إسلام ويب

تفسير سورة الأحزاب [1-4]للشيخ : المنتصر الكتاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • سورة الأحزاب من السور العظيمة التي بينت حال المنافقين وبينت كثيراً من الأحكام الشرعية، وقد ابتدأت بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم وتحذيره من أن يطيع الكافرين والمنافقين.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين)

    قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [الأحزاب:1].

    سورة الأحزاب سورة مدنية.

    وفيها ثلاث وسبعون آية، وسميت بسورة الأحزاب لأن فيها قصة غزوة الأحزاب الذين جاءوا من شتى أقاليم جزيرة العرب لحرب رسول الله عليه الصلاة والسلام والمسلمين.

    تألبت قريش وغطفان من خارج المدينة واليهود من داخل المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءوا إلى عقر دار المسلمين يظنون أنهم سيقضون على الإسلام ونبي الإسلام وأهل الإسلام، فخابوا وخاب ظنهم، وعادوا بخفي حنين أذلاء مقهورين.

    وتسمى غزوة الخندق، والخندق: هو الحفرة، وبعد أن علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القبائل تحزبت عليه من كل جانب جاء سلمان إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: (يا رسول الله! كان الفرس إذا حدث لهم مثل هذا يخندقون على أنفسهم، ويحفرون حفراً تحول بين وصول الأعداء وبينهم، فهلا حفرنا مثلهم وخندقنا مثلهم، فقبل صلى الله عليه وسلم هذا الرأي، وأمر المهاجرين والأنصار بحفر الخندق، فحفر الخندق)، وحيل بين هؤلاء الأحزاب وبين دخولهم المدينة المنورة.

    واشتملت هذه الغزوة على غزوة بني قريظة، إذ هؤلاء غدروا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وألبوا عليه أعداءه، وحاولوا أن يحاربوه من الداخل.

    وقد نصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين نصراً عزيزاً مؤزراً كما سنرى تفصيل ذلك.

    قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ) من كرامة نبينا صلى الله عليه وسلم على الله أن أكثر ما يدعوه بالنبي والرسول، بخلاف ما كان يدعو الأنبياء قبله، فهو يقول: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وأنبياء بني إسرائيل، فإذا كان الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: (يا أيها النبي)، (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)، (يا أيها الرسول)، وهكذا دواليك، وقد نبه على ذلك الشيخ ابن تيمية بأبين وأفصح عبارة كما في كتابه القيم الذي يعتبر الأول بين كتبه: (الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وعلى آله).

    وقوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ أي: هو نداء مفرد مبني على الضم ينادى به الواحد، والهاء للتنبيه، يعني: يا هذا، والنبي نعت لهذا النداء، أي: يا هذا المنادى، أو يا أيها المدعو، أو يا نبي الله.

    وقوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ يأمر الله عبده ونبيه وإمام أنبيائه بالتقوى، وكون النبي صلى الله عليه وسلم يؤمر بالتقوى هو تنبيه بالأعلى على الأدنى، إذا كان النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا يعصي يؤمر بتقوى الله وطاعته فكيف بالعصاة مثلنا؟ وكيف بغير المعصومين مثلنا؟ فذلك نداء للنبي المعصوم صلى الله عليه وسلم، وهو للناس كلهم بأن يتقوا الله، وأن يعبدوا الله ويوحدوه.

    والتقوى: هي طاعة الله على نور من الله يرجو رضا الله، والتقوى: هي أن يطيع الإنسان ربه بفعل أوامره وترك نواهيه على نور من ربه، وعلى برهان ودليل، لا أن يطيعه بالهوى، ولا بالخواطر، ولا بالفلسفات الباردة، ولكنه يطيع الله على نور من الله، كما يريد ربنا عز وجل ويرضى.

    وأن تكون الطاعة ابتغاء رضوان الله، ورجاءٍ رحمة الله، لا لمجرد الهوى والعادة.

    والتقوى من الوقاية، وهي أن يجعل المؤمن وقاية بينه وبين عذاب ربه، وبين غضب ربه، وبين ما لا يرضي ربه، فالله جل جلاله يدعونا إلى طاعته وإلى البعد عن معصيته؛ ليكرمنا برضاه وبالجنان خالدين مخلدين فيها.

    وقوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ .

    يعني: يا نبي الله، اتق الله طاعة، واتق الله رضاء، واتق الله بعداً عن المخالفة، وإياك أن تطيع الكافر في قوله أو فعله، وأن تطيع المنافق في قوله أو فعله، هذا أمر للأعلى تنبيهاً للأدنى، فهو أمر للنبي الله المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا يعصي الله ما أمره، وهذا فيه تنبيه العصاة غير المعصومين من عموم الناس، أي: يا أيها الناس تبعاً لنبيكم وما أمر به رسولكم اتقوا الله ولا تطيعوا الكافرين بالله، ولا تطيعوا المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام كذباً وزوراً، ويخفون معصية الله، ويخفون الكفر بالله، فهؤلاء المنافقون إياكم وإياهم، وهؤلاء الكافرون إياكم وإياهم.

    سبب نزول قول الله تعالى: (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين...)

    قال البعض من مفسري الآية الكريمة: وكان سبب نزول هذه الآية لما هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً في تلك المدة من السنوات التي هادنهم فيها، وجاء إلى المدينة أبو سفيان ، وجاء عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وجاء جماعة منهم، ونزلوا على رأس النفاق عبد الله بن أبي ابن سلول ، وواجهوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين له: (يا محمد، لو تركت عيب آلهتنا لتركناك ودينك، وتبعهم في هذا القول المنافقون وناصروهم وأضافوهم وأكرموهم، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، لو أمرتني أن أقتل هؤلاء جميعاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: والعهد الذي بيننا؟!) أي: بيننا وبينهم عهد عشر سنين، فكيف نغدر بهم ونقتلهم.

    فأمر بطردهم، فقام عمر وأخرجهم من المدينة المنورة ملعونين خزايا؛ لطلبهم هذا الطلب السخيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ أي: في أن تنصت لمثل هذا القول الباطل.

    وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ أي: فيما طلبوه منك من مهادنة آلهتهم المزيفة، وتركهم على كفرهم ونفاقهم.

    وقوله: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا أي: له العلم جل جلاله فيما يجري، وفيما سيكون بعد ذلك من أن هؤلاء مقهورون، ومغلوبون على أمرهم، وذاهبون وآلهتهم المزيفة، وأنت منصور عليهم النصر العزيز المؤزر، فلا تلتفت لأقوالهم، ولا تقبل كلامهم ولا كلام المنافقين الذين ساندوهم، فهو سبحانه عليم بباطل قول هؤلاء، وفساد ما يدعون إليه.

    وهو حكيم في أفعاله، ما أمرك بقتالهم إلا وقوله منزل منزلة الحق يعود بالخير عليك وعلى المؤمنين من أتباعك، والله ناصرك وناصر أتباعك ومذل عدوك، ومذل كل كافر ومنافق، فقد علم الله ذلك في سابق علمه وهو الحكيم في أقواله وأفعاله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (واتبع ما يوحى إليك من ربك ...)

    قال الله تعالى: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا [الأحزاب:2-3].

    أي: دع قول هؤلاء الكافرين، ودع قول هؤلاء المنافقين، ولا تلتفت إليهم، ولا تهتم بهم، ولكن الذي تتبعه وتطيعه هو ما أوحاه الله إليك.

    والأمر من الله لنبيه أمر للمؤمنين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة، ولا يليق بالمؤمن أن يستشير في دين الله كافراً أو منافقاً، فضلاً عن أن يعمل بقول الكافرين والمنافقين، ولكن المؤمن أمر بأن يعمل بما أوحى الله به وأنزله على نبيه وهو القرآن الكريم، وبما نطقت به السنة المطهرة، التي جاءت مبينة لكتاب الله.

    وقوله: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ .

    أي: اتبع الوحي الذي جاءك به جبريل عن الله.

    وقوله: إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا .

    أي: كان الله بقولكم أيها المؤمنون خبيراً عليماً، فهو يعلم ما تقولون، وهو خبير بما تفعلون، فمن فعل خيراً فله، ومن فعل شراً فعليه، فهو الخبير بأعمالنا وبأقوالنا، فمن أطاع فله الجنة، ومن عصى فله النار.

    والله جل جلاله يلزمنا بأن نطيعه، ومن عصاه قد أنذره، وتهدده وتوعده بعذابه وعقابه، وهو يعلم ما يعمل وما يحدث به نفسه إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

    قال الله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا [الأحزاب:3].

    أي: يا محمد اتق الله في نفسك، وأمر أتباعك المؤمنين بأن يتقوه، وألا يطيع أحد من أتباعك منافقاً ولا كافراً، بل قل لهم: اتبعوا ما أوحى الله إليكم وأنزله عليكم، وتوكلوا على الله في طاعتكم له، واجعلوا الله وكيلكم، وابتعدوا عن كل منافق وكافر، ومن جعل الله وكيلاً له كفاه كل شر وكل سوء، ونصره على أعدائه، وأيده في أعماله، وكان له كما يكون لأوليائه المتقين.

    وقوله: وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا أي: يكفيك الله عدوك، ويكفيك شانئك، فلا تخرج عن طاعة الله، فذلك خير لك في دنياك وفي آخرتك، وكل هذا ديباجة وتمهيد لما أوحى الله به على نبيه في هذه السورة من غزوة الأحزاب غزوة الخندق، وما حصل فيها من إذلال عدو الله، ونصر رسول الله وأتباعه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ...)

    قال الله تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [الأحزاب:4].

    اشتملت هذه الآية الكريمة على أحكام، واشتملت على أوامر ونواه، وجعلت لها مقدمة وديباجة، قال تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ .

    أي: ما خلق الله إنساناً وخلق له قلبين في جوفه، قلباً حاضراً وقلباً غائباً، وقلباً سميعاً، وقلباً عاصياً، وقلباً مشرقاً وقلباً مغرّباً، بل جعل الله لكل إنسان ولكل مخلوق قلباً واحداً، فلم يجعل الله لإنسان قلبين في جوفه وفي باطنه، وهو ضرب مثال لما يأتي في بقية الآية، أي: كما لم يجعل للإنسان قلبين لم يجعل للمولود والدين، ولم يجعل الزوجة أماً والأم زوجة، فهي ديباجة ومقدمة لقوله تعالى بعد ذلك.

    وقوله: (من) هي حرف جر للاستغراق وللعموم، أي: عموم الخلق، ولا مفهوم للرجل أو الذكر، وإنما المعنى: ولم يجعل لواحد من الناس قلبين في جوفه.

    وقوله: (وما جعل) هذه هي النتيجة من المقدمة، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ أي: كما لم يجعل الزوجة المظاهر منها أماً، كما كانوا يقولون في الجاهلية، ولا تزال هذه الجاهلية يقول بها الكثير من الناس، إحياء للجاهلية الأولى، وقولاً للباطل والزور والمنكر من القول، فنجد من يقسم على زوجته ويقول: هي عليه كظهر أمه، ويكفي أن يقول: هي عليه كظهر واحدة من محارمه بأن يذكر أماً أو بنتاً أو أختاً أو عمة أو خالة، فكون الرجل يحرم نكاح زوجته على نفسه، فيقول: هي عليه كظهر أمه، أو أخته، أو عمته، أو خالته، أو أي حريم ممن حرم الله عليه، فعندما يقول الجاهل هذا فهو قول باطل ومنكر وزور، ولن يكون حقيقة ولا واقعاً، ولا تحرم زوجته عليه حرمة أبدية بذلك، فهي زوجة وستبقى زوجة، ولكن مقابل هذا القول الباطل جعلت له عقوبة وهي مفصلة في سورة المجادلة، وأن من قال ذلك لا يحل له أن يعود لها مرة ثانية ما لم يعتق عبداً، فإن لم يجد فليصم ستين يوماً متتابعة، فإن لم يستطع فليطعم ستين مسكيناً، فتلك عقوبته وذلك جزاؤه، وإلا فلا يحل له أن يتصل بها بعد ذلك ما لم يقم بالعقوبة التي عاقبه الله بها.

    وقوله: وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ .

    أي: لم تكن الزوجة أماً في حال من الأحوال، ومن قال ذلك فعليه الكفارة: عتق رقبة أو صيام ستين يوماً أو إطعام ستين مسكيناً، فكما أن الرجل لن يكون له قلب في جوفه لن تكون الزوجة أماً أو الأم زوجة في حالٍ معاً.

    وقوله: وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ .

    (أزواجكم): جمع زوجة، والظهار: أن يقول: هي عليه كظهر أمه، لن تكون هذه المظاهرة وهذا القول الباطل ليجعل الزوجة أماً أبداً.

    وهذه الفقرة من الآية لها سبب نزول.

    وقوله: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ :

    الأدعياء: جمع دعي، كان الناس في جاهليتها يأتي الواحد إلى الولد فيقول: هذا ولدي يرثني وأرثه، ويصبح كولد الصلب، وتحل له الخلوة بالأخوات من هذا المتبني، ويحرم عليه ما يحرم على الابن الذي هو من الصلب والرحم، فالله حرم ذلك وأبطله، وجعله زوراً من القول وباطلاً من الكلام.

    وقوله: ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ .

    أي: ليس ذلك بقول حق ولا بقول صدق، ولن يكون للولد أبوان قط، كما لن يكون للرجل قلبان في جوفه.

    سبب نزول قوله تعالى: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه...)

    إن سبب نزول قوله تعالى: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) هو ما كان يفعله الناس قبل الإسلام، وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك حين تبنى زيد بن حارثة ، وكان قد أسر في الجاهلية واشتراه حكيم بن حزام بن خويلد ، ووهبه لعمته خديجة بنت خويلد ، وخديجة بنت خويلد بعدما تزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإذا بأبيه وعمه يبحثان عنه، فقيل لهما: إنه بمكة، فجاء إلى مكة فوجداه عند محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وهذا كان قبل النبوة وقبل الإسلام، فجاءا إليه وقالا له: يا بن عبد الله، يا بن عبد المطلب، تكرم علينا بولدنا، فقال لهما رسول الله: خيروه، فإن اختاركم فهو لكم، فقالا له: يا زيد ، أتختار أبيك وحسبك ونسبك أو تختار الرق والعبودية؟ قال: لن أختار على محمد أحداً.

    وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يراعي هذا الحب من زيد ، فقال لأبيه وعمه: اشهدا أنني أتبناه وألحقه بنسبي، فهو بعد اليوم زيد بن محمد، فقرت عين أبيه وعمه عندما رأيا أن زيداً ارتفع نسبه إلى نسب قريش، وأصبح ابناً لمحمد وحفيداً لبني هاشم وسبطاً لـعبد المطلب.

    وكان التبني عادة العرب من قوم محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم، ولكن عندما جاء الإسلام أبطل التبني، وجاء الوحي من الله ونزل قوله تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [الأحزاب:4].

    فحرم الله التبني، وألغاه، وألغى نتائجه، وجعله قولاً من الزور، وعملاً من الباطل.

    إذاً: التبني دعوى لا أصل لها، ولا يكون الرجل ولداً لأبوين في آن واحد، إما هو ابن صلبك ورحم زوجتك، وإما هو رجل بعيد لا صلة لك به.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755994230