الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المصنف رحمه الله: [ أبواب الحدود.
باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث.
حدثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد: ( عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن عثمان بن عفان أشرف عليهم، فسمعهم وهم يذكرون القتل، فقال: إنهم ليتواعدوني بالقتل؟ فلم تقتلوني، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل زنى وهو محصن فرجم، أو رجل قتل نفساً بغير نفس، أو رجل ارتد بعد إسلامه. فوالله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام، ولا قتلت نفساً مسلمة، ولا ارتددت منذ أسلمت ).
حدثنا علي بن محمد و أبو بكر بن خلاد الباهلي قالا: حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة نفر: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة ).
وفي هذا إثبات الرجم وهو محل اتفاق ولا خلاف في ذلك, وما زال يحكى الإجماع فيه، ولم يظهر القول للتشكيك فيه كما ظهر في زماننا, وفي زمن رقة العلم ووفرة الجهل وكثرة الهوى.
وقد حكى اتفاق السلف على الرجم غير واحد من الأئمة عليهم رحمة الله, وهو أمر مستفيض.
وكذلك فيه إشارة إلى حد الردة التارك لدينه المفارق للجماعة, والمرتد إذا أظهر توبته قبل القدرة عليه فهذا تقبل منه التوبة, ولكن نرى أن السلف الصالح لا يظهرون التائب ويقدمونه على غيره من الردة.
وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله في بعض كتبه أن أبا بكر وعمر بن الخطاب لا يأذنان للمرتد التائب بحمل السلاح, ولا بركوب الخيل, بل يكون عند أذناب البقر في أمر التجارة والزراعة, حتى يحسن أمره, ويشتهر ويستفيض صدقه في ذلك, ثم بعد ذلك يكون كحال الناس.
قال المصنف رحمه الله: [ باب المرتد عن دينه.
حدثنا محمد بن الصباح قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من بدل دينه فاقتلوه ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقبل الله من مشرك أشرك بعدما أسلم عملاً حتى يفارق المشركين إلى المسلمين ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب إقامة الحدود.
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة كثير بن مرة عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إقامة حد من حدود الله، خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله عز وجل ) ].
وفي هذا إشارة إلى أن العدل بين الناس أولى من الغنى ووفرة المال, بل أن العدل هو سبب للنعيم, وإغداق الخير على الناس, وإذا قام العدل في الناس ولو توفر المال فالقيمة للعدل لا للمال.
وإذا كان بين الناس التفريط في مسائل إقامة الحدود والإنصاف فيما بينهم بما حكم الله سبحانه وتعالى, فإن ذلك ضلال وزيغ, والمال ووفرته إذا كان عندهم فإنه عقوبة، ولهذا نقول: إن الغنى مع عدم إقامة حدود الله جل وعلا والعدل بين الناس هو فتنة وعقوبة من الله للأمم.
ولهذا الدول التي يكون فيها وفرة للمال ولا عدل فيها, الله عز وجل يبتليها بالمال صداً واستدراجاً.
قال: [ حدثنا عمرو بن رافع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا عيسى بن يزيد قال: أظنه عن جرير بن يزيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( حد يعمل به في الأرض، خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً ).
حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من جحد آية من القرآن فقد حل ضرب عنقه، ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، فلا سبيل لأحد عليه، إلا أن يصيب حدًّا فيقام عليه ).
حدثنا عبد الله بن سالم المفلوج قال: حدثنا عبيدة بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من لا يجب عليه الحد.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير قال: ( سمعت عطية القرظي يقول: عرضنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة، فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت فيمن لم ينبت فخلي سبيلي ).
حدثنا محمد بن الصباح قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت عطية القرظي يقول: فها أنا ذا بين أظهركم.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن نمير و أبو معاوية و أبو أسامة قالوا: قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع: ( عن ابن عمر قال: عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني ) ].
قال نافع: فحدثت به عمر بن عبد العزيز في خلافته، فقال: هذا فصل ما بين الصغير والكبير.
قال المصنف رحمه الله: [ باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ).
حدثنا عبد الله بن الجراح قال: حدثنا وكيع عن إبراهيم بن الفضل عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعاً ).
حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا محمد بن عثمان الجمحي قال: حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من ستر عورة أخيه المسلم، ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم، كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الشفاعة في الحدود.
حدثنا محمد بن رمح المصري قال: أخبرنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: ( أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب فقال: يا أيها الناس! إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها ).
قال محمد بن رمح: سمعت الليث بن سعد يقول: قد أعاذها الله عز وجل أن تسرق، وكل مسلم ينبغي له أن يقول هذا.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن ركانة عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود عن أبيها قال: ( لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظمنا ذلك، وكانت امرأة من قريش، فجئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نكلمه، وقلنا: نحن نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تطهر خير لها، فلما سمعنا لين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أتينا أسامة فقلنا: كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، قام خطيباً فقال: ما إكثاركم علي في حد من حدود الله عز وجل وقع على أمة من إماء الله؟! والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة ابنة رسول الله نزلت بالذي نزلت به، لقطع محمد يدها ) ].
والحدود والعقوبات إذا لم تقم على العلية من الناس فإنه لا يعدل فيمن دونهم, والفتنة تكون في الأمة إذا فرق بين الشريف والضعيف، ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يبين إنزاله لحكم الله سبحانه وتعالى أشار ومثل بالأعلى والأشرف والأقرب إليه، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع: ( ألا وإن ربا الجاهلية موضوع ), الذين يتعاملون بربا الجاهلية كثر, ولكنه قال: ( وأول ربا أضع ربا عمي العباس ), يعني أقرب الناس إليه.
وكذلك أيضاً دماء الجاهلية كثيرة: ( ألا وإن دماء الجاهلية موضوعة، وأن أول دم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث ), وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحينما جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلى القطع خوف بأمر فاطمة عليها رضوان الله تعالى، لقربها منه صلى الله عليه وسلم, وعظمها عند نفسه, والحاكم الذي يريد إقامة العدل يبدأ بالأقربين, وأما إذا تجاوز الأقربون أحكام الله سبحانه وتعالى فإن الناس ممن دونهم يتشوفون إلى المجاوزة.
ولهذا نقول: إن أقامة الحد على شريف أعظم من إقامة مائة حد على ضعيف، وذلك أن الشريف به يقتدي الناس ويشتهر أمره, ويتأثر الناس ويردع ويزجر، بخلاف الضعيف فأمره يكون في دائرة ضيقة.
والضعيف يتأدب من الشريف, ولكن الشريف لا يتأدب من الضعيف، ولهذا فإن إقامة الحدود على الشريف من الناس آكد من إقامته على الضعيف, فإن في ذلك الزجر والتأديب والردع.
قال المصنف رحمه الله: [ باب حد الزنا.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و هشام بن عمار و محمد بن الصباح قالوا: قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة و زيد بن خالد و شبل قالوا: (
قال هشام: فغدا عليها، فاعترفت، فرجمها ) ].
ولا خلاف عند العلماء أن الزاني غير المحصن يغرب ويجلد, وقد حكى إجماع الصدر الأول من الصحابة والتابعين على هذا جماعة من العلماء, وكذلك فإنه عند الجلد يختار في ذلك التوسط من غير غلو ولا تسامح، ولهذا عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى لما أراد أن يقيم الحد على أحد أصاب حداً قال: ائتني بسوط، فأتوه بسوط غليظة، فقال: ائتوني بشيء دون ذلك, فأتي بسوط خفيفة، فقال: ائتوني بسوط بين السوطين, فاعطى الجلاد وقال: اضرب ولا ترني إبطك، يعني: لا تقم بالتشديد في إقامة الحد عليه.
وإذا لم يكن ثمة سوط فيجزأ عن ذلك الجريد والنعال، والصحابة عليهم رضوان الله تعالى فعلوا ذلك في زمن النبي عليه الصلاة والسلام, فيجزئ ذلك عن السوط.
وحكى غير واحد من الأئمة اتفاق السلف على إجزاء النعال والجريد, ومنهم من قال: الثوب أيضاً, وقد نص على هذا النووي عليه رحمة الله، وحكاه اتفاقاً عن الصحابة.
قال: [ حدثنا بكر بن خلف أبو بشر قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من وقع على جارية امرأته.
حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن حبيب بن سالم قال: ( أتي النعمان بن بشير برجل غشي جارية امرأته، فقال: لا أقضي فيها إلا بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن كانت أحلتها له جلدته مائة، وإن لم تكن أذنت له رجمته ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن هشام بن حسان عن الحسن عن سلمة بن المحبق: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه رجل وطئ جارية امرأته، فلم يحده ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الرجم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و محمد بن الصباح قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: ( قال عمر بن الخطاب لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: ما أجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة من فرائض الله، ألا وإن الرجم حق إذا أحصن الرجل وقامت البينة، أو كان حمل أو اعتراف، وقد قرأتها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة), رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: ( جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني قد زنيت، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقر أربع مرات، فأمر به أن يرجم، فلما أصابته الحجارة أدبر يشتد، فلقيه رجل بيده لحي جمل فضربه فصرعه، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فراره حين مسته الحجارة، قال: فهلا تركتموه! ).
حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا أبو عمرو قال: حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن عمران بن الحصين: ( أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فاعترفت بالزنا، فأمر بها فشكت عليها ثيابها، ثم رجمها ثم صلى عليها ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب رجم اليهودي واليهودية.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين، أنا فيمن رجمهما، فلقد رأيته وإنه ليسترها من الحجارة ).
حدثنا إسماعيل بن موسى قال: حدثنا شريك عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهودياً ويهودية ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال: ( مر النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم مجلود، فدعاهم فقال: هكذا تجدون في كتابكم حد الزاني؟ قالوا: نعم، فدعا رجلاً من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني؟ قال: لا، ولولا أنك نشدتني لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنّا إذا أخذنا الشريف تركناه، وكنا إذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه, وأمر به فرجم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من أظهر الفاحشة.
حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي قال: حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد قال: حدثنا الليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي الأسود عن عروة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو كنت راجماً أحداً بغير بينة، لرجمت فلانة، فقد ظهر منها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها ).
حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد قال: ( ذكر ابن عباس المتلاعنين، فقال له ابن شداد: هي التي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت راجماً أحداً بغير بينة لرجمتها؟ فقال ابن عباس: تلك امرأة أعلنت ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من عمل عمل قوم لوط.
حدثنا محمد بن الصباح و أبو بكر بن خلاد قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ).
بهذا كان قضاء أهل المدينة، وعليه عمل الصدر الأول, ونقله ابن تيمية رحمه الله اتفاقاً: أن من عمل عمل قوم لوط أنه يقتل.
قال: [ حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرني عبد الله بن نافع قال: أخبرني عاصم بن عمر عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة: ( عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يعمل عمل قوم لوط قال: ارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعاً ).
حدثنا أزهر بن مروان قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن عبد الواحد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من أتى ذات محرم ومن أتى بهيمة.
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثنا ابن أبي فديك عن إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من وقع على ذات محرم فاقتلوه، ومن وقع على بهيمة فاقتلوه، واقتلوا البهيمة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب إقامة الحدود على الإماء.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و محمد بن الصباح قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة و زيد بن خالد و شبل قالوا: ( كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله رجل عن الأمة تزني قبل أن تحصن فقال: اجلدها، فإن زنت فاجلدها، ثم قال في الثالثة أو في الرابعة: فبعها ولو بحبل من شعر ) ].
ويقيم الحد على المولى سيده, جاء ذلك عن عبد الله بن عمر وعن حفصة وغيرهما, ومنهم من يحكي الاتفاق على هذا, يعني: اتفاق السلف أن السيد هو الذي يقيم الحد على عبده, وهذا قد قضى به جماعة من أصحاب رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل المرأة تقضي على جاريتها وعلى عبدها في إقامة الحدود؟ نعم جاء ذلك عن حفصة عليها رضوان الله أنها أقامت حداً على جاريتها.
ولهذا نقول: إن السيد هو الذي يقيم الحد على عبده، وأما إذا كانت خصومة بين عبدين عنده، فهل يقضي بينما أم؟ هذا من مواضع الخلاف.
قال: [ حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عمار بن أبي فروة أن محمد بن مسلم حدثه أن عروة حدثه أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن عائشة حدثتها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا زنت الأمة فاجلدوها، فإن زنت فاجلدوها، فإن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير ).
والضفير: الحبل ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب حد القذف.
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة: ( عن عائشة قالت: لما نزل عذري، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوا حدهم ).
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: حدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قال الرجل للرجل: يا مخنث فاجلدوه عشرين، وإذا قال الرجل للرجل: يا لوطي فاجلدوه عشرين ) ].
والقاذف تسقط شهادته وعدالته إذا كان بلا بينة، وإذا تاب هل تقبل أم لا؟
نقول: إذا تاب وحسنت توبته تقبل شهادته, ومنهم من يحكي اتفاق الصدر الأول من الصحابة على هذا، وهو الأظهر.
قال المصنف رحمه الله: [ باب حد السكران.
حدثنا إسماعيل بن موسى قال: حدثنا شريك عن أبي حصين عن عمير بن سعيد (ح)
وحدثنا عبد الله بن محمد الزهري قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا مطرف قال: سمعته عن عمير بن سعيد قال: ( قال علي بن أبي طالب: ما كنت أدي من أقمت عليه الحد إلا شارب الخمر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسن فيه شيئاً، إنما هو شيء جعلناه نحن ).
حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد (ح)
وحدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن هشام الدستوائي ؛ جميعاً عن قتادة عن أنس بن مالك قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب في الخمر بالنعال والجريد ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن عبد الله بن الداناج قال: سمعت حضين بن المنذر الرقاشي (ح)
وحدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار قال: حدثنا عبد الله بن فيروز الداناج قال: حدثني حضين بن المنذر قال: ( لما جيء بـالوليد بن عقبة إلى عثمان قد شهدوا عليه، قال لـعلي: دونك ابن عمك فأقم عليه الحد. فجلده علي وقال: جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكل سنة ) ].
ويتفق السلف في مسألة الحدود وفي مسألة الخمر أنه لا يجاوز في ذلك الثمانين.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من شرب الخمر مراراً.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة عن ابن أبي ذئب عن الحارث عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سكر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه, ثم قال في الرابعة: فإن عاد فاضربوا عنقه ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا شعيب بن إسحاق قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن عاصم بن بهدلة عن ذكوان أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إذا شربوا فاجلدوهم، ثم إذا شربوا فاجلدوهم، ثم إذا شربوا فاقتلوهم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الكبير والمريض يجب عليه الحد.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن سعيد بن سعد بن عبادة قال: ( كان بين أبياتنا رجل مخدج ضعيف، فلم يرع إلا وهو على أمة من إماء الدار يخبث بها، فرفع شأنه سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اجلدوه ضرب مائة سوط, قالوا: يا نبي الله! هو أضعف من ذلك, لو ضربناه مائة سوط مات. قال: فخذوا له عثكالاً فيه مائة شمراخ، فاضربوه ضربة واحدة ).
حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا المحاربي عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عبد الله عن أبي أمامة بن سهل عن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من شهر السلاح.
حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة (ح)
قال: وحدثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة (ح)
قال: وحدثنا أنس بن عياض عن أبي معشر عن محمد بن كعب و موسى بن يسار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من حمل علينا السلاح فليس منا ).
حدثنا عبد الله بن عامر بن البراد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حمل علينا السلاح فليس منا ).
حدثنا محمود بن غيلان و أبو كريب و يوسف بن موسى و عبد الله بن البراد قالوا: قال: حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من شهر علينا السلاح فليس منا ) ].
والأظهر أن الحدود لا تقام في ديار الحرب, وكذلك لا تقام في جبهات القتال, وهذا قد نص عليه جماعة من العلماء, روي عن أحمد, وروي عن إسحاق, وروي في ذلك بعض الآثار عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله فيما رواه البيهقي.
وإنما تقام الحدود إذا اجتمع الناس واستقروا في بلد، ويستثنى من ذلك حد واحد وهو حد القتل، فحد القتل يقام بكل حال، ولو كان الإنسان مسافراً أو مغترباً.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من حارب وسعى في الأرض فساداً.
حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا حميد عن أنس بن مالك: ( أن أناساً من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتووا المدينة، فقال: لو خرجتم إلى ذود لنا، فشربتم من ألبانها وأبوالها. ففعلوا، فارتدوا عن الإسلام، وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا ذوده، فبعث رسول الله في طلبهم، فجيء بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم، وتركهم بالحرة حتى ماتوا ).
حدثنا محمد بن بشار و محمد بن المثنى قالا: حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال: حدثنا الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: ( أن قوماً أغاروا على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقطع النبي صلى الله عليه وسلم أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من قتل دون ماله فهو شهيد.
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل دون ماله فهو شهيد ).
حدثنا الخليل بن عمرو قال: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا يزيد بن سنان الجزري عن ميمون بن مهران
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتي عند ماله، فقوتل فقاتل فقتل، فهو شهيد ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا عبد العزيز بن المطلب عن عبد الله بن الحسن عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أريد ماله ظلماً فقتل، فهو شهيد ).
وهذا دفع الصائل, أن الإنسان يدفع عن ماله وعرضه ونفسه ما استطاع, وهو شهيد إن قتل, ولا خلاف في وجوب دفع الإنسان عن ماله, وأعظم دفع الصائل هو جهاد الدفع عن دين الله سبحانه وتعالى.
وفي هذا الحديث دليل على أنه لا يشترط لجهاد الدفع نية, ولا إذن إمام, ولا راية, ولا جماعة، إلا إن أمكنهم الاجتماع فإنه يجب حينئذ؛ لأن في الاجتماع قوة، وإلا فكل يدفع بحسب استطاعته، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من قتل دون ماله فهو شهيد ), إشارة إلى أن المقصود بذلك هو الدفع عن المال, بخلاف جهاد الطلب, فجهاد الطلب يجب فيه أن يكون لإعلاء كلمة الله، ولهذا ( النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: إن الرجل يقاتل ليرى مكانه, أو يقاتل للمغنم, أو يقاتل حمية, أو غضباً, فأي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )، لهذا نقول: إن الشروط التي تشترط في جهاد الطلب لا تشترط بمجموعها وغالبها في جهاد الدفع.
وهو كذلك في أمر دفع الصائل كما في حديث المخارق كما رواه الإمام أحمد والنسائي.
قال المصنف رحمه الله: [ باب حد السارق.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن مسهر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: ( قطع النبي صلى الله عليه وسلم في مجن قيمته ثلاثة دراهم ).
حدثنا أبو مروان العثماني قال: إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن عمرة أخبرته عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعداً ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو هشام المخزومي قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا أبو واقد عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تقطع يد السارق في ثمن المجن ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب تعليق اليد في العنق.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و أبو بشر بكر بن خلف و محمد بن بشار و أبو سلمة الجوباري و يحيى بن خلف قالوا: حدثنا عمر بن علي بن عطاء بن مقدم عن حجاج عن مكحول: ( عن ابن محيريز قال: سألت فضالة بن عبيد عن تعليق اليد في العنق فقال: السنة، قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجل ثم علقها في عنقه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب السارق يعترف.
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري عن أبيه: (
قال ثعلبة: وأنا أنظر إليه حين وقعت يده، وهو يقول: الحمد لله الذي طهرني منك، أردت أن تدخلي جسدي النار ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب العبد يسرق.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سرق العبد فبيعوه ولو بنش ) ].
وسرقة العبد على نوعين:
سرقة العبد من مال غير سيده, فهذا حكمه كحكم غيره.
وأما إذا سرق من مال سيده فماله سرق ماله، يعني: مال يسرق بعضه بعضاً, باعتبار أن العبد والمال كلها ملك للسيد.
قال: [ حدثنا جبارة بن المغلس قال: حدثنا حجاج بن تميم عن ميمون بن مهران عن ابن عباس: ( أن عبداً من رقيق الخمس سرق من الخمس، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه وقال: مال الله عز وجل، سرق بعضه بعضاً ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الخائن والمنتهب والمختلس.
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يقطع الخائن ولا المنتهب ولا المختلس ).
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن عاصم بن جعفر المصري قال: حدثنا المفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليس على المختلس قطع ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب لا يقطع في ثمر ولا كثر.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا قطع في ثمر ولا كثر ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا قطع في ثمر ولا كثر ) ].
ومن نظر إلى النصوص الواردة عن الصحابة عليهم رضوان الله يجد أنهم يقدرون نصاب السرقة التي يقطع فيها بربع دينار، ومنهم من يحكي اتفاق الصدر الأول على هذا, كما حكاه ابن مفلح رحمه الله.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من سرق من الحرز.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة عن مالك بن أنس عن الزهري عن عبد الله بن صفوان عن أبيه: ( أنه نام في المسجد وتوسد رداءه، فأخذ من تحت رأسه، فجاء بسارقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع، فقال صفوان: يا رسول الله! لم أرد هذا، ردائي عليه صدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا قبل أن تأتيني به ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن رجلاً من مزينة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمار، فقال: ما أخذ في أكمامه فاحتمل فثمنه ومثله معه، وما كان في الجران ففيه القطع إذا بلغ ذلك ثمن المجن، وإن أكل ولم يأخذ فليس عليه, قال: الشاة الحريسة منهن يا رسول الله؟! قال: ثمنها ومثله معه والنكال، وما كان في المراح ففيه القطع، إذا كان ما يأخذ من ذلك ثمن المجن ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب تلقين السارق.
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سعيد بن يحيى قال: حدثنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن أبي طلحة قال: سمعت أبا المنذر مولى أبي ذر يذكر أن أبا أمية حدثه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلص فاعترف اعترافاً، ولم يوجد معه المتاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما إخالك سرقت, قال: بلى. ثم قال: ما إخالك سرقت، قال: بلى، فأمر به فقطع، قال: قل: أستغفر الله وأتوب إليه, قال: أستغفر الله وأتوب إليه. قال: اللهم تب عليه, اللهم تب عليه. مرتين ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب المستكره.
حدثنا علي بن ميمون الرقي و أيوب بن محمد الوزان و عبد الله بن سعيد قالوا: حدثنا معمر بن سليمان قال: حدثنا الحجاج بن أرطاة عن جبار بن وائل عن أبيه قال: ( استكرهت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدرأ عنها الحد، وأقامه على الذي أصابها، ولم يذكر أنه جعل لها مهراً ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن إقامة الحدود في المساجد.
حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا علي بن مسهر (ح)
وحدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا أبو حفص الأبار ؛ جميعاً عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقام الحدود في المساجد ).
حدثنا محمد بن رمح قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة عن محمد بن عجلان أنه سمع عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه عن جده: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلد الحد في المسجد ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب التعزير.
حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي بردة بن نيار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( لا يجلد أحد فوق عشر جلدات، إلا في حد من حدود الله ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا عباد بن كثير عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تعزروا فوق عشرة أسواط ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الحد كفارة.
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب و ابن أبي عدي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أصاب منكم حدًّا، فعجلت له عقوبته، فهو كفارته، ومن لا فأمره إلى الله ).
حدثنا هارون بن عبد الله الحمال قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أصاب في الدنيا ذنباً فعوقب به، فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنباً في الدنيا فستره الله عليه، فالله أكرم أن يعود في شيء قد عفا عنه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الرجل يجد مع امرأته رجلاً.
حدثنا أحمد بن عبدة و محمد بن عبيد المديني أبو عبيد قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: ( أن سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنهما قال: يا رسول الله! الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا. قال سعد: بلى، والذي أكرمك بالحق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا ما يقول سيدكم ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن الفضل بن دلهم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق قال: (
قال: فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كفى بالسيف شاهداً, ثم قال: لا، إني أخاف أن يتتابع في ذلك السكران والغيران ).
قال أبو عبد الله -يعني ابن ماجه-: سمعت أبا زرعة يقول: هذا حديث علي بن محمد الطنافسي وفاتني منه ].
وفي هذا أن الشريعة وأحكام الله سبحانه وتعالى قد تأتي على خلاف ما يريد الإنسان من حقه وغيرته، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما جعل الحق للرجل إذا وجد عند امرأته رجلاً أن يقيم الحد عليه، حتى لا تكون مفاسد في هذا، ومن هذه الفاسد هو الأخذ بالظنة والوسواس, ومن المفاسد أيضاً أنه لو قيل للرجل أن يقتل من يجد عند امرأته بلا بينة, لأصبح ذلك موضعاً للعدوان, فمن كان له عدو أتى به إلى داره فقتله وقال: وجدته عند امرأتي.
فأصبح في ذلك الدم هدر باعتبار ألا بينة إلا وجود القرينة كونه وجوده في بيته, أو في موضع مبيته، أو على فراشه، أو نحو ذلك، فهذا يكون فيه إفساد للدماء، ولهذا سدت الشريعة هذا الباب ولو كان على خلاف تشفي النفس.
فالشريعة قد تأتي على خلاف غيرة الإنسان على عرضه؛ لأن الشريعة جاءت بالعدل, وما جاءت بإشباع وحر النفس, وإطفاء جذوة الغيرة في نفوس الناس, والعدل في ذلك أشمل وأعلى وأعظم.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من تزوج امرأة أبيه من بعده.
حدثنا إسماعيل بن موسى قال: حدثنا هشيم (ح)
وحدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا حفص بن غياث جميعاً عن أشعث عن عدي بن ثابت: ( عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: مر بي خالي- سماه هشيم في حديثه: الحارث بن عمرو- وقد عقد له النبي صلى الله عليه وسلم لواءً، فقلت له: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده، فأمرني أن أضرب عنقه ).
حدثنا محمد بن عبد الرحمن ابن أخي الحسين الجعفي قال: حدثنا يوسف بن منازل التيمي قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن خالد بن أبي كريمة: ( عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه، أن أضرب عنقه وأصفّي ماله ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه.
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف قال: حدثنا ابن أبي الضيف قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من انتسب إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال: سمعت سعداً و أبا بكرة وكل واحد منهما يقول: سمعت أذناي ووعى قلبي محمداً صلى الله عليه وسلم يقول: ( من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام ).
حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا سفيان عن عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من ادعى إلى غير أبيه، لم يرح ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من نفى رجلاً من قبيلته.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا حماد بن سلمة (ح)
وحدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا سليمان بن حرب (ح)
وحدثنا هارون بن حيان قال: أنبأنا عبد العزيز بن المغيرة قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن عقيل بن طلحة السلمي عن مسلم بن هيصم: (
قال: فكان الأشعث بن قيس يقول: لا أوتى برجل نفى رجلاً من قريش من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب المخنثين.
حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال: أنبأنا عبد الرزاق قال: أخبرني يحيى بن العلاء أنه سمع بشر بن نمير أنه سمع مكحولاً يقول: إنه سمع يزيد بن عبد الله أنه سمع صفوان بن أمية قال: ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه عمرو بن قرة فقال: يا رسول الله! إن الله قد كتب علي الشقوة، فما أراني أرزق إلا من دفي بكفي، فأذن لي في الغناء في غير فاحشة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا آذن لك ولا كرامة، ولا نعمة عين، كذبت أي عدو الله, لقد رزقك الله طيباً حلالاً, فاخترت ما حرم الله عليك من رزق مكان ما أحل الله عز وجل لك من حلاله, ولو كنت تقدمت إليك لفعلت بك وفعلت, قم عني وتب إلى الله, أما إن فعلت بعد التقدمة إليك ضربتك ضرباً وجيعاً, وحلقت رأسك مثلة, ونفيتك من أهلك، وأحللت سلبك نهبة لفتيان أهل المدينة, فقام عمرو وبه من الشر والخزي ما لا يعلمه إلا الله, فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: هؤلاء العصاة من مات منهم بغير توبة حشره الله يوم القيامة كما كان في الدنيا, مخنثاً عرياناً لا يستتر من الناس بهدبة كلما قام صرع ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة ( عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها، فسمع مخنثاً وهو يقول لـعبد الله بن أبي أمية: إن يفتح الله الطائف غداً، دللتك على امرأة تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخرجوهم من بيوتكم ) ].
نقف على هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر