إسلام ويب

تفسير سورة الشورى (13)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله عز جاهه وعظم سلطانه يصطفي من يشاء من عباده، فيكلفه برسالاته وتبليغ دينه وآياته، وقد بين الله طرق تواصله مع أنبيائه، فذكر أنه إما أن يخاطبهم بالوحي والنفث في الروع، وإما أن يكلمهم من وراء حجاب، وإما أن يرسل إليهم برسول الملائكة جبريل عليه السلام فيبلغهم عن الله، وقد اختص سبحانه وتعالى نبيه محمداً بالرسالة الخاتمة والكتاب المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه من لدن حكيم خبير.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب ...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وها نحن مع هذه الآيات الثلاث، وهي خاتمة سورة الشورى المكية، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ * وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ [الشورى:51-53].

    سبب نزول الآية الكريمة

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51] لهذه الآية سبب لنزولها، فاليهود بالمدينة أوحوا إلى المشركين في مكة وقالوا: قولوا لهذا النبي: إن كنت نبياً رسولاً فهل رأيت الله وكلمك كما رآه موسى وكلمه؟

    فقد كان اليهود يأتيهم أهل مكة ويستشيرونهم؛ لأنهم أهل كتاب وأهل مكة جهال، فيطلبون آراءهم في هذه الدعوة كيف يقاومونها، ومن جملة ما وقع أنهم قالوا لهم: قولوا له: هل رأيت ربك؟ هل نظرت إليه وتكلمت معه؟ كيف تدعي أنك نبي ورسول وأنت ما رأيت الله ولا كلمته وهذا موسى رأى الله وكلمه؟!

    فأنزل الله تعالى قوله: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا [الشورى:51] يوحي إليه، يلقي في روعه في اليقظة والمنام على حد سواء، أو يكلمه من وراء حجاب، فموسى كلمه الله في جبل الطور، فهل رأى وجه الله تعالى؟ لا والله، وإنما كلمه من وراء حجاب، ورسولنا ليلة الإسراء والمعراج في مكة كلمه الله، ولكن هل رآه؟ قيل له: ( هل رأيت ربك يا رسول الله؟ قال: نور أنى أراه؟ ) أي: كيف أراه؟

    طرق الوحي

    إذاً: فبين تعالى كيفية الإيحاء للرسل، فقال عز من قائل: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ [الشورى:51] والرسل كلهم بشر،

    وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ [الشورى:51] اللهم إِلَّا وَحْيًا أَوْ [الشورى:51] يكلمه مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى:51]، أو يرسل إليه رسولاً من الملائكة كجبريل فيوحي بإذنه ما يشاء.

    هذه هي طرق الوحي:

    أولاً: أن يلقي الله في روع النبي في قلبه وعقله فيفهم عن الله، أحياناً في اليقظة وأحياناً في المنام. هذه صورة.

    الصورة الثانية: أن يكلمه ولكن من وراء حجاب، لا يرى وجه الرب تبارك وتعالى، كما كلم موسى بجبل الطور.

    ثالثاً: يبعث إليه ملكاً من الملائكة، وجبريل هو الذي كان يرسله، ومن ثم يوحي إليه، هكذا قال تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51] علي فوق مخلوقاته كلها، حكيم في تشريعه وتقنينه وتدبيره.

    فأبطل تلك الفرية التي قالتها اليهود للمشركون في مكة، وتقرر بهذا أن طرق الوحي هذه الثلاث سواء إلى نوح أو إبراهيم أو عيسى أو محمد صلى الله عليه وسلم، وهي: أن يلقي في روعه، كما قال: ( إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ).

    أو يكلمه الله ويسمع كلامه لكن من وراء حجاب، ما يرى وجه الله تبارك وتعالى، كما حدث لموسى في الأرض، ولنبينا في السماء، أو يرسل إليه رسولاً من الملائكة وهو جبريل عليه السلام.

    هذه طرق الوحي الثلاث، لا طريقة أخرى.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ...)

    ثم قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52]، كما أوحينا إلى من قبلك من رسلنا أوحينا إليك أنت أيضاً روحاً، ألا وهو القرآن، فالقرآن رحمة، والقرآن روح.

    القرآن رحمة إذا قرأته أمة وعملت بما فيه سادتها الرحمة وعمتها الرحمة وانتهى العذاب والبلاء.

    والقرآن روح إذا آمن به العبد حيي وكمل في حياته، فأصبح يسمع ويبصر وينطق ويعطي ويأخذ، ومن فقد ذلك فهو كالميت.

    وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي [الشورى:52] يا رسولنا مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ [الشورى:52].

    وهنا اعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم من يوم ولدته أمه، لم يغش كبيرة ولم يرتكب ذنباً، وحسبكم تلك الحادثة حين ذهب إلى عرس وبدأت المزامير والطبول والصياح فنام فلم يستيقظ إلا بحر الشمس، فما سمع ولا رأى باطلهم.

    إذاً: فالمراد من الإيمان هنا والكتاب الإيمان بالتفصيل لا بالإجمال، أما الإيمان الإجمالي فكان مؤمناً بربه ولقائه، وبما أرسل من رسله.

    مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ [الشورى:52] وها أنت الآن تدري، إذاً: أوحيناه إليك أو لا؟ كيف وصل إليك هذا إن لم يكن بالوحي الإلهي، بوحينا الذي أوحينا إليك فكلمناك وبعثنا إليك رسولاً، وألقنيا في روعك العلم والمعرفة أيضاً؟

    معنى قوله تعالى: (ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا)

    وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا [الشورى:52] ولكن جعلنا القرآن نوراً، ولكن جعلناك نبي الله نوراً نهدي بك من نشاء، وكذلك جعلنا القرآن نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا.

    وهنا احلف بالله ولا تحنث، لا يهتدي أحد بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا على القرآن، أما من كذب بالقرآن وأنكر القرآن فما آمن به، وما قرأه، وما تعلم ما فيه؛ فلن يهتدي أبداً، والله! لن يهتدي؛ لأن القرآن فيه الهداية، وهذا القرآن فيه العجب، لا يوجد حلال إلا وبينه الله في القرآن، لا يوجد حرام إلا وبينه الله في القرآن من مآكل ومشارب ومناكح وملابس ومعاملات.. وكل ما تتوقف عليه الحياة موجود في القرآن.

    وعرف هذا أعداء الإسلام فصرفوا أمة الإسلام عن القرآن وحولوه للموتى يقرءونه بالليل والنهار، ولا يجتمعون عليه ولا يتدارسونه ولا يتعلمون ما فيه؛ ليعمهم الجهل، وقد عمهم الجهل وهبطوا.

    قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي [الشورى:52] يا رسولنا مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ [الشورى:52] حقاً، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، من هم الذين يهديهم؟ الذين يريدون الهداية، الذين يقفون أمام الله ويسألونه الهداية، اقرع باب الله عز وجل وقل: رب! اهدني إليك صراطاً مستقيماً، والله سيهديك، اصدق في طلبك واقرع باب الله لتهتدي.

    معنى قوله تعالى: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)

    وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52]، وإنك يا رسولنا -محمد صلى الله عليه وسلم- لتهتدي بنور القرآن ونورك إلى صراط مستقيم، ألا وهو الإسلام، فالصراط المستقيم هنا هو الإسلام، أي: الدين الإسلامي الذي هو إسلام القلوب والوجوه للرب تعالى، والإذعان لأمره ونهيه، فيفعل المأمورات ويتجنب المنهيات من عقائد وعبادات وأعمال، هذا هو الصراط المستقيم، وفي سورة الفاتحة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] ألا وهو الدين الإسلامي.

    يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي [الشورى:52] البشرية وتدعوهم إلى الصراط المستقيم، فمن أجاب نجا، ومن أعرض هلك، وما عليك في ذلك شيء، إن عليك إلا البلاغ وقد بلغت.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ...)

    ثم قال تعالى: صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [الشورى:53] هذا الطريق طريق من؟ طريق الله عز وجل كما بينا غير ما مرة، الطريق من هذه الخطوة إلى باب الجنة، عن اليمين الواجبات من العقائد والعبادات والآداب والأخلاق، وعن الشمال المحرمات من العقائد والأخلاق والعبادات، وأنت ماش تؤدي هذا الواجب وتترك هذا الحرام إلى أن يتوفاك الله تعالى وتدخل الجنة.

    فلهذا لا يدخل الجنة يهود ولا نصارى ولا بوذيون ولا مجوس وهم لا يسلكون هذا الصراط، والله! ما دخل أحد منهم إلا إذا سلك هذا الصراط المستقيم، أي: إلا أن يسلموا قلوبهم ووجوههم لله، فيعبدوا الله بما شرع لهم من أنواع العبادات، تلك هي العبادة التي تزكي النفس وتطهرها، وتهيئ العبد لأن يكون ولي الله.

    قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] بم تزكو النفوس؟ بالماء والصابون؟ بالعطر والريح؟ لا، والله! ما تزكو إلا على الإيمان الصحيح، وبهذه العبادات من الصلاة والزكاة والحج والرباط والجهاد وذكر الله وكل عبادة شرعها الله عز وجل، والنفس لا تخبث أيضاً بشيء إلا بالشرك والكفر والآثام حتى تصبح منتنة عفنة ما يرضاها الله عز وجل ولا يقبل أن تعرج إليه.

    وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وهذا كتاب الله، ففي سورة الأعراف يقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا [الأعراف:40] أي: القرآنية، وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا [الأعراف:40] أبوا أن يؤمنوا بها ويعملوا بها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40] متى يدخل البعير في عين الإبرة؟ مستحيل، فذو النفس الخبيثة مستحيل أن يدخل الجنة، وأن يعرج إلى السماء.

    والله! ما إن تأخذ الملائكة الروح حتى تعرج بها إلى السماء الأولى، فيستأذنوا فلا يؤذن لهم، فيرجعوا بها إلى أسفل سافلين؛ لأنها منتنة عفنة خبيثة، والنفس الزكية الطيبة الطاهرة تفتح لها أبواب السماء ويوصل بها إلى العرش إلى عليين، ويدون اسمها في عليين، وتبقى في الجنة في حواصل الطير الخضر إلى يوم القيامة.

    إذاً: يقول تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52] من هم الذين يشاء الله هدايتهم؟ الذين يطلبون الهداية ويبحثون عنها، ويسافرون من إقليم إلى إقليم ليعرفوها، كانوا يسافرون من الأندلس إلى المدينة، من الهند والصين إلى مكة يطلبون الدين.

    فالذي ما يرغب في هداية الله ما يهديه الله، لا بد من الرغبة الصادقة ليهديك الله الهداية التي يريدها لك، أما من لزم الإعراض والاستنكاف والتكبر وعدم المبالاة فهذا لا يهتدي ولا يشاء الله هدايته.

    إذاً: وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ [الشورى:52] يا رسولنا لَتَهْدِي [الشورى:52] والله إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52]، ما هذا الصراط المستقيم؟ الدين الإسلامي، لا اليهودية ولا النصرانية ولا البوذية ولا المجوسية، ما هو إلا الإسلام بأن تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وتعبد الله بما شرع من حيث جاء به رسول الله وبينه، فمن أعرض عن هذا فلن يفلح ولن يكون من الفائزين.

    معنى قوله تعالى: (ألا إلى الله تصير الأمور)

    ثم قال تعالى: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ [الشورى:53]، (ألا) بمعنى: انتبه، هل أنت تسمع؟

    فإلى الله لا إلى غيره ترجع الأمور كلها في الدنيا والآخرة، فلا تطلب إلا من الله عز وجل، اقرعوا باب الله ولازموه، واسألوه الهداية والتوفيق يهدكم ويوفقكم، اسألوه العزة يعزكم، اسألوه الغنى يغنكم، اسألوه الخير يصبه عليكم، ما عندنا إلا باب الله؛ إذ مصيرنا إليه: إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ [الشورى:53] لا إلى غيره، لا إلى سلطان، ولا دولة، ولا مال، ولا جاه، مصير الأمور ومردها إلى الله، فاقرعوا باب الله، لازموا باب الله بالبكاء والدعاء، بالركوع والسجود، بالذكر والعبادات تبلغوا ما تأملون وتريدون بعد رضا الله والجنة دار النعيم المقيم جعلنا الله وإياكم من أهلها.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: بيان طرق الوحي، وهي ثلاث ] كما بينت لكم عدة مرات، ما هناك طريقة رابعة، فهنا بيان طرق الوحي وكيف يصل الوحي إلى النبي والرسول، وهي ثلاث طرق:

    [ الأولى: الإلقاء في الروع يقظة أو مناماً ]، الإلقاء في الروع الذي هو القلب والعقل، يلقي الله في روع النبي أو الرسول.

    [ والثانية: أن يكلم الله النبي بدون أن يرى ذاته عز وجل ].

    أن يكلم الله النبي والرسول، يكلمه فيسمع كلام الله كما سمعه موسى وكما سمعه رسولنا في الملكوت الأعلى، وفرض عليه وعلى أمته الصلوات الخمس.

    [ الثالثة: أن يرسل إليه الملك إما في صورته الملائكية أو في صورة رجل من بني آدم، فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه من أمره ].

    الطريقة الثالثة: أن يبعث إليه ملكاً، وهو جبريل أو غير جبريل كما يشاء الله عز وجل، قد يأتي جبريل في صورة إنسان، فقد أتى في صورة دحية الكلبي .

    [ ثانياً: القرآن الكريم روح تحيا به القلوب الميتة كما تحيا الأجسام بالأرواح ].

    القرآن روح؛ إذ سماه الله روحاً فقال: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52]، فلا حياة حقة إلا بالقرآن، أي: بالإيمان بما جاء به القرآن من العقائد والعبادات والآداب والأخلاق والشرائع والأحكام، وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإعراض عن القرآن موت والعياذ بالله، وهذا ما نشاهده، أما استعمرت أمة الإسلام من إندونيسيا إلى موريتانيا؟ أما حكمتهم دول الكفر؟ كيف يتم هذا؟ لما هبطوا، أبعدوا عنهم القرآن، جهلوه فصاروا يقرءونه على الموتى لا يجتمعون عليه، هبطوا فأصابهم الذي أصابهم، والآن يتوقع لهم مصيبة أعظم من مصيبة الاستعمار، إلا أن يرجعوا إلى الله عز وجل وإلى كتابه.

    [ ثالثاً: القرآن نور يستضاء به في الحياة فتعرف به طرق السعادة وسبل النجاة ].

    فالقرآن يبين طريق النجاة للإنسان في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة، وهو كذلك.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    757222746