إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الإمامة - (باب فضل الجماعة) إلى (باب الجماعة إذا كانوا ثلاثة رجل وصبي وامرأة)

شرح سنن النسائي - كتاب الإمامة - (باب فضل الجماعة) إلى (باب الجماعة إذا كانوا ثلاثة رجل وصبي وامرأة)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تزيد صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع أو بخمس وعشرين درجة، واختلف أهل العلم في صلاة الجماعة، هل هي واجبة أو مستحبة، والجماعة تبدأ باثنين فأكثر، وموقف المرأة خلف الرجال والصبيان.

    1.   

    فضل الجماعة

    شرح حديث ابن عمر وأبي هريرة وعائشة في فضل صلاة الجماعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [فضل الجماعة.

    أخبرنا قتيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة).

    أخبرنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده خمسة وعشرين جزءاً).

    أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن عمار حدثني القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذ خمساً وعشرين درجة)].

    يقول النسائي رحمه الله: فضل صلاة الجماعة، أي: بيان فضلها، ومضاعفة الأجر فيها، فعندما يصلي الإنسان في جماعة، فإن صلاته تضاعف عما لو صلى وحده. وقد أورد النسائي في هذا أولاً: حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)، هذا الحديث يبين أن صلاة الجماعة إذا صلاها الإنسان مع الجماعة، فإنها تفضل على صلاته لو صلى وحده بسبع وعشرين درجة.

    وجاء في الحديث الذي بعده حديث أبي هريرة: (بخمسة وعشرين جزءاً)، أي: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمسة وعشرين جزءاً.

    وجاء الحديث الثالث حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: أن (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة)، وهو مثل: حديث عبد الله بن عمر من حيث التمييز، ومثل: حديث أبي هريرة من حيث العدد، والدرجة، والجزاء، وهذا التفاوت الذي بينهما قيل: إن المراد بذلك هو المضاعفة إلى هذا المقدار، وإلى هذا العدد، وأن المقصود من ذلك: أنه من صلى وحده، فصلاته بصلاة واحدة، ومن صلى جماعة، فإن صلاته تبلغ سبعاً وعشرين صلاة، أو خمساً وعشرين صلاة، فمعنى هذا: أنها تضاعف هذه المضاعفة، ويكون الإنسان الذي صلى جماعة حصل له هذا التضعيف، وكأنه صلى هذه الصلوات بفضل صلاته مع الجماعة، وهو دال على فضل صلاة الجماعة.

    ثم ما جاء في حديث أبي هريرة من ذكر الجزء وهو خمس وعشرون جزءاً، وحديث ابن عمر من ذكر الدرجة، وهي سبع وعشرين درجة، قيل: أن العدد الأصغر يكون داخلاً في الأكبر، وعلى هذا فلا تنافي بين ما جاء في الخمس والعشرين، وبين ما جاء في السبع والعشرين، ومن العلماء من فرق: بأن السبعة والعشرين تكون في بعض الصلوات، مثل الصلوات الجهرية، والخمسة والعشرين تكون في الصلوات السرية، والذي يظهر: أن هذه المضاعفة تحصل لمن صلى الصلوات الجهرية والسرية، ويمكن أن يكون أخبر أولاً بأن فيه خمسة وعشرين، ثم بعد ذلك حصل زيادة وتفضل من الله عز وجل، وأن التضعيف يصل إلى سبع وعشرين درجة.

    وجوب صلاة الجماعة

    وأكثر الروايات جاءت بذكر الخمس والعشرين، وبعضها جاء بلفظ: السبع والعشرين، وكل ذلك يدل على التضعيف، وعلى فضل صلاة الجماعة، ولهذا استدل بها من قال: باستحباب صلاة الجماعة، وهو لا يدل على ذلك، وإنما يدل على أن من صلى صلاة الجماعة حصل له هذا التضعيف، والأحاديث الأخرى التي جاءت في بيان الوعيد الشديد والعقوبة في حق من لم يصل مع الجماعة، دالة على حصول الإثم فيما إذا لم يصل في جماعة، مع كون صلاته صحيحة، ولكنه يفوته هذا الأجر العظيم، ويكون آثماً لكونه ترك أمراً واجباً عليه.

    إن الأحاديث التي جاءت في التحذير من التخلف عن صلاة الجماعة، وبيان أن من يفعل ذلك متصف بصفات المنافقين، وكذلك أيضاً ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من الأحاديث التي فيها الأمر بالجماعة، والحث عليها، والتحذير من التهاون فيها كما جاء في حديث الأعمى وغيره، الذي قال له: (هل تسمع النداء؟ فقال: نعم، قال: فأجب)، فتلك الأحاديث دالة على وجوبها، وهذه الأحاديث تدل على أن صلاة المنفرد وحده صحيحة، ولكنه يأثم إذا لم يأت بصلاة الجماعة؛ للأحاديث الأخرى الدالة على وجوبها، والقول بوجوب صلاة الجماعة هو الأظهر.

    ومن العلماء من قابل القول بالاستحباب وقال: إن صلاة الجماعة شرط، بمعنى: أنه لا تصح الصلاة من الإنسان لو صلى وحده، وهذا القول أيضاً ليس بصحيح؛ لأن هذه الأحاديث: (صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)، تدل على بطلان هذا القول ورده.

    إذاً: فالقول الوسط والقول الذي تؤيده الأدلة: هو أن الجماعة واجبة، وأن من صلى وحده فصلاته صحيحة، ويكون آثماً لكونه ترك أمراً واجباً عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في فضل صلاة الجماعة

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد أكثر النسائي من رواية حديثه فهو من شيوخه الذين أكثر الرواية عنهم، بل إن أول حديث في سنن النسائي شيخه فيه قتيبة بن سعيد هذا، وقل ما يأتي صفحات خالية من ذكر قتيبة بن سعيد، بل مجيئه كثير، وذكره كثير، والرواية عنه في هذه السنن كثيرة.

    [عن مالك].

    ومالك هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام، المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، مذاهب أهل السنة المشهورة المعروفة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    وقد ذكرت مراراً، وتكراراً: أن مذاهب الفقهاء ليست مقصورة على المذاهب الأربعة، بل هناك أئمة أجلة في زمن هؤلاء الأربعة وقبلهم وبعدهم، ولكن حصل اشتهار هؤلاء الأربعة لوجود تلاميذ وأتباع عنوا بجمع كلامهم وفقههم، وبتنظيمه وترتيبه والتأليف فيه، حتى صار لهذه المذاهب هذه الشهرة، وإلا فإن هناك علماء آخرون مجتهدون مثل هؤلاء؛ مثل: إسحاق بن راهويه، والأوزاعي، والليث بن سعد، وإبراهيم النخعي وغيرهم من الأئمة المحدثين الذين هم من الأئمة المجتهدين، ولكنه ما حصل لهم مثلما حصل لهؤلاء الأربعة.

    [عن نافع].

    وهو مولى ابن عمر، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    يروي عن عبد الله بن عمر صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، الذين هم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن النسائي أعلى ما عنده الرباعيات، وليس عنده شيء من الثلاثيات، وسبق أن ذكرت أن أصحاب الكتب الستة: ثلاثة منهم عندهم ثلاثيات، وثلاثة منهم أعلى ما عندهم الرباعيات، والذين عندهم ثلاثيات، هم: البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية بإسناد واحد، وأما مسلم، وأبو داود، والنسائي، فأعلى ما عندهم الرباعيات، وهذا الإسناد الذي معنا، وهو: قتيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر، هذا سند رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي.

    ثم هذا الإسناد الذي فيه مالك عن نافع عن ابن عمر، هذا هو الإسناد الذي قال عنه الإمام البخاري: إنه أصح الأسانيد، ويسمى السلسلة الذهبية، فهو أصح الأسانيد عند الإمام البخاري رحمة الله عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في فضل صلاة الجماعة

    قوله: [أخبرنا قتيبة عن مالك].

    قتيبة عن مالك، وهما اللذان مرا في الإسناد الذي قبل هذا.

    [عن ابن شهاب].

    وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، منسوب إلى جد جده شهاب، وهو مشهور بالنسبة إليه، وأيضاً مشهور بالنسبة إلى جد جده الأعلى زهرة بن كلاب أخو قصي بن كلاب، حيث يلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم بـكلاب، وقصي، وزهرة ابنا كلاب، فهو منسوب إلى جده زهرة فيقال له: الزهري، ومنسوب إلى جد جده شهاب، فيقال له: ابن شهاب، وهو محدث، فقيه، وإمام جليل، وهو من صغار التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي كلفه عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه في زمن خلافته بجمع السنة، ولهذا يقول السيوطي:

    أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر

    فالمقصود من ذلك: أنه هو الذي قام بالتدوين بتكليف من السلطان ومن ولي الأمر، وأما الكتابة والتدوين بجهود فردية شخصية، فهذا كان موجوداً في زمن الصحابة، وموجوداً في زمن التابعين، وابن شهاب الزهري هو من صغار التابعين، ولكن الجمع الذي حصل منه كان بتكليف من السلطان الذي هو عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه الذي توفي سنة: (101هـ).

    [عن سعيد بن المسيب].

    وهو سعيد بن المسيب من فقهاء التابعين، ومن فقهاء المدينة السبعة المشهورين في عصر التابعين بالفقه والحديث، وكانوا في وقت واحد، وإذا جاءت مسألة اتفقوا عليها قيل عنها: وقال بها الفقهاء السبعة، والمراد بالسبعة سبعة من فقهاء المدينة في عصر التابعين، وهم: سعيد بن المسيب هذا، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير بن العوام، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع منهم فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فهؤلاء الثلاثة اختلف في عدهم في الفقهاء السبعة، فالسابع مختلف فيه على ثلاثة أقوال، وستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وسعيد بن المسيب من المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وهو محدث مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي هريرة].

    وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، واسمه: عبد الرحمن بن صخر على أصح الأقوال في اسمه واسم أبيه، وهو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمكثرون من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه سبعة، وأكثر هؤلاء السبعة حديثاً أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، وقد أسلم عام خيبر، وهذه الكثرة سببها أولاً: دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام له بالحفظ، وأن يحفظ ما يأخذه، وثانياً: كونه ملازماً للرسول صلى الله عليه وسلم منذ أسلم إلى أن توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم أيضاً كونه في المدينة، وهي ملتقى الوافدين والقادمين إليها والصادرين عنها، ثم هو أيضاً عمر حتى أدركه الكثيرون، فصار يأخذ ويعطي، يأخذ عن الصحابة ويأخذون عنه، والصحابة والتابعون يأخذون عنه، فكثر حديثه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهذا هو السبب في كثرة حديثه، بل هو كما عرفنا أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، وهذا الإسناد خماسي: قتيبة، ومالك، وابن شهاب، وسعيد، وأبو هريرة.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في فضل صلاة الجماعة

    قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].

    وهو السرخسي اليشكري ثقة، مأمون، سني، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي، وقيل له: سني؛ لأنه أظهر السنة في بلده، فقيل له: سني.

    [حدثنا يحيى بن سعيد].

    وهو يحيى بن سعيد القطان البصري، ثقة، ثبت، إمام، ناقد، من أئمة الجرح والتعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الرحمن بن عمار].

    وهو عبد الرحمن بن عمار بن أبي زينب، وهو ثقة، خرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي.

    [عن القاسم بن محمد].

    وهو ابن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة الذين مر ذكرهم عند ذكر سعيد بن المسيب، بل هو أحد الستة الذين لم يختلف في عدهم من الفقهاء السبعة.

    [عن عائشة].

    وهي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، أكثر نساء هذه الأمة حديثاً، وهي المرأة الوحيدة التي عرفت بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والمكثرون من الحديث سبعة من الصحابة، ستة من الرجال، وامرأة واحدة، وهذه المرأة الواحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهؤلاء السبعة يقول فيهم السيوطي:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

    فزوجة النبي المراد بها أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

    1.   

    الجماعة إذا كانوا ثلاثة

    شرح حديث: (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الجماعة إذا كانوا ثلاثة.

    أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)].

    ذكر النسائي هذه الترجمة: الجماعة إذا كانوا ثلاثة. أي: كيف يصنعون؟ وكيف يعملون؟ ثم إن الجماعة أقلها اثنان: إمام ومأموم، هذا هو أقل الجماعة؛ لأن الواحد هو فرد وفذ، لكن إذا انضم إليه واحد يصلي معه، خرج من كونه فذاً إلى كونه صلى جماعة، فأقل الجماعة اثنان: إمام ومأموم، وكلما زاد العدد كان أفضل وأكمل، وهذه الترجمة: الجماعة إذا كانوا ثلاثة، وأورد النسائي حديث: أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)، فهذا يدل على أن الثلاثة عليهم بأن يكونوا جماعة، وأنه يؤمهم أحدهم، بل الاثنان يكونان جماعة، ويؤمهما أحدهما، ولكن الأولى بالإمامة هو أقرؤهم لكتاب الله عز وجل، كما جاء في هذا الحديث، وكما جاء في حديث: أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه الذي سبق أن مر بنا: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء..)، ثم أيضاً حديث سلمة الجرمي الذي يرويه عنه ابنه عمرو بن سلمة الذي فيه: (أنه يؤمهم أكثرهم قرآناً)، وأنهم نظروا فوجدوه أكثرهم أخذاً للقرآن، فقدموه بهم في الصلاة، فكان يصلي بهم وهو صغير.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    وقد مر ذكره.

    [حدثنا أبو عوانة].

    وهذه كنية اشتهر بها واسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة، وهو من طبقة شيوخ شيوخ أصحاب الكتب الستة، وهناك من هو مشتهر بهذه الكنية، وهو صاحب المستخرج على صحيح مسلم، أو المسند، أو الصحيح؛ لأنه يسمى صحيح أبي عوانة، ومستخرج أبي عوانة، ومسند أبي عوانة، وذاك متأخر غير هذا؛ لأن هذا من طبقة شيوخ شيوخ الشيخين، وأما هذا فهو مستخرج على صحيح مسلم؛ لأنه بعد مسلم، أي: يروي أحاديث مسلم بأسانيد يلتقي فيها مع الإمام مسلم، ولا يمر بالإمام مسلم، هذا هو المستخرج، فذاك غير هذا.

    [عن قتادة].

    وهو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي نضرة].

    وهو المنذر بن مالك البصري، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن أبي سعيد].

    وهو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله تعالى عنه، مشهور بكنيته أبو سعيد، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين أشرت إليهم آنفاً.

    1.   

    الجماعة إذا كانوا ثلاثة رجل وصبي وامرأة

    شرح حديث ابن عباس: (صليت إلى جنب النبي وعائشة خلفنا تصلي معنا)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الجماعة إذا كانوا ثلاثة رجل وصبي وامرأة.

    أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا حجاج قال ابن جريج: أخبرني زياد: أن قزعة مولى عبد القيس أخبره: أنه سمع عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (صليت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، وعائشة خلفنا تصلي معنا، وأنا إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم أصلي معه)].

    أورد النسائي هذه الترجمة: الجماعة إذا كانوا ثلاثة رجل وصبي وامرأة، ثم أورد فيه حديث: ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى مع النبي عليه الصلاة والسلام فكان على يمينه، وكانت عائشة تصلي معهما وهي وراءهم، وهذا فيه: أن الرجل مع الصبي والمرأة يكونون جماعة، وأن المؤتم يكون عن يمين الإمام إذا كان واحداً، سواء كان رجلاً أو كان صبياً، وأن المرأة يكون موقفها وراء الصفوف، ولو كانت وحدها وصلت مع رجل واحد، فإنها تكون وراءه، ولا تكون بجواره؛ لأن النساء لا تصاف الرجال، وإنما صفوفهن وحدهن، ولو كانت واحدة فإنها تصلي وحدها، كما لو كان وراءه صفوف وهي وحدها، فإنها تكون وحدها، لا تصاف الرجال، ولا تقف في صف الرجال.

    والمراد بالصبي هو: ابن عباس؛ وذلك أنه لم يبلغ، وقد جاء في الحديث أنه في حجة الوداع كان قد ناهز الاحتلام، فهو لم يبلغ، ولهذا جاء ذكر الصبي أو ذكر الترجمة: رجل وصبي وامرأة.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (صليت إلى جنب النبي وعائشة خلفنا تصلي معنا)

    قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].

    وهو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، ثقة، خرج حديثه النسائي وحده، أما أبوه إسماعيل وهو المشهور بابن علية فخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    ومحمد بن إسماعيل بن إبراهيم سبق أن ذكرت: أن هناك أخ له اسمه إبراهيم، ولكنه من أهل البدع، وهو الذي ترجم له الذهبي، وقال عنه: إنه جهمي هالك، فأبوه من أهل السنة، وأخوه من أهل السنة، وأما إبراهيم، فهو من الجهمية، وهو الذي يأتي ذكره في مسائل شاذة في الفقه، عندما يقال: قال ابن علية كذا في مسألة شاذة من مسائل الفقه، ليس المراد ابن علية الإمام الذي هو من أهل السنة إسماعيل، ولا ابنه محمداً، وإنما المقصود: إبراهيم بن إسماعيل، هذا الذي يأتي ذكره في المسائل الشاذة في مسائل الفقه.

    [عن حجاج].

    وهو الحجاج بن محمد المصيصي ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن جريج].

    وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرني زياد].

    وهو زياد بن سعد الخراساني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن قزعة].

    وهو المكي، مولى لـعبد القيس، وهو مقبول، خرج حديثه النسائي وحده.

    [عن عكرمة].

    وهو مولى ابن عباس، وهو ثقة ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد تكلم فيه في عدة نواحي، ولكن الحافظ ابن حجر أطال في ترجمته في مقدمة الفتح، وحصر ما تكلم عليه به، ودافع عنه، وبين عدم صحة ما نسب إليه، وأنه ثقة ثبت، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عباس].

    وهو عبد الله بن عباس صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    المقصود من قولهم: أخرجه البخاري تعليقاً

    السؤال: ما معنى أخرجه البخاري تعليقاً؟

    الجواب: أخرجه البخاري تعليقاً إذا لم يذكر إسناده، بمعنى: ذكره معلقاً، بأن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو يقول: قال أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو يقول: قال فلان عن التابعي، أو يقول: قال فلان، وإن كان أقل من ذلك وأنزل من ذلك، وهذا ما يسمى بالمعلق، وإنما سمي تعليقاً؛ لأن الحذف كان في أول الإسناد، يعني: الإسناد جاء من فوق، ثم حذف أسفله فصار كالمعلق الذي فيه فراغ من تحته، حيث حذف جزء من السند من أسفله فصار كالمعلق، ولهذا الحافظ ابن حجر اعتنى بالأماكن المعلقة وجمعها، وذكر وصلها عند البخاري ؛ لأن البخاري أحياناً يكون عنده المعلق، ولكنه أسنده في مكان آخر، وأحياناً يكون معلقاً في كتابه، ولكنه أسند خارج الصحيح، فالمعلق: هو الذي يذكره البخاري ليس مسنداً، وإنما يحذف أول سنده، ويأتي به بأعلى الإسناد، أو من وسطه حتى أعلاه، أو قبل ذلك حتى أعلاه، وكتاب ابن حجر الذي سماه: تغليق التعليق لما كان الإسناد يأتي من فوق، وأسفله غير مسند، فبين وصله وسماه تغليق التعليق، أي: هذا المكان الخالي أغلقه بما أثبته من الاتصال الذي يكون قبل هذا التعليق، أو مكان هذا التعليق، فسماه: تغليق التعليق، ويأتي كثيراً في النسخ: تعليق التعليق، وهو تصحيف وخطأ، فتعليق التعليق ليس له معنى، فهو لا يعلق التعليق، وإنما يغلق التعليق، أي: المكان الخالي يأتي بشيء يسده، يسد الفراغ بالأشخاص الذين رووا الحديث متصلاً.

    والتعليق قسمان: تعليق بصيغة الجزم، وهي: قال وروى -بالفتح-، وتعليق بصيغة روي، ويذكر -للمجهول- والغالب على أن ما جاء بـ(يذكر ويروى) ففيه الضعف، وليس ذلك لازماً ودائماً، بل البخاري أحياناً يأتي به بصيغة التمريض التي هي يذكر، لا لضعفه، وإنما لكونه اختصره، أو رواه بالمعنى، فقد يكون صحيحاً، وقد أتى به بصيغة التمريض، وليس كل ما جاء بصيغة التعليق الجازم يكون أيضاً صحيحاً، ولكنه صحيح إلى من علق عنه، أي: المحذوف من الرواة مأمونون، وينظر فيه بعد ذلك، يعني: في المثبت والموجود.

    السؤال: ما سبب تسمية أبي هريرة بهذه الكنية؟

    الجواب: لا أدري.

    معنى كلمة (مقبول) في كتاب التقريب

    السؤال: ماذا يعني ابن حجر بلفظ: (مقبول) في كتابه التقريب؟

    الجواب: مقبول يقصد به: أنه يعتضد به، ويحتج به بالاعتضاد، لكن إذا لم يأت شيء يعضده فلا يحتج به.

    زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والذكر عنده

    السؤال: ماذا يقول من زار المسجد النبوي عند مروره بجوار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه؟

    الجواب: أقول: لا يقول شيئاً، الإنسان عندما يدخل المسجد ويخرج من المسجد يصلي ويسلم على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك لو صلى وسلم عندما يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: اللهم صل وسلم وبارك على رسول الله فلا بأس بذلك، أما كونه يشرع له شيء خاص عند المرور فهذا لم يرد، وكونه يتذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بمروره عند قبره فيصلي ويسلم عليه، كأن يقول: اللهم صل وسلم وبارك عليه، فهذا لا بأس، لكنه كونه يزور، ويسلم سلام الزيارة، فهذا يدخل تحت قوله: (لا تتخذوا قبري عيداً).

    الصبي يقطع الصف

    السؤال: هل تقطع الصبي في الصف إذا وقف في صفوف الرجال؟

    الجواب: لا ينبغي؛ لأن الإنسان الذي يجلس في وسط الصف وهو لا يصلي يقطع الصف، وقد مر بنا: (من وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله)، ويدخل في ذلك من يجلس وسط الصف ولا يصلي، والصف مقطوع بسببه، فالقطع موجود، ولكن الصلاة صحيحة، وهو كما لو جلس إنسان في وسط الصف ولم يصل، فصلاة من صلى بجواره صحيحة.

    وإذا كان الصبي لا يقطع الصف أبداً فيصلي، ولكن المرأة سواء كانت صبية أو كبيرة، لا تصاف الرجال، بل صفها يكون وحدها، لكن لو صلت مع الرجال فهي مثل الرجل الجالس الذي يقطع الصف، وهي كذلك تقطع الصف.

    تضعيف قراءة القرآن والذكر في المسجد الحرم

    السؤال: ورد في الأحاديث أن الصلاة في المسجد النبوي تفضل على الصلاة فيما دونه من المساجد غير الحرم المكي والمسجد الأقصى، فهل الذكر وقراءة القرآن في هذا المسجد تفضل كذلك؟

    الجواب: التضعيف بهذا المقدار ما جاء إلا في الصلاة، أما قراءة القرآن وذكر الله عز وجل فليس هناك ما يدل على التضعيف، لكن لا شك أن فيه أجراً عظيماً، لكن من حيث التضعيف بالكمية، ما ثبت هذا إلا بالنسبة للصلاة، ولا شك أن الذكر وقراءة القرآن في المسجد النبوي له شأن عظيم، وكذلك في المسجد الحرام، لكن التضعيف بمقدار معين لا يقال إلا بوجود دليل، وليس هناك دليل إلا فيما يتعلق بالصلاة، يعني: أنه من التضعيف بالكيف وليس بالكم، لأن الكم يحتاج إلى نص، وأما الكيف فلا شك أن شأن هذا أكبر من غيره، لكن لا تحديد بعدد معين.

    حكم اللقطة في المسجد النبوي

    السؤال: ما حكم من وجد ساعة بجوار المسجد النبوي، ثم سأل عنها الباعة الموجودين في نفس المكان الذي وجدها فيه، فلم يجد صاحبها، وفعل ذلك مراراً، فماذا يفعل؟

    الجواب: نقول: المسجد النبوي مثل المسجد الحرام إذا وجد الإنسان شيئاً، ينبغي أن يذهب به إلى الجهة التي يقصدوها الناس للبحث عن الأشياء المفقودة في المسجد؛ بأن يعطيهم إياها، وهم يتولون ذلك، يحفظونها إلى أن يأتي صاحبها، وإذا ما جاء أحد بيعت، وتصدق بها عن صاحبها، وهذا الإنسان الذي وجدها إن عرفها سنة كاملة، وقام بتعريفها التعريف الشرعي، فإنه يملكها بعد سنة، لكن قد لا يتيسر له أن يقوم بالتعريف، ولكن كونه يعطيها لمن يكون مرجعاً، ومن يرجع إليه عند فقدانه الأشياء في المسجدين فهو الذي ينبغي.

    العودة في الهبة

    السؤال: إذا وهب إنسان لإنسان، هل له حق العودة فيها؟

    الجواب: لا، أبداً: (العائد في هبته كالكلب يقيء ويرجع في قيئه)، فلا يجوز للإنسان أن يعود في هبته.

    النسيان لإحدى السجدتين

    السؤال: هذا السائل يقول: صلى إنسان وبعد أن انتهى من صلاته تذكر أنه لم يسجد سوى سجدة واحدة، فهل يأتي بالسجدة الناقصة ويسلم أم يعيد الصلاة؟

    الجواب: يقوم ويأتي بركعة، وإذا كانت السجدة في الركعة الأخيرة فيمكن أنه يتشهد ثم يسلم ويسجد للسهو، أما إذا كانت في الركعات السابقة، فإنه يقوم ويأتي بركعة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718694

    عدد مرات الحفظ

    764848353