الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
فبأسانيدكم إلى أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه، قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا عمر بن عبد الواحد وبشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز، كراهية أن أشق على أمه ).
حدثنا قتيبة بن سعيد عن بكر -يعني: ابن مضر- عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن عبد الله بن عنمة المزني عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تخفيف الصلاة
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان عن عمرو وسمعه من جابر: ( كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع فيؤمنا -قال مرة: ثم يرجع فيصلي بقومه- فأخر النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الصلاة -وقال مرة: العشاء- فصلى معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء يؤم قومه، فقرأ البقرة فاعتزل رجل من القوم فصلى، فقيل: نافقت يا فلان! فقال: ما نافقت، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن معاذاً يصلي معك، ثم يرجع فيؤمنا يا رسول الله! وإنما نحن أصحاب نواضح ونعمل بأيدينا، وإنه جاء يؤمنا فقرأ بسورة البقرة، فقال: يا معاذ! أفتان أنت، أفتان أنت؟ اقرأ بكذا، اقرأ بكذا -قال أبو الزبير: بسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى- فذكرنا لـعمرو، فقال: أراه قد ذكره ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا طالب بن حبيب قال: سمعت عبد الرحمن بن جابر يحدث عن حزم بن أبي بن كعب ( أنه أتى معاذ بن جبل وهو يصلي بقوم صلاة المغرب في هذا الخبر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ! لا تكن فتاناً، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة والمسافر )].
بسم الله الرحمن الرحيم.
والفتنة هي كل ما صد الإنسان عن الحق، أو جعله مضطرباً بينه وبين الباطل، فإذا فتن الإنسان وصرف عن الحق، أو انتكس عنه، أو صرف غيره، أو أضعف يقينه به، فقد فتن الناس، والفتنة تكون بالقول والفعل، وكذلك بالقلب الذي يقع في قلب الإنسان.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: ( كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد وأقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن ).
حدثنا يحيى بن حبيب قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا محمد بن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر -ذكر قصة معاذ- قال: وقال يعني النبي صلى الله عليه وسلم للفتى: ( كيف تصنع يا ابن أخي إذا صليت؟ قال: أقرأ بفاتحة الكتاب وأسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني ومعاذ حول هاتين، أو نحو هذا ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب و أبي سلمة عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم السقيم والشيخ الكبير وذا الحاجة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب القراءة في الظهر
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن قيس بن سعد وعمارة بن ميمون وحبيب عن عطاء بن أبي رباح أن أبا هريرة قال: ( في كل صلاة يقرأ فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم ) ].
والضعيف هو أمير الجماعة، ومعنى أمير الجماعة هو الذي يكون الحكم في هذا من جهة الطول والقصر، فيحكم به، فإذا كان في الجماعة ضعيف ومحتاج فهو أمير، يعني: به يأتمرون، فلا تطال الصلاة حتى لا يشق عليه، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( فليخفف، فإن فيهم السقيم والشيخ والكبير وذا الحاجة ).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن هشام بن أبي عبد الله قال: وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي عن الحجاج -وهذا لفظه- عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة قال ابن المثنى و أبي سلمة: اتفقا عن أبي قتادة قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحياناً، وكان يطول الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية وكذلك في الصبح )، لم يذكر مسدد فاتحة الكتاب وسورة.
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا همام و أبان بن يزيد العطار عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه ببعض هذا، وزاد في الأخريين بفاتحة الكتاب، وزاد همام قال: وكان يطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية، وهكذا في صلاة العصر، وهكذا في صلاة الغداة.
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، قال: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى.
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر قال: قلنا لـخباب: ( هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته صلى الله عليه وسلم ) ].
وفي هذا جواز أن ينظر المصلي إلى غير موضع سجوده، فإنهم ينظرون إلى النبي عليه الصلاة والسلام ويعرفون قراءته باضطراب لحيته، فإنهم ينظرون أمامهم، أو ربما لاحظوا عن يمين وشمال، فاللحظ الذي لا يذهب الخشوع لا بأس به.
مداخلة: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس، هذا ما يمكن أن يستدل به على اعتبار الإمام والداخل على الركوع؟
الشيخ: يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى، يعني: هذا ظن وليس بقطع، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يطيل الركعة الأولى، والأصل في ذلك أن تطال، سواءً كان الإنسان منفرداً أو كان في جماعة، وهذا هو السنة، وهل للإمام أن ينتظر المأمومين بالصلاة فيطيل، أو إذا سمع أحداً وهو راكع أن ينتظر فلا يقوم حتى يدخل الناس في الصف، فهل هذا فيه أصل؟
لا أعلم في ذلك أصلاً عن النبي عليه الصلاة والسلام، بعض العلماء ينهي عنه كأهل الرأي فإنهم ينهون عنه، بل يشددون في ذلك، ويجعلون من انتظر في حكم من فعل عبادة لغير الله، وجماهير العلماء لا يقولون بهذا القول، إنما يخففون وييسرون فيه.
وفعل العبادة يختلف عن تيسيرها، ففعل العبادة كأن يطيل الإنسان لأجل أحد في الخارج ليأتي، هذا يختلف عن التخفيف لوجود شيء، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث أنس ( كان يخفف إذا سمع صياح الصبي ) وذلك شفقة على أمه، فهذا تخفيف، والتخفيف والترك يختلف عن العمل، والعمل يشدد فيه ما لا يشدد في أبواب الترك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عفان قال: حدثنا همام قال: حدثنا محمد بن جحادة عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفى: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تخفيف الأخريين
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن محمد بن عبيد الله أبي عون عن جابر بن سمرة قال: قال عمر لـسعد: ( قد شكاك الناس في كل شيء حتى في الصلاة، قال: أما أنا فأمد في الأوليين، وأحذف في الأخريين، ولا آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ذاك الظن بك ).
حدثنا عبد الله بن محمد -يعني: النفيلي- قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا منصور عن الوليد بن مسلم الهجيمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: ( حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر ثلاثين آية قدر الم تنزيل السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين على النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر، وحزرنا قيامه في الأخريين من العصر على النصف من ذلك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء والطارق والسماء ذات البروج ونحوهما من السور ).
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن سماك سمع جابر بن سمرة قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دحضت الشمس صلى الظهر وقرأ بنحو من والليل إذا يغشى والعصر كذلك والصلوات كذلك، إلا الصبح فإنه كان يطيلها ).
حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا معتمر بن سليمان و يزيد بن هارون و هشيم عن سليمان التيمي عن أمية عن أبي مجلز عن ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع فرأينا أنه قرأ تنزيل السجدة ). قال ابن عيسى: لم يذكر أمية أحد إلا معتمر.
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الوارث عن موسى بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن عبيد الله قال: ( دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم فقلنا لشاب منا: سل ابن عباس أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا، لا، فقيل له: لعله كان يقرأ في نفسه، فقال: خمشاً هذه شر من الأولى، كان عبداً مأموراً بلغ ما أرسل به وما اختصنا دون الناس بشيء إلا بثلاث خصال، أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزي الحمار على الفرس ).
حدثنا زياد بن أيوب قال: أخبرنا هشيم قال: حدثنا حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قدر القراءة في المغرب
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس: ( أن أم الفضل بنت الحارث سمعته وهو يقرأ: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا [المرسلات:1]، فقالت: يا بني! لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة، إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، أنه قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بـالطور في المغرب ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج حدثني ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت: ( ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين؟ قال: قلت: ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف والأخرى الأنعام ). قال: وسألت أنا ابن أبي مليكة، فقال لي من قبل نفسه: المائدة والأعراف ].
اختلف العلماء عليهم رحمة الله فيما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قرأ فيه في الصلوات، هل المقصود السورة في ذاتها أم المقصود في ذلك طولها وقصرها وأحزابها؟ على قولين: منهم من قال: إن المقصود السورة بذاتها، ومنهم من قال: إن المقصود ما كان من جنسها، وذهب إلى هذا جماعة من العلماء كـابن عبد البر عليه رحمة الله، وهذا هو الأظهر، إلا إذا كان ثمة قرينة تؤكد أن السورة مقصودة بعينها، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام يكررها، إذا ثبت أنه كررها في غير ما خبر فهو قصدها بذاتها، وإذا جاء في خبر واحد أنه قرأ في سورة من الطوال، فهو أراد الطوال وما أراد هذه السورة، وإذا جاء أنه صلى في صلاة فقرأ في سورة من الأواسط أو القصار فإنه أراد القصار والأواسط، وما أراد هذه السورة إلا إذا جاء الدليل عنه في غير ما موضع ومن غير وجه أنه قرأ بسورة بعينها فهو أرادها بعينها، وأراد أيضاً ما كان مثلها من أحزاب القرآن.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من رأى التخفيف فيها
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا هشام بن عروة: ( أن أباه كان يقرأ في صلاة المغرب بنحو ما تقرءون والعاديات ونحوها من السور ). قال أبو داود: هذا يدل على أن ذاك منسوخ.
