إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (298)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم من حرم شيئاً حلالاً على نفسه ثم رجع إليه

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ: عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات رمزت إلى اسمها بالحروف (س. ع) تقول: امرأة قالت لأخرى بعد زعل بينهما: حرام علي أن لا أتصل بتلفونك بعد اليوم، ثم إنها اعتذرت لها واتصلت بتلفونها، فماذا عليها، جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فليس للمسلم أن يحرم ما أحل الله له، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1] الآية، فالمسلم ليس له أن يحرم ما أحل الله له، ولكن متى وقع ذلك مثل ما قالت هذه المرأة: أنها حرام عليها أن تكلمها بالتلفون متى كلمتها فعليها كفارة اليمين؛ فحكمه حكم اليمين، ولهذا قال الله سبحانه بعدما أنكر على نبيه صلى الله عليه وسلم تحريم ما أحل الله، قال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2]، فدل على أن هذا حكمه حكم اليمين، فإذا قال: حرام عليه أن يكلم فلاناً، حرام عليه أن يزور فلاناً، حرام عليه أن يأكل طعام فلان، أو قالت المرأة كذلك: حرام علي أن أكلم فلانة أو فلاناً أو أزور فلانة أو فلاناً، كان فيه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن عجز عن هذا كله فعليه كفارة اليمين، كما أوضح الله ذلك في كتابه العظيم في سورة المائدة، والإطعام نصف صاع لكل واحد، كيلو ونصف لكل واحد من تمر أو غيره من قوت البلد، كالأرز والحنطة ونحو ذلك، أو يكسوهم على قميص قميص، أو إزار ورداء، أو يعتق رقبة عبد أو أمة، فمن عجز عن هذا الشيء يصوم ثلاثة أيام والحمد لله.

    1.   

    حكم اعتماد تصحيح وتضعيف الألباني للأحاديث

    السؤال: المستمع (ع. ف. غ) بعث يسأل ويقول: ما هو رأي سماحتكم في الاعتماد على ما صححه الألباني ؟

    الجواب: الشيخ: محمد ناصر الألباني ، ناصر الدين الألباني من خيرة الناس وهو من العلماء المعروفين بالاستقامة، والعقيدة الطيبة والجد في تصحيح الأحاديث وبيان حالها فهو عمدة في هذا الباب، ولكن ليس بمعصوم فقد يقع منه خطأ في تصحيح بعض الأحاديث أو تضعيفها، وهو مثل غيره من العلماء فكل عالم له بعض الأخطاء، سواء من الأولين والآخرين.

    فالواجب على طالب العلم أن ينظر فيما صححه وحسنه وضعفه، إذا كان من أهل العلم ومن أهل الصناعة وممن يعرف الحديث وينظر في طرقه وينظر في رجاله، فإن ظهر له صحة ما قاله الشيخ فالحمد لله، وإلا اعتمد ما يظهر له من الأدلة التي سلكها أهل العلم في هذا الباب؛ لأن أهل العلم وضعوا قواعد لتصحيح الأحاديث وتضعيفها، أما غير أهل العلم فمثله عمدة في التصحيح والتضعيف؛ لأنه من أهل العلم ومن أهل هذا الشأن، وقد درس هذا من مدة طويلة وسنوات كثيرة، نسأل الله لنا وله التوفيق وحسن العاقبة.

    1.   

    تقييم تفسير الإمام القرطبي

    السؤال: أيضاً يطلب رأي سماحتكم في تفسير القرطبي ؟

    الجواب: تفسير القرطبي ، تفسير مفيد وجيد، ولكنه مثل غيره، يؤخذ من قوله ويترك، ما خالف الدليل يترك، سواء كلام القرطبي أو ابن جرير أو ابن كثير أو غيرهم، كل مفسر قد يقع له بعض الأخطاء، فقد يصحح بعض الأحاديث الضعيفة، وقد يضعف بعض الأحاديث الصحيحة، إما لكونه تكلم من حفظه فغلط، أو لأنه نسي ما سبق له أن علمه في شأن هذا الحديث أو شأن هذا الحكم، فأهل العلم يعرضون ما ذكره علماء التفسير وغيرهم على الكتاب والسنة، فما وافق الحق قبل من القرطبي وغيره وما خالفه رد، وليس بمعصوم لا هو ولا غيره من أهل العلم من أهل التفسير وغيرهم، ولكن كتابه مفيد جداً كثير الفائدة، قد عني فيه بالأدلة والأحكام، وهو كتاب مفيد جداً، وهو مفسر ملهم موفق لكنه ليس بمعصوم، كل يؤخذ من قوله ويترك.

    1.   

    ذكر أحسن شرح لرياض الصالحين

    السؤال: أخيراً من هو أحسن من شرح رياض الصالحين؟

    الجواب: أما شروح رياض الصالحين فلم أتأملها ودليل الفالحين معروف وقد اطلعت على شيء منه، ولكن ليس بالشرح الكافي.

    المقدم: لمن لو تكرمتم دليل الفالحين؟

    الشيخ: هذا شرح رياض الصالحين، نسيت اسم مؤلفه الآن، والمقصود أنه ليس من الشروح الوافية، هو يفيد وينفع ولكن ليس من الشروح الوافية فيما اطلعت عليه من مواضع، ولم أقرأ فيه كثيراً إنما راجعت بعض المواضع فيه، فقد يراجعه بعض أهل العلم فلا يجد فيه المطلوب من جهة العناية بطرق الحديث وبيان صحته وضعفه، واستدراك هذا المؤلف أو عدم ذلك، فرياض الصالحين كتاب مفيد وعظيم، والحافظ النووي رحمه الله قد اعتنى به واجتهد فيه ومع ذلك يوجد فيه بعض الأحاديث الضعيفة يعرفها أهل العلم، لكنه كتاب يغلب عليه الصحة والفائدة العظيمة، وهو كتاب بحمد الله نفع الله به كثيراً، واستعمله أهل العلم في سائر الأقطار، وهو كتاب مفيد عظيم، والحديث الضعيف فيه قليل.

    1.   

    حكم تعميم النية عند الحلف بالطلاق بعدم وقوعه

    السؤال: من سلطنة عمان المستمع: محمد بن بركات بن محمد الشلبي بعث يقول: نوى شخص طيلة حياته أنه إذا حلف بالطلاق ووقع هذا الطلاق لا يعتد به وكانت هذه النية عبارة عن يمين بالطلاق قال فيه: إنه إذا حلف بالطلاق ووقع لا يكون طلاقاً، فهل هذا جائز؟

    الجواب: هذا فيه تفصيل: كل ما وقع يكون له حكمه، وهذا التعميم لا يكفي، فإذا وقع منه الطلاق وقع الطلاق، ولو قاله في السابق: إنه لا يريد هذا، العبرة بوقت الفعل، فإذا كان الوقت حين قال: فلانة طالق إن كلمت فلاناً، فلانة طالق إن ذهبت إلى بيت فلان، وهو يقصد الطلاق وقع الطلاق، فالعبرة بنيته التي قارنت القول، فالعمدة على النية التي مع قوله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، فإذا علق الطلاق على أمر يقصد الحث عليه أو المنع منه أو التصديق أو التكذيب ولم يرد إيقاع الطلاق فهذا له حكم اليمين، أما إذا علق الطلاق على فعل يريد إيقاع الطلاق عنده، كأن يقول: إن خرجت إلى بيت فلان فأنت طالق، وقصده إيقاع الطلاق فهو على نيته، يقع الطلاق متى خرجت، أو قال: إن كلمت فلاناً أو فلانة، فأنت طالق وقصده ونيته إيقاع الطلاق وقع الطلاق لأن الأعمال بالنيات.

    1.   

    حكم من قال لزوجته: اعتبري نفسك مطلقة

    السؤال: يقول: نفس الشخص صاحب السؤال السابق قال: في إحدى مشاجراته مع زوجته: اعتبري نفسك مطلقة أو طالقة، فهل هذا طلاق؟ وما حكمه إذا كان طلاقاً؟ وهل له كفارة، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: يعتبر طلاقاً وليس له كفارة، فإن كانت الثالثة تمت الثلاث وبانت منه وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، أما إن كانت هذه الأولى أو الثانية فله المراجعة ما دامت في العدة؛ لقول الله سبحانه: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ [البقرة:229] الآية، لكن متى كانت هذه الطلقة هي الثالثة حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره؛ لقوله سبحانه: فَإِنْ طَلَّقَهَا [البقرة:230] يعني: الثالثة فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، إلا أن يمنع مانع من كون الطلاق وقع في حيض أو في نفاس أو في طهر جامعها فيه، فإن الصحيح أن هذا لا يقع؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين أنه طلق امرأته وهي حائض، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها وقال له: (إذا طهرت فطلقها أو أمسك) فالمقصود أن الطلاق الأصل فيه الوقوع إلا إذا كان هناك مانع، كأن يطلقها في حال حيضها أو نفاسها وهو أنها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه وليست حاملاً ولا آيسة فهذا لا يقع على الصحيح، إلا إذا حكم به حاكم فيقع؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف.

    والواجب على المسلم أن لا يطلق إلا على بصيرة في طهر لم يجامعها فيه أو في حال الحمل، حتى لا يقع في خلاف الشرع، بل يتثبت في الأمر إذا أراد الطلاق ولا يعجل، ولا يزيد على طلقة، فالسنة طلقة واحدة حتى يراجعها إذا أراد، إلا أن تكون الثالثة فالثالثة ليس بعدها رجعة، كما تقدم، وإذا علم أنها حائض أو في نفاس لا يطلق بل يمسك حتى تطهر، أو كانت في طهر جامعها فيه يمسك حتى تحيض ثم تطهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر بهذا لما أخبر أنه طلقها وهي حائض غضب عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه عمر : (مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق قبل أن يمس)، وتلك العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء.

    هذه العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء أن تكون في طهر ليس فيه جماع، أو في حال الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي.

    فالأحوال خمسة:

    حال حيض، أو نفاس، أو طهر جامعها فيه وليست حاملاً ولا آيسة، هذه الأحوال الثلاث لا يجوز له الطلاق فيها، الحالة الرابعة: أن تكون في طهر لم يجامع فيه، وليست حاملاً، هذا إذا طلق فيه فلا بأس، وهو طلاق شرعي. الحالة الخامسة: أن تكون حاملاً فلا بأس أن يطلق في حال الحمل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـابن عمر : (طلقها طاهراً أو حاملاً)، لكن لا يطلقها أكثر من واحدة، فالسنة واحدة فقط، حتى إذا المراجعة راجع، ثم إذا أراد أن يطلق ثانية يطلقها واحدة ثانية فقط لا يزيد، حتى لا يضيق على نفسه، ثم إذا شاء راجع وإلا لم يراجع، ثم تأتي الثالثة وهي النهاية.

    والواجب على المؤمن أن يتدبر هذا الأمر وأن يكون على عناية بالشرع ولا يتساهل، بل يطلق كما أمره الله، ويراجع كما أمره الله، ويتباعد عما حرمه الله في طلاقه وفي غيره، هكذا المسلم ينظر فيما أوجب الله عليه وفيما حرم الله عليه، وفيما أباح الله له، فيستقيم على الطريق السوي في فعله وتركه وفي قوله وعمله؛ لأنه عبد مأمور عليه أن يتبع شرع الله في ذلك.

    1.   

    سنة الجمعة القبلية والبعدية

    السؤال: المستمع: سامي من العراق بعث يسأل ويقول: هل هناك سنة قبلية لصلاة الجمعة، أو بعدية، أفيدوني جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الجمعة ليس لها سنة راتبة قبلها، ولكن يصلي ما يسر الله له، ثنتين أو أربعاً أو أكثر من ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، ثم أنصت إذا خرج الإمام)، ولم يقدر له شيء قال: (صلى ما قدر له) فدل ذلك على أنه يصلي ما كتب الله له، يصلي تسليمة، تسليمتين، ثلاثاً، أربعاً، أكثر حتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام، ترك الصلاة بعد ذلك وانتظر الخطبة حتى ينصت لها، أما بعدها فلها سنة راتبة: ثنتان أو أربع، الأربع أكمل والثنتان كافيتان، وإن صلى أربعاً فهو أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل بعدها أربعاً)، وفي لفظ يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا صليتم بعد الجمعة، فصلوا أربعاً)، وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة أتى بيته فصلى ثنتين، فدل على أن ثنتين كافيتان والأربع أفضل.

    1.   

    حكم التلفظ بالنية

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: هل يجوز التلفظ بالنية أو لا يجوز؟

    الجواب: التلفظ بالنية غير مشروع، بل بدعة، فإذا أراد الصلاة لا يقول: نويت أصلي كذا وكذا، ولا نويت أن أطوف، أو أسعى؛ لأن النية محلها القلب، وهكذا عند الوضوء لا يقول: نويت أن أتوضأ، أو نويت أن أغتسل، فالنية محلها القلب، والنية هي قصد القلب، فلا يشرع التلفظ بها.

    وما ذكره بعض الفقهاء من التلفظ لا دليل عليه، بل هو غلط، والمشروع أن ينوي بقلبه، إذا قام للوضوء نوى بقلبه، إذا قام يصلي نوى، هذه النية، إذا توجه إلى الكعبة ليطوف هذه النية، توجه إلى المسعى ليسعى فهذه النية، لا يحتاج أن يقول: نويت أن أفعل كذا.

    1.   

    طريقة تحديد اتجاه القبلة في الليل والنهار

    السؤال: المستمع أحمد عثمان من جمهورية مصر العربية يقول: كيف يمكن تحديد اتجاه القبلة في الليل، والنهار؟

    الجواب: هذا يختلف بحسب علم الناس، الناس يختلفون في هذا العلم، فالذي عنده بوصلة ويعرف طريق استعمال البوصلة، يمكن أن يعرف القبلة بالبوصلة التي هي معروفة الآن عند الناس، والذي ما يعرف هذا يمكن أن ينظر إلى الشمس طلوعها وغروبها، وإذا كان يعرف في بلاده هل الكعبة في الجنوب يستقبل الجنوب، أو في الشمال يستقبل الشمال، أو في الغرب يستقبل الغرب، أو الشرق يستقبل الشرق وهكذا..، والجهة تكفي، فإذا كان في جهة الشرق استقبل المغرب، وإذا كان في جهة المغرب استقبل الشرق، وإذا كان في الشمال استقبل الجنوب، وإذا كان في الجنوب استقبل الشمال، أي الجهة التي فيها الكعبة، وإذا كانت بين ذلك تحرى واجتهد في الجهة وصلى إليها، وإن كان مع إخوة شاورهم وتعاون معهم حتى يتحروا جهة القبلة في الليل بالنجوم، وفي النهار بمطلع الشمس وغروبها، وغير هذا مما يتحرر به علم القبلة.

    1.   

    حكم الصلاة بالأحذية والخفاف

    السؤال: يسأل ويقول: سمعت من يقول: بجواز الصلاة بالأحذية فهل هذا صحيح؟

    الجواب: نعم، قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى في نعليه، وكان يصلي في خفيه أيضاً يمسح عليهما ويصلي فيهما يوماً وليلة عليه الصلاة والسلام، وفي السفر ثلاثة أيام بلياليها، والخفان مثل النعلين.

    وكان يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام: (وفي بعض الصلوات صلى وفي نعليه خبث لم يعلمه فجاءه جبرائيل وأخبره بذلك فخلع نعليه واستمر في صلاته، وخلع الناس نعالهم لما خلع نعليه، فلما سلم سألهم، قال: لماذا خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك يا رسول الله خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما قذراً، فإذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه)، وفي لفظ: (فليقلب نعليه، فإن رأى فيهما قذراً فيمسحه ثم ليصل فيهما)، فدل ذلك على أنه لا حرج في الصلاة فيهما، لكن بعد أن يعتني بهما قبل المسجد، يعتني قبل دخول المسجد، وينظر فإن كان فيهما أذى أزاله، ونقاهما ونظفهما بالتراب ثم يصلي فيهما ولا حرج في ذلك، لكن في هذه الأوقات التي صار الناس يفرشون المساجد بفرش يخشى أن يوسخها بالنعلين، فإذا جعلهما عند باب المسجد حتى لا يوسخ الفرش كان هذا أحسن إن شاء الله درءاً للمفسدة؛ لأن الكثير من الناس أو أكثرهم قد لا ينظر في نعليه وقد لا يعتني، فينبغي في هذا أن يحتاط، ويجعلها خارج الفرش ويصلي مكشوف القدمين، إلا إذا كان عليه الخفان وقد مسح عليهما، فيصلي فيهما، ولكن يعتني بهما قبل دخول المسجد، يعني إذا كان قد مسح عليهما لو خلعهما بطلت طهارته فلا يخلعهما، يصلي فيهما، ولكن قبل ذلك يعتني بهما عند دخول المسجد، حتى لا يكون فيهما أذى يوسخ الفرش، لا تراب ولا طين ولا غير ذلك مما يؤذي، مما يوسخ، يعتني بذلك، أما النعل فبالإمكان خلعها وسهل خلعها، وإن نظفها وصلى فيها فلا حرج.

    1.   

    البرزخ حقيقته ووقته

    السؤال: يقول: قرأت وسمعت عن البرزخ عرفوه لنا، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: البرزخ: هو ما بين وضع الإنسان في قبره إلى قيام الساعة هذا البرزخ، فالذين وضعوا في قبورهم في عهد آدم وبعده، هم في البرزخ إلى الآن وإلى يوم القيامة، وهكذا من بعدهم وهكذا من بعدهم، وهكذا في يومنا من مات الآن صار إلى البرزخ، ويستمر في ذلك إلى أن تقوم الساعة.

    فالبرزخ ما بين موتك وقيام الساعة، وهكذا ما بين موت الناس وقيام القيامة، فإن مات الناس كانوا في برزخ حتى يبعثوا، فإذا بعثوا انتهوا من البرزخ وتوجهوا للحساب.

    1.   

    ماهية السبع المثاني

    السؤال: أخيراً يسأل عن السبع المثاني؟

    الجواب: السبع المثاني بينها النبي صلى الله عليه وسلم هي الفاتحة، قال صلى الله عليه وسلم: (الفاتحة هي أم القرآن) وهي أفضل سور القرآن، وقال: (إنها السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته)، هكذا قال عليه الصلاة السلام كما روى البخاري في الصحيح. فالسبع المثاني هي الفاتحة: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:2-3]، سبع آيات أولها: (الحمد لله) وآخرها: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، فالتسمية ليست منها، التسمية مستقلة، قبل كل سورة إلا سورة براءة فإنه لا تسمية قبلها، والبقية كل سورة قبلها بسملة مشروعة مستحبة، ومنها الفاتحة: (بسم الله الرحمن الرحيم) هذه آية مستقلة.

    أما الفاتحة فأولها: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، الثانية: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3]، الثالثة: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]، الرابعة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، الخامسة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، السادسة: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، السابعة: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7].

    1.   

    حكم تأخير الختان ومتى يتعين

    السؤال: المستمع مطير ناير الجهني من المدينة المنورة بعث يسأل ويقول: توفي لي ابن عندما اكتمل له عام وأنا لم أقم بختانه بعد، فهل أكون آثماً؟ وهل علي كفارة؟

    الجواب: لا حرج في ذلك، لأن الختان لا يتعين في مدة الرضاع، فلو لم تختنه إلا بعد خمس أو ست سنين أو أكثر لا حرج، لكن قبل أن يبلغ يختن، وإذا ختنه في سن الرضاع كان أسهل وأيسر، والأمر فيه واسع والحمد لله، وإذا مات ولم يختن لا حرج عليه؛ لأن الختان لا يجب في سن الرضاع، بل يجوز تأخيره إلى ما قبل البلوغ.

    1.   

    حكم إخراج الأسنان الصناعية عند الوضوء

    السؤال: الأخت المستمعة (م. م. م) من جدة خط الجامعة بعثت تسأل وتقول: لدي طقم أسنان هل يجزئ وضوء واحد أم عند كل وضوء لا بد من خلعها ثم الوضوء؟

    الجواب: لا حاجة إلى خلعها، تمضمضت عند الوضوء الأول، وما دامت على الطهارة فلا حاجة، مادامت على الطهارة فإنها تصلي، وإذا أرادت الطهارة الأخرى تمضمضت والأسنان في فمها، ولا حاجة إلى خلعها.

    1.   

    حكم محرمية زوج بنت الأخ

    السؤال: بنت أخي هل زوجها يكون محرماً لي؟

    الجواب: بنت أخيك ليس زوجها محرماً لك، هذا البنت وبنت بنتك نعم، أما بنت أخيك فلا، ولا بنت أختك، ليس زوجها محرماً لك، وإنما المحرم زوج البنت، زوج بنت البنت، زوج بنت الابن، زوج الأم، زوج الجدة يعني: الذرية والأصول.

    1.   

    حكم محرمية أزواج بنات ابن الأخ

    السؤال: أيضاً تقول: ابن أخي له بنات متزوجات، هل أزواجهن محارم لي؟

    الجواب: أزواج بنات الأخ وبنات الأخت ليسوا محارم، المحرم زوج البنت وزوج بنت البنت وزوج بنت الابن -بنت ولد المرأة- وإن نزل، هؤلاء هم المحارم، وهكذا زوج الأم محرماً لبنتها إذا كانت قد دخل بها، أي وطئها، لقوله سبحانه: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23]، فالدخول: الوطء، فزوج أمها محرم لها إذا كان قد وطئ أمها، ولو كانت ليست في حجرها وصف الحجر وصف أغلبي، وهكذا زوج جدتها من أمها أو من أبيها هو أيضاً محرم لها، إذا كان قد دخل بالأم.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755940740