أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لأسمائه الحسنى وصفاته العلا، ما علمنا منها وما لم نعلم.
وأصلي وأسلم على قدوتي وقائدي ومعلمي وحبيبـي وقرة عيني محمد بن عبد الله.
وأشهد أن لا إله إلا الله، أملأ بها قلبي، وأعرف بها دربي، وأدخل بها قبري، وألقى بها الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، من قال ذلك فمات وجبت له الجنة على ما كان عليه من عمل.
أحبتي في الله: إني أحبكم في الله، وأسأل الله أن يحشرنا وإياكم في زمرة المتقين تحت ظل عرش رب العالمين، ووالِدينا ووالِديكم والمسلمين. آمين.
صفات المتقين: يختصرها الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس، وفي رواية: وخالط الناس بخلق حسن).
(اتقِ الله حيثما كنت) لا تحتاج فيه إلى شرطي يراقبك، ولا إلى قاضٍ يقضي لك، ولا إلى محقق يحقق معك، إن كان الحق لك طالبتَ به بأدب واحترام، وإن كان عليك قدمتَه فهو واجب دون أن يسأله صاحبه؛ لأنك بتقواك تراقب مولاك.
(اتق الله حيثما كنت) أنت أنت لا تتغير إن كنت وحدك أو مع الناس، إن خلوت بنفسك في واجبك الوظيفي، أو كان معك المسئول والمحاسب، فأنت أنت لا تتعامل مع البشر، إنما تقبض أجرك من رب البشر.
(وأتبع السيئة الحسنة) دائماً وأبداً في مطاردة للسيئات، والذي يقوم بمطاردة السيئات جيوش الحسنات، فما إن تَبْدُر منك سيئة -ولا بد ما دمت بشراً على وجه الأرض، فأنت لستَ مَلَكاً، السيئة لا بد أن تفعلها، عَلِمْت أو لم تعلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (أستغفرُ الله مما علمتُ ومما لم أعلم، ومما عملتُ ومما لم أعمل)- فأتبعها بالحسنة تُلْغِها.
إذاً متابعة ومطاردة الحسنات للسيئات تمحها بل تبدلها، قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [هود:114-115].
ويقول سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].
(وخالق الناس بخلق حسن) هذه نتيجة تلك التقوى، إذا كنتَ متقياً لا بد أن تكون ذا خلق، لا يكون ذو الأخلاق السيئة متقياً؛ لأن الخلق الحسن ثمرة التقوى وثمرة العمل الصالح، وثمرة مراقبة الله: (أقربكم إليَّ منازلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً) هكذا يقول محمد صلى الله عليه وسلم، أي: أنت عندما تظهر لك قسيمة أو بيت فإنك ستحرص على الجار قبل الدار، أول ما تسأل الجيران: يا جماعة، هل من أحد يدخل معي ويشترك معي؟ لكي تضمن الجار لأن جار المقامة من أخطر ما يكون، الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ من جار المقامة الملازم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من جار المقامة فإن جار البادية يرحل) جار البادية والبر يرحل، إذا انتهى الربيع ونزل الناس، انتهى الأمر، هذا ذاهب إلى بيتهم، وهذا ذاهب إلى بيتهم، فتُفْتَكّ منه، أو ترحل عنه، ترفع خيمتك وبيت الشعر، وبَرٌّ وسياحة؛ لكن دار المقامة، هذا طوبته بطوبتك، وتُبْتَلى به سكراناً أو عربيداً أو خائناً .. إلخ، ماذا تعمل فيه؟! ويقول لك: لا أخرج، لا بد أن تطلع أنت.
إذاً الحديث هذا يختار لك الجار، من جارك؟ محمد: (أقربكم إلي منازلاً) منازلكم يوم القيامة: دوركم، وقصوركم، وبيوتكم، الذي منزله عند منزلي في الجنة هم أصحاب الأخلاق الطيبة، هكذا يبشرك الرسول صلى الله عليه وسلم بأحسن جوار في أحسن مقام في جنات النعيم، أن تكون أخلاقك حسنة: (أحاسنكم أخلاقاً).
المقام الأول: مقام إخلاص العبودية لله وتوحيد الله:
فقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21].
المقام الثاني هو: مقام الحكم وتنفيذ الحكم والقصاص:
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:179] حتى يضمن أن الإنسان إذا أصبح عبداً لله أصبح العبد آمِناً على ممارسة العبودية من صلاة وصيام وحج وزكاة بواسطة الأمن، وإذا لم يكن هناك أمن لم يكن هناك دين، لهذا لما فقدوا الأمن في روسيا، فإنه لا يأتي إلى الحج منهم إلا عشرين نفراً فقط، فتمر ثمانون سنة ينتظر أحدهم حتى يأتيه الدور! لا يوجد أمن، في بلغاريا الآن يضعون الرشاش على رأسه، إذا كان اسمه إسماعيل يجب أن يغير اسمه فيسمي نفسه: ميخائيل مباشرة، لأنه لا يوجد أمن.
المقام الثالث: مقام الصيام:
وهو مقام التربية والتزكية؛ لأن الصيام خلاصته: الإخلاص، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].
المقام الرابع والذي أمر به وشدد عليه وقدمه: هو مقام الجبهة الداخلية وتماسكها:-
إذا أصبحت بين الناس طبقية خفية يتمايزون بها، هذا له معاملة خاصة، وهذا له معاملة خاصة، مع أن الجهد واحد، والمكافأة واحدة، والشهادة واحدة، والحاجة واحدة، ولكن هذا يأخذ أكثر من هذا، وهذا أقل من هذا، وهذا له امتياز عن هذا، لا لشيء إلا أنه مَرْضِي عنه فقط، مع أن المقام الذي يتساوى فيه الناس: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] لاحظوا كيف التقوى؟! جمعت الطبقية كلها وسَحَقَتها سحقاً، وأوجدت درجة واحدة وهي درجة التمايز في التقوى.
أنا كيف أستطيع أن أحافظ على الجبهة الداخلية من الطبقية الممزِّقة التي تستغلها الشيوعية الحمراء فتهدر الدماء، وتأتي بالفقراء فتضعهم فوق الأغنياء فيذبحونهم ذبح الشياة؟! كيف أستطيع أن أحافظ عليها؟!
قال: بالتقوى وإصلاح ذات البين، فقال سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال:1].
وهذه الآية نزلت في خلاف دار بين الصحابة على أنفال بدر، الذين حرسوا النبي قالوا: الأنفال لنا، والذين قاتلوا قالوا: الأنفال لنا، والذين طاردوا فلول الكافرين قالوا: الأنفال لنا؛ فأنزل الله يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال:1] لأن بتماسك الجبهة الداخلية كأسرة واحدة تكون سداً منيعاً أمام هجوم العدو المباغت، فلا يستطيع أن يخترق الصفوف بالطابور الخامس، أو بالإغراء، أو بالترهيب، أو بالترغيب، أو بالخيانة، أو بالعمالة، وما ضاعت الأمة العربية في زماننا هذا حتى أصبحت جيوش كل دولة على حدود الدولة الأخرى إلا بعد أن فسدت ذاتُ البين، وتمزق الصف الواحد ذو الدين الواحد والكتاب الواحد، والنبي الواحد، والرب الواحد، والقبلة الواحد؛ فتعددت التيارات والشعارات فجاءها عدوها يسحقها سحقاً، ويضربها متى شاء، ويهددها متى شاء.
لهذا فالقضية في وحدة الصف قضية تقوى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1] والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث: (ألا أدلكم على أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، ولا أقول: تحلق الشعر؛ ولكنها تحلق الدين).
والتقوى في إصلاح ذات البين مطلوبة على جميع المستويات؛ على المستوى الفردي، وعلى المستوى الأسري؛ لأن الأسرة هي لبنة المجتمع، وعلى مستوى المجتمع الصغير، ثم على مستوى المجتمع الإسلامي الكبير، ويوم أن يُفْقَد هذا فسيكونون كما يقول الحديث: (قالوا: أمن قلة نحن يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل) أنتم عندما تضعون القصعة -المائدة التي يوضع فيها الطعام- عندما يكون الناس جائعين مثلنا الآن في رمضان وتضعون أمامنا القصعة، وفلان ينادي فلاناً، بعد ثلاث دقائق لن تجد فيها حبة واحدة ولن تلقى فيها قطعة! يتنادى الناس: تعال، تعال، تعال، وهذا يأكل وهذا يأكل، قال صلى الله عليه وسلم: (تتداعى عليكم الأمم -تتداعى: يعني: تتنادى مثل الجائعين الملهوفين- كما يتداعى أصحاب القصعة -أي: الناس- إلى قصعتهم، قالوا: أمن قلة نحن يا رسول الله؟! قال: لا، أنتم كثير؛ ولكنكم غثاء كغثاء السيل) عندما يجري السيل يصير فيه زبد، الناس يحسبون أن الغثاء هو الزبد فقط، الذي هو الفقاعات، صحيحٌ هي الفقاعات، والفقاعات هي أخف ما يكون، وأقل ما يكون تماسكاً، لأن كل فقاعة غير متداخلة بالفقاعة الثانية، وإنما كل واحدة لها جدارها الخاص، تنفجر هذه في جهة، وتنفجر هذه في جهة، وتطير هذه في الهواء، والتيار ينزلها مرة ويصعدها مرة، ويميلها إلى اليمين أخرى، فهي إمَّعة، ما لها رأي ولا لها تحديد وجهة ولا لها شيء، فقاعة.
لكن القضية ليست قضية فقاعة، غثاء السيل فيه بعر، وفيه أعواد، وفيه خشب، وفيه علب العصير، كل هذه السيل يسحبها، تصور أن محمد صلى الله عليه وسلم يصور أمته هذا التصوير في يوم من الأيام، والسبب أنهم يتركون الدين: (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله، وسنة رسوله) أو النتيجة غثاء كغثاء السيل.
الصفة الثانية: [... ومشيهم التواضع ...] المشي هو: التواضع، والله سبحانه يمدحهم في القرآن: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً [الفرقان:63].
ولقمان يوصي ابنه: وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [لقمان:18].
وفي سورة الإسراء يقول الله سبحانه وتعالى لعباده: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً * وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَـالَ طُولاً [الإسراء:36-37].
فالتواضع رحمة، وهذه وصية مرورية، لو كل الناس تواضعوا ومشوا مشي المساكين، وليس مشي المغرورين الطائشين المتهورين الذين يمزقون أشلاء الناس على الإسفلت، (والسكراب) قد امتلأ بسيارات موديل: [84] و[85] و[86]، سيارات حديثة ممزوجة بالدم واللحم [... ومشيهم التواضع ...].
لبسهم الاقتصاد:
ليس الجمال بمئزرٍ فاعلم وإن رُدِّيت بردا |
إن الجمال معادن ومناقب يورثن حمدا |
أعددتُ للحدثان سابغة وعداءً علندا |
يقول: الجمال ليس هو الثياب، إنما ثوب الأخلاق، فقد أعددتُ للحدثان، للمصائب والقتال ما أعددت حريراً، إنما أعددت حديداً وأضرب بيد من حديد في الحدثان، وليس بيد من حرير، هذا أفضل من اللبس الرقراق المعطر المبخر.
الصفة الثالثة: [... غضوا أبصارهم عمَّا حرم الله عليهم ...] وهذه صعبة، ولا يصبر عليها إلا المتقي الذي يراقب الله في تقواه؛ لكثرة الكاسيات العاريات، اترك الكاسيات العاريات، أصبحت الآن الكاسية العارية لا تلفت النظر مثل ذات الحجاب المتبرج، التي تلبس الحجاب الأحمر والمزخرف وتضع الوردة والماكياج والفستان الذي يَصِفُ، والذي يِشِفُّ، والكعب العالي، والرائحة الفواحة، هذه تفتن أكثر من المتبرجة، وهذه مصيبة عمت وطمت، تظهر لك هذه المسرحيات والتمثيليات، واحدة وراء واحدة، الإعلانات نراها في الدورات واحدة وراء واحدة، لا يمكنك فعل شيء، و(نحن شباب الديسكو) إعلانات نعلقها: (نحن شباب الديسكو)، حتى أنك لا تقف عند كل إشارة إلا وتسمع الديسكو في السيارة، وعلى الدراجة وعلى كل مكان، يضرب، سبحان الله! ما كأنا ندعو إلى الله، ندعو ونخطب وننادي لكن الإعلام أقوى يا إخوان، ماذا يصنع شريط أمام أجهزة وميزانيات ودول، فقضيتنا الآن قضية إعلام خطيرة، إن لم نتدارك أبناءنا وبناتنا وأولادنا والله الواحد عندنا يخاف أن يموت فجأة ويضيع أولاده من بعده؛ لأن الذي تبنيه أنت في ساعة ينهدم في دقيقة، الصور المتحركة قادرة على أن تهدم ما بنيته أنت في يوم كامل، نسأل الله أن يكفينا الشر!
وأصبحت الموسيقى في كل مكان، الواحد الآن أصبح يستحي أن يقول:
الموسيقى حرام.
حرام؟! كيف؟! نسمعها في المطعم، ونسمعها في التليفون، ونسمعها في المطار، ونسمعها في السيارة، ونسمعها في الأخبار، وفي كل مكان نسمعها، اذهب يا شيخ، حرام! حرام! دوختمونا أنتم بكلمة حرام!
أصبحت جزءاً من حياة الناس الآن، فبدأت المسألة تعود كأنها جاهلية، الرذيلة تصير فضيلة في شعور الناس نعم في رمضان امتلأت المساجد، لكن تعال إلى المساجد في غير رمضان، في صلاة الفجر احسب الناس، ولولا أن الله يرحمنا بشبيبة صالحة تستفيد من تجارب الآباء الخبراء؛ أصحاب العادات والتقاليد الطيبة الكريمة المتوارثة من الدين الإسلامي، وإلا لقلنا: على بلدنا العفاء، من شدة المكر والكيد الذي يأتيها من الخارج قبل أن يأتيها من الداخل، فقال رضي الله عنه: [غضوا أبصارهم عمَّا حرم الله عليهم] تدخل الجمعية مباشرة تأخذ حاجتك وتخرج، والشيطان يقول لك: انظر، طالع، النظرة صغيرة لا تضرك، قل وراءها: أستغفر الله، وسوف يغفرها الله سبحانه وتعالى؛ لكن يعلم أنها سهم من سهام إبليس ينفذ إلى القلب ويجرح القلب؛ لأن عمر بن الخطاب سأل أبي بن كعب: [ما التقوى يا أُبي؟ قال: أمَشَيْتَ طريقاً ذا شوك؟ قال: بلى. قال: ماذا عملت؟ قال: شمرت واجتهدت -أي: رفعت ملابسي واجتهدت أن أمشي في المكان الذي ما فيه شوك حتى لا أُجْرَح ولا أُخْدَن، ولا يتمزق الثوب ولا الجلد. قال: فذلك التقوى يا عمر
هذه هي التقوى؛ أن تشمر وأنت تمشي في الدنيا من أشواك الذنوب؛ لأن أشواك الذنوب أخطر من أشواك الدروب والجيوب، فإن شوكة الذنب تُدْمِي القلب، أما الجلد والثوب يُرْقََع ويُشْتَرى ويعالج في يوم، لكن إذا جُرِحَ القلب بالمعصية كيف تعالجه؟! أصبَحْتَ تتبع النظرة وراء النظرة وراء النظرة حتى تستهين بها فتتحول الصغيرة إلى كبيرة، ولا تنظر إلى صغر ذنبك، ولكن انظر إلى عظمة من تعصيه وهو الله.
ثم يقول: [... ووَقَفوا أسماعهم على العلم النافع لهم ...] السمع هذا أمانة: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36] سيسألك ربك عن سمعك.
قال: [... لا يسمعون إلا الطيب الحلال ...] من قرآن ومن ذكر ومن شكوى لمسلم يريد أن يغيث ملهوفاً .. إلخ.
[... نُزِّلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نُزِّلت في الرخاء ...] نفسه لا تتغير في الشدة والرخاء، وهذا يحتاج إلى تربية عظيمة، أي: الصحابة صبروا ثلاث سنوات في شعب أبي طالب جائعين، وبعد ذلك فتح الله عليهم كنوز كسرى وقيصر، فثبتوا هنا وثبتوا هناك.
[... ولولا الأجل الذي كُتِبَ لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى الثواب وخوفاً من العقاب ...] هذا هو الشعور النفسي عند المتقين، لولا أنهم يعلمون أن الأجل محدود لطارت قلوبهم شوقاً إلى رؤية الله والجنة، وهذا لا بد أن يكون لك أنت، يمر عليك هذا الشعور بين الحين والحين، تجلس تقرأ القرآن، تقرأ القرآن، تقرأ القرآن، وتمر بآيات الجنة فترى الدموع تنزل والقلب يرتجف وتقول: الله! لو قبضني الله الآن لكنتُ في عِلِّيِّين. الشعور يأتي بين الحين والحين للمؤمن المتقي، حتى أنك تطعم للقرآن طعماً جديداً وحلاوة جديدة ونوراً جديداً وروحاً جديدة.
[... عَظُم الخالق في أنفسهم فصَغُر ما دونه في أعينهم ...] الله أكبر! الذي يرى جلال الله وعظمة الله تتهاوى أمام عينيه عروش الطواغيت.
وهذا العز بن عبد السلام يأتي إلى السلطان أيوب السفاح ويقول: يا أيوب ! أبوك خير منك، أغلق الخمارات.
فقال: يا مولاي، اترك حصاني، فإني أفعل ما تأمر.
وأخذ يأمره ويزجره والسلطان يقول: اترك الحصان.
أصبح محرجاً أمام الناس في السوق، ثم ترك العز بن عبد السلام الحصان، وانطلق السلطان أيوب لا يلوي على شيء.
قال الناس: أما خفته؟! أما هبته؟!
قال: تذكرتُ جلال الله فصار في عيني كالقط.
وهكذا المؤمن المتقي دائماً وأبداً كأنه يرى الله، من معاني أسمائه الحسنى وصفاته العلا، فلا يجامل على حساب الحق، ولا ينافق على حساب الحق، حتى أصبحت الموازين مقلوبة: الكذب اسمه ديبلوماسية، والنفاق يسمونه مجاملة، وانقلبت الموازين، ويقال لك:
والله هذا عنده علاقات عامة، حقق مكسباً!
مكسباً مع من؟
مع أكبر مرابٍ، أو مع أكبر دجال.
أو لأن هذا يملك صحيفة، أذهب فأجامله وأنافقه، وأنا أعرف أن هذا في صحيفته يهجم على الدين، ويهجم على المؤسسات الإسلامية، ويهجم على الصالحين والمتقين.
لماذا؟
لعلي أحتاج إلى هذه الصحيفة في يوم من الأيام.
ميزان حاجتك إلى الله أعظم من حاجتك إلى هذه الصحيفة، لو تذكرتَ جلال الله لما خضعتَ لمن يملك القلم، ولكن اخْضَعْ لمن يملك القلم الأول الذي أقسم الله به سبحانه فقال له: (اكتب، قال: ماذا أكتب يا رب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكتب كتاباً عنده أول ما كتب فيه على العرش: أن رحمتي سبقت غضبي).
إذا جاءه مادح قال له: ما رأيتُ مثلك! ومثل خشوعك وخضوعك! ومثل صدقك وبلائك! ومثل بذلك وعطائك، ويمدح ويمدح، فإذا فرغ ماذا يقول الممدوح؟ يقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم بي من نفسي.
اللهم اجعلني أحسن مما يظنون، ولا تؤاخذني بما يقولون واغفر لي ما لا يعلمون.
اللهم إنما أنا بك وبحولك وقوتك، ما مدحني المادحون إلا بجميل سترك علي، ولو فاحت ذنوبي وأصبحت لها رائحة ما جلس إلى جواري أحد، ما أنا بشيء ولا مني شيء ولا بي شيء إنما هو محض فضلك وبرك وجودك عليَّ: سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [البقرة:32].
هذا الذي يقصده علي بن أبي طالب في اتهام النفس، حتى كان الصديق يقول: [لو أن قدمي اليمنى في الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله] والفاروق يقول: [لو نودي في عرصات يوم القيامة: أيها الناس ادخلوا الجنة إلا واحداً لظننته عمر بن الخطاب ].. إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:26] الإشفاق.
ثم يبدأ بصفات عجيبة مملوءة بالبلاغة والفصاحة، اسمعوا ماذا يقول أمير المؤمنين:
[... وتجملاً في فاقة ...] أي: إذ صار فقيراً لا يعرض نفسه، يشكو عند هذا ويشكو عند هذا، حنان، رنان، يُعْطَى الزكاة فما يشبع، يُعْطَى الصدقة ما يشبع، كله يحن ويرن، لا يا أخي! المسلم عزيز بإيمانه، عزيز بإسلامه، عبد الرحمن بن عوف هاجر وليس عليه إلا قطعة واحدة يستر بها عورته، قال له أخوه الأنصاري الثري سعد بن الربيع : [هذا مالي، أشاطرك نصف مالي، وهاتان زوجتان لي اختر أرغبهما إلى نفسك أطلقها، فإذا انتهت عدتها تزوجتَها، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق] أنا قوي، بإمكاني أن أعمل، فلن أتسلق على حساب الإسلام، فأبتز الإسلام من أجل مصلحتي، فدله على السوق، بدأ يشتغل في المرابحة والمضاربة، وبدأ يشتغل مثل الدلال إلى أن يقول: [لو رفعتُ حجراً لوجدت تحته ذهباً] هذا المسلم العزيز؛ لهذا يقول: [... تجملاً في فاقة ...] تراه كأنه غني وهو فقير؛ لأنه يتجمل ويتصبر.
يا ابن آدم توقَّرْ وتجمَّلْ وتصبَّرْ |
ساءك الدهر قليلاً وبما سرَّك أكثرْ |
يا كبير الذنب عفو الـ ـلَّه من ذنبك أكبرْ |
[... وتجملاً في فاقة. وصبراً في شدة. وطلباً في حلال ...
[... وطلباً في حلال ...] أصبح الناس اليوم همهم فقط أن يأكل ويشرب، أما أن يفكر أن هذا حلال وهذا حرام فهذه صارت صعبة.
يا أخي، هذه الذبائح تأتي من بلاد شيوعي مشرك يكفر بالله.
قال: دعونا نأكل، أنتم فقط كل شيء حرام حرام.
يا بن الحلال! الحلال فيه مرضاة الله سبحانه وتعالى، زِدْها ديناراً، زِدْها ربع دينار واشترِ الحلال.
يعني: حتى الذي ليس مكتوباً عليه: (ذُبِحَ على الطريقة الإسلامية)، المهم أن يأكل وفقط، والله قد أغناه، ويأبى إلا أن يعصي مولاه بسبعة في المائة من الربا أو بعشرة في المائة من الربا، وعنده أموال هائلة، والله حتى المضطر -وليس هناك اضطرار في الربا، الاضطرار في أكل الميتة في البر عندما يشرف على الموت، الربا ما فيه اضطرار- لكن نقول: حتى المضطر يستحيي أن يفعل ذلك فكيف بالأثرياء الأغنياء، من عنده قوة أن يحارب الله يوم القيامة؟! يقول ابن عباس رضي الله عنه: [ينادَى على المرابي يوم القيامة: خذ سلاحك. فيقول: لمن؟ فيقولون له: لكي تحارب الله
يقول رضي الله عنه:
والذي لا يزول هو الذي عند الله، قرة عينك فيه، لهذا الرسول صلى الله عليه وسلم ما جعل قرة عينه في الطيب والنساء؛ لأن الطيب يزول والنساء تزول، قال: (حُبِّب إلي من دنياكم الطيب والنساء، وجُعِلَت قرة عيني في الصلاة) لو جُعِلَت قرة عينه في الطيب من يملك الطيب؟! لا أحد يملك الطيب الطيب، معظم الذي عندنا من الطيب مثل دهن البريك، تضعه، وإذا برائحته تضيِّق الخلق؛ لكن الطيب يملكه هؤلاء الشيوخ الكبار والتجار، إذا مرَّ عليك أحدهم يُشَم على بعد كيلو متر! فلو جعل الرسول قرة عينه في الطيب، من يملك الطيب؟! لا يستطيع.
ولو جُعِلَت قرة عينه في النساء هل كل الغرباء يملكون الزواج؟ لا، والله ألتقيت بإخوان من المنفيين من أراضيهم في أمريكا وأوروبا كلهم شباب وفتوة وقوة، ويصارع الجنس ويصارع الزنا ولا يزني ولا يملك المسكين أن يتزوج، ست سنوات وسبع سنوات وهو يركع ويسجد ويقف موقف يوسف الصدِّيق أمام فتنة امرأة العزيز في اليوم عشر مرات، في الكلية والسوق والجامعة والشقة والسكن وفي كل مكان. سبحان الذي يثبتهم!
فلو جعل النبي قرة عينه في النساء لذهب كثير من الأمة الذين لا يملكون الزواج بدون قرة عين؛ لكن لا، جعل قرة عينه في الصلاة، التي في بيت الله، ليس بينك وبين الله واسطة، تتطهر وتدخل وتقول: الله أكبر، فيقابلك الله بوجه، لا تدفع فيها درهماً ولا ديناراً، فصارت قرة عينه في الصلاة، فإذا استقبلتَ القبلة وجعلتَ الجنة عن يمينك والنار عن شمالك والصراط تحت قدميك،وملك الموت خلفك،والله ناظر إليك، فإذا أتممت قيامها وقعودها وركوعها وسجودها وخشوعها قلتَ بعد ذلك في نهايتها: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله؛ لما بدر فيها من تقصير.
[... قريباً أمله ...] حتى أن ابن عمر يقول: [إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح].
انظر آمال المسلمين اليوم، كل أهل القبور ماتوا مشغولين، هذا مشغول ما أكمل القسيمة، وهذا مشغول ما زوج الولد، وهذا مشغول ما حقق الأسهم، وكلهم مشغولون.
يا أهل القبور، مُتْم مشغولين؟
يقولون: نعم، كلنا متنا مشغولين.
ويجري خلف الأمل ويقطعه الأجل، ولم يحقق طموحاته وأشواقه ورغائبه المسكين. مسكين وهو لا يعلم.
كل باكٍ فسيُبكى كل ناعٍ فسيُنعى |
كل مذخورٍ سيَفنـى كل مذكورٍ سيُنسى |
ليس غير الله يبقى مَن علا فالله أعلى |
كل مستخفٍ بسـر فمن الله بمرأى |
إنما شيئاً كُفيناه له نسعى ونشقى |
وهو الرزق.
لو كان السعي وحده لكفي؛ ولكن مع السعي شقاوة، يلهث ويجري حتى يموت، أولاده يقولون له:
يا بن الحلال قل: لا إله إلا الله.
يقول: الشقة: [24] أما أخذتم منها هذا الشهر الإيجار، روحوا واركضوا وخذوها.
وهو ينازع في الموت.
إذاً الشقة هذه التي طولها متر في الأرض، ماذا تعمل فيها؟ هذه لحد، اسمها: اللحد، والله يوم القيامة يسميها: أجداث: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ [القمر:7] أو لما مات يقول: تردى: وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى [الليل:11] أي: إذا تدهور، ونزل من فوق إلى تحت في القبر -الله يكفينا الشر- تردى.
انظر البلاغة والفصاحة، [... الخير منه مأمول ...] أول ما ترى وجهه ترى وجهه وجه خير.
[... والشر منه مأمون ...] ليس إذا صار وزيراً، أصبح يصدر قراراً وراء قرار، ويُفَسِّخ البنات، ويستهزئ بالناس، ويهددهم، أعوذ بالله! هذا شره أليس غير مأمون؟! الله يكفينا شره، لهذا قال: [... الشر منه مأمون].
هكذا يصف علي بن أبي طالب صفات المتقين.
اللهم اجعلنا من المتقين.
اللهم احشرنا مع المتقين.
اللهم ألحقنا بالمتقين.
اللهم اجعلنا لإخواننا المسلمين هيِّنين ليِّنين سهلين قريبين حبيبين يا رب العالمين.
اللهم اجعلنا لإخواننا المؤمنين كالسحاب يظل البعيد والقريب، وكالأرض الذلول يطؤها الكبير والصغير، وكالمطر يسقي من يحب ومن لا يحب.
اللهم اجعلنا مبشرين وميسرين، ولا تجعلنا معسرين ومنفرين، ألِّف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور.
اللهم اجعلنا هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين، سِلْماً لأوليائك، حرباً على أعدائك، نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك.
اللهم حرِّم وجوهنا على النار، ووالِدينا ووالدِيكم والمسلمين.
اللهم أدخلنا ووالدِينا ووالدِيكم والمسلمين الجنة.
اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا مؤمناً إلا ثبته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا سوءاً إلا صرفته، ولا عسيراً ولا سوءاً إلا صرفته، ولا عيباً إلا سترته وأصلحته، ولا غائباً إلا رددته، ولا مسافراً إلا حفظته، ولا هماً ولا غماً إلا فرجته، ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته، ولا عدواً إلا قصمته.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، ولا تجعل من بيننا شقياً ولا محروماً.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.
اللهم ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين.
اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحينا ما علمتَ الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا علمتَ الوفاة خيراً لنا.
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيماً لا ينفد، ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.
اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين.
اللهم حرر أرض فلسطين والأقصى، وانصر إخواننا المجاهدين في الأفغان والفليبين ، وفي كل أرض يذكر فيها اسم الله.
اللهم عليك باليهود وأعوانهم، والنصارى المحاربين وأنصارهم، والشيوعيين وأشياعهم، أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم أرنا في أعدائنا وأعدائك يوماً أسود.
اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك إنهم لا يعجزونك.
يا من لا يُرَد أمرُك ولا يُهزَم جندُك، سبحانك وبحمدك، منزل الكتاب، ومنشئ السحاب، ومجري الحساب، وهازم الأحزاب، اهزم أحزاب الباطل، وانصر حزب الحق يا رب العالمين.
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان.
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:127-128].
أحبتي في الله، لجنة الدعوة الإسلامية التي تدعم المجاهدين والمهاجرين الأفغان موجودة هنا في خارج المسجد، قد صوَّرنا شريطاً عن المجاهدين في المعارك الحية في الجبهات مع العدو، وهو يُباع من باب الصدقات والتبرعات، وكذلك عندهم بطاقة للاقتطاع الشهري من الراتب، وما عليك إلا أن تملي الأخ الذي يكتب إذا أردت أن تشترك، ولو بدينار، أن تمليه الاسم والتليفون، والتوقيع، ثم بعد ذلك يُقتطع دينار من راتبك للجهاد في سبيل الله.
أحبتي في الله، الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر جعله شهر جهاد فاستَفْتَحَه في أول صيام صامه المسلمون بغزوة بدر، وختمه بفتح مكة.
أحبتي في الله، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم جهاد المال: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10-11].
وجزاكم الله خيراً على حسن استماعكم وأدبكم وإنصاتكم.
أقول قولي هذا.
وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر