إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد فريد
  5. الإخلاص والمتابعة شرطان لقبول العمل

الإخلاص والمتابعة شرطان لقبول العملللشيخ : أحمد فريد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رضا الله تعالى عن العبد هو المقصود الأول من العبادة والعمل، ولا يبلغ العبد درجة الرضا عنه إلا بما كان خالصاً له تعالى من الأعمال موافقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أتى بما ينقضه هذان الأمران أو أحدهما فعمله مردود وجهده هباء منثور.

    1.   

    شرطا قبول العمل

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً.

    ثم أما بعد.

    قال بعض السلف: ما من فعلة وإن صغرت إلا ونشر لها ديوانان: لم وكيف؟ أي لم فعلت هذا الفعل؟ وهل أردت به وجه الله عز وجل وحده أم أشركت معه غيره؟ وكيف فعلت هذا الفعل؟ وهل هو مطابق لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم هو من البدع المحدثات؟ وكل بدعة ضلالة.

    فيشترط لقبول العمل شرطان:

    الشرط الأول: الإخلاص.

    الشرط الثاني: متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

    دل على هذين الشرطين قوله عز وجل: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110]. فالعمل الصالح هو الموافق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقوله: وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110] أي: يكون هذا العمل صادراً عن إخلاص.

    وقوله عز وجل: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [النساء:125]، فإسلام الوجه هو إخلاص القصد والنية، والإحسان هو متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقال عز وجل: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]. لم يقل الله عز وجل: أكثر عملاً، بل قال: أحسن عملاً. فالامتحان في حسن العمل وليس في كثرته.

    قال الفضيل بن عياض: أخلصه وأصوبه، فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل.

    فهذان شرطان لقبول أي عمل، فينبغي للعبد أن يوفر هذين الشرطين: الإخلاص، والمتابعة.

    الإخلاص

    قيل في تعريف الإخلاص: هو إفراد الله عز وجل بالقصد في العبادة، أي: أن يعمل العبد العمل لا يريد به إلا وجه الله عز وجل.

    وقيل: هو تجريد قصد التقرب إلى الله عز وجل من جميع الشوائب.

    وقيل: هو نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.

    هذه معاني الإخلاص.

    وقد يظن ظان بأن الإخلاص أمر يسير يتيسر لكل عبد في كل حال، في حين أن العلماء يقولون: تخليص النيات على العمال أشق عليهم من جميع الأعمال.

    وقال بعضهم: إخلاص ساعة نجاة الأبد، ولكن الإخلاص عزيز.

    وقيل للإمام سهل: يا أبا محمد ! أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص؛ إذ ليس لها فيه نصيب.

    فالنفس تحب الظهور والمدح والرياسة، وزينت لها الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، فحتى يتيسر للعبد الإخلاص وتختم به أعماله ينبغي عليه أن يقطع حب الدنيا من قلبه، وأن يملأه بحب الله عز وجل، فيكون المحرك له من داخله محبة الله عز وجل وإرادة الدار الآخرة، فعند ذلك يتيسر عليه الإخلاص، وأما غيره فباب الإخلاص مسدود عليه إلا في النادر.

    قال ابن عمر رضي الله عنهما: لو أعلم أن الله عز وجل يقبل مني سجدة بالليل وسجدة بالنهار لطرت شوقاً إلى الموت، إن الله عز وجل يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27].

    فالإخلاص من أشد الأشياء على النفس.

    وقال عز وجل: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23] فكل عمل كان بإرادة غير الله مشوباً مغموراً يجعله الله عز وجل يوم القيامة هباءً منثوراً.

    وقال عز وجل: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5].

    وقال عز وجل: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:3]، أي: لا يقبل الله عز وجل إلا الدين الخالص.

    وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر - أي المدح - فما له؟ قال: لا شيء له، فأعادها السائل عليه ثلاث مرات، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء له. ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه).

    وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) أي أن العمل مهما كان موافقاً للسنة فإنه لا يُقبل إلا بتوفر النية الصالحة.

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) يخص الطاعات والمباحات دون المعاصي، فإن المعصية لا تصير طاعة بالقصد الصالح والنية الصالحة، ولكن العمل المباح تقوى النية الصالحة على رفعه إلى درجة الطاعات، فيمكن للعبد أن يتاجر بمباحاته مع الله عز وجل، فالنية الصالحة ترفع رتبة المباح فتجعله من القربات والطاعات، ولكن لا تقوى النية الصالحة على أن تقلب البدعة سنة أو تقلب المعصية طاعة.

    هذا الشرط الأول من شرطي قبول العمل، وهو الإخلاص.

    المتابعة

    الشرط الثاني: وهو متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، دل على هذا الشرط قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) فكل عمل لا يندرج تحت الشريعة ولا تكون شريعة النبي صلى الله عليه وسلم حاكمة عليه بالصحة فهو مردود على فاعله وغير مقبول مهما كانت نية صاحبه؟

    فمن عمل عملاً لا يندرج تحت الشريعة ولم تكن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم حاكمة عليه بالصحة فهو رد، بمعنى مردود.

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).

    وقال: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة).

    فخير أمور الدين ما كان سنة وشر الأمور المحدثات البدائع

    قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كُفيتم.

    وقال الإمام مالك : الاعتصام بالسنة نجاة؛ لأن السنة مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك.

    قال الحسن البصري : ادعى ناس محبة الله عز وجل فابتلاهم الله عز وجل بهذه الآية: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31].

    وقال بعضهم: قال بعض الصحابة: نحن نحب ربنا حباً شديداً، فأحب الله عز وجل أن يجعل لحبه علامة، فأنزل قوله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31].

    قال ابن شوذب : إن من نعمة الله على الشاب إذا نسك أن يوفقه الله إلى صاحب سنة يحمله عليها.

    فمن فضل الله عز وجل على الشاب إذا سلك طريق العبادة أن يوفق إلى صاحب سنة يحمله على سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن العبد في طريق تعبده يكون فارغ القلب ليس عنده علم يكشف له حقائق الأمور، ويميز به بين الحق والباطل، وبين البدعة والسنة، فإذا وفِّق لصاحب سنة حمله على السنة، وقد يوفق لغير ذلك، فيُحمل على غير ذلك، كما قال بعضهم:

    أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً خالياً فتمكنا

    ودخل المعتمر بن سليمان على أبيه وهو منكسر فقال: ما لك؟ قال: مات أخ لي، قال: مات على السنة؟ قال: نعم، قال: وتحزن عليه؟!

    وقال سفيان الثوري رحمه الله: لا يُقبل قول إلا بعمل، ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية، ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بمتابعة السنة.

    وقال الحسن البصري : السنة -والذي لا إله إلا هو- بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك إن شاء الله فكونوا.

    وقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم ببقاء طائفة ظاهرة على الحق ترفع راية السنة وتقيم الحجة على سائر الخلق، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) فلا يأتي على أمة النبي صلى الله عليه وسلم زمان تُحرّف فيه الكتب ويضل الناس ويضيع الحق في الأمة كما أتى على اليهود والنصارى، بل لا بد أن تبقى طائفة مستمسكة بالسنة، ترفع رايتها وتُقيم الحجة على سائر أهل زمانها، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك.

    نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الكتاب والسنة، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755831489