إسلام ويب

شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [7]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الله سبحانه وتعالى واحد في ذاته، واحد في صفاته، واحد في أسمائه، فليس له شبيه ولا نظير ولا ولد ولا والد جل في علاه، وليس له شريك ولا صاحبة سبحانه وتعالى.

    1.   

    الإيمان بوحدانية الله

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد, الرحمة المهداة, والنعمة المسداة, والسراج المنير, والبشير النذير, وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا علماً نافعاً, وارزقناً عملاً صالحاً, ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى, أما بعد:

    تقدم معنا الكلام على جملة من أمور المعتقد، وكان مما تقدم معنا: الكلام على تعريف العقيدة في اللغة والاصطلاح, وعرفنا أن هذه الكلمة تعادلها كلمة الإيمان, وهي التي وردت بكثرة في القرآن والسنة, والسؤال الآن: لماذا ندرس المعتقد, ولماذا نحرص على دراسته؟

    والجواب: بأننا نفعل ذلك؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يبدأ بهذا الأمر, وكذلك من أجل أن يعرف الإنسان ربه الذي يعبده, وأن ينعقد قلبه على جملة من القضايا الصحيحة التي لا بد منها, ثم العقيدة هي الأساس الذي يبنى عليه العمل, وما لا أس له فهو مهدوم, وتقدم معنا -أيضاً-: الكلام على تعريف الإيمان, فماذا قلنا في تعريف الإيمان؟

    قلنا: الإيمان في اللغة هو: التصديق المطلق، ومنه قول الله عز وجل: وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا [يوسف:17].

    والإيمان في الشرع: عرفنا بأنه نية وقول وعمل, أو هو اعتقاد بالجنان, وقول باللسان, وعمل بالأركان, والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الإيمان بضع وسبعون شعبة, أعلاها لا إله إلا الله ), وهذا مثل للقول باللسان: ( وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ), وهذا مثل لعمل الجوارح، ثم قال: ( والحياء شعبة من الإيمان ), وهذا هو عمل القلب.

    وأيضاً تقدم الكلام على عوامل زيادة الإيمان، وذلك بقراءة القرآن بالتدبر والتفهم, ومعرفة الله جل جلاله بأسمائه وصفاته, والإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى, والنظر في آيات الله الكونية, والإكثار من ذكر الموت؛ ويكون ذلك بزيارة المقابر, ومشاهدة المحتضرين, واتباع الجنائز وتغسيل الموتى.

    وكذلك من عوامل زيادة الإيمان: الحرص على مجالسة الصالحين, وحضور مجالس الذكر وحلق العلم إلى غير ذلك.

    وأيضاً تقدم الكلام على عوامل نقص الإيمان؛ فالذنوب والمعاصي من عوامل نقص الإيمان, وهجر القرآن من عوامل نقص الإيمان, والتهاون بالطاعات والتكاسل عنها أيضاً من عوامل نقص الإيمان, إلى غير ذلك من الأسباب.

    قال الشيخ رحمه الله: (من ذلك الإيمان بالقلب, والنطق باللسان بأن الله واحد), ودليل هذه القاعدة قول الله عز وجل: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [البقرة:163]، وقال سبحانه: وَقَالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل:51]، وقال أيضاً: إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النحل:22]، وقال سبحانه: سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [الزمر:4]، وقال سبحانه: لِمَنِ المُلْكُ الْيَوْمَ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16]، وقال سبحانه: قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [ص:65].

    إن هذه الأحادية أقسام:

    فالله واحد في ذاته, واحد في صفاته, واحد في أسمائه جل جلاله, وإذا كان بعض البشر يتسمى ببعض أسماء الله فلا يوجب هذا الاشتراك في حقيقة الاسم, فمثلاً: الله عز وجل سمى نبيه رءوفاً رحيماً, والله حي وأنت حي, لكن شتان بين حياة وحياة.

    ومن صفاتنا معاشر بني الإنسان: الزوجية, وحياة وموت, وعلم وجهل, وقدرة وعجز, وقوة وضعف, وبصر وعمى, وكلام وخرس, وسمع وصمم, فالإنسان معرض لهذا كله, البصير قد يفقد بصره, والمتكلم قد يفقد نطقه, أما الله جل جلاله فهو حي لا يموت, وعلمه بلا جهل سبحانه وتعالى, فأقصد من هذا بأن أحديته هي في ذاته وأسمائه وصفاته.

    وقد نفى المصنف رحمه الله عن ربنا جل جلاله سبعة أشياء فقال: (لا إله غيره, ولا شبيه له، ولا نظير له, ولا ولد له ولا والد له, ولا صاحبة له، ولا شريك له).

    والدليل على أن الله عز وجل ليس له ولد هو قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ[الإخلاص:1]، وقوله تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[الإخلاص:4], وكذلك قول الله عز وجل: مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ[المؤمنون:91]، وقوله سبحانه: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا[مريم:88]، وقوله سبحانه: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا[مريم:89], إلى أن قال: وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا[مريم:92].

    والدليل على أنه ليست له صاحبة هو قوله تعالى: بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ[الأنعام:101], وقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا [الجن:3], إلى غير ذلك من الآيات.

    والدليل على نفي النظير والمثيل هو قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11]، وقوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[مريم:65], وغير ذلك من الآيات.

    والدليل على نفي الشريك عن الله عز وجل الآيات الكثيرة في القرآن, ومنها قول ربنا جل جلاله: وَمَا لَهمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ[سبأ:22].

    والشيخ رحمه الله ما زال في معرض التعريف بالإله المعبود جل جلاله, فأول جملة قالها: (ليس لأوليته ابتداء, ولا لآخريته انتهاء), وهذا الكلام دليله قول ربنا جل جلاله: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد:3].

    أسأل الله أن ينفعني وإياكم!

    ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم, وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين, والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755779961