إسلام ويب

دروس الحج يوم النحرللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • شرع الله الحج لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ووقت له وقتاً معيناً لأدائه، وجعل له أركاناً وواجبات وشعائر وأذكاراً وأعمالاً نقوم بها، ونؤديها كما أمرنا بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    ... فلذلك لا ترضوا عباد الله أن تتركوا حظكم من هذه الشعيرة العظيمة, واعلموا أن الشيطان حريص، وهو يحب أن تتركوا شيئاً من أركان دينكم، ويحب للناس أن يؤدوا بعض الدين وأن يتركوا بعضا, وفي ذلك رد على الله سبحانه وتعالى، وقد رضي بذلك اليهود عليهم لعائن الله حين تحققوا بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وتحققوا رسالته فقالوا: نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ [النساء:150]، ولذلك رد الله عليهم بقوله: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ[آل عمران:72-73], وكذلك رد عليهم بقوله: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:85], فاجتهدوا رحمني الله وإياكم بإكمال الشعائر والعناية بها جميعاً.

    واعلموا أن الحج خامس الأركان، فمن الذي يتقن الشهادتين, ولم يتقن الصلاة, ولم يتقن الصيام, ولم يتقن الزكاة, كيف يتقن الحج؟

    الجهة التي يرمى منها الجمرة وحكم تأخيرها

    ثم اعلموا رحمني الله وإياكم أن الجمرة التي ترمى هذا اليوم وهي الجمرة التي تعداها النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجاوزها ثم عاد إليها فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة, فإذا رماها الإنسان من غير الجهة التي ترمى بها، وهي الجهة التي بينك وبينها الجدار، بينك وبينها الحائط، هذه الجهة هي التي ترمى منها الجمرة, إذا كان بينك وبينها أشخاص فاصبر حتى تصل إليها, اصبر ولا ترمِ من بعيد حتى تصل ولا يكون بينك وبين الجمرة إلا الجدار، أو قليل من الناس لا يريدوا الرمي, فإذا وصلت إليها فارمها ولا ضرر بالتأخير, فالليل مختلف فيه هل هو أداء أو قضاء.

    فكثير من أهل العلم يرى أن الليل وقت أداء وحتى لو كان قضاء، فالراجح أنه لا يلزم الدم بالتأخير له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للعباس وأهل السقاية وأذن لرعاة الإبل في أن يجمعوا الرمي.

    وأيضاً فإن الدم إنما يلزم بترك الواجب، ومن رمى في وقت القضاء لم يترك، فحديث ابن عباس الذي أخرجه مالك في الموطأ عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( من ترك نسكاً فليهرق دماً )، إنما فيه الترك، فمن أدى النسك في وقت القضاء فلا يلزمه الدم, فلذلك أَدوا نسككم رحمكم الله ولا تضيعوا فرص هذا اليوم فهو الأخير من الأيام العشر التي ما من أيام في السنة أحب إلى الله العمل الصالح فيهن من هذه الأيام، ولم يبقَ من هذه الأيام إلا ساعات معدودة, فاجتهدوا في ذكر الله وتلاوة القرآن، وتذكروا أن بقية هذا اليوم هو مثل بقية العمر، وقد قال أحد العلماء:

    بقية العمر عندي ما لها ثمن ولو غدا غير محبوب من الزمنِ

    يستدرك المرء فيه كل فائتة من الزمان ويمحو السوء بالحسن

    فتذكروا أن بقية هذا اليوم هو مثل الخاتمة, فأحسنوا خواتمكم, واجتهدوا في إتقان بقية هذا اليوم؛ ليكون ختاماً حسنا لبقية الأيام العشر.

    حكم من فاته المبيت بمزدلفة وشك في رميه

    بالنسبة لمن توهم مكاناً من مزدلفة فبات فيه وصلى فيه، ثم تبين أنه ليس في مزدلفة فقد حصل الواجب ولا يلزمه شيء، لا يلزمه الدم ولا غيره, وكذلك من حبس في الزحام، فإن ابن القاسم ذكر في المدونة: أن من حبس ليلة العيد فلم ينزل بمزدلفة من أجل الزحام فإنه لا دم عليه, فلذلك لو أصبح الإنسان في عرفات أو في الطريق بينها وبين مزدلفة ولم يستطيع الوصول إلى مزدلفة في الليل فلا دم عليه, وكذلك من رمى الجمرة من الأعلى إذا تحقق أن الحصى يسقط في الأسفل في الحوض فإن رميه صحيح, فإن النبي صلى الله عليه وسلم رمى من فوق ناقته, وهذا دليل على جواز الرمي من الأعلى.

    وبالنسبة لمن رمى رمياً لم يتأكد من وصولها, هو رمى من الجهة الأخرى مثلاً! أو رمى من بعيد ثم تحلل فلا يلزمه فدية ولا دم, لكن عليه أن يعيد هذا الرمي سواءً في هذا المساء أو في الليل، وليس عليه دم, وهنا أذكر إلى أن التحلل الأصغر يحصل بأمرين من أمور هذا اليوم, فأمور العيد أربعه أعمال الحج اليوم أربعة:

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504168

    عدد مرات الحفظ

    772721485