إسلام ويب

شرح أحاديث مختارة من كتاب التجريد الصريح [17]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تنقسم المواقيت إلى قسمين: مواقيت فرض، ومواقيت نفل، فمواقيت الفرض: هي ما يجب أداء الفرض فيه، سواء كان موسعًا أو مضيقًا، ومواقيت النفل: ثلاثة أقسام: وقت تحريم؛ أي: التي لا يحل النفل فيها، والثاني: وقت نهي على سبيل الكراهة المغلظة، والثالث: وقت كراهة مخففة. ومواقيت الفرائض: هي أوقات الصلوات الخمس التي حددها الله، وهي وقت بداية، ووقت نهاية، فالبداية حيث تشرع الصلاة، وهو سبب للوجوب، ووقت نهاية، وهو نهاية ذلك الوقت، فما تأخر عنه كان صاحبه آثمًا بالتأخير إلا لعذر.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    قال البخاري رحمه الله: كتاب مواقيت الصلاة:

    عقد هذا الكتاب لمواقيت الصلاة؛ أي: لأوقاتها، وذلك أنه بدأ أولًا بأمكنتها، وهي المساجد، فبين ما جاء فيها، ثم جاء إلى أزمنتها: وهي مواقيتها، فالمواقيت المكانية هي المساجد، وقد سبقت، ولا يطلق عليها المواقيت؛ لأنه قد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم بين: ( أنه جعلت له الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما عبد أدركته الصلاة فليصل )، ولكن المواقيت الزمانية محددة؛ لأن الله يقول: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]، والمواقيت تنقسم إلى قسمين: إلى مواقيت فرض، ومواقيت نفل، فمواقيت الفرض: هي ما يجب أداء الفرض فيه، سواء كان موسعًا أو مضيقًا؛ ولذلك يعرف الأصوليون الوقت بأنه: ما خصصه الشارع لأداء العبادة من الزمن، سواء كان موسعًا أو مضيقًا، كما قال السيوطي رحمه الله:

    والوقت ما خصصه الذي شرع من الزمان ضيقًا أو اتسع

    والواجب: ينقسم باعتبار وقته إلى: موسع، ومضيق، وباعتبار فاعله إلى: كفائي، وعيني، وباعتبار ذاته إلى: معين، ومبهم، والمبهم: هو المخير كخصال الكفارة، فهذه هي تقسيمات الواجب، ثلاث تقسيمات، باعتبار وقته إلى: موسع، ومضيق، وباعتبار فاعله إلى: عيني، وكفائي، وباعتبار ذاته إلى: معين، ومبهم أو مخير.

    ومواقيت الفرائض: هي أوقات الصلوات الخمس التي حددها الله، وهي وقت بداية، ووقت نهاية، فالبداية حيث تشرع الصلاة، وهو سبب للوجوب، ووقت نهاية، وهو نهاية ذلك الوقت، فما تأخر عنه كان صاحبه آثمًا بالتأخير إلا لعذر.

    وأما مواقيت النفل: فهي تنقسم أيضًا إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: مواقيت التحريم؛ أي: التي لا يحل النفل فيها، وسيبينها، وهي ثلاثة: عندما تتضيف الشمس للطلوع، وعندما تتضيف للغروب، وحين يقوم قائم الظهيرة.

    والقسم الثاني: وقت النهي على سبيل الكراهة المغلظة، وهو ما بعد الإسفار إلى طلوع الشمس، ثم بعد ذلك إلى ارتفاعها قيد رمح حتى تزول عنها الحمرة، وما بعد الاصفرار إلى الغروب، والوقت الثالث هو وقت كراهة مخففة، وهو ما بعد صلاة الفجر إلى الإسفار إلى أعلى، وما بعد صلاة العصر إلى الاصفرار، فهذا الوقت الذي هو الكراهة المخففة يُصلَّى فيه على الجنائز، ويُسجد فيه سجودُ التلاوة، وعند الحنابلة والشافعية تصلى فيه ذوات الأسباب؛ كتحية المسجد، وركعتي الطواف، وركعتي الوضوء، وغير ذلك من ذوات الأسباب، وعند المالكية والحنفية لا يشرع فيه ذلك، وقت النهي على سبيل التحريم لا يُصلَّى فيه نفل قطعًا، وأيضًا لا يُصلَّى فيه فرض إلا من كان نائمًا فاستيقظ، أو كان مغمًى، فرجع إليه عقله في تلك الساعة، فإن مذهب الجمهور أنه يصلي فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها متى ما ذكرها، فإن وقتها ذكرها، فإن الله تعالى يقول: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه:14] )، فجعل الوقت وقت تذكر، فقال: (فليصلها متى ما ذكرها، فإن وقتها ذكرها) وهذا يشمل ما كان وقت طلوع الشمس ووقت غروبها وغير ذلك، وذهب الحنفية إلى حرمة الصلاة مطلقًا في ذلك الوقت، سواء كانت فرضًا أو نفلًا، سواء كان نائمًا أو يقظانًا، سواء كان مغمًى عليه أو غير مغمًى عليه، فيرون أنه إذا استيقظ الإنسان قبل الغروب وقد تضيفت الشمس للغروب يؤخر صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ثم يصليها قضاءً.

    وكذلك إذا استيقظ، وقد تضيفت للطلوع فإنه يؤخر صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ثم يصليها، واختلف عنهم في مسألة واحدة، وهي إذا طلعت الشمس أو غربت على الإنسان وهو في صلاة، ولم يبق منها إلا السلام، قد أكمل التشهد، فطلعت الشمس أو غربت، فهل تبطل صلاته بذلك؟ مذهب أبي حنيفة أنها تبطل، ومذهب أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني أنها لا تبطل، وذلك أن أبا حنيفة يقول: إن ما غير الفرض في أوله غيره في آخره، والصاحبان لا يريان ذلك، وهذه هي القاعدة التي تسمى عند الحنفية بـ(القاعدة الاثنا عشرية)، وهي: ما غير الفرض في أوله غيره في آخره، عنده لا عندهما؛ أي: عند أبي حنيفة لا عند الصاحبين، وفروعها اثنا عشر فرعًا، وهذا أحدها، وما سوى ذلك فهو وقت إباحة، وأوقات الإباحة تختلف باختلاف الأسباب الأخرى، فمن الأسباب الوضوء، فهو سبب إذا كان الوقت وقت إباحة أن تصلي ركعتين، ومثل ذلك القدوم من السفر، ومثل ذلك السفر، ومثل ذلك الشك في الأمر تريد أن تفعله وصلاة الاستخارة، ومثل ذلك قيام الليل، وكذلك الرواتب والضحى وغير ذلك مما له سبب مخصوص، وما سوى ذلك فأوقات الإباحة كلها يشرع فيها التطوع بالنوافل، ويتجه الأمر هنا في البداية إلى أوقات الفرائض؛ فلذلك قال: باب: مواقيت الصلاة وفضلها، بدأ هذا الكتاب بباب يتعلق بمواقيت الصلاة؛ أي: الصلاة المكتوبة، (وفضلها)؛ أي: أن المواقيت فيها وقت فضل، ووقت إباحة، فوقت الفضل هو أول الوقت، ووقت الإباحة والاتساع هو آخر الوقت، وهذا يقتضي أن أوقاتها موسعة؛ لأن فيها وقتًا للوجوب، ووقتًا للفضل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087504102

    عدد مرات الحفظ

    772720993