حدثنا مسدد حدثنا خالد بن عبد الله حدثنا مطرف عن أبي الجهم عن البراء بن عازب قال: (بينا أنا أطوف على إبل لي ضلت إذ أقبل ركب أو فوارس معهم لواء، فجعل الأعراب يطيفون بي لمنزلتي من النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أتوا قبة فاستخرجوا منها رجلاً فضربوا عنقه، فسألت عنه فذكروا أنه أعرس بامرأة أبيه) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب في الرجل يزني بحريمه]، وحريمه يعني: ذوات محارمه اللاتي لا يحل له الزواج بهن، ولا شك أن من تكون كذلك فالزنا بها أخطر وأشد وأعظم؛ لأن النكاح لا يجوز لمثلها، بخلاف الأجنبيات فإن النكاح سائغ والزنا هو الحرام، وأما هنا فالنكاح غير سائغ، فلو حصل النكاح فهو خطير، ولو حصل الزنا فهو أيضاً خطير، وهو أخطر من الزنا بالبعيدات والأجنبيات؛ لأن هذا يدل على قلة الحياء، وقلة المبالاة، وعدم خوف الله عز وجل، والاحتكاك بذوات المحارم والاختلاط بهن حاصل ومستمر، والخلوة بهن حاصلة، فكونه يوجد والعياذ بالله فعل الفاحشة معهن فإنه يكون الأمر أخطر وأشد، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن دخول الرجال على النساء حذر منه ولما قيل له: (أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت)؛ لأنه لا يفطن له ولا يحترز منه، ودخوله وخروجه غير مستغرب، بخلاف الأجنبي الذي يكون دخوله وخروجه في البيت مستغرباً، ولكن الذي له علاقة بالبيت لا يكون مستغرباً، فيكون أخطر وأشد من حيث الخلوة، وإذا كان هذا حصل في حال الحمو فكيف يكون بالمحرم والعياذ بالله؟! فالإنسان الذي يزني بمحارمه يكون أمره أخطر وأشد.
وقد أورد أبو داود رحمه الله أحاديث فيمن نكح ذات محرم، يعني: بنكاح وليس بزنا، ومعلوم أنه إذا صار النكاح خطيراً فإن الزنا يكون أخطر وأخطر، فهو عقد الترجمة للزنا وهي في النكاح.
أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه: أنه كان يطيف في إبل له ضلت، وأنه جاء جماعة معهم لواء، وهم مبعوثون من النبي صلى الله عليه وسلم، وعقد لهم حتى يعرف بأنهم مبعوثون منه، ومهمتهم أن يقتلوا رجلاً أعرس بامرأة أبيه، يعني: نكح امرأة أبيه وتزوجها، فيحتمل أن يكون ذلك عن طريق الوطء بدون عقد، وهذا هو الذي يكون مطابقاً للترجمة لأنه زنا، ويحتمل أن يكون المقصود من ذلك الزواج وأنه بعقد، ولكنه فعل محرم، والله عز وجل وصفه بأنه فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً، حيث قال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22]، فهو يدل على خطورته في النكاح، فهو أخطر أيضاً فيما يتعلق بالسفاح، فقتلوه بأمر من عند النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو يدل على أن نكاح ذوات المحارم إذا كان مقصوداً وليس فيه شبهة؛ لأن الشبهة قد تحصل، فالرضاعة مثلاً قد يكون فيها شبهة، وقد لا يكتشف أن هناك محرمية إلا بعد مدة، فعند ذلك يفرق بينهما، وهذا لا يترتب عليه شيء؛ لأنه نكاح شبهة، والأولاد هم أولاده، ولكن كونه يتزوج امرأة أبيه أو يتزوج امرأة هو عالم بأنها محرم له فعقوبته أن يقتل كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما إذا كان هناك مجال للشبهة كما ذكرنا فيما مضى فإن هذا يفرق بينهما، ويكون نكاح شبهة.
قوله: [ عن البراء بن عازب قال: (بينا أنا أطوف على إبل لي ضلت إذ أقبل ركب أو فوارس معهم لواء، فجعل الأعراب يطيفون بي لمنزلتي من النبي صلى الله عليه وسلم) ].
فجعل الأعراب يطيفون به لكونه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، يعني: يتصلون به ويجتمعون به؛ وذلك لمنزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على حرص الذين لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم على مصاحبته ومرافقته، وعلى ملاقاة من صحب النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكونون ممن لقي النبي وصحبه ولكن يكون غيرهم أكثر منهم صحبة ومخالطة، فتكون له ميزة عليهم حتى ولو كانوا من الصحابة، فإن من يكون مخالطاً له وملازماً له تكون له منزلة أكبر ممن رآه مجرد رؤية أو التقى به مجرد لقاء، وإن كان الكل قد تشرف بصحبة النبي الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، لكن من طالت صحبته وكثرت ملازمته لا شك أن له ميزة على غيره.
قوله: [ فجعل الأعراب يطيفون بي لمنزلتي من النبي صلى الله عليه وسلم ].
أي: يتبركون به، وهذا ليس فيه دلالة على التبرك، وإنما يدل على كونهم يحتفون به ويهتمون به، وإلا فإنه لا يتبرك بأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكونهم يتمسحون به أو يتبركون به وما إلى ذلك فهذا لا يكون، ولا يوجد شيء يدل على هذا، وإنما المراد أنهم يطيفون به ويأتون حوله ويتصلون به ويلتقون به، ويلازمونه، وذلك لمنزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان الصحابة يتبركون بشعر الرسول عليه الصلاة والسلام ومخاطه وعرقه وفضل وضوئه وما كانوا يفعلون ذلك مع أحد بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، فما فعلوا ذلك مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وهم خير هذه الأمة التي هي خير الأمم، فالخلفاء الراشدون المهديون ما كان الصحابة يعاملونهم كما يعاملون النبي صلى الله عليه وسلم، وما كانوا يتبركون بهم كما كانوا يتبركون بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما كانوا يأخذون شعورهم ولا يمسحون عرقهم، ولا يأخذون مخاطهم وبصاقهم، وإنما هذا من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا ذكر الشاطبي إجماع الصحابة على أن ذلك إنما هو للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم ما فعلوا ذلك مع خيار أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا خالد بن عبد الله ].
هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا مطرف ].
هو مطرف بن طريف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الجهم ].
هو سليمان بن الجهم ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن البراء بن عازب ].
البراء بن عازب رضي الله عنهما، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عم البراء بن عازب رضي الله عنه، وهو أنه أخبر البراء أن الرسول بعثه ومعه راية، وأن مهمته أن يضرب عنق رجل نكح امرأة أبيه ويأخذ ماله، فقيل -يعني: في هذا-: كونه يأخذ ماله فيه احتمال أن يكون مرتداً، وأن يكون ماله فيئاً، وأنه يقتل ويؤخذ ماله؛ وذلك لأنه فعل هذا الأمر الذي هو في غاية الحرمة والقبح، وقد وصفه الله تعالى أنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً، وهو من أخطر الجرائم، ويحتمل أن يكون أخذ ماله من باب العقوبة.
عمرو بن قسيط الرقي ، صدوق، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عبيد الله بن عمرو ].
هو عبيد الله بن عمرو الرقي ، وهو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أبي أنيسة ].
زيد بن أبي أنيسة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عدي بن ثابت ].
عدي بن ثابت ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن البراء ].
يزيد بن البراء صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبيه ].
أبوه البراء رضي الله عنه.
[ قال: لقيت عمي ومعه راية ].
قال الحافظ : إن عمه لم يسم ولا يعرف، وقد جاء في بعض الروايات أنه خاله وقال: إن خاله هو أبو بردة بن نيار .
الجواب: لا يفرق في قتلهما.
الجواب: جاءت لكن ما أدري عن صحتها شيئاً، قال في عون المعبود: وذكر النسائي في سننه من حديث عبد الله بن إدريس حدثنا خالد بن أبي كريمة عن معاوية بن قرة عن أبيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أباه جد
وهذا يدل على أنه فيء، يعني: الذي مر في الرواية السابقة عند أبي داود أنه قتله وأخذ ماله يعني: أنه كان فيئاً، ومعنى هذا: أنه ردة.
الجواب: نعم، التخميس يدل على أن هذا القتل إنما هو لكفره؛ لأن كونه يخمس ماله كما يخمس الفيء، والفيء: هو ما يحصل من الكفار ولا يحصل من المسلمين.
الجواب: الظاهر أنه كفر بالفعل، ويمكن أن يكون الاستحلال موجوداً، كونه عقد على شيء معلوم ومعروف أنه لا يحل، وأن هذا شيء ليس من الأمور التي تخفى، وهي واضحة جلية فيكون ذلك يدل على استحلاله.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا قتادة عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم: (أن رجلاً يقال له: عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته، فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة فقال: لأقضين فيك بقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة، فوجدوه قد أحلتها له فجلده مائة). قال قتادة : كتبت إلى حبيب بن سالم فكتب إلي بهذا ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب في الرجل يزني بجارية امرأته]، والزنا حصل منه بمملوكة لزوجته وليست ملكاً له، فوطئ ما لا يحل له وطؤه وهو أمة زوجته، وقد أورد أبو داود حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه: (أنه جيء برجل يقال له: عبد الرحمن بن حنين وطئ جارية زوجته فقال له: لأقضين فيك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قوله: [ (إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة) ].
لأنه محصن، والمحصن حكمه الرجم بالحجارة؛ لأنه قد زنى، وقال: إنها إن أذنت له وأحلتها له فإنه يجلده مائة جلدة يعني: عقوبة ونكالاً، لكن الحديث ضعيف وغير ثابت، والحكم فيمن يزني بأمة زوجته أنه كزناه بغيرها؛ لأن كل زنا رجل محصن فحده الرجم، وإن كان بكراً جلد، لكنه هنا قال: زوجته، وهذا يتصور فيما لو كان عقد على زوجته ولم يدخل بها ولها أمة فوطئها.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي وهو ثقة، أخرجه له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبان ].
هو أبان بن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خالد بن عرفطة ].
خالد بن عرفطة ، وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي .
[ عن حبيب بن سالم ].
حبيب بن سالم لا بأس به، وهو بمعنى صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن النعمان بن بشير ].
النعمان بن بشير رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث النعمان بن بشير من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ].
محمد بن بشار هو الملقب بندار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن جعفر ].
محمد بن جعفر هو الملقب غندر البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بشر ].
هو ابن أبي وحشية جعفر بن إياس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير ].
وقد مر ذكرهم.
أورد أبو داود حديث سلمة بن المحبق رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في رجل وقع على جارية زوجته: إن كان استكرهها فهي حرة، وعليه لسيدتها مثلها) أي: هي تعتق وعليه أن يعوض سيدتها التي هي زوجته بمثلها.
وإن كانت طاوعته فهي له ولسيدتها عليه مثلها.
معناه: أنها خرجت من ملك زوجته في الحالتين، إلا أنها في الحالة الأولى صارت حرة، وفي الحالة الثانية صارت ملكاً له، ويعوض زوجته عنها في كلا الحالتين، والحديث غير صحيح؛ لأن فيه رواية قتادة عن الحسن ، وكل منهما مدلس.
هو أحمد صالح المصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قتادة مر ذكره. والحسن هو ابن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قبيصة ].
هو قبيصة بن حريث، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن سلمة بن المحبق ].
سلمة بن المحبق رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ قال أبو داود : روى يونس بن عبيد وعمرو بن دينار ومنصور بن زاذان وسلام عن الحسن هذا الحديث بمعناه، لم يذكر يونس ومنصور : قبيصة ].
أورد أبو داود هذا السند المعلق، أن هؤلاء الأربعة رووه عن الحسن بمعناه ولم يذكروا قبيصة كما في الإسناد الأول، وإنما ذكروا الحسن عن سلمة بن المحبق .
[ قال أبو داود : روى يونس بن عبيد ].
يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعمرو بن دينار ].
عمرو بن دينار ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومنصور بن زاذان ].
منصور بن زاذان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وسلام ].
هو سلام بن مسكين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن الحسن هذا الحديث بمعناه لم يذكر يونس ومنصور : قبيصة ].
يعني: والآخران ذكروه وهما: عمرو بن دينار وسلام بن مسكين.
هو أحمد صالح المصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قتادة مر ذكره. والحسن هو ابن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قبيصة ].
هو قبيصة بن حريث، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن سلمة بن المحبق ].
سلمة بن المحبق رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ قال أبو داود : روى يونس بن عبيد وعمرو بن دينار ومنصور بن زاذان وسلام عن الحسن هذا الحديث بمعناه، لم يذكر يونس ومنصور : قبيصة ].
أورد أبو داود هذا السند المعلق، أن هؤلاء الأربعة رووه عن الحسن بمعناه ولم يذكروا قبيصة كما في الإسناد الأول، وإنما ذكروا الحسن عن سلمة بن المحبق .
[ قال أبو داود : روى يونس بن عبيد ].
يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعمرو بن دينار ].
عمرو بن دينار ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومنصور بن زاذان ].
منصور بن زاذان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وسلام ].
هو سلام بن مسكين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن الحسن هذا الحديث بمعناه لم يذكر يونس ومنصور : قبيصة ].
يعني: والآخران ذكروه وهما: عمرو بن دينار وسلام بن مسكين.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه أنها إن طاوعته فهي ومثلها لسيدتها.
قوله: [ (فهي ومثلها من ماله لسيدتها) ].
فهي ومثلها من ماله يعني: مثلها تشترى من ماله، ومعناه: أنها باقية لسيدتها ومثلها أيضاً لسيدتها، يعني: أمتها في ملكها وحصل لها زيادة أمة أخرى ألزم بها زوجها بسبب هذا العمل، وكل ما ورد في هذا الباب غير صحيح.
علي بن حسين الدرهمي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا عبد الأعلى ].
هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و قتادة مر ذكره.
[ عن الحسن عن سلمة بن المحبق ].
الحسن وسلمة بن المحبق قد مر ذكرهما.
وهذا بناء على أنه كالزنا بأي امرأة، يعني: باعتباره متزوج ووقع على جارية امرأته والغالب ما دام أن له زوجة أنه يكون محصناً؛ لأنه يندر أن يكون عقد عقداً ولم يحصل دخول على أثره، فالعلماء ذكروا المسألة على اعتبار أنه محصن، ولكنه يتصور بأن يكون غير محصن؛ لأنه لم يتزوج من قبل، وهذا أول زواج له ولم يطأ زوجته ولم يستمتع بها.
حدثنا عبد الله بن محمد بن علي النفيلي حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) ].
وهذه الترجمة تتعلق بعمل قوم لوط، وهو من أعظم الفواحش وأخطرها، والله عز وجل عاقب تلك الأمة التي ابتليت بذلك البلاء بعقوبة شديدة وعظيمة، وهي أنه رفعت أرضهم وقلبت، وجعل عاليها سافلها، وأهلكهم الله بذلك، فهو جرم من أعظم الجرائم وأكبر المعاصي.
وحكمه أنه يقتل كما جاء في حديث ابن عباس : (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)، والقتل للاثنين يكون إذا كانا متطاوعين، وأما إذا كان المفعول به مكرهاً فإنه معذور ولا شيء عليه.
واللفظ جاء فيه الأمر بالقتل وهو مطلق، فيقتل بأي قتلة، وبعض العلماء قال: إن الله عاقب أولئك بتلك العقوبة فإنه يعاقب بمثل هذا، وعلى كل الحديث جاء بالأمر بالقتل وأنه تنهى حياته وهو لفظ مطلق.
عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا عبد العزيز بن محمد ].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن أبي عمرو ].
عمرو بن أبي عمرو ، وهو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يقاس السحاق على اللواط؛ لأن اللواط لو حصل شيء منه بدون إيلاج وإنما بمس ومباشرة فصاحبه يعزر، ولكن لا يصير التعزير إلى القتل، والسحاق كما هو معلوم ليس فيه شيء من هذا، كما أن الاستمتاع بما دون الفرج ليس فيه حد، وإنما فيه التعزير.
سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و عمرو بن أبي عمرو مر ذكره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ورواه عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس رفعه ].
عباد بن منصور صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
وقوله: (رفعه) يعني: أتى بلفظ رفعه، ولم يقل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وهما معناهما واحد، ولكن هذا من الدقة في العناية بالألفاظ، وقد يكون أنه يؤتى بكلمة (رفعه) من أجل أنه غير متحقق من الصيغة هل هي (سمعت)، أو (قال)، أو (عن)؟ فيأتي بلفظ يشمل ويصدق على الجميع وهي كلمة: (رفعه)؛ لأنه قد يكون المقصود الاختصار، وقد يكون المقصود هو عدم ضبط الصيغة التي حصلت في نسبة ذلك إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فإن كلمة (رفعه) تصدق على جميع الصيغ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ورواه ابن جريج عن إبراهيم عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رفعه ].
عبد الملك بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو إبراهيم بن محمد بن يحيى الأسلمي ، وهو متروك، أخرج له ابن ماجة .
[ عن داود بن الحصين ].
داود بن الحصين ثقة إلا في عكرمة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود هذا الأثر عن ابن عباس أنه سئل في البكر يؤخذ على اللوطية؟ يعني: أنه ليس بثيب وإنما هو بكر فقال: يرجم، يعني: يعامل البكر والثيب معاملة واحدة؛ لأن هذه فاحشة عظيمة، وهذا يوضح أن قوله: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط) أن المقصود بذلك عدم التفريق بين البكر والثيب، وأنهم كلهم يعاملون هذه المعاملة الواحدة.
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المشهور بـابن راهويه ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
وكلمة (راهويه) المحدثون يأتون بالواو ساكنة والياء مفتوحة: راهُوْيَه وأهل اللغة يقولون: رَاهَوَيه يعني: مختوم بكلمة: (ويه)، يعني: ذاك استعمال المحدثين وهذا استعمال أهل اللغة.
[ حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني ابن خثيم ].
عبد الرزاق وابن جريج مر ذكرهما، وابن خثيم هو عبد الله بن خثيم ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ قال: سمعت سعيد بن جبير ومجاهداً ].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و مجاهد بن جبر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
قد مر ذكره.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثني عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه)، قال: قلت له: ما شأن البهيمة؟ قال: ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها، وقد عمل بها ذلك العمل. قال أبو داود : ليس هذا بالقوي ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب فيمن أتى بهيمة]، أي: ما هي عقوبته؟ وعقوبته قال بعض أهل العلم: أنه يقتل كما جاء في الحديث، وأكثر أهل العلم قالوا: يعزر ولا يقتل، ويستدلون على ذلك بما جاء بعده عن ابن عباس نفسه أنه قال: (ليس عليه حد) فيكون المقصود بذلك أنه لو كان ثابتاً عن ابن عباس أن حد من أتى البهيمة يقتل لما قال هذا الأثر الذي ثبت عنه، وهو أنه ليس عليه حد، فيحتمل أن يكون هذا القتل إنما هو من باب التعزير، وأنه إذا رؤي يفعل ذلك فيعزر ولو وصل التعزير إلى القتل فإنه يعزر بذلك، ومعلوم أن التعزير قد يصل إلى القتل وقد يكون دونه، فيكون ما جاء عن ابن عباس من قوله: (ليس عليه حد) معناه: أن القتل، لا حداً وإنما تعزيراً، فيجمع بين ما جاء عن ابن عباس من أنه ليس هناك حد وبين ما جاء عنه في هذا الحديث الذي فيه الرفع، وأنه يقتل وتقتل البهيمة معه، أن المقصود بذلك تعزيراً وليس من قبيل الحد، والحد قد يصل إلى التعزير وقد يقل عن التعزير كما قيل فيما يتعلق بشارب الخمر، وأنه يقتل في المرة الرابعة ويكون قتله من قبيل التعزير.
قوله: [ عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه) قال: قلت له: ما شأن البهيمة؟ ].
يعني: هذا شأنه واضح، وأما البهيمة فهي غير عاقلة، وغير مكلفة، والذي فعل بها هو الذي حصلت منه الجناية فما ذنبها؟ قال: ما أراه إلا أنه كره أن يؤكل لحمها وقد فعل بها هذا الفعل، وبعض أهل العلم قال: لئلا يحصل حمل بسببه فيكون على هيئة أخرى وعلى شكل آخر يعني: متولداً من آدمي وبهيمة، كما يحصل التوالد بين الحيوان والحيوان فيكون جنساً آخر، كما في البغل، فذكر في التعليل ما ذكر، وقيل بذلك التعليل الآخر الذي ذكره بعض أهل العلم.
هذا الإسناد هو نفس الإسناد الذي مر تماماً في الباب الذي قبله عن محمد النفيلي عن عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس ، هو نفس هذا الإسناد.
[ قال أبو داود : ليس هذا بالقوي ].
ما أدري هل يقصد أبو داود بقوله: ليس هذا بالقوي التعليل الذي جاء في الآخر، أم أنه يقصد الحديث نفسه، وأن سبب ذلك ما جاء من كون ابن عباس قال: (ليس عليه حد)، وقال أيضاً: إن حديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو الذي هو هذا، وحديث عاصم الذي سيأتي بعد هذا أنه ليس عليه حد يعني: كون ابن عباس قال: (ليس عليه الحد) وهو الذي روى هذا الحديث، فيدل على أنه ليس عليه حد وأنه يمكن أن يحمل على التعزير، وسواءً بلغ القتل أو دون القتل فهو يكون تعزيراً للفاعل.
وأما البهيمة فمن هذا التعليل الذي ذكروه أنه لئلا يؤكل لحمها وهي قد فعل بها ذلك، أو لئلا يحصل بسبب ذلك نسل يختلف شكله عن شكل الآدمي.
أما التعليل الأول فهو خاص بمأكول اللحم، وأما غير مأكول اللحم فإنه لا يؤكل كالأتان وغيرها من الأشياء التي لا تؤكل.
ورد هذا الأثر عن ابن عباس قال: ليس على الذي يأتي البهيمة حد، ومعنى ذلك: أنه يكون عليه التعزير.
هو أحمد بن عبد الله بن يونس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن شريكاً ].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، وهو صدوق اختلط، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ وأبا الأحوص ].
هو أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأبا بكر بن عياش ].
أبو بكر بن عياش ، ثقة، أخرج له البخاري ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[ عن عاصم ].
هو عاصم بن أبي النجود ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وروايته في الصحيحين مقبولة.
[ عن أبي رزين ].
هو مسعود بن مالك ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس قد مر ذكره رضي الله عنه.
يعني: أنه ليس عليه حد.
قوله: [ وقال الحكم : أرى أن يجلد ولا يبلغ به الحد ].
ولا يبلغ به الحد الذي هو القتل، ولكن -كما عرفنا- التعزير قد يوصل به إلى القتل.
قوله: [ وقال الحسن : هو بمنزلة الزاني ].
يعني: يعامل معاملة الزاني، معناه: إذا كان بكراً يجلد، وإذا كان محصناً يرجم.
حديث عاصم هذا الذي هو موقوف يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو المرفوع؛ لأنه لو كان ذلك ثابتاً ما كان لـابن عباس أن يقول: ليس على الذي يأتي البهيمة حد؛ ولكن يمكن أن يكون أنه ثابت وباق وأن القتل يكون تعزيراً لا حداً.
وهذا الأمر يرجع إلى اجتهاد القاضي؛ لأن الناس يكونون متفاوتين في هذا، فقد يكون هناك إنسان حصلت منه مرة واحدة، وقد يكون هناك إنسان معروف بكثرة الفساد وكثرة فعل هذه المعصية، وما دام أن القضية تعزير فالتعزير يتفاوت، وليس الناس على حد سواء في التعزير.
وأما البهيمة فإذا كان الحديث ثابتاً فإن البهيمة تقتل من أجل السلامة مما ذكر، ولئلا تبقى وهي قد فعل بها هذه الفاحشة، وإن كان على ما ذكر أبو داود أنه يضعفه فتبقى، لكنه من حيث الإسناد هو صحيح، وكل أحاديث الباب صححها الألباني رحمه الله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر