وأتقدم بالشكر الجزيل إلى الذين هيئوا هذا اللقاء، وإلى أخواتي المسلمات المؤمنات الحاضرات للاستماع إلى هذا الدرس الذي يحرجني كثيراً أن أتكلم فيه، وإن حمل جبلٍ على ظهري أهون علي مما أقوله في قضية زينة المرأة.
أخواتي الكريمات: خطبت فيما مضى خطباً بعنوان الحجاب المتبرج، وغضب لهذه الخطبة صنف من الناس وقالوا: شهَّر فينا الشيخ وهو السبب في العنوسة في الكويت ؛ لأن الناس لما سمعوا الشريط أصبحت كل فتاة تنطبق عليها صفات التبرج لا يتقدم إليها أحد، ويريدون أن أسكت عن هذا الميل، قال تعالى في كتابه الكريم: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء:27-28].
حديثنا اليوم ليس عن الحجاب وإنما على زينة المرأة، وهذا أشد عليكم.
وأصل الزينة أن تتزين المرأة لزوجها، وأن تستجيب إلى سنن ربها، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن خمساً من الفطرة، وعشراً من الفطرة، وهذه الخمس أو العشر كلها تعالج ما في الإنسان ذكراً وأنثى من أجل النظافة كقص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة، وغسل البراجم، والبراجم هي: التي يتجمع فيها العرق والغبار فتفوح منها الرائحة، والختان.. إلى آخره، فديننا دين نظافة وجمال وفطرة، فالذي يحول فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، واعتبرها الله ديناً، فقال: ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ [الروم:30] يقع في المحظور الذي هو اللعن، واللعن هو: إخراج من رحمة الله (لعن الله الواصلة والمستوصلة... إلى آخر الحديث).
والعلة في هذا التحريم: تغيير خلق الله، وإن كانت النية حسنة فقد ذكرها الحديث (المتفلجات للحسن) فإن نيتها أن تكون جميلة وأن تتحسن لكن خلق الله هو خلق الله، وليرض كل إنسان وكل امرأة بالصورة التي اختارها الله لها، فالتحويل والتزوير والتحريف مرفوض.
انظروا إلى جمال الإسلام عندما يراعي هذه الجوانب النفسية والحسية والجمالية والروحية في العلاقة الزوجية.
غراء فرعاء مسقولٌ عوارضها تمشي الهوينى كما يمشي الوج الوحل |
غراء: وجهها أبيض جميل.
فرعاء: شعرها طويل ناعم.
مشيتها بهدوء واطمئنان وتثاقل مثلما يمشي الإنسان بالطين يخاف أن يقع.
وشاعر آخر يقول:
الوجه مثل الصبح مبيض والشعر مثل الليل مسـود |
ضدان لما استجمعا حسناً والضد يظهر حسنه الضد |
وشاعر آخر يقول:
بيضاء تسحب من قيامٍ فرعها وتغيب فيه وهو وصف أسحم |
فكأنها فيه نهـارٌ ساطعٌ وكأنه ليلٌ عليه مظــلم |
هذه القضية تهم كثيراً الأزواج، هذه الصفة لهذا الشعر أصبحت الآن من النوادر أن يصل إلى الكعب، وهذا يوجد في الهند وباكستان في منطقة اسمها كشمير يهتمون في بعض الدهون.
والشاهد أن الشعر الطويل الذي يتغنى به الشعراء:
إذا مشت عثرت في الشعر مشيتها تدعي على شعرها المنثور بالجعد |
تقول: يا ليته كان جعداً لكيلا أتعثر فيه.
هل يجوز لها أن تقصه، أو تقصره؟ والقص هو جزه كما يجز شعر الخروف كل عام، فيصير شكله شيء طويل وشيء قصير، والتقصير إلى شحمة الأذن أو الأكتاف، ماذا قال الإسلام عن هذه القضية الهامة في قضية زينة المرأة؟
حكم الإسلام في قضية الحلق:
القول الأول: أنه جائز بدليل حديث يزيد بن الأصم في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ميمونة أم المؤمنين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالاً وبنى بها وماتت بـترف -أي: في منطقة ترف- فدفنها في الظلة التي بنى بها فنزلنا - أي: الذين دفنوا أم المؤمنين في قبرها- أنا وابن عباس - هذا الذي يروي الحديث يقول: نزلت أنا وابن عباس في قبر ميمونة- فلما وضعناها في اللحد، مال رأسها، فأخذت ردائي فوضعته تحت رأسها، قال: فاجتذبه ابن عباس فألقاه - حتى لا تصير بدعة ويصير بعد ذلك يتفاخر الناس في نوع القطعة التي يضعها تحت رأس ميته- فاجتذبها ابن عباس ، فألقاها، يقول راوي الحديث: وكانت قد حلقت رأسها في الحج، فكان رأسها محجماً فيه أثر حجامة، مقشوطاً بالموس، قد مص منها الدم حتى تتعالج) لاحظوا معي آخر الحديث أن الحلق بسبب ضرر لعله مرض في رأسها، فحلقت الرأس في الحج لكي تقوم بعملية العلاج.
إذاً الاستشهاد بهذا الحديث بأنه يجوز للمرأة أن تحلق رأسها كله استشهاد غير صحيح، والقول: إنه جائز هو قول غير صحيح؛ لأن نهاية الحديث تبين سبب هذا الحلق؛ أنها حلقت شعرها من أجل حجامة الرأس.
القول الثاني: أنه حرام، ما دليلهم؟
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : كما يحرم عليها الزيادة في شعر، يحرم عليها حلق شعر رأسها من غير ضرورة.
وقال الإمام الشنقيطي في أضواء البيان في حديث ميمونة : إن صح الحديث فإن الحلق المذكور كان لضرورة المرض لتتمكن آلة الحجامة من الرأس.
والضرورة يباح لها ما لا يباح بدونها، قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119].
إذاً المرأة يجوز لها حلق شعرها للضرورة وللعلاج، كأن يكون في رأسها تقيحات أو مرض، فيجوز لها حلق الرأس كله للضرورة.
القول الثالث: أنه مكروه.
يقول ابن قدامة صاحب كتاب المغني: لا تختلف الرواية في كراهية حلق المرأة رأسها من غير ضرورة للأدلة الآتية:
قال أبو موسى : برئ النبي صلى الله عليه وسلم من الصالقة والحالقة.
الصالقة هي: التي تصوت عند الموت -النائحة- وهو أمر من أمور الجاهلية، ثم ربط معها الحالقة، فتبين بذكر هذين الموقفين: الأول: النياحة، والثاني: حلق الرأس، تبين أن المعني في هذا الحديث هي التي تحلق رأسها تسخطاً على قضاء الله وحزناً على زوجها.
فبعض النساء إذا مات الزوج تقوم وتحلق رأسها كله، هذا طبعاً كان في الماضي ولا يوجد الآن.
فالشاهد أنه مكروه ويستدلون بهذا الحديث.
وروى الخلال بإسناده عن قتادة عن عكرمة ، قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها) قال الحسن : هي مثلة -تشويه-.
قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يُسأل عن المرأة تعجز عن شعرها وعن معالجته أتأخذه على حديث ميمونة ؟
تعجز عن شعرها: مثلاً يكون الشعر صعب التمشيط، يكون عندها أعمال بيت كثيرة جداً وما لديها وقت لتمشيط رأسها، أتأخذه؟
قال الإمام أحمد : لأي شيء تأخذه؟
قيل له: لا تقدر على الدهن وما يصلحه، يعني: فقيرة لا تملك مالاً تشتري به دهناً لكي تصلح شعرها، ثم يقع فيه القمل وغيره.
قال: إذا كان لضرورة فأرجو ألا يكون فيه بأس.
فأصحاب هذا القول نرى أنهم صرفوا الأمر من الحرمة إلى الكراهة للأمور الآتية:
أولاً: أحاديث النهي عن الحلق المروية عن عائشة وعلي وعثمان فيها اضطراب.
ثانياً: دلالة حديث ميمونة حيث أنها كانت حالقة لرأسها والسبب الضرورة والحجامة.
ثالثاً: براءة النبي صلى الله عليه وسلم من الحالقة ليست على إطلاقها، بل لكونها فعلت ذلك جزعاً واعتراضاً على حكم الله في الميت.
الخلاصة: الذي يترجح عندي أنه يحرم على المرأة حلق رأسها من غير ضرورة لأن المثلة- أي: التشوية وتغيير خلق الله والتشبه بالرجال- متحققة في هذا الحلق.
هذا بالإضافة إلى ما ذكره أصحاب القول الثاني من الأدلة والله أعلم.
قال الإمام الشنقيطي : إن العرف الذي صار جارياً في كثيرٍ من البلاد لقطع المرأة من شعر رأسها إلى قرب أصوله -مثلها يفعلون الآن في أمريكا وأوروبا- بدعة إفرنجية، مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب من قبل. والقص الذي منعه الشيخ الشنقيطي وهو قص الشعر أقل من اللمة، واللمة هي: التي تصل عند شحمة الأذن فما فوق ذلك.
يقول: لا خلاف في جوازها لأن المرأة تكون صاحبة شعر طويل، أما الوفرة فهو لا يجيزها بلغة الزينة.
ويقول: أما كونها أبيحت لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فعلى اعتبار أن عدتهن أبدية، نساء النبي صلى الله عليه وسلم قصصن شعرهن على شكل وفرة من حد الأذن، والفقهاء يقولون: والسبب أن عدة أمهات المؤمنين أبدية، لا يجوز لمسلم بعد عدة النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج امرأة لأنها أمه.
فبما أن هذه العدة هي أبدية، أي: لا يتزين بعد النبي صلى الله عليه وسلم أي بعد وفاته، قمن بقص شعرهن رضي الله عنهن.
ويقول الله تعالى في هذه القضية: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً [الأحزاب:53] ففهم أمهات المسلمين أنه لا تزين لهن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وأن الشعر من الزينة فأزلن معظم الشعر حتى لا يقعن في الزينة.
القول الثاني: الجواز.
والحديث في مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال: (دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة، فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة فذكرت له ذلك، ثم قالت: كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رءوسهن حتى تكون كالوفرة) قال النووي في شرحه لـصحيح مسلم : يدل هذا الحديث على جواز أخذ الشعر للنساء. وبذلك قال الشيخ ناصر الدين الألباني ، ويستأنس لهذا القول بوجوب الأخذ من الشعر وتقصيره في الحج دون الحلق، بالنسبة للمرأة.
يعني بما أن المرأة تقصر شعرها في الحج للتحلل من الإحرام، إذاً يجوز لها أن تقصه بهذه الطريقة إلى شحمة الأذن.
الخلاصة:
الذي يظهر لي أن القص جائز، ولكن الأفضل ذوقاً وجمالاً للمرأة ألا تقص شعرها ما دون المنكبين، أي: لا تصل إلى فروة الأذن فتكون متشبهة بالرجال، وكما تعلمون اللعن للمتشبهات بالرجال، إلا أن تكون صاحبة عذر لكثرة الأولاد، يعني: شغلها في رعاية الأولاد ما عندها وقت، أو أنها لديها مرض، أو الأعمال الكثيرة التي تلهيها عن إصلاح شعرها إذا طال.
وقد سمعتم ما ذكرته أكيمو رئيسة الفلبين تقول: بأنها أثبتت الآن بالتجربة أن قضية مساواة الرجل بالمرأة هذه دعوى فاشلة، والدليل كما تقول: -ليس عندها استعداد في حالة حدوث الانقلاب. انظر! ليس هناك أخطر من ذهاب كرسي الحكم، أنها تستقبل الجماهير والمصورين بوجه قامت به من النوم، لابد أن تعرض وجهها على المكياج وعلى المرآة وتأتي صاحبة الكوافير وخبيرة التجميل وتعمل لها تسريحة معينة تأخذ عليها بروفات وتستشير من حولها، فإذا وافق وظهر مظهرها لائق، عند ذلك تخرج لكي تكافح الانقلاب في بلدها تصدر أوامر عسكرية في إبادة المتمردين.
الشاهد: بأن قضية المطالبة المساواة التامة حرفياً بين الرجل والمرأة هذا أمر مستحيل، لأن الله خلق المرأة خلقاً خاصاً وخلق الرجل خلقاً خاصاً ولكل واحد منهما طبائعه وعواطفه ونفسيته، وقد أثبتت هذه الرئيسة صدق ما يقوله الدعاة في زماننا هذا.
يقول: لأن القصد من إطالته التجميل، فإذا أهمل لم يحصل به المقصود بل يحدث خلافه، وسبب الترجيح هو حديث مسلم الذي ظهر فيه شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم وكون الأحاديث المانعة مع تعضيد بعضها لبعض إنما تنهى عن الحلق وهنا فرق بين الحلق وبين التقصير أو القص. انتهى الموضوع.
إذاً عرفنا أخواتي العزيزات: أنه لا يحل للمرأة أن تحلق رأسها بالموس إلا لضرورة طبية، ولا يجوز لها أن تتشبه بتقصير الشعر بالرجال، ويجوز لها، ولكن ليس من باب الجمال وهذا للضرورة، ويجوز تقصيره إلى الكتفين إذا كان هذا المظهر الجمالي.
ونخلص بأن على المرأة أن تهتم بهذه القضية وخاصة أن الزوج الآن أصبحت أمامه معارض من شعور النساء، فعلى المرأة التي تتحجب ألا تظن بأن الحجاب داخل الدار وداخل البيت، بعض الأخوات تنسى هذه القضية، فيظل حجابها على رأسها داخل البيت وبعضهم في غرفة النوم، وقد يكون بها أثر العرق وشعوثة الرأس، عليها أن تتذكر أنها إذا دخلت البيت وليس فيه أجنبي أن تذهب وتتزين وتمشط شعرها وتطيبه وتعطره لزوجها، وإذا أرادت الخروج تتخلص من الروائح روائح العطور حتى لا تفتن الرجال.
والقرآن يقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]
أقوال المفسـرين:
التغيير الخلقي كالوشم والتنميص، الوشم معروف: تأتي بإبرة وتسخنها على النار وتأتي بكحل أسود أو أخضر ثم تضرب بهذه الإبرة ضربات، ثم بعد مدة يظهر داخل الجلد لون أخضر أو أسود، ويعتبرون هذا من الزينة وهو تشويه لخلق الله، والتي تفعل ذلك كأنها تقول: يا رب! إن لون جلدي هذا لا يعجبني، فضروري أن أضع فيها نقشات من هذا النوع، فهي تعترض على خلق الله تعالى وتغيره.
فهذا النوع ممنوع شرعاً ومحرم، وكذلك التنميص الذي هو أخذ شعر الحاجب فهو محرم، وهذا هو التغيير المعني.
هناك نوع آخر من التغير هو التغير الفطري، بأن يغير الإنسان دينه من التوحيد فيتحول من مؤمن موحد إلى كافر- نسأل الله العافية- نحن لا نتعرض إلى هذا الموضع، لكن الله يقول في الحديث: (وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإن الشياطين أتتهم فاجتاذتهم عن دينهم فحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً، وأمرتهم أن يغيروا خلقي).
ثانياً: أن النهي عن تغيير خلق الله ينصب على ما كان باقياً، أما ما لم يكن باقياً بل يمكنه إزالته في اللحظة التي تريده المرأة كالكحل، فالذي يزول أباحه الشرع، وغيره فالذي يظهر والله أعلم لا شيء فيه لقصد الزينة للزوج فقط، ولا يدخل في تغيير خلق الله، وإنما يدخل في باب التبرج المنهي عنه شرعاً. إذا خرجت المرأة إلى الأجانب كذلك لا ينصب على ما ورد به الشرع كحلق الرجل والمرأة، ونتف الإبط واستخدام الحناء أو الوسمة.
ثالثاً: أن هناك أموراً داخلة تحت تعيين النص في أمر التغيير، نص عليها الحديث التي هي الوشم والتفليج، التفليج: هو أن المرأة تفلج أسنانها وتقصرها أو تعمل بين السن والسن فتحة صغيرة جداً وهذه الفتحة تعطي نوعاً من الجمال للأسنان.
الشاهد يأن التفليج فيه غش، وعندما يتزوج الإنسان امرأة، فيرى أسنانها صغيرة يظن أنها صغيرة السن، ثم يكتشف بعد ذلك في أن أسنانها طاحت فما السبب؟ هناك غش في الزواج، لهذا الإسلام ينهى عن الغرر والغش، وأن الإنسان يتزوج المرأة على ما هي عليه.
التنميص: هو إزالة شعر الحاجب إما إزالة جذرية، وهذا شعار الغرب والساقطات منهن تنزعه كلياً، ثم بالقلم تختار اللون المناسب الكعب والشعر والفستان، وتضع بالألوان التي يناسبها.
والعيون مشكلة لأنها أسباب الفتنة، لهذا المرأة تحرص على عمل إطار معين للحواجب، فلهذا الإسلام يعنف على هذه القضية، ولا ننسى مسرحية: على خاطر عيونك، لأن لها عيون محرفة مثل عيون الجن، أهدروا ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم والجمعة من أجل خاطر عيونها.
الشاهد بأن الإسلام نهى عن التنميص في شعر الحواجب: إما كله ترفعه وهذا حرام، وإما تدققه وهذا يفرط فيه معظم النساء تدقيق الحواجب، وأنا أقول للمرأة المتورطة في تدقيق الحاجب: إذا أنت ابتليت بهذا، فلا تستحليه، لأن استحلال الحرام كفر، قولي: يا رب أنا مبتلاة بتدقيق حاجبي، وأستغفرك من هذا الذنب ولا أستحله، أما أنها تفعله كل يوم أمام المرآة تلقط الشعر حتى يصير دقيقاً جداً وتكون مرتاحة فلتراجع إيمانها.
وهذه نصيحة أوجهها إلى كل مسلمة إذا كانت متورطة في تدقيق حواجبها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر ذلك لحكمة عظيمة، الآن في الغرب وفي أوروبا يعانون منها.
قضية إذا كان الحاجب طبيعياً أو غير طبيعي أو مريضاً أو غير مريض هذا يعود إلى ضمير المرأة الإيماني، إذا كان الزوج راضياً بشكله، فلماذا تغضبين الله سبحانه وتعالى، وإذا كان الزوج لا يرضى فرضا الله أولى، وبعض الفقهاء يقول: إذا كان الحاجب مقروناً وشعره كثيفاً نازلاً غليظاً وأصبح وجه المرأة كأنه وجه رجل، أفتى بجواز إعادة الحاجب كحاجب مثلها من النساء الطبيعيات، وهذا أنا لا أفتي فيه، ولكن من باب الأمانة العلمية لأننا في جامع أو في كلية لازم نفصل في الأدلة ونقول أقوال الفقهاء والعلماء في ذلك.
فالأقوال في التنميص كثيرة، لكن نخلص في النهاية بأن التنميص لا يجوز شرعاً لأنه قد نص الحديث على حرمته.
فالغش في الزواج نهايته الطلاق، وهذا ليس فيه عيب لمن ليس فيها شعر، لا، هذا خلق الله سبحانه وتعالى، ولعل جمال دينها وأخلاقها وحسن أدبها يغطي على كل جمالها:
قال الشاعر:
ليس الجمال بمئزر فاعلم وإن رديت بردا |
إن الجمال معادن ومناقب يورثن حمدا |
كذلك ما يسمى بالباروكة، فهذه أيضاً غير جائزة لأن فيها غش.
أصحاب هذا القول بنوا قولهم على فهم قوله تعالى: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء: 119] قالوا: إن هذا غير جائز.
القول الثاني: إنه جائز.
وهذا القول هو الراجح، يجوز للمرأة أن تزيل الشعر بالطريقة التي تراه، وهو ليس من باب التنميص خاصة إذا خرجت لها لحية أو شارب أو شعر غليظ في وجهها فيجوز لها أن تنزع هذا الشعر، وهناك أدلة كثيرة صححها بعض العلماء وضعفها بعضهم لأنها مرسلة، كحديث ابن عمر : (أنه كان يدخل الحمام فينور - يضع النور على جسمه لكي يزيل الشعر من جسمه وساقيه -...إلى آخر الحديث).
وهناك حديث لـأم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان إذا أطلا جسده بدأ بعورته فطلاها بالنورة، وسائر جسده أهله) أي: أهله يطلون سائر جسده، أما عورته هو الذي يتكفل بها، وهذا الحديث روي موصولاً وروي مرسلاً، والمرسل ضعيف، فقد رواه تابعي، ولم يتصل هذا التابعي بالرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن العلماء من يأخذ به خاصةً إذا كان راويه من كبار التابعين لأنه ثقة، والله أمرنا بالتبين بالنسبة الفاسق، أما كبار التابعين فهم ثقات، فيعمل بحديث التابعي ويعتبره صحيحاً.
فيجوز للمرأة أن تزيل شعر وجهها ويديها ورجليها، وخاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص ببقاء شعر على المسلم وخاصة شعر العورة لا يجوز أكثر من أربعين يوماً، وهذه بعض البنات اللواتي لم يتزوجن يغفلن عن هذا الجانب، يقولون: إنها ما تزوجت ولا تهتم بهذا الجانب وما تعلم أنه من السنة، أكثر من أربعين يوم ما يتم، من السنة إزالته تنظيفاً واعتبار ذلك من الفطرة.
هذا بالخلاصة عن قضية زينة المرأة بما يخص الشعر وإزالته بعد ذلك بما تستطيع من مواد نتفاً أو حلقاً أو تنويراً.
والمرأة أيضاً تتزين لزوجها بتغيير شيبها، والأدلة في ذلك مستفيضة لا مجال لطرحها، بسبب ضيق الوقت.
عملت لها حذاء له كعب عالٍ جداً جداً، حتى أخذت تقف على أطراف أصابعها فوصلت بطولها طول المرأتين الطويلتين، يقولون: من هنا بدأ الانحراف والفتنة عند نساء بني إسرائيل، طبعاً هذه بداية ما لها أثر أخلاقي، امرأة قصيرة صارت طويلة بالكعب العالي ما لها أثر، لكن المنكر عندما يبدأ ثم لا ينكره أحد، ويأتي من يزيده فلا ينكر أحد، ويأتي من يزيد عليه ولا ينكر أحد إلى أن تصل الحالة كما وصلت في الكويت وأنتن الله يحرسكن لأن أغلبكن صغيرات في السن، لكن أنا عمري 42 سنة أدركت في الحقيقة مأساة من المآسي: أم تقية نقية عليها العباءة وبجوارها بنت تلبس ميكروجوب عمرها سبع عشرة سنة أو ثمان عشرة سنة هذا في الستينات في أوائل الستينات ويعني: أصبحت القضية مألوفة تماماً في معظم الأسر إلا من رحم الله، والمينجوب والميكروجوب هو فستان فوق الفخذ بشبر أو شبرين، يعني: أنت الآن لا تتخيلين ذلك! تعتبر الآن المرأة التي تلبس تنورة إلى الركبة مستورة بالنسبة لذاك الوقت!! التي تلبس إلى الركبة هذه كانت معقدة! ما تتابع الموديل! ومجلة أسرتي! وهذه لا تتابع حلقات بيوت الأزياء! هذه غير مثقفة! إلى آخره.
والآن بفضل الله رب العالمين تسترت المرأة وتحجبت، وأصبح الحجاب هو الأصل وهو الثابت.
هذا حكم الشرع في الطيب.
فأنا من باب الكلية إلى أن وصلت إلى هذا المكان شممت ثلاث روائح أو أربع روائح، يمكن الفستان فيه ريحة والخمار ريحة والجسم ريحة أخرى، فأين تذهب هذه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم؟
وهم هناك أي: أصحاب الروائح يتفننون فتجد ريحة الأميرة ديانا سبنسر، فكل شيء ينسب إليها حتى أتى الأديب الإنجليزي وشتمها ومسح بها الأرض، وقال: أنت متكبرة ومغرورة وعقلك صغير فسكتت ولم تتكلم.
معنى هذا أن المرأة المسكينة بهذا العرض وبهذا الإعلان وبهذه الدعاية أصبحت كأنها مربوطة بسلاسل لا تستطيع إلا أن تتابع هذا الأمر، وإذا لم تتابع هذا الأمر، يطرحن البنات هذه الموضوعات عندها وهي لا تفهم أن هذه الأمور موجودة.
الداعية الفلاني المشهور الذي عنده أموال كثيرة وينفقها في سبيل الله أصبح الآن يذهب بها بانكوك وتايلاند وأمريكا ويسهر بها الليالي، والسبب أن لديه محلاً تمر به نساء لهن أساليب وتفنن، والله حتى أن بعض الناس يأتوني لاقرأ عليهم، فأقول: من أي شيء أقرأ عليك؟
يقول: اقرأ عليّ من عيون امرأة مرت عليّ.
فأقول له: عيون امرأة نظرت لك؟
قال: لا. لم تنظر إليّ والله سحرتني -كيف سحرتك؟-
قال: مرت عليَّ وأنا أبيع العطور وأعطتني بعض العبارات والكلمات وهكذا! يقول: فأتت لي بالكلمات والعبارات حتى أنني أعطيتها العطور مجاناً النساء، وهذه من أعظم المصائب، وهناك مشاكل ولا أستطيع التلميح الآن؛ لأنها سمعة أسر!
فعندما نحن نعالج مثل هذه القضايا أو نكتب فيها، ليس معنى هذا تهجم على ذات الحجاب، أو أننا نشوه سمعتها، لا، ولكن لكي نحفظ هذه الأمة وهذا الجيل من هذه الفتنة، فأنا أحترم وأقدر المرأة التي تلتزم بحجابها الشرعي، وبزينتها لزوجها، وأن تبتعد عن كل فتنة، فلا يكون لها ثوب صارخ، ولا رائحة عاصفة، وإنما يكون شعارها الحياء كما يقول القرآن: فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ [القصص:25] نسأل الله سبحانه وتعالى العافية.
وأنا لا أريد أن أحرج الحقيقة في الوصف، ولكن يكفي أن تعود المرأة إلى كتاب للنساء فقط وتقرأ ذات الحجاب المتبرج شكلها ووصفها الموجود في هذا الكتاب لكي تعرف من أعني، أما المرأة التي تهتم بقضية سترها وأن الحجاب ليس لها، وإنما هو أصلاً للأجانب.
الحجاب أصله للأجانب لكي لا يفتن الناس بك، وليس الحجاب لك، فهذا الحجاب لكي يحفظني ويحفظ الرجال قبل أن يحفظ النساء.
فأسأل الله أن يحفظنا بحفظه ويكلأنا برعايته.
الجواب: نعم هذا يجوز، والنهي عن الحلق بالموس، إذا كان هذا التقصير لا يصل إلى درجة التشبه بالرجال.
الجواب: حف الوجه جائز أما حف الحاجب فلا يجوز.
الجواب: وقفوا ضدها لكن لم يسمع لهم. يعني: الوجهاء من هذا البلد ذهب إليهم شباب الدعوة وطلبوا منهم أن يبلغوا المسئولين في البلد أن الشعب الكويتي لا يريد هذه المسرحية وهي ليست المعصية الأولى أو الأخيرة، لكن لأنها تزامنت مع ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم وليلة الجمعة، فأصبحت قضية تحدٍ، وهذا حرام فهو ليس من عاداتنا ولا من تقاليدنا، المسئولين ما استمعوا إلى هذه التوجيهات، واستمرت المسرحية، مع أن فؤاد المهندس اسمه في المقاطعة وممنوع لأنه استهزأ في أهل الكويت في عام 1981م عندما سأله سمير صبري: لقد دعيت لإقامة حفلاتك في فلسطين عند اليهود ألا تخشى مقاطعة دول الخليج والكويت؟ فقهقه وضحك وقال: هؤلاء بهائم وأقزام، وهم لا يعرفون ركوب الجمل حتى ينتقدوا مسرحياتي الهادفة العالمية، نشرت هذا الخبر جميع صحف الكويت؟ وأذكر ذلك سنة 1981م والآن من أجل خاطر عيونه سكتوا وطنطنوا واستقبلوه.
الجواب: لقد أخبرنا وزير الإعلام، وزير الإعلام يوم كان وكيلاً قبل أن يصبح وزيراً هو المسئول الوحيد -غير مسئولي الأوقاف- الذي زرته في حياتي، وما زرت مسئولاً ولا وزيراً في حياتي إلا وزير الأوقاف في لقاءات سنوية من أجل الخطب، نأخذ منه التوجيهات، والمسئول الثاني: وكيل الإعلام لأني أعلم أن جهاز الإعلام من أخطر الأجهزة.
فأخذت معي المصحف وأخذت معي صورة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذهبت إليه في مكتبه في وزارة الإعلام وهو وكيل قبل أن يصير وزيراً.
وقلت له: إن كان الناس يحضرون مسجدي بعدد ألفين وأبلغ الناس النصيحة لألفين، أنت بإمكانك أن تبلغ النصيحة إلى مليونين أو عشرين مليوناً في منطقة الخليج كلها.
وأن يأتيك من الأجر والثواب أضعاف أضعاف ما يأتيني أنا، لأن الجهاز يدخل في كل بيت يسمعه الإنسان وهو مرتاح في أي وقت وظرف، أما الدرس وخطبة الجمعة فيأتوني وهم مكلفين إلى المسجد، فأصلح هذا الجهاز يرحمك الله، فعاهدني وواعدني والمصحف أمامه أنه سيصلح هذا الجهاز، وعلق الصورة على مكتبه والمصحف على طاولته، وأنا أنتظر تنفيذ هذا الوعد حتى الآن، وأخيراً قال إنني سافرت إلى فرنسا وفي غيابي أخذوا إذناً بالتصريح بحضور هذا المسرحية ثم طاروا به إلى مصر ، وتعاقدوا معها في مصر ولا نستطيع توقيفها لأن شركة البدر سوف تجعل علينا قضايا؛ قال هذا لبعض الوجهاء.
وفي الصحف قال شيئاً آخر.
ونحن بلغنا ونصحنا في الدروس والخطب، وأكثر من هذا لا نستطيع نحن لسنا حكومة، نحن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر والحساب يوم القيامة.
الجواب: نعم تطيعه.
الجواب: نعم، إذا لبس الجني الإنسي يتحدث الجني بلسان الإنسي، حتى بلهجته، مثلاً: قبل أن يصرع الإنسي الذي يقرأ عليه يقول له: ما اسمك؟ يقول: اسمي خالد، وبعد أن يقرأ عليه الآيات والأحاديث إذا كان الجني شيطاناً وهو جالس داخل صدره، تؤذيه الآيات والأحاديث، فماذا يفعل؟ يريد أن يدفعها، فيلبس الإنسان يمتد عليه، فتسأله مرة أخرى:
- ما اسمك؟
- ويرد عليك: اسمي فرديس.
- تقول له: أنت خالد؟!
- يقول: لا، أنا فرديس.
- أنت إنسي؟
- يقول: لا، أنا جني.
- لماذا دخلت فيه؟
- يقول: بطريقة السحر.
- من الذي سحر؟
- فلانة.
- أين موضوع السحر؟
- فيقول: هو قد شرب السحر!!
يقعد يجاوب، فيقرأ عليه ويكرر إلى أن يتضايق الجان ثم يخرج من الشخص،ثم تسأل الرجل: ما اسمك؟
يقول: خالد ماذا حدث لك؟
يقول: لا أدري. فهذا يحدث لأنه يتكلم على لسان المصروع الممسوس. والله أعلم
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، يا أرحم الراحمين.
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر