حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني عاصم بن عبد الله عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن في أذن
أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باباً في الصبي يؤذن في أذنيه ].
هذه الترجمة معقودة لبيان حكم الأذان في أذن الصبي عند ولادته؛ ليكون أول ما يقرع سمعه ذكر الله عز وجل، فيكون في ذلك منع وحصانة له من الشيطان.
أورد أبو داود حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (رأيت النبي عليه الصلاة والسلام أذن في أذن
هذا هو الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله للاستدلال به على الأذان في أذن الصبي، وقد ذكره جماعة من العلماء للاستدلال به على ذلك، ومنهم ابن القيم في كتابه (تحفة المودود في أحكام المولود)، والشيخ ناصر حسنه في بعض كتبه، وأخيراً رجع عن ذلك، ففي إسناده رجل ضعيف وهو عاصم بن عبيد الله، وقد ذكر أن في شعب الإيمان للبيهقي حديثاً عن الحسن يتعلق بالأذان وقد قيل: إنه شاهد لهذا، والشيخ ناصر قال: إنه بعدما طبع الكتاب رأى إسناده وإذا في إسناده رجل وضاع ومتروك، وكان قبل ذلك يظن أنه شاهد لحديث أبي رافع الموجود معنا، وعلى هذا فلا يصلح أن يكون شاهداً ما دام أن فيه كذاباً ومتروكاً، فيبقى الحديث بدون شاهد.
وإذا لم يكن في الموضوع أو في الباب إلا هذا الحديث الذي في إسناده هذا الرجل الضعيف الذي هو عاصم بن عبيد الله ؛ فإنه لا يكون هناك شيء يصلح للاحتجاج به في هذا الموضوع، إلا إذا كان هناك أحاديث أخرى تشهد له فيمكن ذلك، وأما إذا كان التعويل على هذا الحديث وعلى الحديث الآخر الذي عند البيهقي الذي فيه الوضاع والمتروك، فإنه لا يكون الأذان في أذن الصبي ثابتاً؛ لأن هذا الحديث فيه رجل ضعيف، وذاك الحديث فيه متروك وفيه وضاع، فلا يشهد أحدهما للآخر ولا يثبت الحكم بهذا الحديث.
وعلى هذا فيعتبر الحديث غير صحيح ما دام بهذا الإسناد.
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني عاصم بن عبيد الله ].
عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، وأصحاب السنن.
[ عن عبيد الله بن أبي رافع ].
عبيد الله بن أبي رافع وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو رافع رضي الله عنه مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان عند ولادتهم فيحنكهم ويدعو لهم بالبركة) أي: أنه كان يمضغ تمرة حتى تذوب وتصير كالماء ثم يدلك بها حنك الصبي عند ولادته؛ فيكون أول شيء يدخل إلى جوفه هذا الحلو من التمر.
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يحنك الصبيان ويدعو لهم بالبركة.
والتحنيك يمكن أن يكون من الأب والأم ومن غيرهما، ولكن لا يذهب بالصبي إلى أحد من الناس ليحنكه رجاء بركته بسبب صلاح هذا الإنسان؛ فإن هذا لم يعرف الرجوع فيه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعلوم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتبركون بالرسول صلى الله عليه وسلم، أي يتبركون بما يحصل من جسده، فيتبركون بشعره ويتبركون بعرقه ويتبركون بمخاطه وبصاقه عليه الصلاة والسلام، ويتبركون بثيابه وما مس جسده، وهو عليه السلام يعطي ذلك لأصحابه ليتبركوا به؛ لأن فيه بركة، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن يضاف إلى غيره وأن يعامل غيره معاملته؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ما عاملوا أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً رضي الله عنهم وهم خير الصحابة كما كان يحصل ذلك منهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فدل على أن غيرهم من باب أولى أن لا يقصد ولا يؤتى إليه من أجل أن يحنك صبياً أو يتبرك به؛ لأن التبرك إنما هو خاص بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي ، فإنه أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا محمد بن فضيل ].
هو محمد بن فضيل بن غزوان صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا يوسف بن موسى ].
أي: تحويل من إسناد إلى إسناد آخر، ويوسف بن موسى هو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة.
[ حدثنا أبو أسامة ].
هو حماد بن أسامة وكنيته توافق اسم أبيه، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن عروة ].
هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هل رئي، أو كلمة غيرها) يعني: أن الراوي لم يجزم بهذه الكلمة، وإنما هي رئي أو كلمة قريبة منها مثل: وجد أو ما إلى ذلك من العبارات التي تؤدي معناها.
قوله: [ (فيكم المغربون؟ قلت: وما المغربون يا رسول الله؟ قال: الذين يشترك فيهم الجن) ].
هذا الحديث ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن في إسناده من فيه ضعف.
فالمغربون فسروا بأنهم الذين يشترك فيهم الجن.
أما تفسير اشتراك الجن، فقيل: إنهم عندما لم يذكر الله عز وجل يشاركون عند الجماع، فيكون لهم تسلط على أولئك الذين يولدون، ولكن الحديث كما هو معروف غير ثابت وغير صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول صاحب عون المعبود في مناسبة الحديث للباب: مقصود المؤلف من إيراد الحديث في هذا الباب أن الأذان في أذن المولود له تأثير عجيب وأمان من الجن والشيطان، كما للدعاء عند الوقاع تأثير بليغ وحرز من الجن والشيطان.
هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بـالزمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير ].
إبراهيم بن أبي الوزير صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار ].
داود بن عبد الرحمن العطار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
وهو لين، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أم حميد ].
أم حميد لا يعرف حالها ولا اسمها، وقد أخرج لها أبو داود.
إذاً فالحديث ضعيف، فيه هذان الاثنان: والد ابن جريج وهو لين، وهو دون المقبول، وفيه هذه المرأة التي لا يعرف حالها، فهو غير ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
[ عن عائشة ].
وقد مر ذكرها.
الجواب: التحنيك عند الولادة؛ لأن المقصود من التحنيك أن يكون أول شيء يدخل جوف الصبي هذا الشيء الحلو.
الجواب: لا نعلم أحداً يقول إن التحنيك غير مشروع، ولكن الذي يقال: إنه لا يعامل أحد كما كان يعامل النبي عليه الصلاة والسلام.
الجواب: كلمة (ما شاء الله) لا نعلم شيئاً يدل عليها، لكن إذا أتي بها من غير أن تلتزم أو يقال إنها سنة، فلا بأس، يعني: لا بأس أن الإنسان يذكر الله عز وجل عندما يرى الصبي، لكن المقصود أن يدعو له بالبركة، وهذا هو المطلوب وهذا هو المهم.
الجواب: يجوز، لكن الأصل أن يحنك بالتمر، فإذا لم يوجد يحنك بغيره مما هو حلو.
حدثنا نصر بن علي وعبيد الله بن عمر الجشمي قالا: حدثنا خالد بن الحارث حدثنا سعيد ، قال نصر : ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي نهيك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه، قال
أورد أبو داود [ باباً في الرجل يستعيذ من الرجل ] يعني: يستعيد بالله من شخص معين ويطلب من غيره أن يعيذه وأن يخلصه منه وأن يكون عوناً له عليه، فإنه تحقق له رغبته فيجار ويحال بينه وبين ذلك الذي تابعه ليؤذيه، أو ليلحق به ضرراً.
قوله: [ (ومن سألكم بوجه الله فأعطوه) ] يعني: من سأل بوجه الله شيئاً من الأشياء فإنه يعطى، وفي بعض الروايات: (من سأل بالله) يعني: دون ذكر وجه الله، ومن المعلوم أن السؤال الجائز هو الذي يكون تحقيقه ممكناً وليس فيه مشقة على الإنسان، وإلا فقد يسأل الإنسان أشياء ليس من حق السائل أن يسأل، فلا يحقق له ما يريد، كأن يسأل بالله شيئاً لا يجوز أن يخبر به وليس من حقه أن يسأل عنه، وإنما يسوغ السؤال في الشيء الذي من حقه أن يسأله، أو في أمر دعته الضرورة إليه، أما أن يسأل عن أمور خاصة لا يجوز إبداؤها ولا يجوز إظهارها، فليس من حقه أن يسأل هذا السؤال، لكن له أن يسأل شيئاً هو بحاجة إليه والمسئول متمكن من ذلك ولا مشقة عليه، وأما إذا كان غير مضطر وإنما يريد أن يتوسع أو يريد شيئاً ليس بحاجة إليه، كأن يريد مثلاً مبالغ طائلة، فلا تحقق رغبته.
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعبيد الله بن عمر الجشمي ].
عبيد الله بن عمر الجشمي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[ حدثنا خالد بن الحارث ].
خالد بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سعيد قال نصر: ابن أبي عروبة ].
فأحد الشيخين ذكره باسمه فقط، والثاني زاد فقال: ابن أبي عروبة، وسعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي نهيك ].
هو عثمان بن نهيك وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود .
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث ابن عمر وهو مثل الذي قبله في الجملتين الأوليين: الاستعاذة بالله والسؤال بالله، وفيه جملتان أخريان، الأولى: قوله: [ (ومن دعاكم فأجيبوه) ].
معناه: أنه من دعاهم لوليمة فإن كانت وليمة عرس وجبت إجابتها، وإن كانت غير ذلك فإنه يستحب له أن يجيب دعوته؛ لما فيه ذلك من إدخال السرور والفرح عليه.
الثانية: قوله: [ (ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه) ].
