إسلام ويب

شرح متن الرحبية [4]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للمواريث أركان ثلاثة: المورِّث. والوارث. والموروث. وأما أسبابه فثلاثة أيضاً: النكاح، والولاء والنسب، فالذين يرثون بالنسب ثلاثة أقسام: أصول، وفصول، وحواشي، فالأصول كالأب وآبائه، والأم وأمهاتها وأمهات الأب، والفصول: هم الأبناء والبنات وذرية الأبناء، والحواشي: هم الإخوة والأخوات، والأعمام وبنو العم وإن نزلوا، والأعمام وإن علوا. وموانع الميراث ثلاثة أيضأً: الرق والقتل واختلاف الدين، وكل هذه الأنواع لها تفاصيل واختلاف بين الفقهاء.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    بعد أن انتهى الناظم من مقدمته عن علم المواريث وفضله، عقد باباً لأسباب الإرث (أسباب الميراث)، وقبل ذلك أبين أن الإرث له أركان وأسباب وموانع، فأبدأ أولاً بأركانه، هذه أركان الإرث، وهي ثلاثة:

    الأول: المورِّث.

    الثاني: الوارث.

    الثالث: الموروث.

    فإذاً أركان الإرث ثلاثة: المورث بالكسر، وهو الميت، أو من هو في حكم الميت؛ أي: الذي حكم بفقده وانتهى أمد تعميره، فهذا هو المورث.

    الركن الثاني: الوارث، وهو الحي الذي تُحُقِّقت حياته بعد الميت حقيقةً أو حكماً حتى يحوز ماله، وهو من كان عمره امتداداً لعمر الميت.

    والثالث: الموروث، وهو التركة، سواءً كانت من مال الميت أو من ديته، فالتركة تنقسم إلى قسمين: ما كان من مال الميت، وما كان من ديته، فدية الخطأ موروثة عن الميت، فديته لم يملكها هو في حياته، ولكنها معدودة مع تركته، فهي موروثة مع التركة، إذاً الأركان ثلاثة.

    تعريف الركن

    الركن: جانب الشيء القوي، ومنه رَكِنَ إلى الشيء بمعنى: اعتمد عليه، ومال إليه، وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [هود:113]؛ أي: لا تعتمدوا عليهم، ولا تميلوا إليهم.

    وأركان الإرث ثلاثة: المورِّث، وهو الميت حقيقةً أو حكماً، الميت حقيقةً كمن مات ودفن، أو حكماً كمن فقد وحدد له القاضي أمداً للتعمير، وانتهى ذلك الأمد.

    والوارث، وهو من تُحققت حياته بعد مورِّثه، فالإنسان إذا مات مع مورثه في وقت واحد، أو شك في سابقهما، لا يكون وارثاً أبداً، وسنذكر إن شاء الله تعالى موانع الإرث.

    والموروث: هو المال، أو الحق الذي هو داخل في التركة، أو الدية، فالمورِّث إما أن يترك مالاً، أو ديةً، فكلاهما يدخل في الموروث، فإذاً هذه هي الأركان الثلاثة.

    بعد هذا ذكر أسباب الإرث فقال: باب أسباب الميراث؛ أي: باب أسباب الإرث، والميراث هنا المقصود به: الإرث؛ أي: المصدر، وليس المقصود به الميراث الذي هو الموروث، الذي هو ركن من أركان الإرث.

    قال:

    أسباب ميراث الورى ثلاثة كل يفيد ربه الوراثة

    تعريف السبب في اللغة

    تعريف السبب في اصطلاح الأصوليين

    (ولو رام أسباب السماء بسلم)، ولو رام أسباب السماء معناه: حبالها، ويطلق في الاصطلاح على ما يؤدي إلى غيره، وفي اصطلاح الأصوليين: هو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم؛ كدخول وقت الصلاة، فهو سبب لوجوبها، وعدم دخول الوقت سبب لعدم الوجوب، فلا تجب الصلاة ما لم يدخل وقتها، وإذا دخل الوقت لزمت الصلاة، وهذه الأسباب داخلة في الخطاب الوضعي لا في الخطاب التكليفي.

    أقسام خطاب الله تعالى لعباده

    فخطاب الله ينقسم إلى قسمين: إلى خطاب تكليفي، وخطاب وضعي، فالخطاب التكليفي يشمل الواجب، والمندوب، والمباح، والمحرم، والمكروه، والخطاب الوضعي، معناه: جعل الشارع شيئاً علامةً على غيره، وذلك ينقسم إلى قسمين: إلى قسم مستقل، وقسم تابع، فالخطاب الوضعي المستقل أربعة أقسام: وهي: السبب، والعلة، والشرط، والمانع، والخطاب الوضعي التابع أقسام، منها: القضاء، والأداء، والإعادة، ومنها: الصحة، والفساد، ومنها: العزيمة، والرخصة، فهذه السبعة كلها من أقسام الخطاب الوضعي التابع، فهي تابعة لغيرها لا يمكن أن تستقل، بخلاف السبب، والعلة، والشرط، والمانع، فتكون مستقلةً، والفرق بين العلة والسبب: أن العلة يعرف العقل وجه تعلق الحكم بها، والسبب لا يعرف العقل وجه تعلق الحكم به، فمثلاً غروب الشفق سبب لوجوب صلاة أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه ذلك؟ طلوع الفجر سبب لوجوب ركعتين في الحضر والسفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه ذلك؟ زوال الشمس عن كبد السماء سبب لوجوب أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، دلوك الشمس سبب لوجوب أداء أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، غروب الشمس سبب لوجوب ثلاث ركعات في الحضر والسفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه التفاوت؟ لماذا كان هذا يوجب أربعاً، وهذا يوجب ثلاثاً، وهذا يوجب اثنتين؟ لا يدرك العقل ذلك، فإذاً هذا هو السبب، مثل وقت الصلاة، والعلة: هي الوصف الظاهر المنضبط الذي علق الشارع به الحكم، فلا بد أن يكون وصفاً ظاهراً، والوصف الخفي لا يمكن أن يكون علةً للحكم؛ لأن العلة يدور معها المعلول حيث دارت، ولا بد أن يكون منضبطاً، فالوصف غير المنضبط -كالمشقة مثلاً- لا يمكن أن يكون علةً، فالقصر في السفر علته هي السفر، لا المشقة؛ لأن الإنسان إذا سافر على رجليه، أو على حمار، أو على جمل، يجد مشقةً، وإذا ركب في الدرجة الأولى في طائرة إيرباص -مثلاً- لا يجد مشقةً، وسيقطع مسافةً أكثر، ومع ذلك فالحكم متحد؛ لأن العلة ليست المشقة؛ لأن المشقة غير منضبطة، فلا يمكن أن يناط بها الحكم، بل العلة هي السفر، والسفر موجود على كل حال؛ لأنه قطع المسافة، سواءً قطعتها في طائرة، أو على سيارة، أو على حمار، أو على رجليك، فالجميع قطع للمسافة.

    وأسباب الميراث؛ أي: العلامات التي ربط الشارع بها الميراث، فجعله متعلقاً بها، وهي كما قال: (ثلاثه) (كل يفيد ربه)؛ أي: من اتصف به، ورب الشيء معناه: صاحبه، والمختص به، كما يقال: رب الدابة؛ أي: صاحبها، وكما قال عبد المطلب: (أنا رب الإبل، وللبيت رب سيمنعه)، (أنا رب الإبل)؛ أي: صاحبها، فكل يفيد صاحبه (الوراثة)؛ أي: وصف الوراثة؛ أي: أن يكون وارثاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087510036

    عدد مرات الحفظ

    772763578