إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [230]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مرور الزمن وتقضيه، وانصرام أيامه ولياليه، مدعاة لمراجعة الذات، وأخذ العبر والعظات، وإبصار المستقبل وفقاً لذلك. وفي هذا اللقاء تفسير لآية من سورة الحديد تتضمن دعوة المؤمنين إلى تقوى الله، والإيمان برسوله، وبيان ما لهم عند الله إن هم فعلوا ذلك. وكل ذلك كان مستهلاً لفقرة الأسئلة، وإجابات الشيخ عليها.

    1.   

    دروس وعبر من مرور الأيام وتقضي الزمان

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان

    إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء المتمم للثلاثين بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو أول يوم من شهر محرم عام 1421هـ أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله عام خير وبركة ونصر وعز للإسلام والمسلمين.

    نتكلم في هذه المناسبة على مرور الزمان والأيام، مرور الزمان والأيام كما تعلمون لحظات ودقائق، وساعات وأيام، وشهور وسنوات، كلها تمر وكأنها ساعة من النهار، لو سألت نفسك: كم سنة مرت عليك .. كم شهراً .. كم يوماً .. كم ساعة .. كم دقيقة .. كم لحظة؟ لوجدتها وإن طالت كأنها ساعة، قال الله عز وجل: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ [الأحقاف:35].

    وعلينا أن نعتبر المستقبل بالماضي، فسيمر المستقبل إن طالت بنا الحياة، سيمر كأنه ساعة، وهذا يجعل المسلم بل المؤمن الحازم في أتم الاستعداد ليوم المعاد، بحيث لا تمضي عليه ساعة إلا وقد عمرها بطاعة الله، إن كان يريد العمر الحقيقي، لأن عمر الإنسان حقيقة هو ما أمضاه في طاعة الله، وما بقي فهو خسارة عليه، إما عذاب وإما سلامة، وما أقل السلامة.

    تأمل في الدنيا كلها تجد أنها إقبال وإدبار، ففي اليوم يطلع الفجر منيراً للأفق ثم يزداد إنارة وقوة، ثم يتراجع إلى النقص والاضمحلال بالكلية، تجد القمر أول ما يبدو هلالاً صغيراً كالعرجون القديم ثم يتزايد نوراً حتى يتم ثم يتراجع إلى النقص، هكذا عمر الإنسان يبدو الإنسان مستقبلاً الحياة بنشاط وحزم ثم يعود فيضعف ثم يزول. قال الله عز وجل: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ [الروم:54].

    أوصيكم -أيها الإخوة- بالمبادرة واغتنام الأوقات، وكثرة التوبة والاستغفار كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا أيها الناس! استغفروا الله وتوبوا إليه، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة) هذا وهو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي أخبر الله أنه فتح له فتحاً مبيناً ليغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أكثروا من الذكر، أكثروا من التسبيح والتحميد، وهذا لا يضر، لأنه عمل لسان، وعمل اللسان ليس فيه تعب.

    أكثروا من العمل الصالح ما استطعتم، أحسنوا الخلق مع الله عز وجل ومع العباد، ابذلوا ما تستطيعون من الخير والنفع، فإن ذلك من أسباب انشراح الصدر واطمئنان القلب.

    وفكر في نفسك ماذا عملت في هذا اليوم؟ إن وجدت نفسك عملت خيراً فاحمد الله، فإنه بتوفيق الله، ولولا توفيق الله لك ما عملت، وإن عملت سوى ذلك فتدارك تدارك بالتوبة، فإن التوبة تهدم ما قبلها، وما أسرع ما نقول: دخل العام ثم خرج. فالعام الذي مضى كأنه ساعة من نهار، وهكذا ما يستقبل، ولا سيما في آخر الدنيا، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر: أنه يتقارب الزمان، بينما أنت في أول أسبوع وإذا الجمعة، وفي أول الشهر وإذا الهلال، وفي أول السنة وإذا الهلال، بسرعة فائقة، وهذا مصداق الحديث: (ويتقارب الزمان) وليس المعنى كما ظنه بعض أهل العلم: اتساع البلدان حتى يقرب بعضها من بعض، وتكون المسافة التي بين البلدتين يومين بعد أن كانت أربعة أيام، وليس كذلك أيضاً سرعة الاتصالات أو المواصلات بل أهم شيء أن الله سبحانه وتعالى يجعل الزمن بعضه قريبٌ من بعض، وهذا هو الواقع.

    اللهم ارزقنا اغتنام الأوقات بالأعمال الصالحات، وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.

    1.   

    تفسير آيات من سورة الحديد

    تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله...)

    نعود إلى الدرس في التفسير يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ [الحديد:28] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا المراد بهم هذه الأمة. فيكون قوله: اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يعني: اثبتوا على الإيمان لا جددوا الإيمان، لأن الإيمان قد حصل حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بقلوبكم! اتقوا الله بجوارحكم! وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ أي: حققوا الإيمان واثبتوا عليه، وليس كل من آمن يكون مؤمناً حقاً، وهذا هو ما يعنيه العلماء بقولهم: هذا نفي كمال الإيمان، مثل قوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ليس المراد نفي مطلق الإيمان بل نفي الإيمان الكامل.

    وقد زعم بعض المفسرين: أن هذه الآية في أهل الكتاب، لأنه قال: وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ولكن هذا قول ضعيف جداً، ولا يمكن أن ينادي الله عز وجل أهل الكتاب وهم كفرة بوصف الإيمان أبداً، يعني: لا يمكن أن يكون المراد بقوله: يا أيها الذين آمنوا، لا يمكن أن يكون اليهود والنصارى، لأنهم حين نزول القرآن إذا بقوا على يهوديتهم ونصرانيتهم فليسوا مؤمنين.

    اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ والمراد برسوله هنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والإيمان بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتضمن الإيمان بجميع الرسل، كما قال عز وجل: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة:285] يعني في الإيمان به لا في الاتباع، في الاتباع نفرق بين الرسل، من نتبع منهم؟ محمد صلى الله عليه وسلم لكن الإيمان كلهم على حد سواء، نؤمن بأنهم رسل الله حقاً.

    تفسير قوله تعالى: (يؤتكم كفلين من رحمته)

    قال تعالى: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ [الحديد:28] أي: نصيبين من رحمة الله، ولهذا مثل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الأمة بالنسبة لما قبلها كرجل استأجر أجراء، منهم طائفة من أول النهار إلى نصف النهار، وطائفة من نصف النهار إلى العصر، وطائفة من العصر إلى غروب الشمس، فالطائفة الأولى أعطى كل واحد منهما ديناراً، والثانية أعطى كل واحد ديناراً، والثالثة أعطى كل واحد دينارين، فاحتج الأولون: لماذا تعطي هؤلاء دينارين وهم أقل منا عملاً؟ فأجابهم بقوله: هل نقصتكم من أجركم شيئاً؟ قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء -الحمد لله- فهذه الأمة لها مثل أجر الأمم السابقة مرتين.

    تفسير قوله تعالى: (ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم...)

    قال تعالى: وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ [الحديد:28] يعني: أنكم إذا آمنتم وحققتم الإيمان مع التقوى يثيبكم ثوابين ويجعل لكم نوراً تمشون به، أي: علماً تسيرون به إلى الله عز وجل على بصيرة، وفي هذا دليل على أن التقوى من أسباب حصول العلم، وما أكثر الذين ينشدون العلم، ينشدون الحفظ يعني يطلبونه، يطلبون الفهم، فنقول: إن تحصيله يسير وذلك بتقوى الله عز وجل وتحقيق الإيمان الذي هو موجَب العلم، اعمل بما علمت يحصل لك ما لم تعلم، فتقوى الله عز وجل من أسباب زيادة العلم ولا شك، ولهذا قال: وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ أي: تسيرون به -أي: بسببه- سيراً صحيحاً يوصلكم إلى الله عز وجل.

    وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذنوبكم أي: يسترها عليكم ويعفو عنكم، فلا عقاب ولا فضيحة وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي: ذو مغفرة ورحمة، كما قال الله عز وجل: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ [الرعد:6] وقال عز وجل: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ [الكهف:58] فالغفور أي: ذو المغفرة، والرحيم أي: ذو الرحمة، وذلك أن الإنسان محتاج إلى مغفرة لذنوب وقعت منه وإلى رحمة تسدده ويتجنب بها المعاصي ويهتدي للتوبة إن عصى.

    تفسير قوله تعالى: (لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله...)

    ثم قال: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الحديد:29] أي: جعل لكم هذا الثواب ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله، وأنهم لا يستطيعون أن يحسدوكم على ما آتاكم الله من فضله مع محاولتهم الشديدة أن يحسدوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما قال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ [البقرة:109].

    فيقول عز وجل هنا: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ لا إعطاءً ولا منعاً، وأن الفضل بيد الله هو المدبر لكل ما يريد على حسب ما تقتضيه حكمته وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد:29] أي: صاحب الفضل العظيم، وما أعظم فضل الله عز وجل على عباده فقد قال تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل:53].

    نسأل الله تعالى أن يؤتينا وإياكم من فضله، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    حكم قنوت الوتر وكيفيته

    السؤال: فضيلة شيخنا! القنوت في صلاة الوتر هل له دعاء مخصوص، أم للمصلي أن يتخير ما يشاء من الأدعية؟

    الجواب: أولاً: القنوت في صلاة الوتر ليس من السنة أن يداوم عليه الإنسان؛ لأن جميع الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده لا يذكرونها، لكنه قد علمه صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب في قوله: (اللهم اهدني فيمن هديت) والأولى في كل موضع فيه دعاء مأثور أن يبدأ بالدعاء المأثور قبل كل شيء، ثم يدعو بما شاء، ولكن إذا كان إماماً فلا ينبغي أن يطيل على الناس، فلقد بلغني أن بعض الناس في القنوت يبقى نصف ساعة أو أكثر وهذا غلط، لأن هذا يمل الناس ويتعب الناس، وإذا قدرنا أنه يتلاءم مع 10% فلا يتلاءم مع 90% وما أكثر الذين يشكون من أئمتهم طول القنوت، فلذلك نقول للإمام: قصر ما استطعت، ودعاء قليل ينصرف الناس بعده وهم يقولون: ليته زاد، خير من دعاء كثير ينصرف الناس بعده وهم يقولون: أطال بنا .. قطع أعناقنا .. أتعب أرجلنا، وما أشبه ذلك.

    السائل: والمنفرد يا شيخ؟!

    الشيخ: المنفرد يدعو بما يشاء.

    حكم التسليم والدعاء عند المرور بالمقابر

    السؤال: فضيلة الشيخ! إذا مر الإنسان من عند المقابر هل يشرع له أن يسلم وهو في الطريق، سواء كان يرى القبور أو لا يراها وهو في السيارة مثلاً؟

    الجواب: أما إذا كان يراها، فقد ذكر الفقهاء رحمهم الله: أن المار بها كالواقف -يعني: يسلم ويدعو- وأما من وراء الجدار ففي النفس من هذا شيء، قد يقال: ما دامت هذا الجدار سوراً على هذه المقبرة فإنه يسلم عليها، وقد يقال: أنه لا يسلم لأنه لا يرى قبوراً، لكن في مثل هذه الحال لو دعا دعاءً عاماً لا على أنه دعاء زيارة فهذا حسن.

    حكم من سب الدين أو سب الرب

    السؤال: فضيلة الشيخ! مسألة العذر بالجهل هل تدخل فيها مسألة سب الدين وسب الرب؟

    الجواب: هل أحد يجهل أن الرب يجب تعظيمه؟ قل: نعم، أو: لا؟

    السائل: لا.

    الشيخ: لا أحد يجهل أن الرب له من التعظيم والإجلال ما لا يمكن أن يسبه أحد، وكذلك الشرع فهذه مسألة فرضية في الذهن لا وجود لها في الواقع.

    وعلى كل حال: كل من سب الله فهو كافر مرتد، حتى وإن كان يمزح، فيجب أن يقتل، ويجب أن يرفع أمره إلى ولي الأمر، ولا تبرأ الذمة إلا بذلك، ثم إن تاب وأناب وصلحت حاله وصار يسبح الله ويعظمه ويقوم بعبادته، فقال بعض أهل العلم: إن توبته لا تقبل، وإنه يقتل كافراً، قالوا: وذلك لعظم ذنبه وردته، فيقتل، وفي الآخرة أمره إلى الله لكن في الدنيا نقتله على أنه كافر، فلا نغسله ولا نكفنه ولا نصلي عليه ولا ندفنه مع المسلمين ولا ندعو له بالرحمة، هذا هو مذهب الحنابلة المشهور عند الحنابلة الآن، والذي يُعمل به.

