إسلام ويب

أوروبا السوداءللشيخ : علي بن عمر بادحدح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كشف الغرب عن حقيقة الحضارة التي يدعيها، وعن حقيقة المحافظة على حقوق الإنسان التي يزعمها بما يمارسه برابرة الصرب ضد شعب البوسنة والهرسك: من قتل وذبح وتشريد وتهجير جماعي، فإنهم يكيلون بمكيالين في كل شيء، مكيال خاص بالمسلمين يعاملونهم فيه أقل من معاملة الحيوانات، ومكيال خاص باليهود والنصارى وأعوانهم، بل رفعوا بهذا المكيال قدر كلابهم، وجعلوا لها حقوقاً، ووضعوها في صفوفهم!!

    1.   

    حقيقة الحضارة الأوروبية

    الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، أحمده سبحانه وتعالى، وأستعينه وأستغفره، وأتوب إليه وأتقرب إليه، هو سبحانه وتعالى أهل الحمد والثناء، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد على كل حال وفي كل آن.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، اختاره الله جل وعلا ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وجعله سيد الأولين والآخرين، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين!

    عباد الله! اتقوا الله حق تقاته، فإن الله جل وعلا قد أمركم بذلك في كتابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    أيها الإخوة المؤمنون! حديثنا اليوم عن أوروبا السوداء، وليس في هذا العنوان أي خطأ، إذ تعودنا أن نسمع عن أوروبا البيضاء، وليس في ذلك السواد أو البياض ما يتعلق بالأمور المادية، بل إن هذه الأوصاف اللونية يربطون بها المعاني والمبادئ، فيصفون إفريقيا بالسوداء، ويصفون العالم الإسلامي وبلدان العالم الثالث بالسوداء ليشيروا إلى أنها متخلفة، أو ليبينوا أن فيها أسباب الظلم، وانتهاك حقوق الإنسان، إضافة إلى العنصرية والطبقية، أو إلى الهمجية والعدوانية، وينسبون إلى البياض: التقدم والحضارة، والعدالة الإنسانية، واحترام حقوق الإنسان، وغير ذلك من المعاني الشريفة، والحق أن المسلم ينبغي أن يفرق دائماً بين الأسماء والمسميات، لينظر مدى انطباق الاسم على المسمى، فإن الباطل لا يغيره عن حقيقته أن نلبسه لباس الحق، أو أن نطلق عليه أسماء الحق، فإن ذلك لا يغير من الواقع شيئاً، والعكس صحيح أيضاً، فلا يمكن أن يتغير الحق إن وصف بأوصاف الباطل أو سمي بأسماء باطلة، فإن الحق يستمد شرعيته من مطابقته لما جاء في كتاب الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والحق أن كثيراً من الوقائع المعاصرة والأحداث المتتابعة كان من منافعها أن أذهبت غشاوة كانت تضلل كثيراً من العيون، وأنارت طريقاً مظلماً كانت تسير فيه كثير من العقول، إذ إن الحقائق المجسدة الواقعة لها من إثبات الحق أو الباطل، ومن توضيح الموقف أكثر مما يقال أو يكتب أو يزور عبر وسائل إعلامية أو ثقافية، ولذلك حديثنا اليوم عن أوروبا السوداء بمبادئها وموازينها الجائرة، ومواقفها الشائنة، وصورتها الحقيقية التي تسترها وراء أسماء لامعة، وأقنعة براقة، تخلب بها العقول، وتسد بها الأنظار، وتغري بها كثيراً من السذج، وتغير بها كثيراً من الأفكار.

    الإبادة الجماعية لمسلمي البوسنة والهرسك

    إن قضية إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك التي تقترب مأساتها اليوم من عام ونصف العام تقف أحد أبرز الشواهد والمعالم على حقيقة الحضارة الأوروبية الغربية، وعلى حقيقة مواقفها ومبادئها وموازينها، وعلى حقيقة دوافعها ومصالحها التي تلبس على الناس فيها، وتغير فيها وتغير، حتى صدق الناس كثيراً من الكذب لتكراره واستمراره، إن هذه المأساة التي بلغت ما لم تبلغه مأساة إنسانية خلال قرون طويلة مضت، والتي لا يمكن أن يصدق إنسان -لولا أن الواقع ينطق بذلك عبر الصورة.. وعبر الخبر.. وعبر السماع.. وعبر المعاينة- أن مثل هذه الوقائع تقع في القرن العشرين الذي يوشك أن يستقبل القرن الحادي والعشرين، تقع في ظل الأمم المتحدة والنظام العالمي الجديد! تقع هذه الأحداث في ظل المناداة التي صمت الأذان بمراعاة حقوق الإنسان، والمناداة التي تسعى إلى تطبيق العدالة الدولية في كل مكان، رغم ذلك كله تقف هذه القضية الإسلامية لتعري المواقف على حقيقتها، وتبين المبادئ في زيفها وكذبها، ولست في مقام كثير من الوقائع، إلا أن ما استجد من الأحداث يدمي القلوب ويحرك الغيرة في النفوس المسلمة المؤمنة:

    لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان

    قد سمعنا وعرفنا، ثم تكرر ذلك علينا حتى نسينا وألفنا، سمعنا عن مئات الألوف الذين قتلوا ليس القتلة الشريفة في الحرب والميدان الواضح، وإنما قتلوا غدراً، ومثل بهم.

    وسمعنا وعرفنا عن عشرات الآلاف من الأعراض المنتهكة، وعن عشرات الآلاف من أبناء الزنا من إثر ذلك الاغتصاب في أحشاء وبطون المسلمات البسنويات، وكل ذلك ربما صار في طي التاريخ عند بعض الناس!

    إلا أن ما استجد من الأحداث أيضاً يبين ويؤكد أن ذلك الصمت المريب، وأن ذلك التباطؤ والتواطؤ إنما يكشف عن حقيقة الدوافع والمبادئ، وكثيرة هي الأحداث والوقائع التي تكشف هذا، وحسبنا أن نعرف أخبار الحصار الأخير الرهيب على (سراييفو) عاصمة البوسنة التي تشتد القبضة حولها، ويعظم الهجوم عليها، ويبلغ الحال بالناس فيها أن يعيشوا في ظلام دامس إذ لا كهرباء، وفي جوع قاتل مميت إذ لا غذاء، وفي عطش قاتل مميت إذ لا ماء ولا رواء، كل ذلك تحت سمع الدنيا كلها، وتحت نظر أوروبا والغرب والحضارة الغربية التي دعمت المواقف الصربية، والتي وقفت أمام المسلمين وقفة شجاعة قوية في نصرة دينها وبني جلدتها ومصالحها، ولم تكن في ذلك تداري إلا بقدر ما تخدع به بعض الناس.

    سأذكر بعض الوقائع القديمة، ونقف عند وقائع أخرى حديثة؛ لنرى حقيقة هذه الحضارة الزائفة الجوفاء، ونعرف حقيقة العداء المبني على الولاء والبراء، والمؤسس على العقائد والأديان، وليس على شيء غير هذا مطلقاً، عرفنا جميعاً موقف قائد قوات الأمم المتحدة السابق الذي كان يطبق المثل القائل: (حاميها حراميها)، ذلك الذي شارك الأعداء الصرب في جرائمهم باغتصاب المسلمات، والتمكين لهم فيما يريدون من الفتك بالمسلمين واحتلال الأراضي. وكذلك نرى موقفاً آخر: عندما كان قائد القوت البريطانية المشاركة ضمن قوات الأمم المتحدة، رأى الهول والفضائع والجرائم؛ فاستيقظت إنسانيته، وصور هذه الجرائم، وصرخ بأعلى صوته، ونشر ذلك في كل مكان، ثم كان الجواب والعمل الذي قامت به دولته المتحضرة البيضاء أن سحبته من موقعه، وجعلت بدلاً عنه آخر لا يتكلم، بل ينظر ويسكت، أو ينظر ويشارك، وذلك هو الأمر الحقيقي الذي تمارسه هذه القوى والجيوش في بلاد الإسلام والمسلمين.

    حظر الأسلحة وفرض التقسيم على أبناء البوسنة والهرسك

    ما أسرع موقف الأمم المتحدة -في غمضة عين، وبسرعة رهيبة، وبإجماع سريع- لحظر الأسلحة على المتقاتلين في البوسنة والهرسك مع بدايات أول انطلاق الرصاص في تلك البلاد الإسلامية، ثم وعلى مدى عام كامل تظل قضية رفع حظر الأسلحة على إخواننا المسلمين قضية شائكة، يخشى منها أن تزيد من دائرة الحرب، وأن توسع من دائرة الدمار، وكذلك أن تجعل هناك حرباً عنصرية عرقية دائمة، وهذا هو الميزان الذي يزن به الغرب، وهذا هو المكيال الذي يكيل به، فهم يكيلون بمكيالين .. وبميزانين.. وبنظرتين.. وعينين، يكيل فيها لمن يحب ويوالي ويشترك معه في العقيدة والدين والمصالح بكيل يعطي ولا يبقي، وإلى من يخاصمونهم ويعادونهم في العقيدة والدين يكيلون لهم بكيل المنع والحبس والمصادرة والتضييق، حتى إن مجلس الأمن عندما صوت على قضية رفع حظر الأسلحة ظهرت مواقف أوروبا والدول الغربية عموماً تبين موقفها الشريف أمام هذه القضية الواضحة، ثم جاءت اليوم خطة التقسيم التي كان الإعلان الأوروبي رافضاً لها، ثم بعد ذلك وبتدرج ماكر خبيث عاد مقراً لها.

    ثم في آخر الأمر هو اليوم يفرضها فرضاً فإما أن يقبل بها المسلمون، وإما أن يكون استمرار القتل والقصف والتدمير والاحتلال، وتتساوى القضية في وقت واحد، تبدأ محادثات السلام، ويزداد القصف على العاصمة سراييفو، ثم يزداد الحصار، وتقف الدول العظمى كلها عاجزة عن أن توصل طعاماً أو شراباً أو غذاءً أو أية نجدة إلى ثمانين ومائتي ألف محاصرين داخل هذه المدينة، يموتون جوعاً، حتى بدءوا في أكل القطط والكلاب والجيف المنتنة؛ لأنهم لا يجدون ما يأكلون، وأخشى -ولا أستبعد ذلك- أن يصيح صائح في الغرب الأبيض المتحضر ليعترض على مثل هذا؛ لأن فيه انتهاكاً لحقوق تلك الحيوانات، ومعارضة للرفق بها، أما الإنسان إذا كان مسلماً فهو عندهم وفي ميزانهم العملي لا القولي لا قيمة له، وقيمته أقل وأحقر من الحيوان، وهذا هو ميزانهم الذي أخبرنا الله عز وجل به، قال جل وعلا: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً [التوبة:10]، كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً [التوبة:8]، والله سبحانه وتعالى قد بين لنا أنهم يسرعون بالبغضاء والعداء إلى المسلم في كل مكان، لا يمنعهم من ذلك إنسانية ولا مبدأ ولا قانون؛ لأن حقدهم الأسود في قلوبهم السوداء في نفوسهم المريضة، وفي عقولهم الكليلة يدفعهم إلى هذا الأمر دفعاً لا يملكون له منعاً، ولذلك نجد اليوم خطة التجويع التي يشارك فيها الغرب أيضاً، الذي كان يزدهي بأنه يساعد المسلمين بالمبدأ الإنساني، ويرسل الإغاثات في هذه الأيام، حتى هذه الغلالة الرقيقة التي كان يستر بها سوءاته وعوراته بدأت تنكشف اليوم، ومندوبة الأمم المتحدة لشئون الإغاثة تصرخ بأن الإغاثات انخفضت إلى أقل من (50%) مع تعاظم الحاجة إليها في ظل الحصار الرهيب، والقصف المتواصل، والعسف المستمر، ومع ذلك حتى هذا الغذاء وهذه الإغاثات متوقفة ولا تتقدم مطلقاً، وهذا كله يدلنا على حقيقة المواقف، تشتد وتظهر وتفصح عن نفسها كلما دعت الحاجة إلى ذلك، كان الأمر في أوله نقداً لتلك الهجمة الصربية الشرسة، على اعتبار أنها يمكن أن تنتهي في ظرف قصير كما تم ذلك في مواقع أخرى من بلاد إسلامية اعتدي عليها، ثم لما امتد أمد الأزمة بوقوف إخواننا وصمودهم، ظل بعد ذلك الموقف يتراجع شيئاً فشيئاً، حتى صار اليوم موقفاً واضحاً معلناً يؤكد حقيقة الولاء والبراء، وحقيقة ما علمنا الله عز وجل إياه، فلم نتعلم منه التعلم الحقيقي، ولم نطبقه التطبيق الكامل عندما خاطبنا الله عز وجل بنداء الإيمان: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51]، وهكذا يتحقق ولاؤهم بصورة عملية، ويعيش إخواننا اليوم في مأساة لا أظن أن أحداً يمكن أن يجد لها مثيلاً أو مشابهاً في كل ما حل بالمسلمين في كثير من البقاع، بل في كل ما حل بكثير من الناس حتى في ظل الكوارث الطبيعية الإلهية التي يقدرها الله عز وجل، إذ إنهم -وخاصة في العاصمة سراييفو- يموتون موتاً بطيئاً، ومع ذلك بفضل الله عز وجل عندما أجريت مع بعضهم مقابلات فإنهم قالوا: نحن صامدون، ونموت موت الشرفاء، ولا نموت موت الأذلاء! وذلك الموقف هو الذي يعجب منه الغرب الكافر النصراني، الذي يشحذ قوته، ويريد أن يجهز على ذبيحته في هذا الوقت، ومع ذلك كله ربنا سبحانه وتعالى يبث في قلوب إخواننا المسلمين رضاً وسكينة وطمأنينة، ويبث في نفوسهم صبراً وثباتاً وجلداً، ونسأل الله عز وجل أن يديم عليهم هذه النعمة، وأن يثبتهم في وجه هذه الهجمة، وقد اتضحت لهم الصورة، وينبغي أن تتضح لكل مسلم في شرق الأرض وغربها، وأن يعرف المواقف على حقائقها، فالبوسني كان ولا يزال من شعوب أوروبا، وهو ابن تلك البلاد والديار، فعاش حضاراتها ولا زال، ولكنه عرف حقيقة الولاء والبراء، وحقيقة الحروب الدينية العقائدية، اليوم ينكشف له الزيف، ويعرف جيرانه الأوروبيين أنهم نصارى وأنه مسلم، وذلك فرق كبير بينه وبينهم، يجعلهم يتألبون بالعداء عليه، ويسعون لإهلاكه وتدميره، رغم أنه لا يملك حولاً ولا قوة.

    وانظر إلى المواقف العادلة لهذه الحضارة الجائرة: تمنع السلاح عن العزل، وتحيطهم بقوى مدججة بالسلاح، وتسوف في المؤتمرات والقرارات، وتمنع الإغاثات، ثم بعد ذلك يقال: إن الذي يعرقل السلام هم البوسنيون، ورئيسهم الذي يمتنع عن المفاوضات التي هي في حقيقة الأمر نوع من العداء السافر، ونوع من الإجبار القاهر، ونوع من الصورة الوقحة لتلك القوى التي تتستر وراء العدالة والقوانين الدولية، ولذلك كشف المسلم في البوسنة الحقيقة، وينبغي أن يكشف هذه الحقيقة كل مسلم، وأن ينادي كما نادى مسلمو البوسنة:

    يا ساسة القمع الرهيب تأهبوا وتسلحوا بحديدكم والنار

    إني صحوت فلا تخدرني حلاوة منطق ومهارة استعمار

    إني صحوت فجردوا أسيافكم وتجسسوا وتحسسوا أخباري

    إني صحوت ولست أخدع بعدها يوماً بزيف خادع الأبصار

    ينبغي أن نكشف الأمور، وانظروا إلى حقيقة العقائد كيف تصنع!

    البابا يبارك لزعيم الصرب الإبادة الجماعية ضد المسلمين

    زعيم الصرب المجرم يذهب إلى اليونان، ويستقبله رئيس أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية، ويقبل المجرم يد المجرم الآخر، ثم يبارك الأسقف على رأس كراجيتش مباركاً له ومهنئاً صنيعه في إبادة المسلمين، وتنشر صور هذه المقابلة في الصحف مع حملة دعائية كبرى لجمع التبرعات لصالح الصرب في حربهم العادلة ضد مسلمي البوسنة، وليس ذلك سراً، بل يظهر على الشاشات والصفحات، وعبر التصريحات في صورة وقحة واضحة لا تحتاج إلى تفسير ولا إلى تأويل.

    ثم يعقد مؤتمر آخر للكنيسة الأرثوذوكسية، ومؤتمر ثان عقد في الأسبوع الماضي في تركيا المسلمة في البلاد التي فتحها محمد الفاتح باسم الإسلام، تعقد هذه المؤتمرات ويشارك فيها دول كثيرة، منها: روسيا، وأوكرانيا، ورومانيا، وبلغاريا، وسلوفاكيا، وصربيا، وأرمينيا، وكرواتيا وغيرها تحت شعار: الكنيسة الأرثوذكسية لمواجهة الصحوة الإسلامية في البلقان وفي آسيا الوسطى، وتتولى اليونان أمر البلقان، وتتولى روسيا أمر آسيا الوسطى والجمهوريات الإسلامية؛ لتطوق ما يسمونه بالمد الإسلامي، وما أحداث طاجكستان عنا ببعيد، ونعرف حينئذ كيف يتحرك أولئك القوم! إنهم لا يتحركون من منطلقات سياسية، بل من مبادئ عقائدية، وتذكي ذلك الكنيسة الأرثوذكسية لتقوم بهذه المهمة في شرق أوروبا، وتقوم الكنسية الأخرى بالمهمة ذاتها في غرب أوروبا، وتظهر أوروبا البيضاء على حقيقتها السوداء وعنصريتها الواضحة، وهي التي تتهم المسلمين بالإرهاب والجهاد، والعذاب للجنس الأبيض، وغير ذلك من التهم الكاذبة، وهذا كله يظهر في صور واضحة لا تحتاج إلى شيء من التعليق، ولذلك تنظر اليوم فإذا بهذه الأحداث الرهيبة لا تحتل من الأخبار العالمية إلا آخر الصفحات أو آخر النشرات الإذاعية، وكأنها ليست مأساة إنسانية غاية في الفظاعة، وليست ذات أهمية فيما يتعلق بإحقاق الحق، أو إقامة الموازين الدولية والقوانين، أو الشرعية الدولية أو غير ذلك من المسميات، وهذا يدلنا على أن هذا التواطؤ الرهيب ينطلق عن عمد وتخطيط، والوثائق التي نشرت، والمخاطبات والمكاتبات التي كتبت ونشرت تظهر ذلك بشكل واضح فاضح لا يحتمل الشك ولا الريب.

    أولئك هم الغرب والغربيون والحضارة الغربية بمبادئها وموازينها، فأين العدالة التي يريدون تطبيقها؟! وأين حقوق الإنسان التي يدعون الانتصار لها؟! أين المواقف؟! لم نر موقفاً -حتى كاذباً- يمكن أن يكون مقبولاً أو معقولاً حتى عند المجانين فضلاً عن العقلاء.

    ضاع مسلمو البوسنة بين التواطؤ والتباطؤ

    لقد كشفت الحقائق -وهذه القضية على وجه الخصوص- أوروبا السوداء بحقيقة عنصريتها، وعدائها الدائم، وحقدها الأسود ضد الإسلام والمسلمين، كما كشفت أن دعاوى حقوق الإنسان دعاوى كاذبة لا ترتبط إلا بالمصالح، وأن الموازين الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة إنما تخضع للقوى التي تسيرها وفق مصالحها، وليس وفق المبادئ ولا القوانين حتى وإن كانت وضعية، وهذا شاهد حال واضح.

    ولئن كان موقف الغرب مقبولاً ومفسراً عند الإنسان المسلم الذي يعرف حقيقة الإيمان والولاء والبراء، فكيف يفهم المسلم البسيط في شرق الأرض الإسلامية وغربها مواقف الدول الإسلامية؟

    إنه يقول بلسان بسيط ولكنه فصيح، وبلغة بدائية ولكنها قوية: ضاع مسلمو البوسنة بين التواطؤ والتباطؤ، بين تواطؤ الغرب وتباطؤ المسلمين!

    لك أن تسأل وأن تتعجب: إن كان هذا موقف تلك الدول فلا شأن لنا بها ولا نتوقع منها إلا مثل هذا، فأين الدول الإسلامية التي تزيد على الخمسين؟ وأين قواها المادية والمعنوية؟ وأين ضغوطها السياسية؟

    إن المسلم اليوم يشعر أن كثيراً من مقدرات المسلمين ليست في أيديهم، وإنما في أيدي من يتسمون بأسماء إسلامية، وينطقون بلغة عربية، ويعلنون شعارات إسلامية، ولكنهم في حقيقة الأمر هم أنفسهم حرب على الإسلام والمسلمين.

    وإنك تجد كثيراً من الدول قد شغلت عن هذه المأساة والمعركة بمعارك أخرى، فنحن نسمع عن دول أنها مشغولة بمعركة الحجاب، وأخرى تشغلها معركة الإرهاب، وثالثة تخوض معركة حاسمة في إرساء الديمقراطية، ورابعة تشتد همتها في المعركة الشرسة ضد الفتنة الطائفية، ولك أن تسمع معارك أخرى كمعركة السلام، ومعركة الكلام، ومعركة الإعلام، معارك وهمية لو كشفت عنها فإنك تجد أنها تدور رحاها على الإسلام والمسلمين إلا ما رحم الله عز وجل، ويصرخ المسلمون وينادون بكل صوتهم وبكل صراخهم، دون أن يجدوا حتى من إخوانهم من يلبي التلبية الصادقة المؤثرة في الواقع، التي تجعلهم يشعرون شعوراً قوياً بأنه يمكنهم أن يواصلوا ثباتهم وصمودهم، بل أن يبدءوا في جهادهم وهجومهم، ولذلك قد أصبحت هذه الصور واضحة ناصعة، لا تحتاج إلى إغفال ولا إلى إيهام.

    صاح صائح المسلمين -وأرجو أن يكون الصائح كل مسلم في كل مكان- ليكشف الحقيقة التي غابت عنه دهراً طويلاً ويقول:

    يا ساسة القمع الرهيب تفننوا بالقتل والتعذيب والإعسار

    واستخدموا الإعلام في ترويجكم للفسق والتضليل والإسكار

    إني صحوت فلملموا أشياءكم الله أكبر منهجي وشعاري

    هاتوا معاول هدمكم ودماركم واستجمعوا طاقاتكم لحصاري

    اسفك دمي اقتل فلست بمسجد لك جبهتي اقتل فلست براجع تياري

    اسفك دمي تأتيك آخر قطرة برسول جيش قادم جرار

    فالله نسأل أن يحفظ إخواننا المسلمين، وأن يدرأ عنهم كيد الكائدين، وأن يرزقهم الصبر والرضا واليقين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    صرخات ضد واقع المجتمع الإسلامي

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين!

    أما بعد:

    فأوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من التقوى الشعور بمآسي المسلمين، والدعاء لهم، والاستنصار لهم، وبذل العون الممكن لهم بكل سبب ووسيلة مستطاعة.

    وإن هذه المأساة الإسلامية -الماثلة أمام العيان- لتهز قلب كل مؤمن، وتثير الحمية في نفس كل مسلم، وتبصر كل عقل كان مخدراً أو غافلاً، وتنبه كل إنسان كان ساكناً راكداً، أنه لابد له أن يدرك أن الحرب دائرة على الإسلام والمسلمين، وأن أولئك المسلمين في البوسنة الذين لم يكن يظهر عليهم سيماء الالتزام، ولم يكن يظهر عندهم ما يسمى -كما يقولون- بالتطرف والإرهاب، ومع ذلك ومع كونهم بيض البشرة وزرق العيون، ومع كون نسائهم شقراوات وحمراوات مثل الأوروبيين إلا أن عندهم علة واحدة هي التي أورثتهم هذا العناء الرهيب، تلك العلة أنهم مسلمون، وهذا الإسلام وإن كان عندهم اسماً فحسب أو عند بعضهم فإنه كاف لأن تكون التهمة التي من أجلها تستخدم معهم صنوف العذاب من أجل الإبادة، ولذلك تنادي سراييفو:

    سراييفو تقول لكم ثيابي ممزقة وجدراني ثقوب

    وأوردتي تقطع لا لأني جنيت ولا لأني لا أتوب

    ولكني رفعت شعار دين يضيق بصدق مبدئه الكذوب

    هذه هي الصورة الواضحة للمواقف في هذه القضية، وإخواننا هناك بحمد الله عز وجل -رغم ما يعانون- قد أفرغ الله عليهم صبراً عجيباً، ورضاً بقضائه وقدره، وهم ثابتون رغم المعاناة والمقاساة، ورغم الهجمة الشرسة، والمؤامرة الرهيبة، والأعداء المتكالبين، وكثير من الأصدقاء المتخاذلين، رغم ذلك كله يقفون ويسألون الله عز وجل -ونسأل الله معهم- أن يثبتهم، وأن يفرج همهم، وأن يفرج كربهم.

    وبقي أن أصرخ من هذا المقام صرختين لكثير من الممارسات الواقعة في مجتمعنا، والتي لا تتفق مع ما ينبغي أن يكون في قلوبنا ونفوسنا وأعمالنا تجاه مثل هذه المآسي التي تحل بإخواننا:

    صرخة ضد الإسراف والبذخ والتبذير الذي يقع في الأموال والأطعمة والأشربة، ونحن نعلم أن إخوة لنا يموتون هناك جوعاً، فلا أقل من أن نشاركهم في هذا، هذه الأفراح التي تتوالى في أوقاتنا في كل ليلة وفي أكثر من مكان، ثم نرى فيها صوراً من التباهي والمباهاة والإسراف الذي ذمه الله عز وجل، وقد قال سبحانه وتعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء:27]، والله سبحانه وتعالى قد بين أنه لا يحب المسرفين، ثم هذه الأطعمة والنعم التي لا نقدر قدرها نخشى والله أن يحرمنا الله عز وجل منها!

    ثم ألا من مشاركة؟ ألا من إحساس بهذه المآسي؟ نحن لو شاركنا بأقل القليل فإننا نظل في نعم عظيمة من أمن وأمان، ورغد عيش ورخاء، وكثير من أسباب الحياة الرغيدة لو أننا اختصرنا شيئاً كثيراً فسنظل أيضاً في رغد وبحبوحة من العيش، وأقصد من هذا أن نشعر بهذه المعاناة، وألا نكون كافرين بنعم الله عز وجل، ولا جاحدين بفضله سبحانه وتعالى مما ساقه لنا من هذا الخير، ينبغي أن نسمع صرخات إخواننا وهم يقولون وبلادهم تقول:

    لكم يا إخوتي أكل وشرب وأكسية لها نسج عجيب

    لكم دار مشيدة وظل يظللكم به غصن رطيب

    لدى أطفالكم لعب وحلوى وعند نسائكم ذهب وطيب

    وما والله نحسدكم ولكن نقول أما لإخوتكم نصيب

    وصرخة أخرى لكثير من المسلمين الذين يسافرون باسم السياحة والنزهة إلى بلاد الغرب، فيدعمون قوتها واقتصادها باسم السياحة، ويعلنون أننا بصورة عملية غير غاضبين ولا مؤاخذين ولا عاتبين، بل وكأننا محبون أو مؤيدون أو مناصرون أو مشاركون لا سمح الله، فإن المال الذي تبذله إلى تلك الديار لا تستبعد أن يكون هو ذاته الذي يرتد رصاصاً في صدور إخوانك المسلمين في شرق الأرض وغربها، ولا تستبعد أن يكون هو الذي يرتد في صورة مؤامرات وجرائم وفضائع تنتهك هنا وهناك، فلماذا لا نفطن ولا يكون عندنا إحساس إيماني؟

    ثم بعض أولئك الذين يغادرون إلى تلك الديار يريدون من أوروبا البيضاء بلحم نسائها الأبيض، ومخدراتها وسمومها البيضاء، ودخان سجائرها الضبابي الأبيض، يريدون أن يعيثوا في الأرض فساداً، فيعلنوا بذلك انسلاخهم عن سمت الإسلام، وأخلاقيات الالتزام، ويكونوا بذلك سبة وعاراً وسمعة سيئة على المسلمين، ويؤدوا بذلك مزيداً مما يرضي أعداءنا من التغرير والتضليل بأبنائنا.

    فهذه صرخة ينبغي أن توقظ الناس أجمعين، ينبغي لنا بالفعل أن نستشعر في هذه الآونة -مع ضراوة الهجمة الشرسة- أنه ينبغي لنا ألا نكون سبباً -ولو من طريق غير مباشر، ولو بصورة ضئيلة- فيما يؤدي إلى تقوية أعدائنا وإضعاف إخواننا، من أعان على دم مسلم ولو بشطر كلمة لا يقبل الله عز وجل منه صرفاً ولا عدلاً.

    كيف تكون هذه المواقف منا ونذهب هناك نسيح، ونجول، ونقابل، ونعانق، ونهش، ونبستم، ونبذل، وندفع، وننفق، ثم نعود ونقول: إن مواقف الغرب، أو مواقف الحضارة الغربية، أو الدول الفلانية مواقف لا تتسم بالعدل والإنصاف، ونحن قد عبرنا عملياً عن نوع من التضامن معهم، أو على الأقل السكوت وغض البصر عنهم!

    لابد لنا أن نفطن وأن ندرك هذا وأن نصيح في بني الإسلام:

    بني الإسلام هذي حرب كفر لها في كل ناحية لهيب

    يحركها اليهود مع النصارى فقولوا لي متى يصحو اللبيب

    أراكم تنظرون وأي جدوى لنظرتكم إذا غفت القلوب

    ستطحنكم مؤامرة الأعادي إذا لم يفطن الرجل الأريب

    لابد أن ندرك حقائق الإيمان التي بينها الله عز وجل لنا: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:82]، وقوله سبحانه وتعالى: لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً [التوبة:8]، وقوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51]، والآيات القرآنية التي تبين أن نصر الله عز وجل مرتبط بشرطه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وإِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ [آل عمران:160]، وتطبيق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وأن نعرف الحقائق في أضواء الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والسنن الربانية، وأن ندرك أنه لا تغيير إلا بتغيير، كما قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، فأروا الله عز وجل تغييراً في نفوسكم صادقاً، وأوبة وتوبة نصوحاً، وصدقاً ورضاً ويقيناً بوعده سبحانه وتعالى، وغيرة وحماساً وحمية لنصرة الإسلام والمسلمين، وبغضاً وكرهاً وبراءً من المشركين والكافرين، فحينئذ يؤذن الله عز وجل إذا تغيرت القلوب والنفوس أن تتغير الأفكار والرؤى والتصورات، وأن تتغير من ورائها السلوكيات والأعمال والأخلاقيات، ومن بعد ذلك يتحد المسلمون على قلب رجل واحد، ويكون وقوفهم صفاً واحداً تجاه أعدائهم، ولذلك ينبغي أن نفطن وأن نفقه هذه الحقائق.

    والله أسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يبصرنا بعيوب أنفسنا، وأن يبصرنا بحقائق ديننا، وأن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يجعلنا أوثق الواثقين به، وأغنى الأغنياء به.

    اللهم لا تجعل لنا إلى سواك حاجة، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا أفقر الفقراء إليك، وأغنى الأغنياء بك، اللهم اغننا بفضلك عمن أغنيته عنا، اللهم إنه لا حول ولا قوة إلا بك، فأمدنا بحولك وقوتك وتأييدك يا أرحم الراحمين!

    اللهم مكن في بلاد المسلمين لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع وأقم في الأمة علم الجهاد برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في البوسنة والهرسك وفلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين!

    اللهم عجل فرجهم، ونفس كربهم.

    اللهم تقبل موتاهم في الشهداء، اللهم وأعنهم على الكرب والبلاء، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم رد عنهم كيد الكائدين، وتآمر المتآمرين، اللهم إنا نسألك أن ترزقهم الصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، جياع فأطعمهم، خائفون فأمنهم.

    اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج كربتهم، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم إنا ندرأ بك في نحور أعدائنا، ونعوذ بك اللهم من شرورهم، اللهم عليك بسائر أعداء الدين من الكفرة والطغاة والمتجبرين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا قوي! يا عزيز! يا منتقم! يا جبار! اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية، اللهم استأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، وفرق كلمتهم، واجعلهم غنيمة للمسلمين، يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء! يا من أمره بين الكاف والنون!

    اللهم إنا نسألك أن تجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!

    اللهم اجعل ولاة أمورنا في هداك، ووفقهم برضاك، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم وفقنا لما تحب وترضى، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا يا رب العالمين!

    عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756014134