الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
فبأسانيدكم إلى أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه، قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تسوية الصفوف
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز، قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي القاسم الجدلي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: ( أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه، فقال: أقيموا صفوفكم ثلاثاً، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم. قال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن سماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوينا في الصفوف كما يقوم القدح، حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا أقبل ذات يوم بوجهه إذا رجل منتبذ بصدره، فقال: لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ].
بسم الله الرحمن الرحيم.
وهذا دليل على أن المعاصي لها أثر على الناس في اجتماعهم، والنبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( لتسوون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم )، وجاء في رواية: ( بين قلوبكم )، أن المعصية لها أثر على اجتماع الناس، وعلى وحدة الصف، فإذا وجد في مجتمع من المجتمعات الفرقة وتنافر الناس، فليعلم أن هذا بسبب المعاصي، وهذا الأمر الذي يستهين به ربما بعض الناس في مسألة تسوية الصفوف انظروا إلى أثره في الناس، فيخالف الله عز وجل بين الوجوه، يعني: يظهر فيهم النفاق والتصنع لبعضهم مع تنكر قلوب بعضهم لبعض، وكلما كان الناس إلى الطاعة أقرب كانوا إلى الاجتماع والألفة أقرب.
وفي هذا أيضاً: أن قرب الناس مع بعضهم واجتماعهم يؤدي إلى ائتلافهم، وأما إذا تنافروا وابتعد الإنسان عن أخيه ربما أنف عن دنوه منه، هذا أدى إلى نفرة القلوب، وجاءت الصلاة وشرع تسوية الصفوف وقرب الناس من بعضهم، وتراصهم وإلزاق المناكب والأكعب ببعضها؛ كسراً لحواجز النفوس، وأنفة الناس أن يقرب الأخ من أخيه، وهذا يقرب القلوب ما تقاربت الأبدان.
وفي هذا إشارة إلى أنه كلما قربت الأبدان قربت القلوب، فإذا اجتمع الناس اجتمعت قلوبهم، وإذا تنافروا من جهة الأبدان أن قلوبهم تتنافر، وكم من الناس يكون في نفسه على أخيه، فإذا التقى به زال ما في قلبه على أخيه، ولهذا شرعت جماعة الناس، وشرعت الصلوات الخمس، وشرعت إجابة الدعوة في الوليمة وغيرها، حتى يلتقي الناس ويزول ما يجدونه في قلوبهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري و أبو عاصم بن جواس الحنفي عن أبي الأحوص عن منصور عن طلحة اليامي عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول ).
حدثنا ابن معاذ قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة عن سماك قال: سمعت النعمان بن بشير قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا إذا قمنا للصلاة فإذا استوينا كبر ).
حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال: حدثنا ابن وهب، ح وحدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث وحديث ابن وهب أتم عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر قال قتيبة: عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة لم يذكر ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم -لم يقل عيسى: بأيدي إخوانكم- ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله ). قال أبو داود: أبو شجرة كثير بن مرة .
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبان عن قتادة عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي و سليمان بن حرب قالا: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة ).
حدثنا قتيبة قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن محمد بن مسلم بن السائب صاحب المقصورة، قال: ( صليت إلى جنب أنس بن مالك يوماً فقال: هل تدري لم صنع هذا العود؟ فقلت: لا والله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده عليه، فيقول: استووا وعدلوا صفوفكم ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا حميد بن الأسود قال: حدثنا مصعب بن ثابت عن محمد بن مسلم عن أنس بهذا الحديث، قال: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه ثم التفت، فقال: اعتدلوا، سووا صفوفكم، ثم أخذه بيساره، فقال: اعتدلوا سووا صفوفكم ).
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا عبد الوهاب -يعني: ابن عطاء- عن سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أتموا الصف المقدم، ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر ).
حدثنا ابن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان قال: أخبرني عمي عمارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خياركم ألينكم مناكب في الصلاة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصفوف بين السواري
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن يحيى بن هانئ عن عبد الحميد بن محمود قال: ( صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة، فدفعنا إلى السواري، فتقدمنا وتأخرنا، فقال أنس: وكنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر
حدثنا ابن كثير قال: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا خالد عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد: ( ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا سفيان عن أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف ) ].
وهيشات الأسواق هي فضول الأقوال التي يقولها الناس من فراغهم، وهي الميادين التي يجلس فيها الناس عموماً، ويتحدثون فيها، والأسواق تطلق في كلام العرب ويراد بذلك السكك والطرق التي يتحدث فيها الناس، وهذه المواضع ليست لأحاديث الناس الهامة، وإنما لأحاديث الفضول، فيتحدثون في الذاهب والغادي والرائح، وغير ذلك حتى يخرج الأمر عن مقصده، فيفسد الإنسان، أو يفسد القائل والمقول فيه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مقام الصبيان من الصف
حدثنا عيسى بن شاذان قال: حدثنا عياش الرقام قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا قرة بن خالد قال: حدثنا بديل قال: حدثنا شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال: قال أبو مالك الأشعري: ( ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقام الصلاة، وصف الرجال وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم فذكر صلاته، ثم قال: هكذا صلاته ) قال عبد الأعلى: لا أحسبه إلا قال: أمتي].
ولا يثبت أن للصبيان صفاً منفرداً، وإنما يصلون مع الناس، والأحاديث الواردة في أن للصبيان صفاً مستقلاً منفرد لا يثبت منها شيء، فالصبي يكون مع الناس، بل لو كان أقرأهم يكون إماماً، فكيف لا يكون مع الصفوف، ولكن بالنسبة لخلف الإمام يكون الأقرأ والأعقل، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى )، والتولي هنا يعني: القرب والدنو، والأحلام البالغين، والنهى أصحاب العقول الراجحة، وذلك حتى يفتح عليه، وكذلك فإن الأقرب أن يكون لدى الكبير الكبار، فإن هذا أحظى وأولى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول
حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا خالد وإسماعيل بن زكريا عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ).
حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا عبد الرزاق عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار )].
وهذا يدل على أن التأخر عن الإتيان إلى الصلاة وعدم الحرص على الصف الأول على سبيل الدوام أن هذا أمارة على النفاق، لقول الله عز وجل: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142]، يعني: أن الإنسان إذا قام كسلان، فإنه لا يعتاد إلى الإتيان إلى الصف الأول، وإذا غلب عليه هذا، فهذا شعبة من النفاق، ربما يردي صاحبه في النار، أما على سبيل الاعتراض، فقد يطرأ على الإنسان شيء عارض، ولكن يجب عليه أن يتأكد في حضوره إلى الصف الأول حتى ينفي النفاق عن نفسه.
وفي هذا دليل على أن المكروهات إذا داوم عليها الإنسان أصبحت آثاماً ومحرمات، الصف الثاني والثالث والرابع تأخر الإنسان عنها يكره أن يتأخر الإنسان إليها، ويستحب له أن يتقدم، ولا يأثم في المرة الأولى، لكن لو أصبح ديدن هذا المكروه وصل إلى التحريم، ولهذا جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يئول هذا بصاحبه إلى النار؛ لأنه علامة وأمارة على شعور النفاق، وفي جعل صفوف الرجال خيرها أولها وشرها آخرها، وهذا دليل على المباعدة بين مواضع الرجال والنساء، وهذا في موضع الصلاة مع اختلاف الجهة، الرجال متوجهون إلى القبلة، يعني: يستدبرون النساء، ومع ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها ).
وبعضهم يقول في هذا: إن هذا لا علاقة له بالمباعدة بين الرجال والنساء، وذلك أن الرجل لو صلت خلفه الزوجة أو أمه فإنها تكون وراءه، فكيف يكون هذا؟
نقول: هاتان مسألتان:
المسألة الأولى: أن النساء خلف الرجال، كحال المأموم خلف الإمام، هذه مسألة مستقلة.
المسألة الثانية: وهي داخل صفوف النساء، أن الصف الأخير أفضل من الصف الأول، وهذه مسألة غير المسألة الأولى، والخلط بين المسألتين غلط.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل و محمد بن عبد الله الخزاعي قالا: حدثنا أبو الأشهب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً، فقال لهم: تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مقام الإمام من الصف
حدثنا جعفر بن مسافر قال: حدثنا ابن أبي فديك عن يحيى بن بشير بن خلاد عن أمه، أنها دخلت على محمد بن كعب القرظي، فسمعته يقول: حدثني أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وسطوا الإمام، وسدوا الخلل ) ].
وهذا الحديث في إسناده مجهولان.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يصلي وحده خلف الصف
حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر قالا: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن هلال بن يساف عن عمرو بن راشد عن وابصة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد -قال سليمان: الصلاة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يركع دون الصف
حدثنا حميد بن مسعدة أن يزيد بن زريع حدثهم قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن زياد الأعلم قال: حدثنا الحسن ( أن أبا بكرة حدث أنه دخل المسجد ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع، قال: فركعت دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصاً ولا تعد ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا زياد الأعلم عن الحسن: ( أن أبا بكرة جاء ورسول الله راكع، فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: أيكم الذي ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف؟ فقال أبو بكرة: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصاً، ولا تعد )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يستر المصلي
حدثنا محمد بن كثير العبدي قال: أخبرنا إسرائيل عن سماك عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: (آخرة الرحل ذراع فما فوقه).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها، والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثم اتخذها الأمراء ).
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة، الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، يمر خلف العنزة المرأة والحمار )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الخط إذا لم يجد عصا
حدثنا مسدد قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا إسماعيل بن أمية قال: حدثني أبو عمرو بن محمد بن حريث أنه سمع جده حريثاً يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصاً، فإن لم يكن معه عصاً فليخطط خطاً، ثم لا يضره ما مر أمامه ).
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا علي -يعني: ابن المديني- عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث رجل من بني عذرة عن أبي هريرة عن أبي القاسم صلى الله عليه وسلم قال: فذكر حديث الخط، قال سفيان: لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه، قال: قلت لـسفيان: إنهم يختلفون فيه ففكر ساعة ثم قال].
وحديث الخط لا يثبت، وفي قول سفيان: لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، هذا دليل على أنهم يقوون الحديث بمجموع الطرق، وأنه منهج عند النقاد المتقدمين، ولكن الباب ضيق عندهم وهو يختلف عن توسع المتأخرين، وسترة المصلي سنة مؤكدة وليست بواجبة، ويقوي هذا القول أنه جاء في حديث عبد الله بن عباس في الصحيحين ( أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بمنى إلى غير جدار ) ونفي الجدار هنا إشارة إلى نفي السترة، وإلا فالسترة لا فرق بين ذكرها سواءً كانت إلى جدار أو إلى غيره، كذلك جاء من حديث هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي إلى غير سترة، وذهب إلى هذا جماعة من السلف، لكنها من المتأكدات، وتتأكد عن الإنسان إذا كان عنده أحد، ولكنها سنة حتى لو كان الإنسان خالياً، حتى لا يقطع الشيطان عليه صلاته، فجاءت العلة في الشيطان، وجاءت العلة أيضاً في الإنسان.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال: قلت لـسفيان: إنهم يختلفون فيه ففكر ساعة، ثم قال: ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو، قال سفيان: قدم هاهنا رجل بعدما مات إسماعيل بن أمية، فطلب هذا الشيخ أبا محمد حتى وجده فسأله عنه فخلط عليه، قال أبو داود: وسمعت أحمد -يعني: ابن حنبل- سئل عن وصف الخط غير مرة، فقال: هكذا عرضاً مثل الهلال، وسمعت مسدداً قال ابن داود: الخط بالطول.
حدثنا عبد الله بن محمد الزهري قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: ( رأيت شريكاً صلى بنا في جنازة العصر، فوضع قلنسوته بين يديه ). يعني: في فريضة حضرت].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصلاة إلى الراحلة
حدثنا عثمان بن أبي شيبة و وهب بن بقية و ابن أبي خلف وعبد الله بن سعيد، قال عثمان: حدثنا أبو خالد قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه
حدثنا محمود بن خالد الدمشقي قال: حدثنا علي بن عياش قال: حدثنا أبو عبيدة الوليد بن كامل عن المهلب بن حجر البهراني عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها قال: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له صمداً ) ].
وهذا لا يثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام كان لا يصمد إليها، وهذا وإن كان يقول به الإمام أحمد ويحتج به، لكنه ربما يأخذه على سبيل الاحتياط، وذلك أن الإنسان إذا استقبل السترة ربما يظن أنه يسجد أو يصلي لها، ولكن يميل عنها شيئاً يميناً أو يساراً، هذا التعليل الذي يقول به بعض الفقهاء في معنى هذا الحديث والعمل به، ولكن الأمر في هذا سعة، بل لا يثبت في هذا دليل، سواءً صوب إليها، أو مال عنها يميناً أو شمالاً، فإن هذا لا حرج فيه، ما سترته وكانت أمارة على حاجز بينه وبين من يمر بين يديه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي قال: قلت له: يعني لـعمر بن عبد العزيز: حدثني عبد الله بن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدنو من السترة
حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان قال: أخبرنا سفيان، ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وحامد بن يحيى وابن السرح، قالوا: حدثنا سفيان عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي حثمة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن، منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته )، قال أبو داود: ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه، أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد، واختلف في إسناده.
حدثنا القعنبي و النفيلي قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال: أخبرني أبي عن سهل قال: ( وكان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز )، الخبر للنفيلي ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه
حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ).
حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها )، ثم ساق معناه.
حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي قال: أخبرنا أبو أحمد الزبيري قال: أخبرنا مسرة بن معبد اللخمي لقيته بالكوفة، قال: حدثني أبو عبيد حاجب سليمان قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائماً يصلي فذهبت أمر بين يديه فردني، ثم قال: حدثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا سليمان يعني ابن المغيرة عن حميد يعني ابن هلال قال: قال أبو صالح: أحدثك عما رأيت من أبي سعيد وسمعته منه، دخل أبو سعيد على مروان، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي
حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي؟ فقال أبو جهيم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه ). قال أبو النضر: لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقطع الصلاة
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة، ح وحدثنا عبد السلام بن مطهر وابن كثير المعنى أن سليمان بن المغيرة أخبرهم عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال حفص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقطع صلاة الرجل )، وقال: عن سليمان قال أبو ذر: يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه قيد آخرة الرحل: الحمار والكلب الأسود والمرأة فقلت: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟ فقال: يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: ( الكلب الأسود شيطان ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة قال: حدثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس رفعه شعبة قال: ( يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب )، قال أبو داود: أوقفه سعيد و هشام و همام عن قتادة عن ابن عباس .
حدثنا محمد بن إسماعيل البصري قال ].
الشيخ: عن قتادة عن جابر كذا عندكم؟ عن قتادة؟
مداخلة: نعم عن قتادة فيه نسخة زيادة من الباب .. عن جابر بن زيد عن ابن عباس .
الشيخ: الأقرب أنها عن جابر بن زيد، أنا لا يوجد عندي جابر، لكن الأقرب أنه عن جابر بن زيد، قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس . نعم.
مداخلة: قال: حدثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس، كذا يا شيخ؟!
الشيخ: قال أبو داود: أوقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس. نعم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: أوقفه سعيد و هشام و همام عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس . نعم.
قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البصري قال: حدثنا معاذ قال: حدثنا هشام عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة، ويجزئ عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر )، قال أبو داود: في نفسي من هذا الحديث شيء كنت أذاكر به إبراهيم وغيره، فلم أر أحداً جاء به عن هشام ولا يعرفه، ولم أر أحداً يحدث به عن هشام وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة، والمنكر فيه ذكر المجوسي فيه على قذفة حجر، وذكر الخنزير فيه نكارة. قال أبو داود: ولم أسمع هذا الحديث إلا من محمد بن إسماعيل، وأحسبه وهم لأنه كان يحدثنا من حفظه.
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا وكيع عن سعيد بن عبد العزيز عن مولى لـيزيد بن نمران عن يزيد بن نمران قال: ( رأيت رجلاً بتبوك مقعداً، فقال: مررت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على حمار وهو يصلي، فقال: اللهم اقطع أثره، فما مشيت عليها بعد ) ].
وهذا لا يصح، في إسناده مولى لـيزيد وهو مجهول.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا كثير بن عبيد يعني المذحجي قال: حدثنا أبو حيوة عن سعيد بإسناده ومعناه زاد قال: ( قطع صلاتنا قطع الله أثره )، قال أبو داود: ورواه أبو مسهر عن سعيد قال فيه: ( قطع صلاتنا ).
حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، وحدثنا سليمان بن داود قالا: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني معاوية عن سعيد بن غزوان عن أبيه: ( أنه نزل بتبوك وهو حاج فإذا هو برجل مقعد فسأله عن أمره فقال له: سأحدثك حديثاً فلا تحدث به ما سمعت أني حي، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بتبوك إلى نخلة فقال: هذه قبلتنا، ثم صلى إليها، فأقبلت وأنا غلام أسعى حتى مررت بينه وبينها فقال: قطع صلاتنا قطع الله أثره، فما قمت عليها إلى يومي هذا )].
أما بالنسبة لقطع الصلاة في المرور بين يدي المصلي، بالنسبة للمرأة جاء عن عائشة عليها رضوان الله تعالى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي وهي معترضة بين يديه، فإذا سجد النبي عليه الصلاة والسلام غمزها، والاعتراض في ذلك أثره في ذلك كحال المرور، وأما بالنسبة للحمار فجاء في حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى، وإن كان المرور بين يدي الصف كما جاء في الصحيحين، ونقول: أقوى ما يقطع الصلاة الكلب، أما بالنسبة للمرأة الأرجح أنها لا تقطع على الصحيح، ولا يدفع الإنسان إذا شق عليه، أيضاً لا يدفع الإنسان ما مر بين يديه إذا شق عليه، ويظهر هذا في الحرم، ولهذا يقول الله جل وعلا: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ [آل عمران:96]، جاء عن غير واحد من المفسرين قال: يبك بعضها بعضاً، يمر الرجل بين يدي المرأة، وتمر المرأة بين يدي الرجل، وجاء هذا أيضاً عن أبي جعفر كما روى ابن جرير الطبري في كتابه التفسير أن الرجل والمرأة يمران بين أيديهم ولا يقطع الصلاة شيء، وهذا استثناء حمله بعضهم على استثناء لوجود المشقة، وجاء في حديث كثير عن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه عن جده أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي عند البيت، والرجال والنساء يمرون بين يديه لا يصير منه شيء، وهذا الحديث منكر، لكن معناه جاء عن بعض السلف. نعم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب سترة الإمام سترة من خلفه
حدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: ( هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر فحضرت الصلاة فصلى -يعني: إلى جدار- فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بهمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار، ومرت من ورائه )، أو كما قال مسدد .
حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر قالا: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل يتقيه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة عن عائشة قالت: ( كنت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة -قال شعبة: أحسبها قالت: وأنا حائض- ) قال أبو داود: رواه الزهري و عطاء و أبو بكر بن حفص و هشام بن عروة و عراك بن مالك و أبو الأسود و تميم بن سلمة كلهم عن عروة عن عائشة و إبراهيم عن الأسود عن عائشة و أبو الضحى عن مسروق عن عائشة و القاسم بن محمد و أبو سلمة عن عائشة لم يذكروا: وأنا حائض.
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة راقدة على الفراش الذي يرقد عليه، حتى إذا أراد أن يوتر أيقظها فأوترت ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: سمعت القاسم يحدث عن عائشة قالت: ( بئسما عدلتمونا بالحمار والكلب: لقد رأيت رسول الله يصلي وأنا معترضة بين يديه فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتها إلي، ثم يسجد ).
حدثنا عاصم بن النضر قال: حدثنا المعتمر قال: حدثنا عبيد الله عن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت: ( كنت أكون نائمة ورجلاي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل، فإذا أراد أن يسجد ضرب رجلي فقبضتهما فسجد ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر، ح قال أبو داود: وحدثنا القعنبي قال: حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد، -وهذا لفظه- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت: ( كنت أنام وأنا معترضة في قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمامه إذا أراد أن يوتر ). زاد عثمان: (غمزني) ثم اتفقا فقال: (تنحي)].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال: الحمار لا بقطع الصلاة
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: جئت على حمار، ح وحدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أنه قال: ( أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنًى، فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك أحد ) قال أبو داود: هذا لفظ القعنبي، وهو أتم، قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصلاة.
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن منصور عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن أبي الصهباء قال: تذاكرنا ما يقطع الصلاة عند ابن عباس فقال: ( جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فنزل ونزلت وتركنا الحمار أمام الصف، فما بالاه وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب، فدخلتا بين الصف فما بالى ذلك ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة وداود بن مخراق الفريابي قالا: حدثنا جرير عن منصور بهذا الحديث بإسناده قال: فجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا فأخذهما قال عثمان: ففرع بينهما، وقال داود: فنزع إحداهما عن الأخرى فما بالى ذلك].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة
حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: حدثني أبي عن جدي عن يحيى بن أيوب عن محمد بن عمر بن علي عن عباس بن عبيد الله بن عباس عن الفضل بن عباس قال: ( أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ومعه عباس، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة وحمارة لنا، وكلبة يعبثان بين يديه فما بالى ذلك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقطع الصلاة شيء وادرأوا ما استطعتم فإنما هو شيطان ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا مجالد قال: حدثنا أبو الوداك قال: مر شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري وهو يصلي فدفعه، ثم عاد فدفعه ثلاث مرات، فلما انصرف قال: إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ادرأوا ما استطعتم فإنه شيطان )، قال أبو داود: (إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده) ].
وهذا من الفقه، أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يوجهون ويرجحون الأدلة الواردة في هذا، ولهذا لا بد من النظر إليه لتفسير كلام النبي عليه الصلاة والسلام، والجمع بين متعارضه وفهم وجهه في حال اعتراضه في الظاهر، ولا بد من معرفة أقوالهم، ولهذا كان غير واحد من السلف يعتمد على أقواله في الفصل في هذا، والتفسير مرفوع، ولهذا يقول إبراهيم النخعي، يقول: كل حديث يردني عن النبي عليه الصلاة والسلام لم يعمل به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أبالي أن أروي به يعني: إما أن يكون طرأ عليه نسخ، أو ربما وهم وغلط، والحديث في نفي قطع الصلاة أنه لا يقطعها شيء، الأحاديث في هذا معلولة، كلها معلولة. نعم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر