إسلام ويب

تفسير سورة التوبة (30)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن ترك طاعة الله ورسوله والفرح به علامة من علامات النفاق، وقد عاب الله على من تخلف عن رسول الله في غزوة تبوك وفرح لعدم خروجه، ثم أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعاقبهم بعدم إخراجهم معه فيما يأتي من أيام؛ لأنهم ليسوا أهلاً لقتال عدو، إذ هم أنفسهم على الكفر والضلال، وضحكهم في الدنيا على رسول الله المؤمنين سيكون ثمنه البكاء الطويل في الدنيا والآخرة، جزاء كفرهم وفسادهم وفتنتهم في صفوف المؤمنين.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات في أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون.. ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم، قال: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).

    وها نحن مع سورة التوبة -تاب الله علينا وعلى كل مؤمن ومؤمنة-، ومع هذه الآيات الثلاث، فهيا بنا نصغي مستمعين تلاوتهما مجودة مرتلة من الأبناء، ثم نتدارسها بإذن الله.

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ [التوبة:81-83].

    المنافقون يفرحون بترك طاعة الله ورسوله

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ [التوبة:81].. الآية، أذكركم بأن هذه السورة المسماة بالتوبة، مسماة أيضاً بالفاضحة، فهي تفضح المنافقين وتزيل الستار عنهم؛ ليظهروا على حقيقتهم.

    والمنافقون: هم الذين يبطنون الكفر في قلوبهم، ويتظاهرون بالإسلام في ألسنتهم وبعض جوارحهم، وإظهار الكفر، أي: تكذيب الله ورسوله، ونكران البعث الآخر والجزاء فيه، والتكذيب بأن القرآن كلام الله ووحيه، وهؤلاء المنافقون هم الذين تتحدث عنهم هذه الآيات -نسأل الله ألا نكون منهم-، وهذه مظاهر عجيبة في القرآن تفضحهم غاية الفضح، وتكشف الستار عنهم؛ ليسلم منهم من يسلم، وقد أسلم منهم من أسلم.

    قال تعالى مخبراً عنهم: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ [التوبة:81]، وكان هذا في غزوة بلاد الروم، فالروم تجمعوا واتخذوا قراراً بأن يغزوا محمداً صلى الله عليه وسلم في داره في عقر داره؛ لإنهاء الدعوة الإسلامية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي الإلهي فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن أعلن التعبئة العامة والنفير الكامل للخروج إلى قتال الروم في ديارهم، فبدل ما يأتون إلى ديارنا نقاتلهم في ديارهم، ولما خرج تخلف مرضى القلوب وهم المنافقون فخرج بعضهم وتخلف البعض، وتخلف أصحاب الأعذار فهم معذورون، كالذين ما وجدوا ما يركبون عليه أو لا قوتاً يقتاتونه في رحلتهم، كالمرضى والنساء وكبار السن، فهؤلاء المخلفون.

    فنزلت هذه الآيات تبين حال أولئك المنافقين الذين تخلفوا عن الخروج إلى بلاد الشام بلاد الروم، فقال تعالى مخبراً عن حالهم كاشفاً لستارهم: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ [التوبة:81]، المخلفون: من خلفهم رسول الله والمؤمنون في ديارهم وتركوهم في المدينة بعدهم وهؤلاء هم المخلفون، وهذه العبارة عبارة ذم وطعن فيهم، مخلف.. خلفوه، أي: لا يصلح، وفي حكم أيضاً ومعنى آخر: أن الذين ليسوا بصادقين بإيمانهم، لا يحسن أن يخرجوا للجهاد، قد يفسدوا حال المجاهدين.

    فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ [التوبة:81]، أي: بقعودهم عن الخروج إلى تبوك، خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ [التوبة:81]، أي: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    كراهية المنافقين للجهاد بالمال فضلاً عن الجهاد بالنفس

    قال تعالى: وَكَرِهُوا [التوبة:81] أي: في قلوبهم وبألسنتهم، وأعلنوا عن كراهتهم.

    وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة:81]، فالمؤمنين الصادقين لا يكرهون الجهاد، بل يطلبونه ويتنافسون في الإنفاق فيه، بل ويخرجون قبل القائد ويسبقونه، ولكن المنافقين أي: الكافرين، المرضى في قلوبهم، فرحوا بالتخلف، وكرهوا الخروج في سبيل الله.

    قال تعالى: وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81]، أي: قالوا لبعضهم البعض في مجالسهم الخاصة، وفي بيوت بعضهم البعض، وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81] أي: لا تخرجوا مع محمد في هذا الحر، وكان ذلك آخر أيام الصيف وشدة الحر، وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81]، والنفور: خروج للتعبئة العامة والجهاد العام، فقال تعالى لرسوله: قُلْ [التوبة:81] أي: لهم، نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة:81]، أنتم تخافون من الحر، ما قيمة نار الدنيا هذه بالنسبة إلى حر جهنم؟ لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة:81]، ما قالوا هذه الكلمة؛ لأن دعوتهم إلى القعود وخذلان الرسول ورجاله ويتخلفوا بلادهم، فهذه هي موجبة الحر الشديد، أي: الخلود في نار جهنم، ولا قيمة لحر شهر آب مثلاً أو السنبلة، ولكن لا يفقهون، فلا بصيرة لهم ولا وعي ولا فهم، فضلاً عن الفقه كيف يفقهون ويعرفون خصائص الأشياء وأسرارها، بل لجهلهم قالوا هذه الكلمة المنتنة: لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81]، معناه لو كان ما في حر نخرج معه، لكن مع شدة الحر لا نخرج.

    قُلْ [التوبة:81]، لهم يا رسولنا، نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة:81]، إي والله، لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة:81]، لعرفوا كيف ينجون من عذاب النار بإيمانهم وطاعة رسولهم والمشي وراءه والقتال معه، لا أن يعملوا على التخلف بالأعذار الباطلة، والأكاذيب المرة، ويبقون بعد رسول الله وهم يتمنون أن يموت رسول الله وأن يقتل، والذين خرجوا ما خرجوا إلا لتدبير المكيدة والقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن الله عز وجل نجاه وسلمه منهم، وهذا شأن مرضى القلوب وشأن من لا يؤمن بالله ولقائه، وشأن من لا يؤمن بالله وكتابه ورسوله، وهذا شأن الكفر والكافرين في كل زمان ومكان.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً ...)

    ثم قال تعالى مخبراً عنهم: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا [التوبة:82]، سواء كان هذا خبر.. وهو خبر حقيقة، ولكن فيه معنى التبكيت، وفيه معنى التعيير لموقفهم الفاسد، فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا [التوبة:82]، يريدون أن يضحكوا في الدنيا، فكم ضحك الدنيا وما مقداره وما مدته؟! ولكن البكاء سيكون كثيراً.

    فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [التوبة:82]، وهذا وعيد من الله عز وجل، وهو نافذ واقع في الدنيا وفي الآخرة، ففي الدنيا: بكوا وتمزقت قلوبهم والعياذ بالله، وفي الآخرة لا تسأل عن أصحاب الجحيم.

    فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا [التوبة:82]، لماذا؟ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [التوبة:82]، أي: مجازاة لهم بكسبهم في الدنيا، وهو كسبهم هذا هو الكفر والخيانة والشرك والباطل والشر والفساد، فلم يكسبوا الحسنات بل كسبوا السيئات، وأصحاب السيئات مصيرهم الخلود في نار جهنم في عالم الدار الآخرة، فهذه الآيات هزت قلوبهم وحركت أفئدتهم، وتاب من تاب منهم، وهذا من تدبير الله عز وجل ولطفه وإحسانه بعباده، وهذه الآيات أيضاً أثرت في الكثيرين وتابوا ورجعوا إلى الإسلام.

    فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً [التوبة:82] أي: بما كانوا يكسبونه من الكفر والنفاق والشر والفساد والفتنة التي يحدثونها بين المؤمنين والمؤمنات.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً...)

    ثم قال تعالى: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ [التوبة:83] (فإن رجعك الله): أي: من تبوك وعدت آمناً سالماً مطمئناً ما أصابك شيء، واستأذنوا منك أن يخرجوا معك إلى غزوة أخرى أو إلى غيرها لا تقبل منهم، فسقط شأنهم نهائيهاً وما أصبحوا أهلاً لأن يصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ [التوبة:83]، وقد رجعه ورده إلى المدينة النبوية آمناً سالماً وهزم الروم هزيمة نكراء، فالروم تجمعوا وأعدوا عدتهم فكانوا أكثر من مائتي ألف، ثم فجأة وقع في نفوسهم الهزيمة، وبلغهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج لهم فعدلوا عن قتاله صلى الله عليه وسلم.

    فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ [التوبة:83]، أي: طلبوا منك الإذن، لِلْخُرُوجِ [التوبة:83] أي: للجهاد أو غيره لا تقبلهم أن يخرجوا معك، فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا [التوبة:83] أي: ما دمتم على كفركم وضلالكم، وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا [التوبة:83] أي: لا تخرجوا معي أي خروج للقتال أو لغيره أو للحج أو لمكان ما، ولا تقاتلوا معي عدواً من أعدائي، إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ [التوبة:83] وهذا هو التعليل، إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا [التوبة:83]، إذاً: مَعَ الْخَالِفِينَ [التوبة:83]، سبحان الله العظيم!

    فهذا كلام الله عز وجل وهذا التعليل العجيب: إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [التوبة:83]، فاقعدوا إذاً دائماً مع القاعدين.

    فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ [التوبة:83]، وهذا يتناول الذين تخلفوا عن الجهاد في تبوك، وهذا التخلف -كما سبق- منهم من هو معذور عنه وفيه، والعذر سببه العجز والضعف: النساء، الأطفال.. الثلاثة الذين تخلفوا من خيرة الأصحاب رضوان الله عليهم.

    فقوله تعالى: مَعَ الْخَالِفِينَ [التوبة:83]، يشمل كل من بقي في المدينة، لكن ليس كل من بقي من المخالفين للجهاد مع رسول الله، ولكن للعجز الذي نالهم.

    وهكذا أعيد تلاوة الآيات وتأملوها! فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ [التوبة:81]، يا للأسف! وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا [التوبة:81-83]، العلة: إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ [التوبة:83]، مع النساء والأطفال والعجزة.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    وهذه الآيات وقد فهمنا معناها، إليكم بعض الهداية فيها:

    [أولاً: من علامات النفاق الفرح بترك طاعة الله ورسوله]، إذا تريد أن تعرف المنافق، إذا رأيته يفرح لترك طاعة لله ورسوله فاعلم أنه منافق، فالفرح بعدم طاعة الله ورسوله علامة النفاق والكفر، ترك طاعة الله ورسوله عن علم وقدرة آية النفاق والكفر أيضاً.

    إذاً: (من علامات النفاق الفرح بترك طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم).

    [ ثانياً: من علامات النفاق كراهية طاعة الله ورسوله ]، الذي يكره طاعة لله والرسول منافق، والله! لا يكرهها إلا منافق، وإلا بسلفات المسلمين وعاش معهم.

    [ ثالثاً: كراهية الضحك والإكثار منه ]، الضحك والإكثار منه مكروه، إذ الضحك يقتل القلب، وينسي عبد الله ذكر الله، فهو مكروه ويجوز في حالات خاصة أما الإكثار منه فيميت القلوب، والنبي صلى الله عليه وسلم كان جل ضحكه الابتسام فقط، وكان ابن سيرين يعتب على الحسن البصري؛ لأن الحسن البصري لا يضحك أبداً ولا تراه ضاحكاً، دائماً حزين، ابن سيرين يلومه يقول: الله هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى [النجم:43]، كيف لا تضحك؟ وعلى كل الذي نعيش عليه وينبغي ألا نكثر من الضحك، وخاصة بالقهقهة ورفع الصوت هذا ما ينبغي أبداً، والضحك الهادئ عند المناسبة مأذون فيه ولا بأس فيه، فهؤلاء أخبرهم تعالى: اضحكوا قليلاً في الدنيا ولتبكوا كثيراً في الآخرة، وفي الدنيا أيضاً ضحكوا في هذه الأيام وجاءت الآيات وفضحتهم فبكوا وتمزقوا.

    [رابعاً: تعمد ترك الطاعة قد يسبب الحرمان منها]، (تعمد ترك الطاعة): أن يتعمد العبد أن يترك طاعة الله ورسوله، فهذا الترك يسبب له الحرمان من الطاعة ولا يقع فيها، فهؤلاء المنافقون تعمدوا ترك الطاعة فحرموا منها، قال تعالى: لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا [التوبة:83]، بعد اليوم، وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا [التوبة:83]؛ لأنهم تعمدوا ترك الطاعة، فكل من تعمد ترك طاعة الله ورسوله يحرمها ويصبح لا يطيع الله ولا رسوله.

    وصلى الله على نبينا محمد..

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755987301