إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [346]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم التسمي بعبد الحارث

    السؤال: قرأت في بعض الكتب أن التسمي بعبد الحارث من الشرك, فما قولكم في ذلك، مع بيان كيف يكون من الشرك مع أن الله هو الحارث؟

    الجواب: التسمي بعبد الحارث فيه نسبة العبودية إلى غير الله عز وجل، فإن الحارث هو الإنسان؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كلكم حارث وكلكم همام ) فإذا أضاف الإنسان العبودية إلى المخلوق كان هذا نوعاً من الشرك, لكنه لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر, ولهذا لو سمي رجل بهذا الاسم لوجب أن يغير فيضاف إلى اسم الله سبحانه وتعالى أو يسمى باسم آخر غير مضاف, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ).

    وما اشتهر عند العامة من قولهم: خير الأسماء ما حمد وعبد ونسبة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بصحيح, فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ, وإنما ورد ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ).

    وأما قول السائل في سؤاله: (مع أن الله هو الحارث) فلا أعلم اسماً لله تعالى بهذا اللفظ, وإنما يوصف عز وجل بأنه زارع كما في قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ [الواقعة:63-64].

    1.   

    حكم استعمال الفتاة لمساحيق التجميل

    السؤال: هل يجوز للفتاة المحجبة أن تستعمل مساحيق التجميل في وجهها؟

    الجواب: المرأة المحجبة هي التي تحتجب عن الرجال المحارم فيما يجب عليها الاحتجاب فيه, وذلك بتغطية الوجه وغيره من البدن مما يدعو النظر إليه إلى الفتنة, هذا هو الحجاب الشرعي الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح, كما قد بينت أدلته في كثير من الرسائل التي كتبها أهل العلم, وإن كان مفهوم الحجاب عند كثير من الناس أنه تغطية جميع البدن ما عدا الوجه والكفين, ولكن القول الراجح أن أولى وأول ما يجب حجبه عن الأنظار هو الوجه؛ لأن الوجه محل الزينة والرغبة ومحط أنظار الرجال.

    وقد دل على وجوب حجبه وستره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح, وكتب في ذلك رسائل متعددة كثيرة في بيان ذلك, ولا أحد يشك بأن المرأة يُرغب فيها إذا كان وجهها جميلاً ويعرض عنها إذا كان وجهها غير جميل, وأن الخاطب يهتم أول ما يهتم به من حيث طلب الجمال بجمال وجهها, ولا أظن خاطباً يرسل أحداً ينظر إلى مخطوبته إذا لم يتمكن هو من النظر إليها, لا أظنه يسأله عن شيء قبل أن يسأله عن وجهها, لا أظنه يسأل كيف قدمها أو كيف شعرها أو ما أشبه ذلك, ويكون له من الاهتمام بهذا كما يكون له من الاهتمام بالوجه, وهذا أمر معلوم.

    وعلى هذا فنقول: إن المرأة لا يجوز لها أن تبدي وجهها لغير محارمها وزوجها، سواء كانت متجملة بمساحيق وغيرها أم غير متجملة, أما إبداء الوجه للمحارم والزوج فإنه لا بأس به, ولكن ينبغي أن لا تضع فيه ما يوجب الفتنة وتعلق القلب بها إلا إذا كان ذلك في كشفها لزوجها, فإن المرأة مأمورة بأن تتزين للزوج, وأن تفعل من الأساليب التي تجلب الود من زوجها إليها ما يكون سبباً في ميله إليها ورغبته فيها؛ لأن من أقوى أسباب السعادة بين الزوجين أن يجعل الله في قلوبهما المحبة والمودة, بل إن هذا من أهم ما يكون بين الزوجين؛ كما قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21]، فوضع المرأة المساحيق وما يجمل الوجه بالنسبة لزوجها أمر مطلوب مرغوب فيه, وأما بالنسبة لغيره ممن يجوز لهم النظر إلى وجهها فإن كان يخشى منه الفتنة فلا تضع شيئاً على وجهها, وإن كان لا يخشى فالأمر في هذا واسع.

    وليعلم أنه إذا كان من المساحيق ما يمنع وصول الماء إلى بشرة الوجه فإنه يجب إزالته عند الوضوء؛ لأن الله تعالى قال: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] وإذا كان ثم حائل يمنع وصول الماء لم يكن الإنسان غاسلاً لوجهه؛ ولهذا قال أهل العلم: إن من شرط صحة الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة.

    1.   

    مقدار اليوم الذي يحاسب الله فيه الخلق

    السؤال: فتاة مؤمنة بالله تعالى تحاول جاهدة أن تلتزم بتعاليم الإسلام السمحة, تقول: كثيراً ما يراودني أفكار كثيرة عن مصيري والحساب يوم القيامة حيث يبعث الله الخلائق ويحاسب الإنسان بما عمل, سؤالي يا فضيلة الشيخ وهو الذي يحيرني هو أن يوم القيامة الذي يتم فيه الحساب هل هو يوم واحد لا غير يتم فيه حساب كافة الخلائق أم ماذا, أو لا يجوز لنا التفكير في ذلك؟

    الجواب: هذا السؤال المقدم الآن من هذه المرأة فيه إشكال يحتاج إلى جواب كما قالت, وفيه أن المرأة أثنت على نفسها خيراً بكونها مؤمنة بالله تعالى, وتحاول جاهدة تطبيق الشريعة الإسلامية, وهذا الثناء على النفس إن أراد به الإنسان التحدث بنعمة الله عز وجل, أو أن يتأسى به غيره من أقرانه ونظرائه فهذا لا بأس به, وإن أراد به الإنسان تزكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه عز وجل فإن هذا فيه شيء من المنّة, وقد قال الله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17]، وأما إذا كان المراد به مجرد الخبر فلا بأس به لكن الأولى تركه.

    فالأحوال إذاً في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع:

    الحال الأولى: أن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه من نعمة الإيمان والثبات.

    الثانية: أنه يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظرائه على مثل ما كان عليه, فهاتان الحالتان محمودتان لما يشتملان عليه من هذه النية الطيبة.

    الحال الثالثة: أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله عز وجل بما هو عليه من الإيمان والثبات, وهذا غير محمود لما ذكرناه من الآية.

    الحال الرابعة: أن يريد بذلك مجرد خبر عن نفسه لما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز, ولكن الأولى تركه.

    أما المشكلة التي ذكرت في سؤالها وتريد الجواب عنها, وهو أن يوم الحساب يوم واحد أو أكثر فجوابها: إن يوم الحساب يوم واحد ولكنه يوم مقداره خمسون ألف سنة، كما قال الله تعالى: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:1-4] أي: أن هذا العذاب يقع للكافرين في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ) وهذا يوم طويل وهو يوم عسير على الكافرين، كما قال تعالى: وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا [الفرقان:26]، وقال تعالى: عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر:10].

    ومفهوم هاتين الآيتين أنه على المؤمن يسير وهو كذلك, فهذا اليوم الطويل بما فيه من الأهوال والأشياء العظيمة ييسره الله تعالى على المؤمن ويكون عسيراً على الكافر, أسأل الله أن يجعلني وإخواني المسلمين ممن ييسره الله عليهم يوم القيامة, والتفكير والتعمق في مثل هذه الأمور الغيبية هو من التنطع الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ( هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون ) ووظيفة الإنسان في هذه الأمور الغيبية التسليم وأخذ الأمور على ظاهر معناها دون أن يتعمق أو يحاول المقايسة بينها وبين الأمور في الدنيا, فإن أمور الآخرة ليست كأمور الدنيا وإن كانت تشبها في أصل المعنى وتشاركها في ذلك, لكن بينهما فرق عظيم.

    وأضرب لك مثلاً بما ذكره الله سبحانه وتعالى في الجنة من النخل والرمان والفاكهة ولحم الطير والعسل والماء واللبن والخمر وما أشبه ذلك مع قوله عز وجل: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة:17]، وقوله في الحديث القدسي: ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر )، فهذه الأسماء التي لها مسميات في هذه الدنيا لا تعني أن المسمى كالمسمى وإن اشترك في الاسم وفي أصل المعنى, فكل الأمور الغيبية التي تشارك ما يشاهده في الدنيا في أصل المعنى لا تكون مماثلة له في الحقيقة, فينبغي للإنسان أن ينتبه لهذه القاعدة, وأن يأخذ أمور الغيب بالتسليم على ما يقتضيه ظاهرها من المعنى, وأن لا يحاول شيئاً وراء ذلك.

    ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرحضاء أي: العرق, وصار يتصبب عرقاً وذلك لعظم السؤال في نفسه, ثم رفع رأسه وقال قولته الشهيرة التي كانت ميزاناً لجميع ما وصف الله به نفسه, قال رحمه الله: الاستواء غير مجهول, والكيف غير معقول, والإيمان به واجب, والسؤال عنه بدعة.

    فالسؤال المتعمق في مثل هذه الأمور بدعة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وهم أشد منا حرصاً على العلم وعلى الخير لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسئلة وكفى بهم قدوة, وما قلته الآن بالنسبة لليوم الآخر يجري بالنسبة لصفات الله عز وجل التي وصف الله بها نفسه من العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام وغير ذلك, فإن مسميات هذه الألفاظ بالنسبة لله عز وجل لا يماثلها شيء مما يشاركها في هذا الاسم بالنسبة للإنسان, فكل صفة فإنها تابعة لموصوفها، كما أن الله سبحانه وتعالى لا مثيل له في ذاته فلا مثيل له في صفاته.

    وخلاصة الجواب: أن اليوم الآخر يوم واحد, وأنه عسير على الكافرين, ويسير على المؤمنين, وأن ما ورد فيه من أنواع الثواب والعقاب أمر لا يدرك كنهه في هذه الحياة الدنيا, وإن كان أصل المعنى فيه معلوماً لنا في هذه الحياة الدنيا.

    1.   

    التفاضل بين الملائكة والبشر

    السؤال: هل هناك أدلة تدل على أفضلية الملائكة على الصالحين من بني البشر؟

    الجواب: هذه المسألة وهي المفاضلة بين الملائكة وبين الصالحين من البشر محل خلاف بين أهل العلم, وكل منهم أدلى بدلوه فيما يحتج به من النصوص, ولكن القول الراجح أن يقال: إن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة باعتبار النهاية, فإن الله سبحانه وتعالى يؤدي لهم من الثواب ما لا يحصل مثله للملائكة فيما نعلم, بل إن الملائكة في مقرهم -أي: في مقر الصالحين وهو الجنة- يدخلون عليهم من كل باب يهنئونهم سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24].

    أما باعتبار البداية فإن الملائكة أفضل لأنهم خلقوا من نور وجبلوا على طاعة الله عز وجل والقوة عليها, كما قال الله تعالى في الملائكة ملائكة النار: عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]، وقال عز وجل: وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ [الأنبياء:19-20].

    هذا هو القول الفصل في هذه المسألة, وبعد: فإن الخوض فيها وطلب المفاضلة بين صالح البشر والملائكة من فضول العلم الذي لا يضطر الإنسان إلى فهمه والعلم به, والله المستعان.

    1.   

    كيفية وضع الميت في قبره

    السؤال: في مصر يدفنون الميت على ظهره ويده اليمنى فوق اليسرى, ووجدت هنا في المملكة يدفنون الميت على جنبه الأيمن؟

    الجواب: الصواب: أن الميت يدفن على جنبه الأيمن مستقبل القبلة, فإن الكعبة قبلة الناس أحياء وأموات، وكما أن النائم ينام على جنبه الأيمن كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فكذلك الميت يضجع على جنبه الأيمن, فإن النوم والموت يشتركان في كون كل منهما وفاة؛ كما قال الله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا [الزمر:42]، وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى [الأنعام:60]، فالمشروع في دفن الميت أن يضجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة.

    ولعل ما شاهده السائل في بلاده كان نتيجة عن جهل من يتولى ذلك, وإلا فما علمت أن أحداً من أهل العلم يقول: إن الميت يضجع على ظهره وتجعل يداه على بطنه.

    1.   

    حكم زواج التحليل

    السؤال: ما رأي الشرع في نظركم في زواج التحليل؟

    الجواب: أولاً: ينبغي أن نبين للسامعين ما هو زواج التحليل؟ زواج التحليل: أن يعمد رجل إلى امرأة طلقها زوجها ثلاث تطليقات أي: طلقها ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها ثم طلقها الثالثة فهذه المرأة لا تحل لزوجها الذي طلقها آخر ثلاث تطليقات إلا إذا نكحها زوج آخر نكاح رغبة وجامعها ثم فارقها بموت أو طلاق فإنها تحل لزوجها الأول؛ لقول الله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، فإن طلقها أي الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره, فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ [البقرة:230]، فيعمد رجل من الناس إلى امرأة طلقها زوجها ثلاث تطليقات فيتزوجها بنية أنه متى حللها للأول طلقها, أي متى جامعها طلقها فتعتد منه ثم ينكحها زوجها الأول, وهذا النكاح نكاح فاسد, فقد ( لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له ), وسمى المحلل ( التيس المستعار ) لأنه كالتيس يستعيره صاحب الغنم لمدة معينة ثم يرده إلى مالكه, هذا الرجل كأنه تيس طلب منه إضراب هذه المرأة ثم مغادرتها, هذا هو نكاح التحليل, ويقع على صورتين:

    الصورة الأولى: أن يشترط ذلك في العقد, فيقال للزوج: نزوجك ابنتنا بشرط أن تجامعها ثم تطلقها.

    الصورة الثانية: أن يقع بدون شرط ولكن بنية, والنية قد تكون من الزوج وقد تكون من الزوجة وأوليائها, فإذا كانت من الزوج فإن الزوج هو الذي بيده الفرقة فلا تحل له الزوجة في هذا العقد؛ لأنه لم ينو به المقصود من النكاح وهو البقاء مع الزوجة والألفة والمودة وطلب العفة والأولاد وغير ذلك من مصالح النكاح, فتكون نيته مخالفة للمقصود الأساس من النكاح فلا يكون النكاح صحيحاً في حقه.

    وأما نية المرأة أو أوليائها فهذا محل خلاف بين العلماء, ولم يتحرر عندي الآن أي القولين أصح، وربما نحرره فيما بعد, ويأتي له سؤال آخر إن شاء الله تعالى.

    والخلاصة: أن نكاح التحليل نكاح محرم, ونكاح لا يفيد حلها للزوج الأول؛ لأنه غير صحيح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755962309