حدثنا أحمد بن سعيد السرخسي قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أنه قال: ( ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة ).
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا قرة عن النزال بن عمار عن أبي عثمان النهدي: ( أنه صلى خلف ابن مسعود المغرب، فقرأ قل هو الله أحد )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن ابن أبي هلال عن معاذ بن عبد الله الجهني أن رجلاً من جهينة أخبره: ( أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1] في الركعتين كلتيهما، فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمداً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب القراءة في الفجر
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا عيسى -يعني: ابن يونس- عن إسماعيل عن أصبغ مولى عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث قال: ( كأني أسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الغداة: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [التكوير:15-16] )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من ترك القراءة في صلاته
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: ( أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر ).
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا عيسى عن جعفر بن ميمون البصري قال: حدثنا أبو عثمان النهدي قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اخرج فناد في المدينة أنه لا صلاة إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب فما زاد ) ].
وذكر لفظة: (ما تيسر) في حديث أبي سعيد غير محفوظة، وكذلك في حديث أبي هريرة، وما زاد غير محفوظة، وجاء في رواية أيضاً (فصاعداً).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن بشار قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا جعفر عن أبي عثمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي: أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، فما زاد ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير تمام. قال: فقلت: يا أبا هريرة ! إني أكون أحياناً وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها يا فارسي في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا يقول العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] يقول الله عز وجل: حمدني عبدي، يقول: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1] يقول الله عز وجل: أثنى علي عبدي، يقول العبد: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] يقول الله عز وجل: مجدني عبدي، وهذه الآية بيني وبين عبدي، يقول العبد: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] فهذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، يقول العبد: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] يقول الله: فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل ).
حدثنا قتيبة بن سعيد و ابن السرح قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً ) ].
هذه الزيادة (فصاعداً) غير محفوظة، وما يجب على الإنسان أن يقرأ هو فاتحة الكتاب، وما عدا ذلك سنة، وهي سنة متأكدة في الركعتين الأوليين، ولا تقرأ إلا الفاتحة فيما زاد عن ذلك، إذا صلى الإنسان الصلاة بتسليم واحد، سواءً كان ذلك نافلة أو فريضة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال سفيان: لمن يصلي وحده.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: ( كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: لعلكم تقرءون خلف إمامكم. قلنا: نعم هذاً يا رسول الله! قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ).
حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الهيثم بن حميد قال: أخبرني زيد بن واقد عن مكحول عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري قال نافع: ( أبطأ عبادة بن الصامت عن صلاة الصبح، فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة فصلى أبو نعيم بالناس، وأقبل عبادة وأنا معه، حتى صففنا خلف أبي نعيم و أبو نعيم يجهر بالقراءة فجعل عبادة يقرأ أم القرآن، فلما انصرف قلت لـعبادة: سمعتك تقرأ بأم القرآن و أبو نعيم يجهر، قال: أجل صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة قال: فالتبست عليه القراءة فلما انصرف أقبل علينا بوجهه، وقال: هل تقرءون إذا جهرت بالقراءة؟ فقال بعضنا: إنا نصنع ذلك، قال: فلا، وأنا أقول: ما لي ينازعني القرآن، فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن ).
حدثنا علي بن سهل الرملي قال: حدثنا الوليد عن ابن جابر و سعيد بن عبد العزيز و عبد الله بن العلاء عن مكحول عن عبادة نحو حديث الربيع بن سليمان قالوا: فكان مكحول يقرأ في المغرب والعشاء والصبح بفاتحة الكتاب في كل ركعة سراً، قال مكحول: اقرأ بها فيما جهر به الإمام إذا قرأ بفاتحة الكتاب، وسكت سراً، فإن لم يسكت اقرأ بها قبله ومعه وبعده لا تتركها على كل حال].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من رأى القراءة إذا لم يجهر
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله! قال: إني أقول: ما لي أنازع القرآن؟ قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال أبو داود: روى حديث ابن أكيمة هذا معمر و يونس و أسامة بن زيد عن الزهري على معنى مالك.
حدثنا مسدد و أحمد بن محمد المروزي و محمد بن أحمد بن أبي خلف و عبد الله بن محمد الزهري و ابن السرح قالوا: حدثنا سفيان عن الزهري قال: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة نظن أنها الصبح ) بمعناه إلى قوله: ( ما لي أنازع القرآن ) قال أبو داود: قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر: عن الزهري قال أبو هريرة: فانتهى الناس، وقال عبد الله بن محمد الزهري: من بينهم، قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس، قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله: (ما لي أنازع القرآن) ورواها الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري: فاتعظ المسلمون بذلك فلم يكونوا يقرءون معه فيما جهر به صلى الله عليه وسلم، قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس قال: قوله: فانتهى الناس من كلام الزهري .
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة، ح وحدثنا محمد بن كثير العبدي قال: أخبرنا شعبة المعنى عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر، فجاء رجل فقرأ خلفه سبح اسم ربك الأعلى، فلما فرغ قال: أيكم قرأ؟ قالوا: رجل، قال: قد عرفت أن بعضكم خالجنيها ) قال أبو داود: قال أبو الوليد في حديثه: قال شعبة: فقلت لـقتادة: أليس قول سعيد أنصت للقرآن؟ قال: ذاك إذا جهر به، وقال ابن كثير في حديثه: قال: قلت لـقتادة: كأنه كرهه. قال: لو كرهه نهى عنه.
حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين: ( أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر، فلما انفتل قال: أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى؟ فقال رجل: أنا، فقال: علمت أن بعضكم خالجنيها ) ].
قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، ويقرؤها الإمام في الصلاة الجهرية والسرية، وبالنسبة للمأموم يقرؤها في السرية، وبالنسبة للمنفرد يقرؤها في كل حال، وهي ركن في جميع ركعات الصلاة، ويحمل الإمام عن المأموم في الصلاة الجهرية، ولا يقرأ المأموم مع الإمام في صلاته، لا معه مع حروفه، ولا في سكتاته، وهذا هو الثابت عن جماعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، صح ذلك عن عبد الله بن مسعود و جابر بن عبد الله، و عبد الله بن عمر وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم لا يرون القراءة خلف الإمام في الصلاة الجهرية، فقراءة الإمام له قراءة، وهذا ظاهر في كلام الله سبحانه وتعالى، فإن الله عز وجل يقول: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204]، الإنصات المراد بذلك هو في الصلاة، أي: أن الإنسان لا يقرأ، وإنما شرع جهر الإمام في الصلاة ليستمع المأموم، وإلا لم يكن ثمة معنى أن يجهر الإمام، ثم يقرأ المأموم وكل يقرأ لنفسه، وهذا يخالف المقصود من الجهر أصلاً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة
حدثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا خالد عن حميد الأعرج عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والأعجمي، فقال: اقرءوا فكل حسن، وسيجي أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو و ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن وفاء بن شريح الصدفي عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: ( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ونحن نقترئ، فقال: الحمد لله كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر وفيكم الأبيض وفيكم الأسود، اقرءوه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقوم السهم يتعجل أجره ولا يتأجله ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع بن الجراح قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني منه، قال: قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: يا رسول الله! هذا لله عز وجل فما لي؟ قال: قل: اللهم ارحمني وارزقني وعافني واهدني، فلما قام قال هكذا بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد ملأ يده من الخير ).
حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع قال: أخبرنا أبو إسحاق -يعني: الفزاري- عن حميد عن الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( كنا نصلي التطوع ندعو قياماً وقعوداً، ونسبح ركوعاً وسجوداً ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن حميد مثله لم يذكر التطوع، قال: كان الحسن يقرأ في الظهر والعصر إماماً أو خلف إمام بفاتحة الكتاب ويسبح ويكبر ويهلل قدر ق، والذاريات].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تمام التكبير
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد عن غيلان بن جرير عن مطرف قال: (صليت أنا و عمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه: فكان إذا سجد كبر وإذا ركع كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما انصرفنا أخذ عمران بيدي، وقال: لقد صلى هذا قبل -أو قال: لقد صلى بنا هذا قبل- صلاة محمد صلى الله عليه وسلم ) ].
الشيخ: قبل أو قبل.
مداخلة: هكذا ضبطت أحسن الله إليك (قبل).
الشيخ: لقد صلى بنا هذا قبل صلاة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وقال: لقد صلى هذا قبل، أو قال: لقد صلى بنا هذا قبل صلاة محمد صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا أبي وبقية عن شعيب عن الزهري قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن و أبو سلمة: ( أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها، يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: ربنا ولك الحمد قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر حين يهوي ساجداً، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في اثنتين، فيفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة، ثم يقول حين ينصرف: والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبهاً بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا ) قال أبو داود: هذا الكلام الأخير يجعله مالك و الزبيدي وغيرهما عن الزهري عن علي بن حسين، ووافق عبد الأعلى عن معمر شعيب بن أبي حمزة عن الزهري.
حدثنا محمد بن بشار وابن المثنى قالا: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة عن الحسن بن عمران قال ابن بشار: الشامي، قال أبو داود: أبو عبد الله العسقلاني عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه، ( أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يتم التكبير )، قال أبو داود: (معناه إذا رفع رأسه من الركوع وأراد أن يسجد لم يكبر وإذا قام من السجود لم يكبر)].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه
حدثنا الحسن بن علي وحسين بن عيسى قالا: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ).
حدثنا محمد بن معمر قال: حدثنا حجاج بن منهال قال: حدثنا همام قال: حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر حديث الصلاة، قال: ( فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه ) قال همام: وحدثني شقيق، قال: حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي حديث أحدهما: وأكبر علمي أنه في حديث محمد بن جحادة: وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه.
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثني محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يعمد أحدكم في صلاته، فيبرك كما يبرك الجمل )].
والأحاديث الواردة في هذا: حديث أبي هريرة عليه رضوان الله، وحديث علي بن حجر كلها معلولة في تقديم اليدين أو تقديم الركبتين.
وما الذي يقدم الإنسان؟ يقدم ما هو أسمح له من غير تكلف، والأحاديث في هذا معلولة، وقد ثبت بعض هذه الأحوال عن بعض الصحابة كـعمر بن الخطاب عليه رضوان الله، فيبقى الأمر في ذلك على التيسير والسعة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهوض في الفرد
حدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن إبراهيم- عن أيوب عن أبي قلابة قال: ( جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا، فقال: والله إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، قال: قلت لـأبي قلابة: كيف صلى؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا - يعني: عمرو بن سلمة إمامهم- وذكر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى قعد، ثم قام ).
حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا إسماعيل عن أيوب عن أبي قلابة قال: ( جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا، فقال: والله إني لأصلي وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا هشيم عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: ( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإقعاء بين السجدتين
حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوساً يقول: قلنا لـابن عباس: ( في الإقعاء على القدمين في السجود، فقال: هي السنة قال: قلنا: إنا لنراه جفاءً بالرجل فقال ابن عباس: هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عبد الله بن نمير و أبو معاوية و وكيع و محمد بن عبيد كلهم عن الأعمش عن عبيد أبي الحسن قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع يقول: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد )، قال أبو داود: قال سفيان الثوري و شعبة بن الحجاج عن عبيد أبي الحسن: هذا الحديث ليس فيه بعد الركوع قال سفيان: لقينا الشيخ عبيداً أبا الحسن بعد، فلم يقل فيه: بعد الركوع قال أبو داود: ورواه شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش عن عبيد، قال: بعد الركوع.
حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني قال: حدثنا الوليد، ح وحدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا أبو مسهر، ح وحدثنا ابن السرح قال: حدثنا بشر بن بكر، ح وحدثنا محمد بن مصعب قال: حدثنا عبد الله بن يوسف كلهم عن سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس عن قزعة بن يحيى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يقول: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء - قال مؤمل: ملء السموات وملء الأرض - وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت -زاد محمود: ولا معطي لما منعت، ثم اتفقوا - ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) قال بشر: (ربنا لك الحمد) لم يقل محمود: قال: (ربنا ولك الحمد).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن سمي عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه ).
حدثنا بشر بن عمار قال: حدثنا أسباط عن مطرف عن عامر قال: ( لا يقول القوم خلف الإمام: سمع الله لمن حمده، ولكن يقولون: ربنا لك الحمد )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء بين السجدتين
حدثنا محمد بن مسعود قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا كامل أبو العلاء قال: حدثني حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني ) ].
وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام الدعاء بين السجدتين، ولم يثبت عنه في هذا إلا قول: ( رب اغفر لي ) والزيادة على ذلك معلولة، وقد تفرد بها كامل أبو العلاء، والثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح ( أنه كان يقول: رب اغفر لي )، فإذا كرر الإنسان، أو جاء بما جاء في هذا الحديث، ولكن يغاير في الألفاظ ويزيد عليه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع النساء إذا كن مع الإمام رءوسهن
حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا معمر عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن مولى لـأسماء ابنة أبي بكر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم، كراهة أن يرين من عورات الرجال )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن البراء: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سجوده، وركوعه، وقعوده، وما بين السجدتين قريباً من السواء )].
وكلما كان الإنسان أكثر تذللاً، فالدعاء في هذا الموضع أعظم، ولهذا كان الدعاء في موضع السجود أعظم؛ لأن الإنسان أكثر تذللاً، فإذا حضر قلب الإنسان ينبغي أن يستغل حضور قلبه وخشوعه بالدعاء، وذكر الله سبحانه وتعالى، ولهذا نقول: إن الدعاء كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أفضله في حال السجود، ثم ما كان الإنسان حاضراً متذللاً كدعاء الإنسان في ركوعه، ودعاء الإنسان في قنوته، أو دعائه بين السجدتين وفي نهاية التشهد الأخير.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا ثابت و حميد عن أنس بن مالك قال: ( ما صليت خلف رجل أوجز صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده، قام حتى نقول: قد أوهم ثم يكبر، ويسجد، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم )].
وهذا من القرائن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع من الركوع كان يقبض يديه، ولذلك يقول: حتى نقول: (قد أوهم) يعني: وهم، والذي يسدل متهيئ لأن يسجد، وأما إذا وضع يديه وقبضهما فيتبادر أنه استأنف قياماً جديداً، وظن أنه كان قائماً، ولهذا نقول: مع أنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام دليل في القبض بعد الركوع إلا أن القول بالقبض أقرب باعتبار أنه هو الأصل، ولهذه القرينة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد وأبو كامل دخل حديث أحدهما في الآخر قالا: حدثنا أبو عوانة عن هلال بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ( رمقت محمداً صلى الله عليه وسلم -وقال أبو كامل: رسول الله صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، فوجدت قيامه كركعته، وسجدته واعتداله في الركعة كسجدته، وجلسته بين السجدتين، وسجدته ما بين التسليم والانصراف، قريباً من السواء ) قال أبو داود: قال مسدد: ( فركعته واعتداله بين الركعتين فسجدته، فجلسته بين السجدتين فسجدته، فجلسته بين التسليم والانصراف، قريباً من السواء )].
الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ركع الثانية على النصف من الركعة الأولى، وهذا بالنسبة للقيام لا بالنسبة للركوع والسجود، فلا يقال: إن الركوع الثاني نصف الركوع الأول، ولا أن السجدة الثانية نصف السجدة الأولى، فالسجدة الأولى والأخيرة هي على حد سواء، نظام واحد، وكذلك الركوع كما جاء استثناء ذلك في الخبر الصحيح من حديث البراء في البخاري، فيستثنى أن الركعة الثانية نصف الركعة الأولى في مسألة القيام لا في الركوع ولا في السجود، فالسجود والركوع سواء من جهة طوله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود
حدثنا حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة عن سليمان عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود ).
حدثنا القعنبي قال: حدثنا أنس -يعني: ابن عياض- ح وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله، وهذا لفظ ابن المثنى قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه السلام، وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل، فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام، ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى فعل ذلك ثلاث مرار، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم اجلس حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها )، قال القعنبي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ].
وفي هذا أسلوب من أساليب التعليم أن يوكل الإنسان إلى معرفته، فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يرجع ويفعل، وذلك أن تكرار الإنسان في الخطأ يعلمه ويثبت المعلومة لديه، بخلاف لو علم ابتداءً فيأخذ المعلومة وربما يطرأ عليه شيء من الوهم، فإذا بدأ وأخطأ فإنه يصحح ذلك ويحترز فيه ما لا يحترز من لو أصاب من أول مرة، ولهذا نقول: إنه ينبغي للإنسان ألا يتشاءم من وجود الخطأ عنده، فإن وجود الخطأ عنده ثبت الصواب بعده، وأثبت من الصواب الذي يأتي بلا خطأ، وهذا أمر معلوم، ولهذا نقول: إن الخطأ هو عتبة الصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال القعنبي: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، وقال في آخره: ( فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك، وما انتقصت من هذا شيئاً، فإنما انتقصته من صلاتك )، وقال فيه: ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن عمه: أن رجلاً دخل المسجد، فذكر نحوه قال فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء - يعني: مواضعه - ثم يكبر، ويحمد الله عز وجل ويثني عليه، ويقرأ بما شاء من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائماً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا هشام بن عبد الملك و الحجاج بن منهال قالا: حدثنا همام قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع بمعناه، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله عز وجل ويحمده، ثم يقرأ من القرآن ما أذن له فيه وتيسر ). فذكر نحو حديث حماد قال: (ثم يكبر فيسجد فيمكن وجهه - قال همام: وربما قال: جبهته من الأرض- حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثم يكبر فيستوي قاعداً على مقعده ويقيم صلبه) فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات حتى تفرغ، لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك.
حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد -يعني: ابن عمرو- عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن رفاعة بن رافع بهذه القصة، قال: ( إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله أن تقرأ، وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك )، وقال: ( إذا سجدت فمكن لسجودك، فإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى ).
حدثنا مؤمل بن هشام قال: حدثنا إسماعيل عن محمد بن إسحاق حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة، قال: ( إذا أنت قمت في صلاتك، فكبر الله تعالى، ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن ). وقال فيه: ( فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن، وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد، ثم إذا قمت فمثل ذلك حتى تفرغ من صلاتك ).
حدثنا عباد بن موسى الختلي قال: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر- قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقص هذا الحديث قال فيه: ( فتوضأ كما أمرك الله جل وعز، ثم تشهد، فأقم ثم كبر، فإن كان معك قرآن فاقرأ به، وإلا فاحمد الله عز وجل وكبره وهلله )، وقال فيه: ( وإن انتقصت منه شيئاً انتقصت من صلاتك ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن الحكم، ح وحدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن جعفر بن عبد الله الأنصاري عن تميم بن محمود عن عبد الرحمن بن شبل قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير )، هذا لفظ قتيبة .
حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سالم البراد قال: ( أتينا عقبة بن عمرو الأنصاري أبا مسعود فقلنا له: حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين أيدينا في المسجد، فكبر، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك، وجافى بين مرفقيه حتى استقر كل شيء منه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، فقام حتى استقر كل شيء منه، ثم كبر وسجد ووضع كفيه على الأرض، ثم جافى بين مرفقيه حتى استقر كل شيء منه، ثم رفع رأسه فجلس حتى استقر كل شيء منه، ففعل مثل ذلك أيضاً، ثم صلى أربع ركعات مثل هذه الركعة فصلى صلاته، ثم قال: هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: كل صلاة لا يتمها صاحبه تتم من تطوعه
حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا يونس عن الحسن عن أنس بن حكيم الضبي قال: ( خاف من زياد أو ابن زياد فأتى المدينة، فلقي أبا هريرة قال: فنسبني فانتسبت له، فقال: يا فتى! ألا أحدثك حديثاً، قال: قلت: بلى رحمك الله -قال يونس: وأحسبه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيء، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن حميد عن الحسن عن رجل من بني سليط عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى، قال: ( ثم الزكاة مثل ذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك )].
وهذا يدل على أن الصلاة والزكاة والصيام والحج يتم بعضها بعضاً مما كان من جنسها، فنافلة الصلاة تتم الصلاة، ونافلة الصدقة تتم الصدقة، ونافلة الصيام تتم الصيام، ولهذا ينبغي للإنسان ألا يخلي نفسه من النوافل إذا أدى الفرائض، فإذا أدى الفريضة من الصلاة فحرص على النافلة فإنها تجبر ما فيها من نقص وكسر، وكذلك في الحج يأتي بنوافل، وكذلك في الصيام وغير ذلك، ولكن إذا اختلف الجنس فإن الأجر يكون في ذلك مستقلاً، فإن نافلة الصيام لا تجبر فريضة الصلاة، ونافلة الحج لا تجبر فريضة الصيام وهكذا.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر