إسلام ويب

التميزللشيخ : إبراهيم الحارثي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الوصول إلى الإيمان هو التميز الذي تنقطع دونه النفوس، وهو المطلب الذي تهون من أجله التضحيات، وهو الغاية التي تبذل فيها ولها السنون واللحظات.

    1.   

    البحث عن التميز

    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما يشاء الله من شيء بعد.

    اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيتَ، ولك الحمد بعد الرضا، ولك الحمد على حمدنا إياك.

    ونشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك، ولك الحمد، وأنت على كل شيء قدير، ونشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وقدوتنا محمداً عبدك، ورسولك، وصفيك، وخليلك، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على دربه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    أيها الإخوة: البحث عن التميز، إنه المطلب الذي تبحث عنه النفوس، وتسعى وراءه العقول، وتهوي إليه القلوب.

    فلا يكاد يوجد اليوم إنسان على ظهر هذه الأرض إلا وهو يبحث عن التميز والتفرد المطلق، والشعور بالتفوق على الآخرين.

    ولا شك أن هذا الشعور وهذا المطلب مطلب مشروع، ومن حق كل إنسان أن يكون كذلك، بل من حقه أن يسعى للوصول إلى مطلبه ما دام القصد مشروعاً، والوسيلة مشروعة، أما إذا اختل القصد، وفسدت النية والوسيلة فقد انتفت المشروعية، ودخل صاحبها في متاهة مضلة، ستتلوها متاهات ومتاهات، وهلمَّ جَرَّاً.

    أيها الإخوة: البحث عن التميز هو حديث نفسي إلي، وحديث نفسك إليك، وحديث نفسه إليه، وحديث النفوس السوية إلى أصحابها، أما النفوس البليدة الكسولة التي رضيت بواقعها، وبظروفها، وبحياتها، وبمعاشها كله فلا تفكر بذلك، ولا ترغب حتى في الخوض فيه، أما أنا، وأنت، وهو، ونحن جميعاً فإننا لا نزال نفكر ونفكر ونفكر طويلاً بحثاً عن التفوق والتميز والإبداع؟

    كيف أكون -مثلاً- خطيباً مميزاً؟!

    وكيف تكون أنتَ عالماً مميزاً، أو داعية مميزاً، أو طبيباً، أو مهندساً، أو معلماً، أو موظفاً، أو زوجاً، أو أباً، أو أخاً، أو صديقاً، أو قريباً، أو جاراً؟!

    أي إنسان كيف يمكن أن يكون من المميزين؟!

    كيف نكون كذلك؟!

    وكيف نصل إلى ما نريد؟!

    تعالوا -أيها الإخوة- لنسمع بيتاً من الشعر قاله شاعر من الشعراء، ملأ الدنيا بشعره، وشغل بالدنيا شعره، وشغل الناس به، إنه أبو الطيب المتنبي، عميد شعراء العربية قاطبة، يقول هذا الشاعر:

    لولا المشقةُ ساد النـاس كلهمُ     الجودُ يُفْقِر والإقدامُ قَتَّالُ

    إذاً: الفرق بين حياة السيادة والتميز والإبداع وبين حياة البساطة والخمول والسكون هو: المشقة، التي لولاها لساد الناس جميعاً، وتميزوا، وظهروا، ونبغوا، وعلا شأنهم وذكرهم.

    مشقة الجود والكرم والسخاء ونداوة اليد والنفس، مع مشقة الإقدام والشجاعة والبطولة هي التي ميزت بين السادة وبين العبيد، بين العمالقة والأقزام، بين الكرم والبخل، وبين البطولة والجبن.

    فالجود -أيها الإخوة- هو مظنة الفقر والحاجة، والإقدام مظنة القتل والموت، ولكن ذلك لا يعني شيئاً لمن سمت نفسه للمعالي، وسلك طريق المشقة والصعوبات، يبتغي بذلك أن يحيا سيداً، وأن يموت سيداً كريماً يصدُق فيه قول الشاعر:

    لعَمْرُك ما الرزية فقدُ مالٍ     ولا ولد يموت ولا بعيرُ

    ولكن الرزية فقـدُ فَذٍّ     يموت بموته خلق كثيرُ

    إذاً -أيها الإخوة- صدق المتنبي حين قال:

    لولا المشقةُ ساد النـاس كلهمُ     الجودُ يُفْقِر والإقدامُ قَتَّالُ

    التميز والتفوق هو اختيار واضح لطريق لا مجال فيه للراحة، أو الموادعة، أو الخمول، أو السكون، بل هو طريق شاق فيه الجهد كله، وفيه التعب كله، وفيه السهر كله، فيه لَجْمُ النفس والهوى والشيطان بلِجام من حديد صلب متين.

