إسلام ويب

أكثروا من ذكر هاذم اللذاتللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خلق الله سبحانه وتعالى الحياة الدنيا ليبلو العباد أيهم أحسن عملاً, وأقام عليهم الحجة البالغة فيها, وبين لهم أنهم غير مقيمين للأبد عليها, بل سيمرون بمراحل لابد منها, من الموت وسكراته, والقبر وكرباته, ويوم القيامة وأهواله, حتى يستقر المؤمنون في النعيم, والمجرمون في الجحيم. ودعاهم إلى الاستعداد لهذه الأمور بالتوبة النصوح, والاستقامة على الدين, وعدم الغرور بهذه الحياة الفانية.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الحياة الدنيا دار عمل ولا جزاء، وجعل بعدها الآخرة دار جزاءٍ ولا عمل، وامتحننا بالموت والحياة؛ ليبلونا أينا أحسن عملاً، وأقام علينا الحجة البالغة لله جل جلاله، وجعلنا تحت خمس رقابات:

    الرقابة الأولى: رقابة الملك الديان جل جلاله، فهو الشاهد الذي لا يغيب ولا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد.

    والرقابة الثانية: رقابة الملائكة الكرام الكاتبين، فإنهم يعلمون ما يعمله الإنسان، كما قال الله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ[الانفطار:10-12].

    والرقابة الثالثة: رقابة الرسول الشهيد، فإنه يشهد علينا بأعمالنا التي تعرض عليه في قبره، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن صلاتنا معروضة عليه، وورد عنه: أن الأعمال كلها تعرض عليه في قبره؛ لأن الله حكم بشهادته علينا، وقال في ذلك: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[البقرة:143]، ومن المعلوم في الشرع أن من لم يعلم شيئاً لا يحل له أن يشهد به؛ لأن الله تعالى يقول: وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ[يوسف:81]، ويقول تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[الزخرف:86].

    والرقابة الرابعة: رقابة المؤمنين، فهم شهداء الله في أرضه، كما قال الله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ[التوبة:105]، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنتم شهداء الله في أرضه، فمن أثنيتم عليه بخير وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه بشر وجبت له النار).

    والرقابة الخامسة: رقابة الإنسان على نفسه، بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ[القيامة:14] وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ[القيامة:15]، فستشهد عليه جوارحه وملابسه وأطرافه يوم القيامة، كما قال الله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[يس:65], وقال تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ المُبِينُ[النور:24-25]، وقال تعالى: وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ[فصلت:21-22].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504243

    عدد مرات الحفظ

    772721852