    وقال بعض أهل العلم: إذا تاب وصلحت حاله وعرفنا أنه استقام وندم، فإنها تقبل توبته ويرفع عنه القتل، وإذا مات فشأنه شأن المسلمين، لأن هذا حق لله، وقد بين الله بكتابه أنه يغفر الذنوب جميعاً فقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] وهذا القول هو الراجح: أننا إذا علمنا صدق توبته وحسن حاله فهو مسلم، لا يحل قتله.

    أما من سب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيقتل بكل حال كافراً مرتداً، ولا تقبل توبته أيضاً عند الحنابلة رحمهم الله لعظم ذنبه، ولكن لو تاب وحسنت حاله ورأينا منه تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيم شريعته فهل نقبل توبته ونرفع عنه القتل، أم نقبل توبته ولا نرفع عنه القتل؟ هذا القول الثاني هو الصحيح، أننا نقبل توبته ونقول: أنت الآن مسلم، ولكن لابد أن نقتله.

    فإن قال الإنسان: كيف تقول: لابد أن نقتله، وأنت تذكر أن سب الرب عز وجل: إذا تاب منه الإنسان فإنه لا يقتل؟ هل حق الرسول أعظم من حق الله؟ الجواب: لا، حق الله أعظم بلا شك، ولكن الله أخبر عن نفسه بأنه يتوب على من تاب إليه والحق لله، إذا تاب الله على هذا العبد وعفا عن حقه فالأمر له، لكن رسوله عليه الصلاة والسلام إذا سبه الساب فقد انتقصه شخصياً والحق لمن؟ للرسول صلى الله عليه وسلم، ونحن الآن لا نعلم هل الرسول عفا أم لا، لأنه ميت، فيجب علينا أن نأخذ بالثأر ونقتله، وإذا علمنا أنه تائب حقيقة قلنا: هو مسلم يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين. ويدل لهذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن أقوامٍ سبوه بعد أن أسلموا، عفا عنهم وسقط عنهم القتل.

    السائل: وسب الدين؟

    الشيخ: سب الدين كسب الرب عز وجل.

    حكم من اشترى سلعة بثمن مؤجل وباعها لصاحبها بنفس الثمن

    السؤال: فضيلة الشيخ! لو أتى رجل واشترى سلعة الرجل بثمن مؤجل، ثم رجع فباعها على نفس الرجل بثمن نقد، ولكنها بنفس ثمن المؤجل فهل يعتبر هذا من العينة؟

    الجواب: لا، إذا باع شخص على إنسان سلعة بألف ريال مقسطة، ثم عاد فاشترى السلعة منه بألف ريال نقداً فلا بأس بذلك؛ لأنه ليس ربا، إذ أنه باعها بألف واشتراها بألف، العينة: أنه إذا باعها بثمن مؤجل اشتراها بأقل منه نقداً، مثل: أن يبيعها بعشرة آلاف مؤجلة مقسطة ثم يشتريها نقداً بتسعة آلاف، هذه حرام وهي مسألة العينة.

    حكم البيع بربح مضاعف أضعافاً كثيرة

    السؤال: شخص يبيع سلعته تقريباً بأضعاف ما يقارب العشرة أو الخمسة عشر ضعفاً، ما حكمه؟

    الجواب: إذا ربح الإنسان في السلعة ضعفين أو ثلاثة أو عشرة أو ألف ولكنه لم يزد عن سعر السوق فلا بأس، إلا أنه يلاحظ: لماذا اشتراها بهذا الثمن القليل: هل هو لأن البائع الذي باع له أولاً رجل غريب لا يعرف الأثمان، فهذا يجب عليه أن يبلغه، أو إن الأشياء طفرت وزادت بسرعة، فهذا لا شيء عليه.

    حكم استعمال العطور المحتوية على الكحول

    السؤال: ما حكم استعمال العطور على الجسم والملابس، فمن الناس من يمنع هذا ويعلله بوجود الكحول فيها؟

    الشيخ: ما هي العطور؟

    السائل: الأطياب يا شيخ!

    الشيخ: الأطياب! هل أحد يسأل عن حكم الطيب، الناس يبحثون عن الطيب (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) وقال عز وجل: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ [المائدة:100] ما أظن هذا السؤال الذي تريد لعلك تريد شيئاً آخر.

    السائل: يا شيخ! العطور الشرقية يقولون: فيها كحول؟

    الشيخ: هل الناس يشربونها أم يتطيبون بها؟

    السائل: يضعونها على الجسم والملابس.

    الشيخ: يعني يتطيبون بها أم يشربونها؟

    السائل: لا، لا يشربونها.

    الشيخ: أقول: لا بأس باستعمالها، فإن كان الخلط يسيراً كـ 30% أو 40% فهذا لا إشكال فيه، لأن الحكم على الأغلب، وإن كان يسيراً لا يظهر على المخلوط معه فهذا لا بأس فيه لا إشكال في ذلك أيضاً، وإن كان هناك احتمال فلا أحرم ذلك لكنني لا أستعمله، لا أحرمه؛ لأن الآية الكريمة إنما تدل على تحريم الخمر شرباً أو أكلاً، فإن ذلك هو الذي يذهب العقل ويحدث العداوة والبغضاء، أما التمسح به فهذا لا يحدث عداوة ولا بغضاء، ولهذا قال الله عز وجل: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [المائدة:90-91]

    ومعلوم أن هذا أعني إلقاء العداوة والبغضاء لا يكون إلا بالشرب، فلا يظهر أن قوله: (اجتنبوه) يعني: أكلاً وشرباً واستعمالاً، لا يظهر هذا، (اجتنبوه) في هذه الحال التي يكون فيها سبباً للعداوة والبغضاء.

    وخلاصة الجواب:

    أولاً: الخمر ليس بنجس، أصل الخمر ليس بنجس؛ لأنه لا دليل على نجاسته، ولا يلزم من التحريم أن يكون نجساً، فقد يكون شيئاً محرماً وليس بنجس، كما في السم فهو محرم، وليس بنجس .. الدخان محرم، وليس بنجس؛ لكن يلزم من النجاسة التحريم، فكل نجس محرم وليس كل محرم نجساً. هذه واحدة فلا دليل على نجاسة الخمر.

    وأما قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] فالمراد بذلك الرجس المعنوي، كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28] (نجس) نجاسة حسية أم معنوية؟ معنوية، ولهذا بدن الكافر طاهر. إذاً النجاسة التي في الآية نجاسة معنوية، وهي نجاسة العمل.

    ثانياً: يدل لهذا أيضاً: أنه لما حرمت الخمر وكانت مع الصحابة في أوانيهم أراقوا الخمر في الأسواق ولم يؤمروا بغسل الأواني، ولو كانت نجسة لأمروا بغسل الأواني كما أمروا بغسل الأواني من لحم الحمير حين حرمت.

    ثالثاً: أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم براوية من خمر -قربة كبيرة- خمر أهداها للرسول عليه الصلاة والسلام فقال: إنها حرمت -يعني: ولن أقبلها وهي حرام- فسكت الرجل فتكلم معه أحد الصحابة سراً وقال له: بعها. فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (بم ساررته؟ قال: قلت يا رسول الله: بعها، قال: لا، إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر بحضرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الراوية، ولو كان الخمر نجساً لأمره بغسل الراوية.

    رابعاً: إذا قلنا أن الخمر ليس بنجس فما خلط فيه ليس بنجس من باب أولى.

    حكم اتخاذ السبحة للتسلية

    السؤال: ما حكم السبحة للتسلية؟

    الجواب: التسبيح بالسبحة لا بأس به، لكن الأفضل بالأصابع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعقدن بالأصابع -يخاطب نساءً- فإنهن مستنطقات) وكان هؤلاء النسوة معهن حصى يحصين بها الذكر فقال: (اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات) الأنامل يعني الأصابع، ففي الأصابع أفضل، في السبحة لا بأس به، لكن كما ترى السبحة مشكلة:

    أولاً: أن بعض الناس يرائي فيها، يشتري سبحة كم فيها من خرزة؟ بعضهم إلى ألف، ثم يعلقها في رقبته كأنما يقول للناس: انظروا فإني أسبح ألف مرة. وهذا نوع من الرياء.