    أيها الإخوة: التميز أمنية، فكيف تتحقق الأمنيات؟!

    هل تتحقق بسهولة ويسر؟!

    إذاً: لماذا عبر التاريخ الطويل لم يتميز إلا القليل، ولم يبدع إلا اليسير؟!

    كم عدد الذين بُشِّروا بالجنة من الصحابة الكرام؟!

    إنهم عشرة، ومعهم عدد قليل جداً ورد ذكرهم في بعض الأحاديث، عشرة فقط هم الذين بُشِّروا، بينما كان عدد الصحابة رضوان الله عليهم كما في بعض الروايات قد جاوز المائة ألف صحابي قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، عشرة بُشِّروا من مائة ألف!

    كم عدد الخلفاء، والسلاطين، والحكام الذين مروا على تاريخ الأمة حتى الآن؟! وكم عدد الذين شهد لهم التاريخ بالتميز بالقوة، والأمانة، والعدل؟

    إنهم الأربعة الراشدون، ومعهم عمر بن عبد العزيز.

    فأين الباقون عبر التاريخ؟!

    كم عدد العلماء، والفقهاء، والمحدثين، الذين مروا على تاريخنا المديد؟!

    وكم عدد الخالدين منهم الذين سجلوا أسماءهم على صحائف من نور، وبمداد من ذهب؟!

    المشهورون أربعة: أئمة المذاهب المعتبرة، ثم بعض من طلابهم، وأتباعهم هنا وهناك.

    ثم كم عدد القادة؟!

    وكم عدد الشعراء؟!

    وكم عدد علماء الطبيعة؟!

    وكم عدد الكرام؟!

    وكم عدد الأدباء، والوزراء، وغيرهم؟!

    والسؤال: كم عدد المبدعين والمميزين والعاملين منهم؟!

    1.   

    التميز في الوصول إلى الإيمان والجنة

    أعود وأقول أيها الإخوة: تعالوا لننظر إلى الأمر من زاوية أخرى، من زاوية أعمق وأصدق وأبلغ:

    الوصول إلى الجنة أليس هو الأمنية التي لا تساويها أمنية أخرى على وجه الأرض؟!

    أليس الوصول إلى الجنة هو ما تريده أنت، وما أريده أنا، وما يريده كل مسلم؟!

    أليس هذا هو مطلبي؟! أليس هذا هو مطلبك؟! أليس هذا هو مطلب كل مسلم؟!

    يقول الله جل وعلا: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [آل عمران:142].

    هذه الآية انظروا إليها، وتفكروا فيها، وتملوا فيها جيداً..!! هل تريدون أن تحققوا أمنياتكم دون جُهد، وجهاد، ومشقة، وتعب، وصبر، وتحمل، وجَلَد؟!

    هل تريدون الجنة، وأنتم كما أنتم، دون أن يمسكم ما مس الذين من قبلكم؟! يقول ربكم جل وعلا: أَمْ حَسِـبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُـوا الْجَـنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا [البقرة:214].

    أيها الإخوة: الوصول إلى حقيقة الإيمان، وكماله، وعظمته أليست هذه من أعز الأمنيات؟ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:2]؟! مستحيل، بل لا بد من الاختبار الحقيقي لهذه الدعوى، كل مَن على وجه الأرض من المسلمين يرى أنه قد بلغ الإيمان، فلا بد من اختبار حقيقي لهذه الدعوى.

    آمَنَّا [العنكبوت:2]، إنها كلمة عظيمة لها تبعات وتبعات، فلا بد من اختبار واختبار واختبار لكي تتأكد حقيقة الإيمان الكاملة في نفس كل مسلم، وفي وجدان وشعور كل مؤمن.

    أيها الإخوة: إننا مسلمون جميعاً ولا شك، ولله الحمد والمنة، ولكن مَن هو المؤمن مِنَّا؟

    إن الوصول إلى الإيمان هو التميز الذي تنقطع دونه النفوس، وهو المطلب الذي تهون فيه التضحيات، وهو الغاية التي تبذل فيها ولها السنون والأيام واللحظات.

    إن التميز الحقيقي هو: التميز الإيماني.

    إن التميز هو: أن تكون مؤمناً حقاً يصدق فيك قول الله جل وعلا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4].

    سأل رجل الإمام العابد الحسن البصري فقال له: [هل أنت مؤمن؟ فقال: إن كنت تقصد أنني أؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره فأنا مؤمن كامل الإيمان، وإن كنتَ تعني قول الله جل وعلا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2]، فأنا لا أدري، قال: أنت لا تدري؟! قال: نعم، قل لمن خلفك: الحسن البصري لا يدري]، فذهب الرجل وهو يتعجب.

    أيها الإخوة: إن حديث الإيمان أصبح اليوم حديثاً مُمِلاً، ومنفراً، ومتعباً، يقول هذا الناس بألسنتهم، ويقولونه بأفعالهم، ويقولونه بسلوكهم، ويقولونه وهم يدرون أو لا يدرون؛ ولكن الحقيقة التي يجب أن نعلمها جيداً أن كل تميز، أو إبداع، أو تفوق ينقصه إيمان صادق، ومؤثر، وفاعل، وحاكم على التصرفات والأقوال يصبح تميزاً دنيوياً بحتاً، مدمراً، مفسداً، مخرباً، لا أثر فيه ولا فائدة.

    أيها الإخوة: أين التميز الذي نسعى له؟! أين قلوبنا؟! أين إيماننا؟! أين خوفنا من الله؟! أين الدموع والبكاء؟! متى كانت آخر لحظة بكيت فيها من خشية الله؟! متى تزلزل قلبك من سماع آية من كتاب الله؟! متى ذرفت دموعك عند حكم من أحكام الله؟! أين تميز الإيمان؟!

    أيها الإخوة: روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: (خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، فقال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين من البكاء) الله أكبر! أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يغطون وجوههم ولهم خنين من البكاء! هل حدث مثل هذا في زمننا هذا؟!

    سبحان الله! إننا أحوج منهم إلى البكاء الذي يصلنا بالله، ويقرب قلوبنا من الله، ويشد نفوسنا إلى الله.

    إننا في أمس الحاجة إلى البكاء الذي يحيل نفوسنا إلى نفوس تقية صالحة.

    إننا في أمس الحاجة إلى دموع وبكاء تحرك هذه العيون والأجساد التي اهتزت، والأيدي والأرجل التي ارتعشت إلى عمل، وسلوك، وأخلاق، وإيمان، وحياة مديدة مجيدة لهذه الأمة.

    أين الآيات التي حفظناها؟! وأين الأحاديث التي رويناها؟! وأين العلوم التي درسناها؟! أينها عن قلوبنا التي غفلت كثيراً، وذهلت كثيراً، وضعفت كثيراً، ونسيت كثيراً؟! أين تلك العلوم؟! أين تلك المعارف؛ لا تملأ قلوبنا؟! أينها؛ لا تملأ قلوبنا رقةً، وخوفاً، وانكساراً بين يدي الله؟!

    لماذا أصبحت لا تغير طبعاً، ولا تعدِّل سلوكاً، ولا تهذب لساناً، ولا تؤدب جارحةً، ولا تزكي نفساً؟!

    صدق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه حين قال: [إنما العلم علم الخشية].

    وروى الترمذي في الحديث الحسن الصحيح عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: (أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء) محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويبكي وله أزيز كأزيز القدر التي تغلي! من أي شيء تُرَى يبكي محمد صلى الله عليه وسلم؟! من أي شيء يخاف؟!

    سبحان الله! لستُ أدري كيف فهم هو عليه الصلاة والسلام، ولا كيف فهم أصحابه هذا الإيمان؟! بل كيف فهموا الحياة مع هذا الإيمان المشرق، العجيب، المتميز، الفريد من نوعه؟!

    أيها الإخوة: يقول مالك بن دينار رحمه الله: [ما ضُرِب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة القلب، وما غَضِب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم].

    إذاً: أعظم عقوبة هي: أن يقسو القلب، وأن يذهب الإيمان، فهل لهذه العقوبة نصيب بيننا؟!

    أعوذ بالله! أعوذ بالله! أعوذ بالله! إننا نتحدث عن التميز في الإيمان، ولا نتحدث أبداً أو إطلاقاً عن أصل الإيمان.

    أيها الإخوة: إننا يجب أن نسأل أنفسنا: هل نحن من المؤمنين الصادقين السابقين؟!

    وإذا سألناها فلنسألها بصدق، ونحن نضع نصب عيوننا حياتنا، وسلوكنا، وأخلاقنا، وكل شيء يمر في حياتنا، نضع كل ذلك أمام عيوننا؛ لكي نرى أين نحن من تلك الآيات العظيمة؟! وأين نحن من تلك الأحاديث العظيمة؟! أين كل ذلك من منهج الإسلام، وأخلاق الإسلام، وشرائع الإسلام، وحقيقة الإيمان؟!

    أيها الإخوة: لا حياة لنا إلا بالإيمان، ولا نجاة لنا إلا بالإيمان، ولا قيمة لنا كأمَّة وكأفراد إلا بالإيمان، فأقبلوا على إيمانكم، تعهدوه، وربُّوه، وكبِّروه، وعمِّقوه، وعظِّموه.

    اللهم إنا نسألك إيماناً خالصاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وبدناً على البلاء صابراً.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم!

    1.   

    العمل الدءوب وسيلة التميز

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

    وبعد:

    أيها الإخوة: قال عليه الصلاة والسلام لـربيعة بن كعب الأسلمي: (سلني يا ربيعة! -وربيعة يومئذٍ غلام صغير، يصب الماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يوضئه- فقال له ربيعة مبادراً وعلى الفور: أسألك مرافقتك في الجنة يا رسول الله! فقال له صلى الله عليه وسلم: أعِنِّي على نفسك بكثرة السجود).

    إنها صورة بليغة، ودرس عظيم يقدمه النبي صلى الله عليه وسلم لـربيعة ، ولنا من بعد ربيعة، يقول له صلى الله عليه وسلم: (أعِنِّي على نفسك بكثرة السجود) تريد الجنة يا ربيعة؟

    إذاً: اعمل.

    تريد الفردوس الأعلى يا ربيعة؟ تريد مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم؟ إذاً: عليك بكثرة السجود.

    إنها الحقيقة التي قلتُها، ورددتها، وأعدتها: لا مجال للتميز، ولا مجال للوصول إلى الغايات إلا بالعمل الدءوب، أما التخليط بين هذا وذاك، أو السير في ركاب الكسالى والخاملين والباردين واللاهين فإنه لن يحقق أبداً أمنية، ولن يصنع تفوقاً، ولن يخلق تميزاً، ولن يوصل إلى غاية.

    أيها الإخوة: يقول سهل بن عبد الله التستري: حرام على قلب أن يشم رائحة اليقين وفيه سكون إلى غير الله تعالى، وحرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكرهه الله تعالى.

    أيها الإخوة: إننا في هذه الأيام نرى دعوات للسير في ركاب المبدعين، للتميز في أعمالنا، وفي كل شئون حياتنا؛ لكننا مطالَبون أكثر من أي شيء آخر أن نتميز في إيماننا، وأن نتميز في خوفنا من الله، وأن نتميز في رجائنا في الله، وأن نتميز في صِلَتنا بالله، وبذلك يتحقق كل أنواع التميز من بعد ذلك.

    فإلى التميز في الإيمان .. إلى التميز في الإيمان .. إلى التميز في الإيمان، يا عباد الله!

    هذا، وصلوا وسلموا على رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على دربه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين.

    اللهم عليك باليهود فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بالصليبيين فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بهم.

    اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.

    اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.

    اللهم كن لإخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم.

    اللهم عجل بنصرك وفرجك لهم، يا أرحم الراحمين!

    اللهم احقن دماءهم، اللهم احقن دماءهم، اللهم احقن دماءهم.

    اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، اللهم وفقهم للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.

    اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، اللهم اهده بهدايتك، اللهم أصلح له البطانة، اللهم أصلح له البطانة، اللهم أصلح له البطانة.

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، أولها وآخرها، علانيتها وسرها.

    اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم، وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير!

    ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

    عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755941967