إسلام ويب

شرح أحاديث مختارة من كتاب التجريد الصريح [14]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من مزايا المساجد التي على طرق المدينة: أن قبلتها قبلة وحي، والبركة الحاصلة بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع اتخذها الناس مسجدًا من عهد الصحابة، وعرفت وتواترت، ومن تلك المساجد: مسجد الفضيخ، ومسجد آخر بالقرب منه في العوالي، وكذلك مسجدان في شرق المسجد النبوي، أحدهما: مسجد لبني عبد الأشهل قد أزيل، والآخر مسجد بني معاوية بن زيد وهو قائم إلى الآن، ومسجد الجمعة، ومسجد بني حرام، ومسجد يسمى (مسجد الاستراحة) استراح فيه لما رجع من غزوة أحد.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فقد بدأنا بالأمس الكلام في قول البخاري رحمه الله تعالى: (باب: المساجد التي على طرق المدينة، والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم)، وذكرنا أن لتلك المساجد مزيتين:

    المزية الأولى: أن قبلتها قبلة وحي، والمزية الثانية: البركة الحاصلة بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وذكرنا أن أشهر المتتبعين لتلك الآثار هو عبد الله بن عمر، وأن ذلك غير مختص به، فقد كان غيره من الصحابة يفعلون، وسيأتينا قريبًا إن شاء الله حديث سلمة بن الأكوع عندما كان يصلي عند الأسطوانة التي عندها المصحف ويتحرى ذلك، وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى الصلاة عندها، وكذلك حديث جابر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مسجد بني معاوية بن زيد في مكان منه)، فكان جابر يتحراه، وكذلك حديث جابر: (أنه كان يذهب إلى المسجد الذي فوق سلع يوم الثلاثاء، فيدعو فيه بين الظهر والعصر)، وبين أن هذا الوقت هو الذي استجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه.

    فقد قال هنا: (والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم)؛ فهذا من تمام الترجمة فهو يتحدث عن المواضع التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم تكن مساجد؛ أي: لم تتخذ لذلك، فبعض المواضع التي صلى فيها قد كانت قريبة من مسجد؛ فلم تستعمل للمساجد، أو لم يبن فيها مساجد، وأكثر المواضع التي عرفت بصلاته فيها إمامًا اتخذها الناس مسجدًا من عهد الصحابة، وعرفت وتواترت؛ ولذلك عرفت مساجده التي كان يؤم الناس فيها في المدينة أو أمهم فيها ولو لمرة، فهي معروفة الأمكنة مشهورة، ففي المدينة مساجد صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارًا، فكانت قبلتها قبلة وحي، وحصلت البركة بصلاته فيها، فغير مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مسجد قباء، فيها أيضًا مسجد الفضيخ، الذي هو قريب من مسجد قباء، وقد أدركناه مسجدًا قديمًا مبنيًا بالحجارة، ولكنه الآن قد هدم وأزيل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه فترة حصاره لبني قريظة في غزوة بني قريظة كان يصلي هنالك.

    وكذلك مسجد آخر بالقرب منه هو قريب من مشربة مارية القبطية أم إبراهيم في العوالي، وكذلك مسجدان في شرق المسجد النبوي، أحدهما: مسجد لبني عبد الأشهل قد أزيل، والآخر مسجد بني معاوية بن زيد وهو قائم إلى الآن، والناس يسمونه مسجد الإجابة، وكذلك مسجد بني سالم الحبلى وهو الذي يسمى بمسجد الجمعة؛ لأنه صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم أول جمعة صلاها في المدينة، فقد نزل بقباء أول قدومه للمدينة يوم الإثنين، فبدأ تأسيس مسجد قباء، وصلى في مسجد قباء الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، فلما كان يوم الجمعة بعد أن صلى الفجر ركب ناقته متجهًا إلى مكان مسجده، ولم يكن أحد يقودها، فكان كلما مر بحي أمسكوا بخطامها، وقالوا: (يا رسول الله، انزل فينا؛ فإن فينا المنعة والشوكة، فيقول: دعوها فإنها مأمورة)، حتى حان وقت الجمعة وهو في ديار بني سالم الحبلى، فنزل فصلى الجمعة هنالك، فاشتهر هذا المسجد بـ(مسجد الجمعة)، وحوله مسجد آخر كان يسمى أيضًا (مسجد الجمعة)، والمقصود به المكان الذي كان أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير يصليان فيه الجمعة للناس قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فأول جمعة جمعت في الإسلام كانت بنقيع الخضمات بحرة بني بياضة، وفي رواية: بهزم النبيت، تحت ظلال النخل، والواقع أنها بين حرة بني بياضة وهزم النبيت، فبنو النبيت هم بنو عمرو بن مالك بن الأوس، ولهم قرًى معروفة حول قباء، وقباء من بلادهم، وبنو بياضة كانوا جيرانهم، وكانت الحرة لبني بياضة كانوا يزرعونها، وسميت حرة بني بياضة، فكانت على طرف هزم النبيت، فهذا المكان فيه نقيع الخضمات، وهو النقيع بالنون، المدينة فيها البقيع والنقيع، فالبقيع: هو بقيع الغرقد، وهو مدفن المدينة الذي حول المسجد، والنقيع: هو نقيع الخضمات، وهو هذا المكان الذي صليت فيها الجمعة أول ما صليت في المدينة.

    وكذلك مسجد بني حرام وهو من مساجد بني سلمة، وكان لـعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله وهو قائم الآن معروف في شعب سلع، ومثل ذلك مسجد بني مبذول بن النجار وهو المعروف الآن بـ(مسجد القبلتين)، وغير ذلك من المساجد صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها مسجد يسمى (مسجد الاستراحة) وهو أنه لما رجع من غزوة أحد حان عليه وقت صلاة العصر في الطريق، فصلى في هذا المسجد واستراح فيه، فعرف بمسجد الاستراحة، وقد بني حوله مسجد حول عن مكانه الأول قد أدركناه قائمًا من الحجارة، كان مسجدًا عتيقًا قديمًا من الحجارة، فبني حوله مسجد ثم هدم هو، فبقي مكانه إلى الآن براحًا عن يمين المسجد.

    كذلك هذه المساجد التي في الطريق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504102

    عدد مرات الحفظ

    772720993