    ثانياً: أن الإنسان الذي يسبح بالمسبحة يكون قلبه غافلاً في الغالب، ولهذا نراهم يعددون هذه الخرزات وهم يلتفتون يميناً وشمالاً مع الذاهب والآتي، فلذلك نرى أن السبحة لا بأس بها، ولكن الأفضل الأصابع.

    السائل: أقول: للتسلية هل هي جائز؟

    الشيخ: للتسلية ما فيها شيء، كما أن الإنسان أحياناً يتسلى إذا صار معه (مشلح) وفي هذا نسميه (القيطان) تجده يعبث بهذه (القيطان) فلا بأس به.

    لكن لا يحدث أن بعض الناس قد تكون في حقه خلاف المروءة يعني مثلاً: لو وجدنا رجلاً فاضلاً عالماً يدخل السبحة في المجالس يلعب بها كذا كذا يُنتقد.

    حكم بيع السلعة المشتراة قبل حيازتها

    السؤال: فضيلة الشيخ! انتشر في الآونة الأخيرة شراء الصابون بالتقسيط، وعدم انتقال الصابون من أجل القيمة، والذهاب بالفاتورة إلى محل آخر لبيع الصابون وهو في مكانه، ويشترط على من اشترى منه: أن يأخذ الصابون من المحل السابق فما رأيكم؟

    الجواب: رأينا أن هذا لا يجوز في ظاهر السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تشترى، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فنقول: هذه الكراتين التي اشتريت لا تبع منها ولا واحداً حتى تنقله إلى الدكان أو إلى بيتك.

    حكم المتاجرة بالمال الذي نذر به لله تعالى

    السؤال: فضيلة الشيخ! شخص نذر قيمة قطعة أرض لله سبحانه وتعالى ..

    الشيخ: القيمة أم الأرض؟

    السائل: قيمة الأرض.

    الشيخ: نعم.

    السائل: وباع الأرض وحصل على القيمة، ثم نذر في نفس الوقت بأنه إذا ربح في تجارة أن ينفق جزءاً منها في سبيل الله وحصل هذا الشيء له، فجمع المبلغين، هل يجوز له أن يتاجر فيها لله سبحانه وتعالى، أم ينفق المبلغ كاملاً؟

    الجواب: الواجب على من نذر شيئاً أن يبادر بالوفاء به، ولا يتأخر، فإذا نذر أن تكون قيمة هذه الأرض في مسجد مثلاً أو في أعمال البر؛ وجب عليه أن يبيعها فوراً، ولو كانت لا تساوي إلا (10%) من قيمتها، ثم يتصدق بها، يصرفها في المسجد أو غيره مما يتعين، وأما كونه يقول: سأتاجر بها لعلها تزيد، فهذا حرام عليه؛ لأنه قد نذرها لله، ولأنه لا يأمن فقد يتاجر ويخسر، ولا يأمن أيضاً أن نفسه الشحيحة إذا حصل الربح قال: لي نصفه أو لي كله، ثم لا يأمن الموت قد يموت ويتولاها الورثة ولا ينفقونها، فالواجب إذا نذر الإنسان أن يتصدق أو يصرف قيمة هذه الأرض في مسجد أو عمل خير أن يبادر فيبيعها ويصرفها في أعمال الخير.

    شبهتان في أن (ذلك الكتاب) لا تعني القرآن وفي تسمية الرسول أحمد

    السؤال: فضيلة الشيخ! أحد الناس من غير المسلمين قال بشبهتين ما عرفنا الإجابة عليها: في قوله تعالى: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:1-2] فيقول هو: الكلمة: (ذلك الكتاب) لا تعني هذا الكتاب.

    والشبهة الثانية: عن قول رسول الله عيسى عليه السلام: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6] واسم الرسول صلى الله عليه وسلم محمد، فكيف يكون الرد عليه حفظكم الله؟

    الجواب: أما قوله عز وجل: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ فقد أجمع المسلمون من مفسرين وفقهاء: أنه كتاب الله عز وجل، هذا القرآن، لأنه أشار إليه ذَلِكَ الْكِتَابُ وكون الإشارة إليه بالبعيد مع قربه دليل على عظمته وارتفاع منـزلته، ولهذا قال في آية أخرى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] هذا القرآن ولا لبس في هذا ولا تلبيس.

    وأما قول عيسى: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6] فيقال: نعم، الرسول عليه الصلاة والسلام له أسماء متعددة: أحمد .. محمد .. العاقب .. الحاشر، أسماء كثيرة معروفة، ولا مانع من أن يتسمى الواحد بعدة أسماء فهو أحمد ومحمد ويدل على هذا قوله عز وجل في نفس السورة: فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ [الصف:6] من الذي جاءهم؟ أحمد وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وجاء فعل ماض يدل على أن المجيء قد سبق بعد البشارة، ولا نعلم في التاريخ أن بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم رسولاً.

    وألهم الله تعالى عيسى أن يقول: اسمه أحمد، لحكمة بالغة عظيمة حيث جاء باسم التفضيل أحمد لينبه بني إسرائيل على أن هذا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحمد الناس لله عز وجل.

    والثاني: أنه أحمد من حمد فالناس يحمدون فلان وفلان وفلان وأحمد الناس أحق أن يحمد وهو الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى لا يقول بنو إسرائيل: إن هناك رسولاً أفضل منه.

    حكم بيع الدش للانتفاع بثمنه

    السؤال: شخص توفي وعنده طبق استقبال (جهاز رسيفر مع الدش) الحكم في بيعها -يا شيخ- ووضعها في بيارة مسجد أو شارع؛ أليس أحسن من تكسيرها يا شيخ؟

    الجواب: يبيعها على من؟

    السائل: على أي إنسان يستخدمه، وأصلاً تباع في السوق يا شيخ.. !

    الشيخ: على من يبيعها؟

    السائل: على أي شخص.

    الشيخ: لا يصلح.

    السائل: هي موجودة في السوق يا شيخ!

    الشيخ: ولو وجدت في السوق.

    السائل: الذي سيشتريها يشتريها من هذا الشخص أو من شخص آخر.

    الشيخ: ما علينا منه.

    السائل: أما ترى يا شيخ! أن تكسيرها فيه إضاعة للمال؟

    الشيخ: ليس فيه إضاعة للمال لأنه محرم، لو باعها على شخص واستعملها في محرم صار هذا البائع معيناً له عليه، أليس كذلك؟ أجب.

    السائل: حسناً لو باعها على كافر يا شيخ؟

    الشيخ: اسمع يا رجل! لا تحاول أن تحيد، لو باعها على واحد واستعملها في محرم هل يكون معيناً أو لا؟

    السائل: نعم معين.

    الشيخ: والتعاون على الإثم حرام في دينك أم حلال؟

    السائل: حرام. هل ترى تكسيرها يا شيخ؟

    الشيخ: أنا أرى تكسيرها نعم، إلا لو جاء إنسان عرفت أنه رجل تقي وأنه يتقي من الشر .... وأنه سوف ينتفع بها في عرض الأفلام المباحة فهذا ربما نقول لا بأس، وإتلاف المال للمصلحة جائز، أليس الغال الذي يغلِّ في الجهاد من الغنيمة أليس يحرق رحله؟ يحرق رحله لو هي حتى سيارة حرقت.

    أليس سليمان عليه السلام لما عرضت عليه الخيل حتى غابت الشمس قال: ردوها علي فعقرها وقتلها، فهو إتلاف لكن لمصلحة.

    حكم تألف الطلاب بزيادة درجاتهم

    السؤال: فضيلة الشيخ! بالنسبة لتألف الطلاب في زيادة الدرجات هل هذا من باب تألف النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأقوام في الإبل ...؟

    الجواب: لا، هذه خيانة، تأليف الطالب أن تعامله باللطف والإحسان والهدايا المشجعة وما أشبه ذلك، أما أن تعطيه درجات لا يستحقها فهذا خيانة، وظلم للتلاميذ الآخرين، ولو فتح هذا الباب لكان كل واحد يعطي الطلبة مائة بالمائة، لماذا يا رجل؟ قال: نؤلفهم. لأن المسألة لها طرف آخر بين الطالب من الطرف الآخر؟ بقية الطلاب، إذا أعطيته مثلاً مائة وهو يستحق خمسين وصاحبه الآخر يستحق ثمانين معناه: أنك ظلمت الثاني، جعلت هذا قبله وهو دونه في الدرجات، عسى ما أنت فعلت؟

    السائل: يصير يا شيخ!

    الشيخ: يصير، انظر الذي نجح من هذا التأليف ألفه ثانية وقل له: ارجع وأعد الامتحان، إن كان في الشهادة أما في غير الشهادة إن شاء الله فهو أهون، خله يمشي وغير اليوم لا تؤلفه على هذا الوجه.

    أجر المشتركين في بناء مسجد

    السؤال: فضيلة الشيخ! أطال الله في عمرك على طاعته، شخصان أو ثلاثة أشخاص أو أكثر اشتركوا في بناء مسجد هل يكتب لكل واحد منهم أجر بناء مسجد، أم أقل من ذلك؟

    الجواب: هل قرأت إذا زلزلت؟ ماذا قال الله في آخرها؟

    السائل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ [الزلزلة:7].

    الشيخ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8] كل واحد له أجر ما عمل، لكن يكون له أجر ثان من جهة ثانية وهي التعاون على البر؛ لأنه لولا اجتماع هؤلاء كل واحد أتى بقليل ما قام البناء، فنقول: له أجر عمله وله أجر المساعدة والمعارضة، مثال ذلك: رجل أنفق مائة ريال صدقة له أجرها، أنفق مائة ريال في بناء مسجد، هذه النفقة صار فيها نفع من وجهين: أولاً: العمل يعني: أجر هذه الدراهم، والثاني: المساعدة حتى يتكون المسجد، لكن إذا تبرع هذا الرجل للمسجد بعشرين ألفاً، وهذا بعشرين ريالاً، فلا يمكن أن نقول: هم سواء، كل له أجر البناء كاملاً، هذا لا يمكن. انظر يا أخي! الثواب حسب العمل، نقول: هذا له أجر عمله على قدر ما أنفق وله أجر التعاون على إقامة هذا المسجد.

    حكم سجود التلاوة داخل الفصل الدراسي

    السؤال: بالنسبة لسجود التلاوة للطلاب هل يلزم سجود التلاوة داخل الفصل؟

    الجواب: لا، لا يلزم داخل الفصل، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت قرأ عليه سورة النجم ولم يسجد فيها، وثبت عن عمر أنه قرأ سجدة النحل على المنبر فنـزل وسجد ثم قرأها في الجمعة الثانية ولم يسجد، وقال: [إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء] وأنت تعلم أننا لو قلنا للطلاب: اسجدوا، لكان فيها مفاسد في الواقع:

    أولاً: الاتجاه إلى القبلة، وقد لا يمكن الاتجاه إلى القبلة.

    ثانياً: الاضطراب في الفصل.

    ثالثاً: قد يكون بعضهم على طهارة وبعضهم على غير طهارة.

    رابعاً: أن ظني أنه سيكون هناك ضحك، كل واحد يضحك على الثاني.

    فلذلك لا أرى أن يسجد الطلاب في مدارسهم، والحمد لله ما دام الأمر ليس بواجب فنحن في سعة وحل.

    السائل: هل تلزم الطهارة لهذا السجود؟

    الشيخ: نعم لابد من ذلك لأنها صلاة.

    بناء بيت لإمام المسجد ليس كبناء المسجد

    السؤال: بناء بيت للإمام أو المؤذن هل يعتبر من عمارة المسجد؟

    الجواب: لا، لكن لا شك أن فيه خيراً وفيه مساعدة، لكن لا يعتبر كبناء المسجد لأن بينهما فرقاً عظيماً، وكم من إنسان أتى إلى المسجد إماماً أو مؤذناً بدون بيت، وكم من إنسان ترك ذلك مع وجود البيت، لكن صحيح أن وجود البيت للإمام والمؤذن يعينه على أداء الواجب؛ لأنه يكون قريباً يسهل عليه أن يذهب إلى المسجد ويصلي، أو يذهب إلى المسجد ويؤذن.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755948214