إسلام ويب

شرح متن الرحبية [12]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحجب ينقسم لدى أهل الفرائض إلى قسمين: حجب بالصفات، وحجب بالأشخاص. فالحجب بالصفات: هو الاتصاف بمانع من موانع الإرث، وحجب الأشخاص ينقسم إلى قسمين: حجب حرمان، وحجب نقصان. فحجب الحرمان معناه: إسقاط المستحق بالكلية، بمعنى: منع الوارث بألا ينال أي حظ من الميراث، وحجب النقصان معناه: نقص نصيبه.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فقد كان الحديث في الدرس الماضي في التعصيب، وذكرنا أن أنواع التعصيب ثلاثة: العاصب بالنفس، والعاصب بالغير، والعاصب مع الغير، والعاصب بالنفس ذكرنا أنه لا يكون أنثى، إلا في حالة واحدة، وهي المعتقة، وكذلك معتقة المعتقة، ومعتقة معتقة المعتقة.. إلى آخره.

    وكل ذكر يرث بالتعصيب، إلا اثنين: الزوج، والأخ لأم.

    وقد ذكرنا الرجال الوارثين، وهم خمسة عشر فجميعهم يرثون بالتعصيب، إلا اثنين، وهما الزوج والأخ لأم، فهما من أصحاب الفروض، وذكرنا أن التعصيب منه ما يكون بالنسب، ومنه ما يكون بالولاء والسبب، والولاء سببه العتق، والعتق يحصل بعدد من الأسباب، إما عتق التطوع، فقد حض الشارع من ملك رقبةً مسلمة على عتقها، ويحصل بالنذر، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7]، وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]، ( من نذر أن يطيع الله، فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه ).

    ويحصل بالكفارة، والكفارات التي فيها العتق متعددة، مثل كفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة القتل، وكفارة صيام رمضان، من أفطر عامداً في نهار رمضان، فهذه الكفارات فيها العتق، ويحصل كذلك بالمثلة، فإذا مثل الإنسان بمملوكه، وجب عليه عتقه، ويحصل بالسراية، والسراية معناه: أن يسري العتق إلى من أعتق بعضه، فيسري العتق إلى سائره؛ لأننا ذكرنا أن الله لا شريك له، والحر مملوك لله، فإذا كان الإنسان مبعضاً، بعضه لله، وبعضه للمخلوق، أوهم ذلك الاشتراك فيه في رقبته، والله لا شريك له، فلا يقر الشارع ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أعتق شقصاً له في عبد، قوم عليه قيمة عدل )، (قوم عليه قيمة عدل)، معناه: أنه يعتق باقيه وسائره، ويجب عليه، ودفع قيمته لمالكه، قيمة باقيه لمالكه، ويحصل كذلك العتق بالملك، فمن ملك ذا رحم محرم، فإنه يعتق عليه بمجرد ملكه، كمن اشترى أباه الذي كان مملوكاً، فإنه بمجرد الشراء، يعتق عليه، ومن اشترى أمه، ومن اشترى أخاه، ومن اشترى أخته، ومن اشترى عمه، ومن اشترى عمته، فكل ذي رحم محرم، يعتق بمجرد الملك، ومثل ذلك التدبير، وهو قول الرجل لمملوكه: أنت حر عن دبر مني، معناه: إذا مت فأنت حر، وقد ذكرنا أم الولد وأولادها، فأم الولد معناه: المملوكة إذا استولدها سيدها، فولدت منه مضغةً مخلقة، ولو كانت غير حية، فإذا كانت مضغةً، إذا وضعت حملها دماً -أي: علقةً- فلا تتحرر بذلك، لكن إذا ولدته مضغةً، فإنها تتحرر بذلك بعد موته، وله منها قليل الخدمة، ما دام حياً، ولا يحل له بيعها، كما أجمع عليه الصحابة في أيام عمر رضي الله عنه، وتكون هي وأولادها من بعده أحراراً، بعد موته هو.

    وكذلك العتق بالكتابة، معناه: أن يعقد الإنسان عقداً مع مملوكه على أن يدفع له ثمناً، يعتق في مقابله، منجماً على الشهور أو على السنوات، فهذه الكتابة أمر الله بها في كتابه، فقال: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33]، فإنه يعتق عليه بمجرد دفع آخر نجوم الكتابة، وهذا الولاء المترتب على الحرية الطارئة هو لحمة كلحمة النسب؛ ولذلك له ثلاثة أحكام:

    الحكم الأول: هو الميراث، وهو الذي يعنينا هنا.

    والحكم الثاني: هو الولاية في النكاح، فمعتق الأمة هو وليها في عقد نكاح، إن لم يكن لها ولي نسب أقرب منه، إذا كان لها ولد حر، أو أب حر، أو أخ حر، أو أي قريب أقرب من المعتق، كما ذكرنا في الجهات من قبل، جهات العصوبة، فإنه يكون وليها، وإذا لم يكن لها من هو دونه من الأولياء، فهو الذي يليها.

    والحكم الثالث: الولاية في الموت، والولاية في الموت معناه: أن يكون أحق بغسله، وتجهيزه، والصلاة عليه، فأحق الناس بالصلاة على الميت ولي رجي نفعه، الولي، ثم بعد ذلك من وصاه الميت، وصى الميت أن يصلي عليه، ثم الإمام الأعظم، فولي الميت هو الأولى بالصلاة عليه، وتغسيله وتكفينه وتجهيزه، والمعتق ولي معتقه فهو أولى بالصلاة عليه وتكفينه وتغسيله، إلا إذا كان له ولي أقرب منه من النسب.

    كذلك الولاء، الأصل أن يكون مباشراً -كما ذكرنا- كمن أعتق، فالمعتق قد ذكرنا أنه يرث معتقه إذا لم يكن له وارث من النسب، وإذا كان له وارث، فإنه يرث ما أبقت الفروض، فهو عاصب في النفس، وكذلك العتيق نفسه، فقد سبق الخلاف فيه، وذكرنا أن ابن تيمية رجح أن العتيق يرث معتقه، إذا لم يكن له وارث من النسب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت هذه اللحمة بينهما، فلا فرق بين المولى المعتِق، والمولى المعتَق، فكلاهما يرث الآخر، إذا مات وليس له وارث من النسب؛ لأن بينهما علاقةً حميمةً وطيدةً مستمرةً، فكلاهما يكون ولياً للآخر، وهذا يقتضي أيضاً إثبات الحكمين الآخرين، معناه: الولاية في النكاح أيضاً، والولاية في الموت؛ لأنهما تبع للإرث.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087509845

    عدد مرات الحفظ

    772762168