، ويحصل به التكامل والتعاون في الخلافة التي جعلها الله تعالى حكمة وجود آدم ، فقد أخبر الله الملائكة بحكمة وجود آدم فقال: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30]، و آدم إذ ذاك منجدل في طينته، وهذا الاستخلاف يقتضي أن كل ما في الأرض خلق لبني آدم.

    أقسام استخلاف الله لبني آدم لهذه الأرض والسماء

    وقد بين ابن عباس رضي الله عنهما أن حكمة ذلك تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    إما انتفاعاً وهو ما في الأرض مما يأكلون ويشربون ويلبسون ويسكنون، فهذا خلقه الله لبني آدم لينتفعوا به في هذه الأمور المحددة.

    وإما اعتباراً وهو ما يتعظون به مما في الأرض مما لا نفع فيه ولا ضر، فكثير من الكائنات والمخلوقات في هذه الأرض لا نفع فيها للإنسان ولا ضرراً، فحكمة خلقها لا شك لمصلحة بني آدم؛ لأن الله تعالى يقول: خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29]، فمرجع هذه الحكمة إلى تغذية العقل والقلب وهي الموعظة؛ لأن الإنسان محتاج إليها، ولا يستغني عنها، فإذا انقطع عن الوعظ والذكرى فإن قلبه سيموت، فيحتاج إلى ما يتعظ به من عجائب خلق الله، ولذلك يحفر الإنسان في الأرض أمتاراً فيجد دوداً يعيش فيها يعجب من أين يتنفس، ومن أين يأتيه الماء، ومن أين يأتيه الغذاء، كل ذلك من أمر الله سبحانه وتعالى وفضله ورحمته، وهو موعظة ينتفع بها الإنسان في تدبره وتفكره.

    والقسم الثالث ما كان اختباراً لبني آدم وهو ما في الأرض من المضار، كالأمراض والأوبئة والجراثيم والميكروبات والسموم وغيرها من هو ضار للإنسان، فما خلقه الله إلا لحكمة تتعلق بالإنسان ومصلحة له، وهي الاختبار بأن الله يبتليه بهذه الشرور، فإذا آمن بقضاء الله وقدره وصبر على قضاء الله، فإنه سينجح في هذا الامتحان، وإذا تسخط قضاء الله وقدره أو أنكر شيئاً منه، فإنه لا يضر إلا نفسه وقد رسب في الامتحان، فإذاً كل ما في الأرض خلق لمصلحة بني آدم ولا يمكن استغلاله، ولا الانتفاع به على أكمل الوجوه، إلا إذا حصل هذا التكامل والتنوع بين بني الإنسان، فلهذا جعل الله منهم رجالاً ونساءً، وجعل الذرية منقسمةً إلى هذين القسمين، وامتن بذلك على عباده فقال: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50]، كل ذلك بتدبير الله سبحانه وتعالى وحكمته البالغة لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23].

    وبهذا يعلم أن الإنسان لم يشاور في هيئة خلقته، ولا في أي صورة يكون، وقد قال الله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ [الانفطار:8]، وقال تعالى: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف:51]، وهذه الخلقة التي خلق الله عليها الإنسان جعلها قابلةً للتكاليف التي كلفه بها، فليس شيء من خلقة الإنسان منافية لشيء من التكاليف التي كلفه الله بها، وبهذا يعلم أن التفاضل والتفاوت في الأجناس والخلقة والقوة والعلم والغنى والجمال والضعف وغير ذلك من أنواع التفاضل بين البشر مدته محددة في هذه الحياة الدنيا وبعدها عندما ينطلق الناس إلى الدار الآخرة بالقيامة الصغرى وهي الموت تذوب هذه الفوارق كلها، فلا فرق بين قبر الرجل وقبر المرأة، ولا فرق يوم القيامة بين ذكر وأنثى، فالجميع معروضون على الله، ولذلك قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ [النحل:97]، فهذا يشمل الذكران والإناث معاً، فالجميع محشورون إلى الله سبحانه وتعالى وافدون إليه، ولكن مع هذا فهذا التنوع يقتضي الخصوصية، وهذه الخصوصية هي التي اقترح الحديث في جانب منها في هذا اليوم وهو أولويات المرأة المسلمة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504243

    عدد مرات الحفظ

    772721852