إسلام ويب

شروط النجاحللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يجتاز الإنسان امتحاناً كبيراً في هذه الحياة الدنيا، امتحان في مجال العلم والعمل والدعوة، فليحرص على أسباب وشروط النجاح فيها، وليقتدي بذلك بسيد البشر صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والتابعين لهم بإحسان.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الحياة الدنيا مسرحاً للامتحان، وامتحن الإنسان فيها بما أجرى عليه بقدره من الخير والشر؛ ولذلك قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35]، فما من نعمة ينعم الله بها على الإنسان وما من بلية يبلوه بها إلا كانت امتحاناً له في هذه الحياة؛ ولذلك فإن حياة الإنسان في كل يوم فيها غدو ورواح في طريقه إلى الموت والخروج من هذه الدار، وكل يوم من الأيام تقوم به حجة الله عليه، وهو تاجر إما رابح وإما خاسر، وقد بين الله سبحانه وتعالى إحاطة الخسران بالإنسان، ولا يخرج من ذلك إلا من جمع الخصال الأربع التي انتظمتها سورة العصر، حيث يقول الله فيها: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر:1-3].

    فالأصل إحاطة الخسران بالإنسان، ولا يخرج منه إلا بهذه الخصال الأربعة، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها )، فبين أن الناس جميعاً يغدون في هذه الحياة، يستيقظون من نومهم، فيقومون كأنما بعثوا من جديد، ثم يبدءون مشوار الحياة، وهي امتحان شاق فكل الناس يغدو، ثم بعد ذلك ينقسمون إلى قسمين: (فبائع نفسه فمعتقها)، بائع نفسه لله سبحانه وتعالى فمعتقها من عذاب الله وناره، (أو موبقها) أي: موقعها في نار جهنم عائذاً بالله، والإنسان في هذه الدار مكلف بعدد كبير من التكاليف هي أكثر من أوقاته، وهي كذلك متنوعة يشق على الإنسان الجمع بينها إلا من وفقه الله سبحانه وتعالى وثبته واختاره لذلك.

    ومن هنا كانت الهداية اختياراً ربانياً ونوراً من عند الله سبحانه وتعالى، يقذفه في قلوب من شاء من عباده، كما قال تعالى: وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، فمن أراد الله به الخير نجح في هذا الامتحان في هذه الدار، ونجاحه لا يمكن أن يتحقق إلا بنجاته من عذاب الله جل جلاله، فإذا عاش الإنسان على رسوب ووقوع في المنكرات وكبائر الإثم، ولكنه حسنت خاتمته فتاب إلى الله توبة نصوحاً، ولو في آخر ساعة من ساعات عمره، فختم حياته الدنيا بشهادة: أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإنه نجح في الامتحان رغم ما سبق، ولكن الناجحين يتفاوتون في النجاح، فالفائزون منهم من أنفقوا أعمارهم كلها في طاعة الله، وأنفقوا ما أنعم الله به عليهم في مرضاته، فوظفوا كل ذلك في ما يرضي الله سبحانه وتعالى، فهؤلاء نجاحهم باهر، وهم في الدرجة الأولى وهم المتفوقون، ثم دونهم كذلك المقتصدون الذين خلطوا عملاً صالحاً، وآخر سيئاً، وهؤلاء عسى الله أن يتوب عليهم، ثم وراء ذلك الظالمون لأنفسهم الذين تابوا وندموا، وحسنت خواتمهم، فأولئك أيضاً ينجون ولكن مستواهم ليس كمستوى السابقين بالخيرات بإذن الله، ولكن مستوى المقتصدين؛ ولهذا قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا[فاطر:32-33].

    ونجاح الإنسان في هذه الدار يشمل هذه الوظائف الأربعة التي ذكرت في سورة العصر:

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504102

    عدد مرات الحفظ

    772720993