إسلام ويب

متن ابن عاشر [11]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المندوب عند المالكية حكمه حكم المندوب، فلا يلزم بعمد تركه بطلان، ولا يلزم بسهوه سجود للسهو، ومن مندوبات الصلاة: السجود على الأعضاء السبعة، والتسليمة الثانية، والسترة لغير المأموم، والجهر بالسلام، وألفاظ التشهد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. والأذان واجب على أهل البلد، فإن تركوه قوتلوا عليه. ومن السنة قصر الرباعية في السفر، وابتداء القصر يكون إذا خرج من البنيان، ومن نوى إقامة أربعة أيام صحاح فقد انقطع سفره.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

    فقد قال المصنف رحمه الله:

    [وسمع الله لمن حمده في الرفع من ركوعه أورده

    الفذ والإمام هذا أكدا والباقي كالمندوب في الحكم بدا]

    وقد وصلنا إلى سنن الصلاة، وتكلمنا عن بعضها، وانتهى بنا المطاف عند سنية قول: (سمع الله لمن حمده).

    استجابة الحمد

    وهنا سؤال: هل الحمد دعاء حتى يستجاب؛ فالاستجابة إنما تكون للدعاء؟

    الجواب هو ما قاله سفيان بن عيينة رحمه الله عندما سئل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله )، فقيل: لا إله إلا الله ذكر لا دعاء؟ فقال:

    إذا أثنى عليك المرء يوماً كفاه من تعرضه الثناء

    فالثناء دعاء، وكذلك (سمع الله لمن حمده) فالحمد دعاء فيستجيب الله دعاء من حمده.

    وأما قول: (ربنا لك الحمد) أو (ربنا ولك الحمد)؛ فـ(ربنا لك الحمد) لا إشكال فيها؛ لأن (ربنا) منادىً، و(لك الحمد) الحمد مبتدأ، ولك خبره، ولا إشكال، ففيه إثبات الحمد لله، لكن إذا قلت: (ربنا ولك الحمد) فالعطف على ماذا؟ العطف لا بد فيه من معطوف عليه؟ فيقال: أصل الجملة (ربنا لك الثناء ولك الحمد) فحذف (الثناء) وعطف عليه (الحمد)، وأبقي العطف بعد حذف المعطوف عليه، وهذا ما بينه محمد مولود رحمه الله في الكفاف فقال:

    وقول مقتد وفذ ربنا ولك عاطفاً على لك الثناء

    (عاطفاً على لك الثناء) معناه: لك الثناء ولك الحمد.

    قول المأموم: (سمع الله لمن حمده)

    والمأموم اختلف فيه هل يقول: (سمع الله لمن حمده) سراً ويقول بعدها: (ربنا لك الحمد)، أو لا يقول: (سمع الله لمن حمده)؟

    الذي يترجح من ناحية الدليل أنه يقولها؛ لحديث عائشة، وهو يقتضي أن يقول ذلك، وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، وهذا خطاب للإمام والفذ والمأموم، ونحن رأيناه يقول في رفعه من الركوع: (سمع الله لمن حمده) فهذا يقتضي أن يقولها الإمام والمأموم والفذ، فيقولوا جميعاً: (سمع الله لمن حمده)، ثم بعد ذلك يذكرون بهذا الذكر وهو (ربنا لك الحمد)، وإذا زاد الإنسان على ذلك فهذا السنة، أي: المندوب أن يقول: (ربنا الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهلَ الثناء والمجد، أو (أهلُ الثناء والمجد) أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، وإذا قال في الرفع من الركوع: (ربنا لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)، وزاد النسائي: (كما يحب ربنا ويرضى) فذاك أيضاً؛ لما ثبت في الصحيح: ( أن رجلاً من الأنصار قال ذلك، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: من القائل؟ قال: أنا يا رسول الله، قال: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها )، وزيادة النسائي زيادة ثقة؛ لأن الإسناد صحيح؛ فهذه الزيادة ليست في الصحيحين وهي (كما يحب ربنا ويرضى)، لكنها في سنن النسائي فاقتضى ذلك صحتها.

    (هذا أكدا) معناه: هذا القدر من السنن مؤكد، وهو السنن المؤكدات، التي لا يحل تركها عمداً وهو مبطل، وتركها سهواً ملزم للسجود، وهي ثمان يجمعها قولهم:

    سينان شينان كذا جيمان تاءان عد السنن الثمان

    (سينان) أي: السر والسورة، (شينان) أي: التشهد الأولان والتشهد الآخر، (كذا جيمان) وهما الجهر والجلوس الأوسط، (تاءان) وهما التكبير والتسميع، ما عدا تكبيرة الإحرام، (عد السنن الثمان) وتسميتها سنناً إنما هو اصطلاح؛ ولذلك يسميها الشافعية والحنابلة واجبات غير أركان، فالشافعية والحنابلة عندهم تقسيم آخر غير هذا فيقولون: أركان الصلاة، أي: الفرائض، وواجبات الصلاة أي: السنن المؤكدات فيها هي ما ذكر، وهذا الخلاف خلاف لفظي فقط؛ لأنه اختلاف في الاصطلاح، وإلا فما يترتب عليه واحد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087498185

    عدد مرات الحفظ

    772681601