إسلام ويب

تفسير سورة العنكبوت (6)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يقرر الله عز وجل في هذا السياق أجل القضايا وأعظمها، وهي قضية الرجوع إلى الله والبعث الآخر، وذلك بالأدلة العقلية الظاهرة، ومن ذلك أن الذي ابتدأ الخلق أول مرة قادر بلا شك أن يعيد ذلك الخلق، وتلك الإعادة ظاهرة في مخلوقاته، فها هي الثمار تعاد في كل موسم كما كانت فيما قبله، وها هي الحيوانات تتوالد بنفس الكيفية كل مرة، وكل ذلك يشهد أن الله سيبعث الخلق يوم القيامة ليرحم بالجنة من كان من أهل الإيمان، ويعذب بالنار من لبس ثوب الكفران، ولن يعجز مخلوق ربه أن يحضره يوم القيامة ولو استنصر بأهل السموات والأرض، ولكن أهل الشرك والكفر حين يئسوا من رحمة الله اعتمدوا على التكذيب لتبرير كفرهم، وهيهات أن يغني عنهم ذلك.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وما زلنا مع آيات سورة العنكبوت المكية المدنية، فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة هذه الآيات، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    قال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [العنكبوت:19-23].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه الآيات وردت في قصة نوح وإبراهيم عليهما السلام، وسر هذه الآيات أن يعلم الله عز وجل المشركين الكافرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أي زمان ومكان؛ يعلمهم أنهم ما خلقوا عبثاً، ولا لهواً ولا باطلاً، والله ما خلقوا إلا من أجل أن يعبدوا الله، هو الذي خلقهم لعبادته.

    ثم يكون جزاؤهم على هذه العبادة هو أن يكملهم ويسعدهم في كلا الحياتين: الأولى هذه والآخرة الآتية.

    وجاءت الشياطين فعبثت بقلوب الناس، وحملتهم على الكفر والتكذيب، فإذا أرسل الله تعالى إليهم رسولاً ادعوا أنه ساحر أو كاذب أو مجنون أو شاعر أو.. أو، حتى لا يمشوا وراءه ولا يقتدوا به ولا يعبدوا الله.

    ينزل الكتاب.. الوحي الإلهي على من يرسل من الرسل، فيكذبون بالكتاب، ويقولون: شعر، وأباطيل وأكاذيب.. كل ذلك حتى لا يعبدوا الله الذي خلقوا لعبادته.

    وفي الحديث القدسي الشريف يقول تعالى: ( يا ابن آدم لقد خلقت كل شيء من أجلك، وخلقتك من أجلي )، فهذه السماوات والأرضون وما فيهما وما بينهما والدار الآخرة دار النعيم المقيم الجنة أو العذاب الأليم النار.

    هذه المخلوقات خلقها الله من أجل الإنسان فقط، فكان الواجب على الإنسان أن يعبد خالقه ورازقه، محييه ومميته، لا يعبد الصنم والحجر، أو يعبد الشياطين.

    ليس من حقه أن يكذب بالبعث والدار الآخرة، ولا من حقه أن ينكر على الرسل رسالتهم ودعوتهم، ولكن كما علمتم: الشياطين تعمل على أن يكفر كل إنسان.

    والسر في ذلك؟ حتى يخلدوا معهم في عالم الشقاء؛ في النار دار البوار والعياذ بالله تعالى، الشيطان وذريته بالبلايين، لا هم لهم إلا أن تكفر البشرية وتبتعد عن عبادة الله، حتى تواكبهم في دار البوار في جهنم وبئس القرار.

    ولنستمع إلى هذه الآيات مبسطة مشروحة فنقول: يقول تعالى في كتابه القرآن العظيم: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [العنكبوت:19]، هؤلاء الذين يكذبون بالبعث الآخر والدار الآخرة، ويقولون: إذا متنا لم نحيا ولم نسأل ولم نحاسب ولم نجز، ما هي إلا حياتنا هذه، ويدعون أن قدرة الله تعجز عن إحياء البشرية بعد إماتتها، ويقول أحدهم: كيف بعدما أموت أحيا؟ وهذا المعتقد الآن معتقد كل البشر إلا المسلمين.

    يقول تعالى موبخاً لهم ومقرراً: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [العنكبوت:19].

    ها أنت تعرف كيف يطلع الطلع من النخلة ويصبح تمراً، ثم نأكله، ثم يعيده من العام الثاني ويخرج.

    وكذا في شجر الزيتون.. في الرمان.. في كل هذه الأشجار.. كذلك المخلوقات.. في النساء.. تلد اليوم ويكبر الولد، وتلد آخر، فالخالق لهذه المخلوقات لا يعجزه أن يخلق البشرية مرة ثانية، وهو يقول للشيء كن فيكون، إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ [يس:82] فوالله ليكونن.

    أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [العنكبوت:19] سهل ميسر، ليس فيه مشقة ولا كلفة ولا ولا، كما بدأ وجودنا يعيدنا مرة ثانية.

    والمنكرون للبعث والدار الآخرة إنما أرادوا أن يبقوا على المعاصي.. ليعيشوا على الشر والخبث والفساد فقط.

    لم يكذبون بالدار الآخرة؟ من أي جهة جاءهم أنها لا وجود لها وخالق هذا الكون كله أخبر أنه خالقها وقد خلقها؟

    ارفع رأسك إلى السموات إلى أين تنتهي؟

    إلى عرش الرحمن فوق السماء السابعة.

    انظر إلى الأرض إلى أين ينتهي بصرك، تأمل ساعة، يوماً كاملاً.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق...)

    ثم يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم سواء كان نوحاً أو إبراهيم أو محمداً صلى الله عليهم وسلم، يقول له: قُلْ [العنكبوت:20] يا رسولنا سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ [العنكبوت:20].

    امشوا في الشرق والغرب، وانظروا كيف بدأ خلق هذا الكون من الجبال الراسية إلى البحار الطامية، إلى الإنسان، إلى الحيوان، إلى النباتات إلى الأشجار.. كيف بدأ خلقها؟ أو خلقت نفسها؟

    لا يوجد من يقول: يوجد مخلوق خلق نفسه، مستحيل، لابد من خالق، ونحن نقول: كأس فيه ماء تجده على طاولة، هل تستطيع أن تقنع إنساناً أن هذا الكأس وجد بنفسه؟ مستحيل. كأس ماء فقط موضوع على طاولة وتقول: اشرب، من أوجد هذا الكأس؟ تقول له: الله، يقول: لا. أوجد نفسه. هل هناك شيء يوجد نفسه؟ والله لا موجد إلا الله.

    قل لهم: سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [العنكبوت:20]، لو يخرج الإنسان ينظر إلى السماء فقط من رفعها؟

    هذه الكواكب من كوكبها؟

    هذه النجوم من نجمها؟

    هذه المياه من أتى بها؟

    هذه الحيوانات من خلقها؟

    هذه البشرية من.. من.. من؟

    لا جواب إلا: الله.. الله الله، فلم -إذاً- لا نتعرف إليه ونعبده ونطيعه بحبه والخوف منه؟

    هكذا يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: قل لمنكري البعث الآخر، الكافرين بالدار الآخرة، المكذبين بالبعث الآخرة، قل لهم: سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [العنكبوت:20]، لا يعجزه شيء.

    الذي أوجد الشمس فقط.. التي تشاهدونها بحرارتها.. هذه الشمس أكبر من الأرض بمليون ونصف المليون مرة، والله إنها لأكبر من الأرض بنصف مليون ومليون مرة.

    من أوجدها؟ هل أوجدت نفسها؟ مستحيل أن يوجد موجود بدون موجد له، الله موجد كل شيء: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [العنكبوت:20].

    ومن ذلك أنه يعيد الإنس والجن أحياء في ساحة واحدة، ثم يحاسبهم، ثم يجزيهم، إما بالجنة دار السلام، وإما بالنار دار البوار والله العظيم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون)

    ثم قال تعالى: يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ [العنكبوت:21] أحببتم أم كرهتم، رضيتم أم سخطتم.

    تأملوا هاتين الصفتين! يرحم من يشاء ويعذب من يشاء! يعذب من يشاء تعذيبه ويرحم من يشاء رحمته.

    أما التعذيب فهو في جهنم ذات الألوان من العذاب الذي لا يطاق.

    ماذا تعرفون عن جهنم؟ حسبكم النار التي توقدونها فإنها تدل عليها، عالم كامل كله نار.

    يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [العنكبوت:21] عذابه.

    من هم الذين يشاء الله عذابهم؟ الكافرون به، المكذبون بلقائه، المنكرون لشرعه، الذين يعيشون على الكفر والشرك والذنوب والآثام. هؤلاء الذين يشاء الله عذابهم.

    و يرحم من يشاء، من هؤلاء بيض أم سود؟ عرب أم عجم؟

    الجواب: المؤمنون العاملون للصالحات، إذ الإيمان الصحيح والعمل الصالح أداة تزكية للنفس البشرية وتطييب وتطهير لها.