يعني: من أعطى أو أوصل إليكم معروفاً، وآتى من الإيتاء وهو الإعطاء وليس من الإتيان، يعني: من أوصل إليكم معروفاً أو أعطاكم شيئاً وأحسن إليكم به فكافئوه على ما حصل منه.
قوله: [ (فإن لم تجدوا فادعوا له الله حتى تعلموا أن قد كافأتموه) ] يعني: إن لم تتمكنوا من مكافأته بمثل إحسانه أو أكثر فادعوا له حتى يحصل منكم المقابلة لهذا الإحسان، إما بمثله أو بالدعاء إذا لم يمكن إلا الدعاء.
مسدد مر ذكره.
[ وسهل بن بكار ].
سهل بن بكار صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي
[ حدثنا أبو عوانة ].
هو وضاح بن عبد الله اليشكري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ].
عثمان بن أبي شيبة مر ذكره.
و جرير هو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ المعنى عن الأعمش ].
الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: حديث ضعيف.
الجواب: نعم؛ لأن هذه المساعدة يمكن أن تكون سبباً في رجوعه عن الظلم الذي وقع فيه، وهو دون ذاك الذي يريد أن يبطش به فإذا كان ذلك يؤدي إلى فائدة وهي سلامته من الظلم وبعده من الظلم فيمكن أن يعاذ.
الشيخ: لا يجاب إلى دعوته إذا كان من أهل البدع، أو يكون في تلك الدعوة بدعة أو فيها أمر منكر، أما إذا كان سيذهب ويحذر من البدعة أو ينهى عن البدعة فهذا سائغ، أما كونه يذهب ويأكل وكأنه لم يحصل شيء فهذا غير مستقيم.
حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة -يعني ابن عمار - قال: وحدثنا أبو زميل قال: (سألت
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [ باب في رد الوسوسة ].
الوسوسة: هي ما ينقدح في الذهن من الخواطر غير الطيبة والتي فيها سوء، تتعلق بالله عز وجل، أو تتعلق بالأمور الغيبية أو تتعلق بالإيمان بالله عز وجل أو بالجنة والنار، وما إلى ذلك من الأمور التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان ليشوش عليه، فعلى الإنسان أن يدفعها وأن يبتعد عنها وأن يستعيذ بالله من الشيطان وأن ينتهي منها، وأن يقول: آمنا بالله، كما جاء في بعض الأحاديث: (أن الشيطان لا يزال مع العبد يقول: من خلق كذا، من خلق كذا حتى يقول: من خلق الله؟ فمن وجد شيئاً من ذلك فليقل: آمنا بالله) .
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن أبا زميل سأله وقال: (ما شيء أجده في صدري؟ قال: وما هو؟ قلت: والله ما أتكلم به) ، يعني: أنه يستعظم أن يتكلم بما انقدح في ذهنه من هواجس وأفكار ويصعب عليه أن ينطق بها، ولكن الشيطان يهجم بها على قلبه وهو يدافعها ويكرهها ويحب أن يتخلص منها.
والوسوسة من الشيطان، فهو الذي يوسوس بمثل هذه الأمور، والإنسان إذا دفعها واستعظم أن ينطق بها وتعوذ بالله عز وجل منها، فإن هذا يدل على قوة إيمانه، وعليه أن يستعيذ بالله عز وجل من الشيطان، وأن ينتهي من تلك الأمور التي انقدحت في ذهنه ويعرض عنها، وينشغل عنها ولا يتبع بعضها بعضاً ويلحق بعضها بعضاً، وإنما يتخلص منها بصرف نفسه عنها وبالتعوذ بالله من الشيطان الذي هو سبب في الإتيان بها إلى قلب الإنسان وذهنه.
قوله: [ (ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله ما أتكلم به) ].
يعني: يقول: أنا أجد في صدري شيئاً لا أطيق أن أتكلم به؛ لأنه شيء قبيح، وظنون تحصل من الشيطان يشوش بها على الإنسان ويلقيها عليه، وهو يردها ويدفعها ويكرهها ويبغضها، فكون الإنسان يعرض عن الوسوسة ويذكر الله عز وجل ويتعوذ بالله من الشيطان، بهذا ترد الوسوسة وتدفع ويتخلص منها.
قوله: [ (قال: فقال لي: أشيء من شك؟ قال: وضحك) ]
أي: ابن عباس ضحك؛ لأنه فهم أنها شكوك وأفكار وأوهام يلقيها الشيطان عليه.
قوله: [ (قال: ما نجا من ذلك أحد قال: حتى أنزل الله عز وجل: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ [يونس:94]) ].
المقصود من ذلك أن الناس لا يسلمون من الشيطان، وقد أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، والرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء عن ابن عباس وغيره لم يشك ولم يسأل، ولكن المقصود من ذلك غيره من الذين يمكن أن يلقي الشيطان في قلوبهم شيئاً من الشك، فهؤلاء عليهم أن يعلموا أن الأمم السابقة نزل في كتبها ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وبعثته ونبوته وكذلك الكتاب الذي جاء به، بل أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم جاء ذكر صفاتهم في التوراة والإنجيل، كما في آخر آية من سورة الفتح: ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ [الفتح:29].
ثم قال: وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ [الفتح:29]، فهذا موجود في الكتب السابقة فيما يتعلق بالصحابة، وكذلك ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر القرآن في الكتب السابقة، وأهل العلم بها كـعبد الله بن سلام وغيره يعلمون ذلك.
قوله: [ (قال: فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئاً فقل: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ [الحديد:3]) ].
يعني: هذا الذي ينقدح في الذهن عن الله عز وجل ويلقيه الشيطان، يدفع بهذه الأسماء لله عز وجل: الأول والآخر والظاهر والباطن، أو كما في اللفظ الآخر: فليقل آمنا بالله، أو آمنت بالله.
هو عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن النضر بن محمد ].
النضر بن محمد ثقة له أفراد، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[ حدثنا عكرمة بن عمار ].
عكرمة بن عمار صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ وحدثنا أبو زميل ].
هو سماك بن الوليد ، ليس به بأس، وهي بمعنى صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ قال: سألت ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن أصحاب رسول الله قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام: إن أحدنا يجد شيئاً في نفسه نعظم أن نتكلم به، ويصعب علينا أن نتكلم به فقال: أوقد وجدتموه؟ قالوا نعم، قال: ذاك صريح الإيمان) .
يعني: إذا وجدتم هذا التعاظم في نفوسكم أن تتكلموا به فهذا رد للوسوسة التي يلقيها الشيطان على الإنسان، فهو موضوع الترجمة [ باب في رد الوسوسة ] يعني: هذا التعاظم الذي فيه الرد وليس الوسوسة، لأن الوسوسة ليست هي صريح الإيمان، وإنما رد هذه الوسوسة والتعاظم لهذا الذي قذفه الشيطان في قلب الإنسان هو صريح الإيمان؛ لكونه يصعب عليه أن يتكلم بكلام قبيح أو بكلام سيئ لا يليق بالله عز وجل.
هو أحمد بن عبد الله بن يونس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير ].
هو زهير بن معاوية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سهيل ].
هو سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري له مقرونة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو صالح السمان واسمه ذكوان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة مر ذكره.
أورد أبو داود حديث ابن عباس قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء) .
يعني: يريد أن يعرض بالشيء تعريضاً ولا ينطق به، وإنما يشير إشارة إلى أن في نفسه شيئاً عظيماً، مثل العبارة التي جاءت في الحديث السابق: (يعظم أحدنا أن يتكلم بها).
إذاً: فمعناه: أنه يجد الشيء يعرض في النفس ولكنه صعب الكلام فيه.
قوله: [ (لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به) ].
يعني: لأن يكون رماداً أحب إليه من أن يتكلم به؛ لأنه شيء عظيم في نفسه ويصعب عليه أن يتكلم به، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة) يعني: أن الإنسان لم يتكلم بهذا الشيء ولم يتابع هذا الشيء ولم يتلفظ به فيحقق للشيطان ما يريده، بل استعظم ذلك في نفسه ولم يتكلم به، فيكون بذلك رد كيد الشيطان.
ابن أبي شيبة مر ذكره.
و ابن قدامة هو محمد بن قدامة وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد مر ذكره.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ذر ].
هو ذر بن عبد الله المرهبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن شداد ].
عبد الله بن شداد ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
الجواب: على الإنسان أن يدفع الأشياء التي تهجم عليه، حتى يسلم منها، وأما كون الإنسان يبقي عليها ويثبتها وينميها ويتابعها ويشغل نفسه بها ولا يأتي بالأسباب التي تخلصه منها، كأن يقول هذه العبارة التي جاءت في الحديث: (هو الأول والآخر والظاهر) أو قوله: (آمنا بالله) أو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فهذا هو الذي يؤاخذ على هذه المتابعة، وهذا مثل الإنسان الذي يهم بمعصية فيخاف الله فيتركها لله، فإنه يثاب على تركه وتكتب له حسنة، أما الإنسان الذي تبقى في ذهنه المعصية وهو مصر عليها ويفكر فيها ومشغول بها، ويتحين الفرصة ليجد الوصول إليها، فإن هذا الإنسان مؤاخذ على هذا العمل.
الجواب: لا شك أن الإنسان إذا انشغل في صلاته بما ليس منها فإن ذلك نقصان فيها، ولكن الإنسان يحرص على الإقبال على صلاته والانشغال بها وبما هو مطلوب فيها؛ حتى لا يجد الشيطان سبيلاً إلى أن يلقي عليه شيئاً يشغله عن صلاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر