إسلام ويب

شرح أحاديث مختارة من كتاب التجريد الصريح [15]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يشرع للمصلي أن يتخذ سترة يجعلها بين يديه، سواء خشي المرور أو لم يخشه، فإذا خشي مرور أحد بين يديه تأكد جعل السترة بين يديه، وإلا كان ذلك على أصل المشروعية، واختلف أهل العلم في حكم السترة، فذهب جمهورهم إلى أنها سنة مطلقًا، سواء خشي مرورًا أو لم يخشه، وذهب آخرون إلى أنها سنة إذا خشي المرور فقط، وذهب آخرون إلى وجوبها؛ لأن ظاهر النصوص التي ترد هنا تقتضي الوجوب

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فيقول البخاري رحمه الله تعالى: (باب: سترة الإمام سترة لمن خلفه).

    الأغلب في تراجم البخاري إذا جاء بجملة كاملة بعد الباب أن يجعل الباب مفصولًا؛ أي: منونًا، ويأتي بالجملة بعده مثلما هنا: (باب: سترة الإمام سترة لمن خلفه).

    وفي الحال ما جاء ما بعد الباب مفردًا، فإن الباب يضاف إليه مثل: (باب: الصلاة إلى العنزة)؛ فيضاف الباب هنا إلى ما بعده؛ لأنه ليس تركيبًا ولا جملة.

    وقد عقد هذا الباب وما بعده من الأبواب لأحكام السترة.

    و(السترة) هي: ما يستتر به الإمام أو المصلي فيجعله أمامه؛ لئلا يمر بين يديه ما يقطع نور صلاته، فالصلاة لها نور عظيم، وينطلق بين يدي المصلي، وقد جاء أن ربه جل وعلا يكون تجاهه؛ أي: أمامه؛ فلذلك لا يجوز للمصلي أن يمتخط بين يديه ولا عن يمينه، وإذا عرض له امتخاط أو بصاق فليجعله في طرف ثوبه وليثنه عليه، أو إذا كان في مكان محصب فليبصق تحت رجله، وإذا اضطر لغير ذلك فليجعله عن يساره، لكن لا يجوز له أن يجعله بين يديه ولا عن يمينه، أما بين يديه فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكر في أن ربه جل وعلا أمامه في صلاته، وكذلك عن يمينه، فقد أخرج الحاكم في المستدرك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف ).

    ويشرع للمصلي أن يتخذ سترة يجعلها بين يديه، سواء خشي المرور أو لم يخشه، فإذا خشي مرور أحد بين يديه تأكد جعل السترة بين يديه، وإلا كان ذلك على أصل المشروعية، واختلف أهل العلم في حكم السترة، فذهب جمهورهم إلى أنها سنة مطلقًا، سواء خشي مرورًا أو لم يخشه، وذهب آخرون إلى أنها سنة إذا خشي المرور فقط، وذهب آخرون إلى وجوبها؛ لأن ظاهر النصوص التي ترد هنا تقتضي الوجوب؛ فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها فقال: ( فليجعل بين يديه مثل مؤخرة الرحل )، وهذا أمر، والأصل في الأمر أنه للوجوب.

    وكان مقتضى الترتيب والفهم المعقول أن لا يبدأ البخاري الكلام في السترة بهذه الترجمة، بل يؤخرها حتى نعرف حكم السترة؛ لأن هذا من الأحكام التفصيلية التي تأتي بعد معرفة مشروعية السترة، ولكن نظرًا لأن الصلاة يصليها ثلاثة: الإمام، والفذ، والمأموم، والإمام هو الضامن، وهو أول ما يبدأ به بالثلاثة، فما اختص به من السترة بدأ به قبل غيره؛ لذلك قال: (باب: سترة الإمام سترة لمن خلفه)، فإذا كان الإمام مستترًا إلى سترة، فإن تلك السترة كافية لمن خلفه من الصفوف حتى لو كانوا مئات الصفوف، ويجوز للإنسان أن يمر بين يدي بعض الصف إذا كان الإمام مستترًا؛ لأن سترة الإمام سترة له، وكذلك أن يمر بين الصفوف إن لم يكن في ذلك تشويش، أما إذا كان في مروره بين الصفوف تشويش على المصلين، أو كان يتكلم، أو نحو ذلك مما هو مناف لخشوع الصلاة وهيئتها، فلا ينبغي له أن يفعل؛ لأن ذلك يدخل التشويش على المصلين، فيقطع إقبالهم على الله وخشوعهم بين يديه.

    وقوله: (لمن خلفه) يقصد للمؤتمين به جميعًا حتى من كان مناظرًا له مساويًا، كما إذا ضاق المسجد فلم يجد الإنسان مكانًا إلا عن يمين الإمام، فصف صفًا عن يمينه، أو جاء إنسان فصلى عن يمينه؛ فسترة الإمام سترة له، وكذلك إذا كانوا عن يساره أيضًا، ومن الأفضل في الصلاة أن يكونوا في أحد جانبيه فقط، وألا يكونوا عن يمينه وشماله معًا، إذا كان الإمام يصلي بالناس، فلا ينبغي أن يكون في وسط الصف حتى لو ضاق المسجد، فينبغي أن يكون في الطرف؛ فالأفضل أن يصلوا جميعًا عن يمينه وإن لم يَلِقْ كانوا جميعًا عن شماله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504168

    عدد مرات الحفظ

    772721482