    الماء والصابون يطهران الأجسام والثياب والأبدان، والإيمان والعمل الصالح يطهران الأرواح البشرية، فتطيب الروح وتطهر، ويتجلى ذلك في سلوك صاحبها، فلا يستطيع أن يعصي الله، ولا أن يخرج عن طاعة الله.

    لا يقوى على أن يظلم ولا أن يؤذي ولا أن يعبث أو يفسد؛ لزكاة روحه وطهارتها!

    تستطيع أن تعرف روح هذا وهذا، فالمنغمس في المعاصي والذنوب والله إن روحه لخبيثة منتنة عفنة عليها أوساخ الدنيا.

    والذي تنظر إليه فتتجلى فيه الصالحات، في صدقه، في وفائه، في طهارته، في عدله، في كماله.

    احلف بالله أن نفسه طاهرة زكية نقية، وقد أقسم الجبار جل جلاله، على أن من زكى نفسه أفلح، وأن من دسى نفسه خسر، واقرءوا: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1].. إلى قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9] أي: النفس وَقَدْ خَابَ [الشمس:10] أي: خسر مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10].

    يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [العنكبوت:21] من أهل الكفر والذنوب والآثام، وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ [العنكبوت:21] من أهل الإيمان وصالح الأعمال والله العظيم.

    وقوله تعالى: وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ [العنكبوت:21] نقلب إلى من؟ إلى الله.

    أوجدنا ثم يقلبنا إليه، والله ما يتأخر واحد، لا كبير ولا صغير، لا مريض ولا سليم، ولا صحيح ولا ولا، لابد وأن تعود البشرية كلها على صعيد واحد بين يدي الله، ثم الحساب والجزاء، إما فوق وإما أسفل.

    وَإِلَيْهِ [العنكبوت:21] لا إلى غيره تُقْلَبُونَ [العنكبوت:21]، لو كنا نقلب إلى غير الله.

    نقول: ما نبالي بالله مادمنا ما نرجع إليه؛ لأننا لا نطيع ونحترم إلا من نرجع إليه، لكن والله لا رجوع إلا إلى الله.

    واقرءوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156] أحببنا أم كرهنا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء...)

    ثم قال تعالى: وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ [العنكبوت:22] هذا الخبر فهمتموه.

    هل نعجز الله في الأرض؟

    هل نعجز الله في السماء؟

    هل نستطيع أن نعجز الله ونحول بينه وبين ما يريد منا؟

    والله ما كان، وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ [العنكبوت:22].

    لو يسلط علينا البرد فقط والله ما نخلص منه ويفنينا، فمادمنا بين يديه مقهورين له يجب أن نحبه وأن نطيعه: وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [العنكبوت:22]، هذا الخبر افهموه.

    قل: ما لكم يا بني آدم غير الله من ولي يتولى أموركم ولا نصير ينصركم أبداً!

    ما لكم إلا الله، إذاً: فآمنوا به واتقوه تتحقق لكم ولَاية الله وتصبحون أولياء الله، والله يتولاكم، والله ينصركم، ومن تولاه الله ما أهانه ولا عذبه!

    ومن نصره الله ما انهزم ولا انكسر ولا ذل ولا هان، فهيا نؤمن بالله ونتقي الله فنحقق ولَاية الله.

    جاء بيان الولاية في آية من سورة يونس المكية، إذ قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62].

    من هؤلاء أولياء الله؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63]، فكل مؤمن تقي هو لله ولي، أبيض، أسود، فقير، غني، بشع، جميل.. كيفما كان، العبرة بإيمانه وتقواه لله.

    وبالإيمان والتقوى تزكو النفس وتطيب فيتولاها الله عز وجل. فلهذا نقول: كل مؤمن تقي هو لله ولي، وكلكم أولياء الله إن شاء الله.

    ومن لطائف هذا الدرس نقول: العدو ضحك على أمة الإسلام ورماها في الجهل وحصر الولاية فيمن ماتوا وبني على قبورهم أضرحة، ووضعت توابيت عليها، أولئك هم الأولياء. فهمتم عني هذه.

    تدخل القاهرة المعزية ذات الأزهر الشريف، وتلقى أول من تلقاه في الطريق، فتقول: يا فلان! أنا جئت زائراً هذه البلاد فدلني على ولي أزوره؟ والله ما يعرف إلا من مات وعليه قبة فقط، ما يعرف أن في القاهرة ولي، وقل في كل بلد كذلك، اذهب لدمشق: يا سيد أنا جئت من المدينة أريد زيارة ولي، والله ما يعرف ولياً حياً بين الناس، ما يأخذ بيدك إلا إلى ميت.

    ولماذا هذا؟ أعلمكم؛ لأن الله تعالى يقول: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )، فإذا عرفت أنك ولي لله، والله ما أقوى على أن أجهر بصوتي أمامك.

    كيف أسلب مالك؟ كيف أنتهك عرضك؟ كيف أهينك وأستهزئ بك وأنت ولي الله؟

    فهمتم هذه أو لا؟

    العدو المكون من ثلاثة: المجوسية، واليهودية، والصليبية، هؤلاء الذين تعاونوا على إفساد المسلمين، ونجحوا والعياذ بالله؛ من جملة أعمالهم: أنهم حولوا القرآن إلى الموتى، فلا يجتمع اثنان تحت شجرة ولا ثلاثة في زاوية من زوايا البيت ليتدارسوا آية أبداً!

    القرآن كله يقرأ على الموتى، من إندونيسيا إلى موريتانيا عرباً وعجماً، لا يجلسون ليتدارسوا القرآن هكذا أبداً؛ لأن العدو -الثالوث- عرف أن القرآن روح ولا حياة بدون روح، وعرفوا أن هذه الأمة حييت يوم ما حييت وسادت بالقرآن، فقالوا هيا نبعدها عن القرآن ونجحوا.

    كذلك الولاية.. الواجب علينا ونحن مؤمنون.. كل مؤمن ولي لأخيه المؤمن سواء كان جميلاً، قبيحاً، فقيراً، غنياً، عاملاً، كذا.. ما دام مؤمناً بالله يعبد الله فهو ولي الله يحرم أذاه بأي أذى، بل يجب احترامه وإجلاله وتقديره وإعانته وولايته؛ لأنه ولي الله.

    لما كان المؤمنون هكذا لم يكن بينهم ظلم ولا شر ولا فساد ولا خبث ولا ولا، لذا فكّر الأعداء كيف يفسدون هذه الروح؟

    قالوا: الولي الذي يموت ويبنى على قبره قبة ويوضع تابوت وزروع خضراء وشموع، ذاك هو الولي، القرية كلها فيها ولي أو وليان والباقون كلهم شر، خذ ما شئت منهم وافعل ما تشاء.

    والله في الحديث القدسي يقول: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )، ويقول صلى الله عليه وسلم: ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ) قف يا مسلم كلك حرام علي عرضك كبدنك كمالك.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي ...)

    ثم قال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ [العنكبوت:23].

    (والذين كفرا) بماذا؟ بالقرآن وبنبي القرآن وبلقاء الله في الدار الآخرة.

    أولئك يئسوا من رحمة الله، ووالله لا يدخلون الجنة.

    لأن رحمة الله هنا الجنة فالذين كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبوا بيوم القيامة وما آمنوا ولا عملوا الصالحات فهؤلاء أيما كانوا بيضاً أو سوداً، عرباً أو عجماً فهم آيسون من رحمة الله. أي: من الجنة، والله لا يدخلونها.

    تأملوا الآية الكريمة! وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ [العنكبوت:23] أليست القرآن أم لا؟

    وَلِقَائِهِ [العنكبوت:23] لقاء من؟ لقاء الله، سوف نلقى الله.

    أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [العنكبوت:23] نعوذ بالله من العذاب الأليم.

    معاشر المستمعين أنتم درستم الآن آيات من كتاب الله.

    هذا الواجب يجب أن يكون في كل بلد.. في كل قرية.. في كل حي.. من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء يجتمع أهل القرية.. أهل الحي على دراسة آية من كتاب الله فكيف نهمل القرآن؟!

    كيف نتفقه؟ كيف نعرف؟ كيف نكمل؟ كيف نؤمن؟ كيف نسعد؟

    ولكن مع الأسف ما زلنا هابطين.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال: [ من هداية الآيات:

    أولاً: وجوب استعمال العقل للاستدلال على الغائب بالحاضر وعلى المعدوم بالموجود ].

    هل للآيات من هداية؟ نعم والله، لا توجد آية إلا وتهدي إلى الله وإلى السعادة في الدنيا والآخرة!

    لا توجد آية في كتاب الله إلا وهي تهدي إلى الله وتعرف به!

    على سبيل المثال قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] آية أم لا؟ هذه الكلمة من قالها؟ الله. ليس هناك إلا الله. من أنزلها؟ الله. على من نزلت؟ على محمد رسول الله.

    إذاً: فالله لا إله إلا هو، ومحمد رسوله دلت عليه قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، فلا توجد آية إلا وتدل دلالة قطعية على وجود الله وعلمه وحكمته ورحمته ونبوة رسول الله ورسالته والدار الآخرة.

    نكتفي بهذا القدر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756301489