إسلام ويب

تفسير سورة الرحمن (3)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كتب الله عز وجل على مخلوقاته الفناء التام، وذلك عندما يحين وقت الساعة التي يجمع الله عز وجل فيها الخلائق للحساب والجزاء، فأهل الإيمان وصالح الأعمال، أصحاب النفوس الزكية والأرواح الطيبة الطاهرة يدخلهم النعيم المقيم، وأهل الشرك والآثام، والقلوب السقيمة المظلمة، والنفوس الخبيثة يدخلهم أسفل سافلين، في نار جهنم التي أعدت للمجرمين.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (كل من عليها فان)

    الحمد لله, نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد.

    فها نحن مع سورة الرحمن المكية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:26-36].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه آيات الرحمن، هذه آلاؤه وإنعاماته تتجلى في هذه السورة العجيبة العظيمة.

    يقول تعالى مخبراً عن الواقع كما هو: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا [الرحمن:26] أي: على الأرض فَانٍ [الرحمن:26] سواء كان إنسياً أو جنياً أو حيواناً من الحيوانات، كل من على الأرض من الإنس والجن والحيوانات فان، هالك منته، هذا هو الله، من يقوى على إبادة وإفناء الكائنات كلها سوى الله؟ كل من على سطح الأرض من الإنس والجن والحيوان هالك، هذا هو الله الذي يجب أن نوحده ونعبده، ويجب أن نخلص العبادة له، ويجب أن نذكره ولا ننساه، وأن نطيعه ولا نعصيه، هذا هو الله الذي تجاهله الجاهلون وتعامى عنه الضالون، فلم يذكروه ولم يعبدوه، بل ولم يؤمنوا بجلاله وكماله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)

    كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:26-27], ما يبقى إلا الله في هذا الكون، لا إنس ولا جن ولا حيوان، الكل يفنى ويهلك، ويبقى الله عز وجل صاحب الجلال والعظمة والقدرة والسلطان والإكرام, الذي هو إكرام لأوليائه من صالح عباده من أنبياء وأولياء ومتقين، هذا هو الله الذي أنكره المنكرون وكذب به المكذبون، وكفر به الكافرون، ملايين من الخلق ما يؤمنون به، ولا يعبدونه ولا يحبونه, ولا يريدون أن يطيعوه.

    وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:27], هنا لطيفة خذوها: يروى عن السلف الصالح أن أحدهم كان يقول: اللهم يا ذا الجلال والإكرام.. اللهم يا ذا الجلال والإكرام.. اللهم يا ذا الجلال والإكرام، فهتف به هاتف فقال: اسأل؛ لقد سُمعت، اطلب حاجتك، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام ), ادفعوا دعوتكم وقووها واحصروها بهذه الكلمة: اللهم يا ذا الجلال والإكرام.. اللهم يا ذا الجلال والإكرام! انصر عبادك المؤمنين، من أراد أن يسأل حاجته فعليه باستعمال هذا الاسم العظيم من أسماء الله تعالى وجلاله وكماله: اللهم يا ذا الجلال والإكرام! ارفع عنا ما أصابنا، طهرنا ونجنا مما نحن فيه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)

    ثم قال تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:28]؟ هذه النعم, أول نعمة أنه أوجد لنا هذه الأرض وهذه السماء، أوجد لنا هذه المخلوقات، أوجدنا في الأرض، أنعم علينا، أكرمنا، أطعمنا، سقانا، فهذا الإنعام من صاحبه؟ كيف نكذب به؟ لا نكذب بنعم ربنا أبداً، ويفنينا ويريحنا من أتعاب الدنيا وأمراضها وشقائها، ويدخلنا الدار الآخرة ليسعد السعداء ويهلك الهالكون، أليس هذا من إنعام الله؟ لو لم تكن الحياة تفنى وتبقى هكذا فهذا مريض وهذا سقيم وهذا صحيح وهذا غني وهذا فقير فكيف ستكون؟ ما نستريح إلا إذا أفناها الله وأنهاها، ونقلنا إلى عالم الخلد والبقاء الأبدي, فأهل الإيمان وصالح الأعمال في الفراديس العلا، في دار السلام, في الجنة دار الأبرار, وأهل الشرك والفسق والفجور في النار وبئس القرار, سبحان الله العظيم!

    فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:28] ماذا نقول؟ لا بشيء من آلائك ربنا نكذب، ربنا لك الحمد ولك الشكر.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن)

    ثم قال تعالى: يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الرحمن:29] هذا هو الله، من في السماوات من الملائكة يطلبون من الله ويسألونه أن يغفر للمؤمنين وأن يرحمهم وأن يلطف بهم وأن يحسن إليهم، وأهل الأرض يسألونه, هذا يسأله رزقه، وهذا طعامه, وهذا عافيته، فهذا هو الرب، أهل السماء وأهل الأرض الكل فقراء إليه يسألونه, يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الرحمن:29], كيف يُعبد معه اللات أو عيسى أو مريم أو العزير أو فلان أو فلان؟ كيف تعبد معه الأوثان والأصنام؟ بل والفروج والشهوات؟

    يَسْأَلُهُ [الرحمن:29] يطلب منه مَنْ فِي السَّمَوَاتِ [الرحمن:29] من الملائكة المغفرة والرحمة لعباده المؤمنين، الملائكة يستغفرون للمؤمنين طول الحياة: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [غافر:7], هذا دعاء الملائكة في السماء، أما أدعية أهل الأرض فهي متنوعة، كل يسأل حاجته ويطلب مراده، يسألون الله، وهل يسأل اللات أو العزى أو عبد القادر الجيلاني أو سيدي فلان أو فلان أو فلان؟ من يسأل؟

    لا يسأل إلا الله، أهل السماء كأهل الأرض يسألونه لاحتياجهم وحاجتهم وفقرهم إليه عز وجل، فكيف يسأل غير الله؟

    والعوام عندنا يقولون: يا سيدي عبد القادر ! يا مولاي إدريس ! يا سيدي فلان! يا رسول الله! يا فاطمة ! يا حسين ! وينوعون الآلهة بالمئات، فما درسوا كتاب الله؟ ما اجتمعوا عليه؟ والله! ما اجتمعوا عليه ولا درسوه، فمن درس كتاب الله واجتمع عليه يصبح من أهل الأنوار وأهل الهداية في هذه الدار، أما الذين يبتعدون عن كتاب الله وينحرفون عنه ويحولونه إلى الموتى ويقرءونه على المرضى فأولئك هم الضلال, يتخبطون في الحياة الدنيا.

    معنى قوله تعالى: (كل يوم هو في شأن)

    يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن:29], كل يوم من أيام الحياة من يوم أن كانت وابتدأها وأوجدها إلى أن تنتهي وهو في شأن, يعطي هذا ويمنع هذا، يحيي هذا ويميت هذا، يعز هؤلاء ويذل هؤلاء، يرفع هؤلاء ويضع هؤلاء.. طول الحياة، هذا هو الرب، ما يتعب ولا يعيا ولا يشقى ولا يتألم ولا يتضجر، هذا هو الله جل جلاله وعظم سلطانه، لا شيء من المخلوقات؛ من طين وحجر وإنسان وحيوان يعبد مع الله، هذا هو الله تعالى.

    كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن:29] يحيي ويميت، يعطي ويمنع، يعز ويذل، يوجد ويعدم.. وهكذا, هذا هو الرب تبارك وتعالى، هذا الذي يجب أن نحبه أكثر من حبنا لأنفسنا، ويجب أن نطيعه فلا نعصيه ولا نخرج عن طاعته أبداً ولو نمزق، لو نحرق، لو نقتل, ما نخرج عن طاعته أبداً.

    يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الرحمن:29] وسؤال الملائكة طلب المغفرة والرحمة للمؤمنين، وسؤال أهل الأرض كما تسألون، كل يسأل حاجته.

    ثم قال تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن:29] كل يوم من أيام الدنيا التي خلقها الله, يقيم هذا ويقعد هذا، يعطي هذا ويمنع هذا، وهكذا كل يوم في شأن، ما هناك يوم لا يفعل فيه ولا يقضي؛ إذ الكون كله بيده, وهو يدبره سبحانه وتعالى.

    ومعنى هذا أن نقبل عليه بالطاعة والحب والعبادة؛ لأنه كل يوم في شأن, ومن شئوننا نحن ما نحتاج إلى الله فيها ليغنينا، ليسعدنا, وهكذا, فلم نعرض عنه وننساه وتمضي الأيام ولا نذكره ساعة من الساعات؟

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)

    قال تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:30] لا بشيء من آلائك ربنا نكذب، ربنا لك الحمد، ربنا لك الشكر على ما أوليت وأعطيت، على ما أوجدت وأفنيت، لا إله إلا أنت رب العالمين وإله الأولين والآخرين.

    يسألكم توبيخاً وتقريعاً: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا [الرحمن:30] يا جن ويا إنس تُكَذِّبَانِ [الرحمن:30]؟ يخاطب الإنس والجن: فبأي آلاء ربكما يا معشر الجن ويا معشر الإنس تكذبان؟

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (سنفرغ لكم أيها الثقلان * فبأي آلا ربكما تكذبان)

    ثم قال تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ [الرحمن:31] سيأتي يوم لا يبقى فيه عمل في الدنيا, لا يموت فلان ولا يحيا فلان، ولا يغتني فلان ولا يفتقر فلان، انتهت الحياة, كل من عليها فان، ويفرغ الجبار لمهمة أخرى، سنفرغ لكم أيها الجن والإنس، والثقلان: الإنس والجن، كل منهما ثقل، الإنس ثقل والجن ثقل, سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ [الرحمن:31] متى؟ يوم أن تنتهي هذه الدنيا، أليس الله كل يوم في شأن، وحين تنتهي يفرغ لمهمة أخرى, وذلك بجمعنا على صعيد واحد ثم حسابنا، ثم بإنعام المؤمنين وإشقاء الكافرين المكذبين.

    فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:32]؟ لا بشيء من آلاء ربنا نكذب، قولوا: لا بشيء من آلاء ربنا نكذب، ربنا لك الحمد.. ربنا لك لحمد.. ربنا لك الحمد.

    ومعنى هذا: أن هذه الدنيا وكل ما يجري فيها سينتهي, وحين تنتهي ويفرغ الله منها يجمع الخليقة في صعيد واحد لحسابها ثم جزائها، فأهل الإيمان وصالح الأعمال، أصحاب النفوس الزكية والأرواح الطيبة الطاهرة يدخلهم النعيم المقيم في الجنة دار السلام، وأهل الشرك والذنوب والآثام والقلوب المنتنة العفنة والنفوس الخبيثة يدخلهم أسفل سافلين في جهنم، والله! ليأتين هذا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا ...)

    ثم قال تعالى: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ [الرحمن:33], ناداهم بمعشر؛ لأنهم ليسوا آحاداً، يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ [الرحمن:33] يا أيها الجن ويا أيها الإنس، ماذا قال لهم؟

    قال تعالى: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا [الرحمن:33] ولن تنفذوا أبداً إلا بسلطان, ولا سلطان لكم، ومتى يقال هذا لهم؟ يوم تفنى هذه الأرض والسماوات، والخليقة كلها مجموعة على صعيد واحد، يناديهم: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا [الرحمن:33] تخرجوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الرحمن:33] فافعلوا؛ لأنه أحاط بهم, فصفوف الملائكة فوق لا تتصور ولا تدرك، طوقتهم الملائكة من السماء إلى الأرض، فإن استطعتم أن تنفذوا فانفذوا حتى لا تحاسبوا ولا تعذبوا، تحداهم وهم على صعيد واحد والملائكة قد أحاطت بهم.

    والملائكة واحدهم ملك, ومن الملائكة من له أربعة أوجه, يدعو للإنسان، ويدعو للجان، ويدعو لكل المخلوقات, فالملائكة أحاطت بهم من كل جوانبهم, فقال تعالى: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا [الرحمن:33], ثم قال: لا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ [الرحمن:33]، إلا بقدرة وبقوة وبسلطان, وما عندكم ذلك, فكيف تنفذون؟ كيف ينفذون والملائكة قد أحاطت بهم صفوفاً لا يعرف عددها ولا يحصيها إلا الله وهم فيما بينهم ينتظرون ساعة الحساب والجزاء والعياذ بالله تعالى.

    فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:34] لا بشيء من آلاء ربنا نكذب، ربنا لك الحمد.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * فبأي آلاء ربكما تكذبان)

    ثم قال تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ [الرحمن:35], لو أردتم أن تهربوا وأن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فسيرسل الله عليكم شواظاً من نار ملتهبة, نحاس ذائب, فتحترقون، فكيف الهروب؟ لا إله إلا الله!

    يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ [الرحمن:35] وهو لهب النار وحرارتها والنحاس المذاب والعياذ بالله تعالى, فكيف تهربون؟ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ [الرحمن:35] وهل ينتصرون على الله والملائكة؟ والله! ما ينتصرون، وهكذا يخبر تعالى بالواقع الذي سوف يتم للبشرية والجن معها في يوم القيامة.

    فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:36]؟ أجيبوا ربكم فقولوا: لا بشيء من آلائك ربنا نكذب، ربنا لك الحمد.. ربنا لك الحمد.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    والآن مع هداية الآيات المباركة.

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: تقرير عقيدة البعث والجزاء ].

    من هداية هذه الآيات التي تدارسناها: تقرير عقيدة البعث الآخر والجزاء فيه على الكسب والعمل في الدنيا، أما قال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26]؟ إذاً: هذا تقرير للحياة الثانية ووجودها بعد انتهاء هذه الحياة الدنيا، هذه دنيا وتلك آخرة.

    [ ثانياً: بيان جلال الله وعظمته وقوة سلطانه ].

    فهو تعالى الذي يقول للشيء: كن فيكون، الذي يبيد العوالم هذه كلها وينهيها في ساعة, فأي عظمة أعظم من هذه العظمة، وأي جلال أعظم من هذا الجلال؟ فقولوا: آمنا بالله.

    [ ثالثاً: بيان عجز الخلائق أمام خالقها عز وجل ].

    بيان عجز الخلائق من الإنس والجن أمام خالقهم عز وجل، وذلك في عرصات القيامة، في ساحة فصل القضاء، أما تحداهم فقال: انفذوا؟ فالملائكة أحاطت بكم، إذاً: لا بد من حسابكم ومجازاتكم.

    [ رابعاً: وجوب حمد الله تعالى وشكره على السراء والضراء ].

    من هداية الآيات معشر المستمعين والمستمعات: وجوب ذكر الله وحمده والثناء عليه في السراء والضراء، في الخير والشر، في المرض والصحة، في العافية والبلاء.. يجب ألا يفارقنا كلمة: الحمد لله، الحمد لله والشكر لله، الحمد لله.. الحمد لله، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:28], نعم الله فوقنا وتحتنا وأمامنا وخلفنا وقبلنا وبعدنا، فكيف ننساها؟ كيف لا نذكر الله بها؟ كيف لا نحمده ولا نشكره؟

    يجب أن تكون الحياة على كلمة: الحمد لله، فإن ركبت فالحمد لله، وإن سمعت فالحمد لله، وإن صح فلان فالحمد لله.. دائماً نقول: الحمد لله؛ إذ الله عز وجل له الحمد دون سواه, وطلب منا أن نحمده ونشكره، فالحمد لله والشكر لله على إفضاله، على إنعامه، على إحسانه, فيا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلالك وعظيم سلطانك.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756026183