إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (492)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم التبليغ وراء الإمام

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: علي الصديق علي ، أخونا له سؤال واحد في رسالته هو: ما حكم التبليغ وراء الإمام، وهل هو يلزم في كل صلاة، أم يكون عندما لا يسمع الإمام جميع من يؤمهم، واطلب عدد المرات التي بلغ فيها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالتبليغ مشروع عند الحاجة إليه، حتى يتمكن المأمومون من الاقتداء بالإمام، أما إذا لم يحتج إليه لكون الإمام يسمعهم، فلا حاجة إلى التبليغ.

    وهكذا لما يسر الله مكبرات الصوت استغنى الناس عن التبليغ بسبب المكبرات، إلا إذا كان المسجد كبيراً، وله نواحٍ كثيرة يخشى ألا يسمعوا الإمام فلا مانع من التبليغ كما في المسجد الحرام، والمسجد النبوي؛ لأنهم قد يخفى عليهم صوت الإمام في بعض الجهات.

    فالحاصل: أن التبليغ مشروع عند الحاجة إليه، وإذا انتفت الحاجة لم يشرع، سواء انتفت الحاجة بوجود المكبر، أو لأن الجماعة قليلون يسمعون فلا حاجة إلى التبليغ.

    وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في مرضه الأخير قاعداً، وصلى أبو بكر عن يمينه قائماً وصلى الناس خلفهما قياماً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلي بالناس وأبو بكر يبلغ عنه؛ لأن صوته بسبب المرض لا يسمعهم، فكان أبو بكر يبلغ عنه، فهذه هي الحادثة المحفوظة التي بلغ فيها عنه عليه الصلاة والسلام فيما نعلم، والحكم يعم كل حادثة بعده، متى وجدت الحاجة فإن التبليغ يشرع، ومتى انتفت الحاجة لم يشرع التبليغ.

    1.   

    حكم مصافحة الرجل للمرأة من غير المحارم

    السؤال: من السودان مستمع بعث برسالة ضمنها بعض الأسئلة، وهذا المستمع هو علي الصديق علي ، في أحدها يقول: أرجو أن تتفضلوا بتبيين حكم المصافحة بالنسبة للرجال للنساء، مع بيان من تجوز للرجل مصافحته منهن؛ لأن البعض يقول: ما دام القلب لا يخالجه شيء من إثارة شهوة، وما إلى ذلك فالسلام لا إثم فيه، أريد منكم أن تردوا على هؤلاء، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: المصافحة للنساء لا تجوز إذا كان النساء لسن محارم للمصافح، سواء كن بنات عم، أو زوجات إخوة، أو زوجات أعمام، أو من الجيران، كل ذلك لا يجوز، لأن المصافحة خطرها عظيم وربما سببت ما لا تحمد عقباه، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني لا أصافح النساء) ، لما أرادت امرأة أن يصافحها، قال: (إني لا أصافح النساء) ، وقت البيعة.

    وقالت عائشة رضي الله عنها: (والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام)، فلا تجوز المصافحة للنساء غير المحارم أبداً، ولو من وراء حائل، إنما يسلم عليهن بالكلام، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليهن بالكلام، ويرد عليهن بالكلام، ولا مانع من السلام على النساء ورد السلام عليهن من دون مصافحة ومن دون كشف، بل مع الستر والحجاب، وعدم الخلوة.

    وقد كان النساء يسلمن على النبي صلى الله عليه وسلم ويسألنه عن حاجتهن، ويسلم عليهن ويكلمهن، وهكذا مع الصحابة رضي الله عن الجميع.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، بعض النساء إذا أرادت مصافحة الرجال تضع على يدها جزءاً من لباسها ما رأيكم شيخ؟

    الشيخ: لا، ما يصلح لأن هذا وسيلة للتساهل، لا يصافحها لا من وراء حائل ولا مكشوفة اليد سداً للباب، وأخذاً بالعموم (إني لا أصافح النساء)، وهو القدوة يقول الله سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، ولأن المصافحة وسيلة للتلذذ والفتنة، حتى قال بعض أهل العلم: إنها أعظم من النظر، أخطر من النظر، والله جل وعلا يقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30] لمس اليد قد يكون أخطر من النظر.

    1.   

    حكم تعظيم الرب في الركوع بما لم يرد في السنة

    السؤال: سؤال طويل لأخينا كالتالي: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث له: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)، وفي صلاة للرسول صلى الله عليه وسلم قال رجل -عند الرفع من الركوع بعد قوله: ربنا ولك الحمد- حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وعندما انتهى الرسول صلى الله عليه وسلم من الصلاة سأل عن القائل لهذا الكلام، فقال الرجل: أنا يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيت بضعاً وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً) ، فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله الرجل، السؤال: هل يفهم مما تقدم أن يقول الواحد في صلاته في الركوع مما يرى فيه تعظيماً للرب، كقوله: سبحانك يا مالك زمام الخلق، وبيده كل شيء، أحمدك حمداً كثيراً، مما فيه تعظيم للرب، أو أن يقول في السجود بأي دعاء من أمر الدنيا والآخرة، وأقصد بذلك عدم الاقتصار على أذكار الركوع والسجود الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الصحابة كانوا يأتون بدعاء فيقره رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: الحديث المذكور في النهي عن القراءة راكعاً وساجداً ثابت رواه مسلم في الصحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)، المعنى: حري أن يستجاب لكم، وقد روي معنى شطره الأول عن علي رضي الله عنه، أنه ثبت عن علي أيضاً رضي الله عنه في النهي عن القراءة راكعاً أو ساجداً، فلا يجوز للمسلم أن يقرأ في الركوع والسجود، لكن لو دعا في السجود بدعاء يوافق ما في القرآن لم يكن قارئاً إذا أراد الدعاء فقط، كأن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] ، رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8]، لا يقصد القراءة يقصد الدعاء فلا حرج في ذلك، وكذلك إذا عظم الرب بأنواع من التعظيم لم ترد لا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (عظموا فيه الرب)، فعمم، فإذا قال من التعظيم ما قاله السائل، أو اقتصر على الوارد فكله طيب، وكونه يقتصر على الوارد ويكثر من الوارد ويكرر أفضل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما سمع الرجل قال: حمداً كثيراً طيباً، قال: (لقد رأيت -كذا مثلما في السؤال- بضعاً وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها)، فأقرها.

    فدل ذلك على استحباب مثل هذا التحميد، أن يقول: (ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد)؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل بعض هذا وأقر هذه الزيادة (حمداً كثيراً)، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (ربنا ولك الحمد)، وربما قال: (اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد)، فلما أقر الرجل على قوله: حمداً كثيراً إلى آخره دل على شرعية ذلك، وأن يقول: (ربنا ولك الحمد أو اللهم ربنا لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد)؛ لأن هذا كله ثناء.

    وكان صلى الله عليه وسلم ربما زاد: (أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ، في وقوفه بعد الركوع، وفي اعتداله بعد الركوع، كل هذا مشروع، أقله اللهم ربنا لك الحمد، أو ربنا ولك الحمد، هذا الواجب عند جمع من أهل العلم، وأكثر أهل العلم على أنه سنة، لكن القول بوجوب هذا المقدار هو الأصح؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر به، وما زاد على ذلك فهو كله سنة.

    قوله: (حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)، وقوله: (ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد)، كل هذا سنة، كذلك قوله: (أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، يعني: ولا ينفع ذا الغنى والحظ والبخت منك غناه، المعنى: كلنا فقراء إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا أتى بهذا تارة وحذفه تارة فلا بأس لأنه سنة.

    والدعاء كذلك يدعو بما يسر الله من الدعاء، ولكن تحري الدعاء الوارد أفضل، كما أنه يتحرى التعظيم الوارد في الركوع والسجود، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، هذا مما ورد في الركوع والسجود (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم)، ولو قال: سبحان الملك العظيم، أو سبحان الله العظيم، كله تعظيم.

    لكن كونه يتحرى الأذكار الواردة في الركوع والدعوات الواردة في السجود كله طيب وأفضل من غيره، ولكن إذا دعت الحاجة إلى أن يدعو بدعوات أخرى لا بأس، لقوله صلى الله عليه وسلم: (وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء)، وللحديث الثاني رواه مسلم في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء) ، رواه مسلم .

    فهذا يدل على أنه يشرع إكثار الدعاء في السجود بما يحتاجه المسلم، فإذا كان محتاجاً للزواج قال: اللهم يسر لي زوجة صالحة، أو للذرية قال: اللهم يسر لي ذرية طيبة، أو لكسب حلال، قال: اللهم يسر لي كسباً حلالاً، كل هذا لا بأس به، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، وإذا أكثر من الدعوات المشروعة الواردة كان أفضل، مثل: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره)؛ لأن هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    كذلك: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، هذا دعاء وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت)، هذا من الدعاء الوارد، ولكن يشرع مع هذا أن يقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) يقوله في السجود كما يقوله في الركوع أيضاً، ويقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) في الركوع والسجود، هذا تعظيم معه دعاء، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي).

    1.   

    حكم دفع الزكاة إلى الإخوة والأخوات

    السؤال: المستمع أحمد سالم حماد من البحرين بعث يسأل ويقول: هل تجوز زكاة الفلوس على الأخ والأخت إذا كانت ساكنة بحوزة المزكي، الأخت مطلقة، وتسكن مع أولادها بحوزة المزكي؟

    الجواب: إذا كانت محتاجة وكان الأخ محتاجاً جاز صرف الزكاة فيهما؛ لأنهما من أهلها بسبب فقرهم، لكن إذا تيسر للأخ أن يقوم بحالهم وأن ينفق عليهم من ماله كان هذا أفضل وأحسن، تبعاً لذريته ولعائلته، وأما إذا خصها بشيء لحاجتها وحاجة أطفالها في كسوة ونحوها، فإن هذا لا بأس به، أما الأكل فتأكل معهم في طعامهم وشرابهم في البيت؛ لأن الأكل موضوع للجميع، أما إذا كان على حدة، تصنع طعامها على حدة، لها عهدة من البيت على حدة، فإنها تعطى ما يكفيها من الزكاة لها ولأولادها في الكسوة والطعام وغير ذلك بسبب الحاجة.

    1.   

    حكم تقدم الإمام أثناء صلاته بجماعة

    السؤال: يقول أخونا من البحرين: إذا كان اثنان يصليان صلاة الجماعة، أحدهما على اليمين ودخل عليهما الثالث يريد الصلاة جماعة، هل يجوز للإمام أن يتقدم أمام الصلاة وهو يقرأ؟

    الجواب: لا حرج في ذلك يتقدم أو يؤخرهما خلفه ويبقى في مكانه، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي فجاء جابر فصف معه عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فصف عن يساره فأخذهما وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام، وبقي في مكانه عليه الصلاة والسلام، فالإمام حينئذ ينظر ما هو الأنسب، فإن كان الأنسب أن يتقدم لأن ما خلفه لا تسع لهما تقدم، وإن كان ما خلفه يتسع لهما أخرهما وبقي في مكانه وصلى بهما.

    1.   

    حكم إرجاع المهر للزوج إذا طلق زوجته بعد خلوته بها دون أن يجامعها

    السؤال: أحد الإخوة بعث برسالة يبدو أنه نسي أن يذكر اسمه وسؤاله طويل في الواقع ملخصه رجل طلق قبل الدخول بزوجته وبعد الخلوة، فهل له أن يسترد المهر؟

    الجواب: إذا طلق بعد الخلوة الكاملة حيث أغلق الباب، وتمكن من جماعها فإنها لا ترد عليه شيئاً إذا طلق، ويكون لها المهر كاملاً؛ لأن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم قضوا بأن الخلوة بمنزلة المسيس، فليس له شيء وعليها العدة، أما إذا كانت الخلوة في محل مكشوف، أو في محل ليس هناك رادع من الدخول عليهم فإنها لا تسمى خلوة، وإذا طلقها يكون له النصف، لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة:237] ، والخلوة التي لا يتمكن معها من الجماع؛ لأن الباب مردود لم يغلق، فهذا لا تمنع التنصيف، بل يبقى له النصف لأنها خلوة غير معتبرة.

    المقدم: وإذا كانت الخلوة كاملة لكنه لم يتمكن من الدخول لمرض ونحوه؟

    الشيخ: نعم، ليس له النصف تنزل منزلة الجماع، يكون لها المهر كاملاً وعليها العدة.

    1.   

    حكم الاجتماع عند القبور لقراءة القرآن وتناول الأطعمة

    السؤال: من جمهورية مصر العربية المستمع فراج عوض صالح يسأل ويقول: يوجد لدينا في بلدتنا عندما يتوفى أحد يخرج النساء على القبور بالأكل والمشروبات والحلويات والخضر، ويعطوها لبعض الناس، فهل هذا يجوز أم لا يجوز، ثم إن أهل المتوفى يفرشون ويحضرون مقرئاً له ويضعون له ميكرفوناً ويعطونه مبلغاً من المال، فما هو رأيكم تجاه هذه الأفعال جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذه الأفعال من البدع، فلا يجوز فعل ذلك، لا خروجهم بالأطعمة عند القبور، ولا إيجاد قارئ، كل هذا من البدع.

    فالمقصود: أنه لا يقرأ عند القبور ولا يجتمع عندها للقراءة، ولا يجتمع عندها لتوزيع الأطعمة، الخروج بالأطعمة حتى توزع عند القبور، كل هذا لا أصل له، ليس من فعل السلف الصالح، بل هو من البدع، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا -يعني: في ديننا- هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته، ومعنى: (فهو رد) يعني: مردود.

    وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، رواه مسلم في الصحيح، يعني: فهو مردود.

    والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والله سبحانه يقول: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21] ، ويقول سبحانه: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا [الجاثية:18].

    فالواجب على أهل الإسلام اتباع الشريعة التي ثبتت عنه عليه الصلاة والسلام، والتقيد بها والحذر مما يخالفها.

    1.   

    الحث على الكسب من عمل اليد

    السؤال: من المستمعة السائلة أم رزاق تقول في رسالتها: إنني ربة بيت، وشغلي أخيط ملابس نسائية، وملابس أطفال والأجرة التي أقتضيها أصرفها على البيت والأولاد؛ لأن زوجي حالته متواضعة، هل علي زكاة وإني أخيط منذ عشر سنوات لكن كلما أجمع مالاً أصرفه أولاً بأول، أرشدوني أثابكم الله وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: أنت مأجورة، جزاك الله خيراً للمساعدة لزوجك والقيام على أولادك، وهذا العمل طيب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: (أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور) ، وهذا من عمل اليد، الخياطة من عمل اليد، وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: (ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده)، هذا العمل طيب، وأنت مأجورة في عملك، وعليك أن تنصحي في الخياطة، وعليك أن تتقي الله في الخياطة وتنصحي، وأنت مأجورة بذلك والكسب طيب، ولا حرج في ذلك، وأنت في إحسانك إلى زوجك وإلى أولادك مأجورة في ذلك.

    فالخلاصة: أن الخياطة والنجارة والحدادة والكتابة كلها مكاسب طيبة.

    هكذا التجارة إذا نصح المؤمن في ذلك ولم يخن ولم يكذب، تحرى النصيحة وأداء الأمانة وعدم الكذب، وعدم الغش فهو مأجور والكسب طيب، أما إذا دخلها الخيانة والكذب، فهذا لا يجوز، نسأل الله العافية، والله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27] ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في البيعين، البائع والمشتري: (فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما).

    فالمهم في أعمال اليد النصح، والجد وعدم الغش وعدم الخيانة، وبذلك تكون المكاسب طيبة في البيع والشراء، والخياطة، والنجارة، والحدادة، وغير ذلك.

    1.   

    حكم التسمية بأم رزاق

    السؤال: هل لكم من كلمة حول هذا الاسم (رزاق) سماحة الشيخ؟ أم رزاق تقول؟

    الجواب: هذا الاسم لا ينبغي، لأن الرزاق هو الله سبحانه وتعالى، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:58]، فينبغي أن يقال: عبد الرزاق، أم عبد الرزاق، تزيد عبد أم عبد الرزاق ، هذا هو الذي ينبغي، فلا يقال: أم خلاق، ولا أم رزاق؛ لأن هذين الاسمين من خصائصه سبحانه وتعالى، هو الخلاق وهو الرزاق.

    المقدم: قد تتعب في بعض الإجراءات النظامية ، وصيتكم سماحة الشيخ؟

    الشيخ: تعمل ما تستطيع، وإذا تكلمت تقول: أنا أم عبد الرزاق، وتقول لمن يكلمها: أنا أم عبد الرزاق، وإذا كان لها تابعية، تغيرها إذا استطاعت.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، إن واجهتها بعض المتاعب ولم تستطع؟

    الشيخ: لا حرج، ولكن لا تقل إلا أم عبد الرزاق.

    1.   

    حكم إرجاع الخياط لقطع القماش الصغيرة لأهلها

    السؤال: إضافة إلى سؤالها السابق تقول: إن بقايا القماش الصغيرة التي أرميها مع النفايات هل علي فيها حرام، علماً بأنها إذا كانت كبيرة أعيدها مع القماش إلى أهلها، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا كانت القطعة لا يرغبها أهلها فلا حرج، أما إذا كنت تشكين فأعيديها إليهم يتصرفون فيها، أما إذا كنت تعلمين أنهم يرغبون في إتلافها وتركها في القمامة فلا بأس.

    وأما الزكاة فليس عليك زكاة إذا كانت النقود تصرف في حاجة البيت، ولا يمضي عليها سنة، أما إذا كانت تبقى عندك نقود، يمضي عليها سنة وهي نصاب فعليك الزكاة، فعلى هذا لو كان عندك ألف ريال مثلاً، بقي عندك سنة، ما أنفقتيه تؤدين زكاته، وهي ربع العشر، خمسة وعشرون من الألف، أما إذا كانت الأجرة تنفق في وقتها أو بعد وقتها لكن لا تبقى سنة فليس عليك زكاة، إلا إذا اجتمع مال من هذه الخياطة يبلغ النصاب ودارت عليه السنة فإنه يزكى، وأقل النصاب ستة وخمسون ريال فضة، أو ما يقوم مقامها من النقود الورقية.

    1.   

    حكم قضاء الصوم والصلاة للحائض والنفساء

    السؤال: سؤالي الأخير هو صحيح أن المرأة إذا طهرت من العادة الشهرية عليها أن تعيد الصلاة فرضاً بفرض، ووقتاً بوقت، طيلة الأيام التي قضتها بالعادة، أو تصلي الصلاة نفسها بغير مكررة ولكم جزيل الشكر؟

    الجواب: ليس على الحائض والنفساء قضاء، قالت عائشة رضي الله عنها: (كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة)، إنما تقضي أيام رمضان التي أفطرتها في حال النفاس أو في حال الحيض، وأما الصلاة فالله جل وعلا أسقطها عن الحائض والنفساء، والحكمة في ذلك والله أعلم أنها كثيرة تكرر، فلو أمرت بقضائها لشق عليها، فمن رحمة الله أن أسقط عنها الصلوات في حال الحيض وفي حال النفاس فلا تقضيها، وإنما تقضي الأيام التي أفطرتها في رمضان.

    1.   

    حكم طواف الوداع على المعتمر

    السؤال: المستمع عبد الله محمد إبراهيم يسأل ويقول: أفيدكم أنني قمت هذه السنة بأداء العمرة، وقد قمت بأدائها على الوجه الشرعي، إلا أنني حين خروجي من مكة المكرمة لم أطف طواف الوداع، لظني أن طواف الوداع واجب من واجبات الحج فقط، ولا علاقة له بكمال العمرة، أرجو إفتائي في حكم عمرتي هذه، وماذا يجب علي في حالة كونها ناقصة، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: العمرة لا يجب لها الوداع، الوداع من خصائص الحج، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المعتمرين أن يودعوا، وإنما أمر الحجاج، فقال عليه الصلاة والسلام: (لا ينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)، وهو يخاطب الحجيج، وفي حديث ابن عباس: أمر الناس -يعني: الحجاج- أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.

    فالحجاج عليهم الوداع، أن يطوفوا سبعة أشواط عند الخروج، إلا الحائض والنفساء فليس عليهما وداع، وأما العمرة فليس لها وداع، لكن إن ودع عند الخروج فلا حرج، والطواف عبادة وخير، فإذا طاف عند الخروج فحسن، لكن ليس على المعتمر وداع واجب، سواء كان في أيام الحج أو في غيرها، قد اعتمر الناس في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم بطواف الوداع، واعتمر المسلمون معه في حجة الوداع ولم يأمرهم بطواف الوداع لما خرجوا إلى منى وعرفات، ولم يقل: من خرج فليودع ، وكانوا يخرجون مع إبلهم يرعونها مسافات طويلة، ولم يأمرهم بالوداع لما فرغوا من عمرتهم، وهكذا في عمرة القضاء خرج ولم يذكر عنه أنه ودع عليه الصلاة والسلام ، وفي عمرة الجعرانة لما فرغ منها خرج ولم يودع عليه الصلاة والسلام.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل، بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: اللهم آمين.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755930080