إسلام ويب

محبة الرسول ونصرته [1]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خص الله أياماً وشهوراً بمزيد فضل وعناية ومن ذلك الأشهر الحرم، وخص من بين الأشهر الحرم شهر رجب، حيث دلت الأحاديث على فضله ومزيته. واختص هذا الشهر بوقوع حادثة الإسراء إلى المسجد الأقصى والمعراج إلى سدرة المنتهى، وهذه الحادثة سر من أسرار الدين، ابتلى الله بها الناس ليتميز المصدق من المكذب، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم تفاصيل هذه الرحلة المباركة وما جرى فيها. ومما يستفاد من قصة الإسراء والمعراج فضل الأنبياء على سائر الخلائق وفضله صلى الله عليه وسلم، وتفضيل المساجد على غيرها وفضل المسجد الحرام والمسجد الأقصى على سائر المساجد، وكذلك أهمية الإيمان بالغيب وعظم شأنه والإيمان بجميع الأنبياء.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى يخص ما شاء من خلقه بما شاء من أحكامه، وإنه سبحانه وتعالى يختار من الزمان والمكان ما يشاء، وقد اختار من الأزمنة الأشهر الحرم وشهر رمضان، وبين ما لهذه الأشهر من الفضل، فقد قال تعالى في الأشهر الحرم: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [التوبة:36]، وبين فضل رمضان في قوله: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185].

    فضل شهر رجب

    وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل شهر رجب بخصوصه من الأشهر الحرم، فقد صح في حديث أسامة بن زيد، الحب بن الحب رضي الله عنهما: ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم شهر شعبان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر فيه الصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان )، وهذا دليل على العناية التي كانت في الزمان النبوي بشهر رجب، فإن الناس كانوا يقارنونه برمضان، فكانت العناية به كذلك؛ فمن أجل هذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على غفلة الناس عن شعبان؛ لوقوعه بين رجب ورمضان، وهذا يقتضي منا جميعاً أن نتذكر ما كان الحال عليه في العهد النبوي من العناية بشهر رجب، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم كذلك يتعاهد فيه شهر شعبان؛ لما ذكر من العلة، وهي غفلة الناس عنه؛ لوقوعه بين رجب ورمضان.

    وهذا الشهر المعظم كان مضر يعظمونه في الجاهلية؛ ولذلك كان يسمى بــ(رجب مضر)، و (رجب) من الترجيب، وهو التعظيم، فرجب الشيء إذا عظمه، والمرجب: المعظم، فرجب مشتق من هذا.

    وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حال الناس إذ ذاك، وذكر معه رمضان؛ فدل ذلك على أنه لم يكن من أمر الجاهلية، وإنما كان من أمر الإسلام؛ لأنه ذكر أن شعبان بين رجب ورمضان، وأن الناس يغفلون عنه؛ فدل هذا على أنه لا يقصد بالناس هنا أهل الجاهلية، وإنما يقصد بهم أهل الإسلام؛ لأنهم الذين يعظمون رمضان، فقد كان تعظيم أهل الجاهلية لرجب لا لرمضان.

    وقوع الإسراء والمعراج في شهر رجب

    ثم إن الله سبحانه وتعالى خص هذا الشهر بوقوع هذه الحادثة العظيمة التي كانت سراً من أسرار هذا الدين وموسماً من مواسمه، ألا وهي الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم المعراج به من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى، وفرض الصلاة عليه في تلك الليلة الشريفة، وتقريبه صلى الله عليه وسلم هذا التقريب العظيم، ومشاهدته لكبريات الآيات الربانية الكريمة العظيمة، التي خصه الله به وبين بها فضله ومنزلته، وهذه الحادثة حصلت في رجب، ولم يعرف اليوم الذي حصلت فيه على الراجح، فجمهور أهل التاريخ على أنه لا يحدد اليوم الذي كان فيه الإسراء والمعراج برسول الله صلى الله عليه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504243

    عدد مرات الحفظ

    772721854