إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (727)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    معنى حديث: (من مس الحصى فقد لغا)

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.

    المقدم:حياكم الله.

    ====السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الأردن جرش، باعثة الرسالة إحدى الأخوات المستمعات من هناك، تقول: أختكم في الله فاطمة محمد، أختنا عرضنا لها سؤالاً في حلقةٍ مضت، وفي هذه الحلقة تسأل عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي معناه: (ومن مس الحصى فقد لغا) ماذا يقصد بالحصى؟ وهل هي مقصودة لذاتها؟ أو أنها تشير إلى معانٍ فقط؟ جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

    هذا الحديث الصحيح أرشد به النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإنصات للخطيب يوم الجمعة، وعدم العبث بما يشغله عن سماع الخطبة، ومس الحصى من ذلك، وليس مقصوداً بذاته، بل المقصود العناية في الاستماع، والبعد عما يشغل عن الاستماع والإنصات، فإذا مس الحصى، أو مس أشياء أخرى في المسجد، من أهداب الفرش، أو من أوراقٍ عنده، أو ما أشبه ذلك، أشبه ذلك مس الحصى.

    فالمقصود كله؛ هو أن ينصت للخطيب، وأن يفرغ قلبه لذلك، ويكف جوارحه عن العبث الذي قد يشغله عن الاستماع، ومعنى (فقد لغا) أي لغت جمعته، يعني ما يكون له ثواب الجمعة، يكون له ثواب الظهر، ما هو ثواب الجمعة؛ يعني يفوته الثواب العظيم الذي رتبه الله على الجمعة.

    1.   

    معنى عبارة: (إذا ابتليتم فاستتروا)

    السؤال: تسأل عن هذه العبارة سماحة الشيخ، وتقول: هل هي حديث: (إذا ابتليتم فاستتروا)؟

    الجواب: جاء معناه في حديث فيه ضعف، مرسل عن زيد بن أسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من أصاب شيئاً من هذه القاذورات -يعني: المعاصي- فليتب إلى الله، وليستتر بستر الله) وهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يستتر بستر الله، وألا يفضح نفسه، ولهذا لما جاء ماعز إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه زنا، أعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم مرات، لعله يتوب ويستغفر، ويرجع؛ حتى لا يتظاهر بهذا الأمر العظيم.

    فالمقصود؛ أن الإنسان مأمور بالستر، والتوبة إلى الله، وعدم إبراز معصيته وإظهارها للناس، ومن تاب تاب الله عليه، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: (من ستر مسلماً؛ ستره الله في الدنيا والآخرة) فالمؤمن يستر نفسه، ولا يعلن معصيته، لكن متى أعلنها إلى ولي الأمر، وجب أن يقام عليه الحد، إذا كانت فيها حد، وإن كان فيها تعزير، وجب التعزير، لكن هو مشروع له أن لا يبديها للناس، وأن لا يذهب إلى الحاكم، بل يستتر بستر الله، وليتب إلى الله، وليستغفر الله، ويكفي والحمد لله، هذا هو المشروع.

    1.   

    حكم من لا يصلي الفجر في الجماعة بسبب السهر

    السؤال: بعد هذا ننتقل إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الرياض، باعثتها إحدى الأخوات المستمعات تقول: أختكم أم هاجر ، أم هاجر لها رسالة، وضمنتها جمعاً من الأسئلة، في أحدها تقول: إنني زوجةٌ والحمد لله مسلمةٌ مصلية، ولي زوجٌ مسلم، أدعو الله أن يجازيه خيراً عن معاملته الطيبة لي، ولا أعتب عليه يا سماحة الشيخ في شيء، غير أنه يعمل دوامين، ويعود متأخراً حوالي الحادية عشرة مساءً، ولأنني وحيدة، ولا أخرج تقريباً أبداً إلا يوم إجازته، فهو يسهر معي حتى يؤنس وحشة الوحدة، وعندما أستيقظ في الفجر لأصلي، أوقظه، ولكن نومه ثقيل، وطلب مني أن أمسح وجهه بالماء حتى يستيقظ، ولكنه في بعض الأحيان لا يستيقظ نتيجةً لذلك السهر، فهل علي إثم؟ وهل علي أنا إثمٌ في أنني فشلت في إيقاظه؟ وهل هناك أكثر من الماء لإيقاظه؟ وجهوني، ووجهوا ذلك الرجل جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: أنت مأجورة، جزاك الله خيراً على عملك، وهذا عملٌ طيب، وهذا من التعاون على البر والتقوى، وليس عليك، ولا عليه شيء، إذا كان غلبه الأمر، وليس باختياره، ولم يتعمد التساهل في ترك الصلاة ذلك الوقت، حين مسحت وجهه بالماء، ومسح الوجه بالماء جاء به النص عن النبي صلى الله عليه وسلم، رش الزوج بالماء، وإيقاظه بالماء؛ هذا جاء به النص، فأنت مأجورة، وهو مأجور حين أمرك بذلك، وسمح بذلك، وأنتما على خير إن شاء الله، لكن ينصح هو بأن يترك أحد الدوامين، يستقيل من أحد الدوامين، يطلب من مرجعه أن يسامح أحد الدوامين، حتى لا يتعب نفسه، ولا يشق على نفسه، ولا على أهله، وحتى لا يضيع الصلاة، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2]، سوف يرزقه الله إن شاء الله ما يغنيه عن الدوام الثاني، حتى يستريح، ويريح أهله، ويحافظ على ما أوجب الله عليه؛ لأن الإنسان طاقته محدودة، فينبغي له أن لا يكلف نفسه دوامين، ما دام بهذه الحالة؛ يشق على نفسه، ويشق على أهله، وربما ترك الصلاة في الجماعة بسبب ذلك، ولو كان على غير عمد واختيار، لكن يكون متسبب في هذا الشيء، فالذي ننصحه في هذا؛ أن يدع أحد الدوامين حتى يتفرغ لإيناس أهله، وراحة نفسه وبدنه، وراحة قلبه، وحتى يحافظ على الصلوات مع الجماعة في أوقاتها، هذا فيه خيرٌ عظيم.

    أما إذا كان تركه للقيام للصلاة من أجل غلبة النوم، ولم يتعمد ذلك، ولم يتساهل في ذلك، ولكن غلب في بعض الأحيان، فلا يضره ذلك،إذا غلب في بعض الأحيان، لكن أخشى عليه أن يكون في ظاهر الدوامين نوع من الجشع، والحرص على المال، فيضره ذلك؛ لأنه يسبب له هذه المشاكل، مع أهله، وفي الصلاة، فإنه مطلوب منه أن يؤنس أهله، وأن يجتهد في الإحسان إليهم، وفي إحسان عشرتهم، كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19], وباتخاذ الأسباب التي تعينه على الصلاة في الجماعة، وأدائها مع إخوانه، فأخشى أن يكون هذا الدوام الثاني، أن يكون عليه فيه تبعة، إذا كان غير مضطر إليه، نسأل الله للجميع الهداية.

    1.   

    عظم أجر الزوجة لصبرها على زوجها وكظمها لغيضها

    السؤال: تقول: إنني أعلم أن الزوج النار أو الجنة للزوجة، ولهذا فأنا أتقي الله في هذا الزوج، والحمد لله، وهو دائماً يدعو الله لي، ولكن في بعض الأحيان قد يحدث خلاف، أو يفعل ما يغضبني، وأنا أكتم غضبي خوفاً من الله عز وجل، وأسأل الله أن يقدر لي كل خير، فهل يمكن للزوجة أن تغضب من زوجها؟ وإلى أي حد؟ وهل يجازي الله من كتمت غضبها عن زوجها؟ جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: نعم، أنت مأجورة على كظم الغيظ، وعلى خيرٍ عظيم، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم، في وصف أهل الجنة، الذين قال فيهم جل وعلا: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:133-134] فكظم الغيظ من صفات المتقين، الموعودين بالجنة والكرامة، فأنت على خير إذا صبرت، وكظمت الغيظ، من أجل إرضاء زوجك، ومن أجل إحسان العشرة، ومن أجل جمع الشمل، أنت على خيرٍ عظيم.

    والواجب عليه هو أيضاً أن يجتهد في إحسان العشرة، والبعد عن أسباب الغضب، عليكما جميعاً التعاون على البر والتقوى، وعلى ترك الأسباب التي تحدث الغضب، والغيظ، والمؤمن يجتهد في الأسباب الطيبة مع زوجته، ومع أهل بيته، ومع إخوانه المسلمين، والمؤمنة كذلك، كلٌ منكما عليه أن يجتهد، والله سبحانه يعين العبد إذا اتقاه، وصبر، يعينه سبحانه، هو جل وعلا يعين عباده المتقين، ويسهل لهم أمورهم، كما قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4], وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] ,فاستعيني بالله واصبري، وادعي له بالتوفيق، وهو كذلك عليه أن يستعين بالله، وأن يصبر، وأن يتباعد عن أسباب إغاظتك مهما أمكن.

    1.   

    حال الإنسان بعد الموت بحسب عمله

    السؤال: تقول في قضيةٍ أخرى سماحة الشيخ: في بعض الأحيان أفكر في الموت، وأرتعد خوفاً منه، لأنني قرأت كثيراً عن أهوال الموت، وأهوال يوم القيامة، لدرجةٍ تجعلني أخاف من النوم، وإنني أعلم أن الموت حق، وأن البعث حق، ولكن؛ هل أهوال الموت والقيامة تكون حسب صلاح الإنسان، بمعنى أنه إذا كان الإنسان صالحاً تكون الأهوال سهلةً عليه، وهل هذه الأهوال يتساوى فيها جميع الناس؟ وكيف الطريق للنجاة منها؟ جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: المؤمن إذا قبضه الله، يسر الله له كل خير، وصار قبره روضة من رياض الجنة، ولا يرى إلا الراحة والنعيم، وإن اشتد عليه المرض، أو أسباب الموت قبل الوفاة، فلا يضره ذلك، فقد اشتد هذا على النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، فالمقصود أنه قد يشتد على الإنسان بعض المرض، ثم يهون الله عليه خروج الروح، وتخرج براحةٍ وطمأنينة، ويبشر برحمة الله ورضاه عند خروج الروح، يقول له الملك: أبشر برحمةٍ من الله وفضل، فيحب لقاء الله، ويحب الله لقاءه، عند خروج روحه، المؤمن والمؤمنة، فهو على خيرٍ عظيم، ويفرج الله له كرباته، ويسهل له أموره، ولا يرى بعد الموت إلا الخير والنعيم والراحة والطمأنينة، في قبره، ويفتح له باب إلى الجنة، فيرى محله في الجنة، ويأتيه من ذلك المحل من ريحه، وطيبه، وما فيه من النعيم فهو على خيرٍ عظيم، الرجل والمرأة جميعاً، فأبشري بالخير الكبير، ولا تخافي، فالموت ليس بعده للمؤمن إلا الخير والنعيم العظيم، والفائدة الكبيرة، والراحة والطمأنينة، والسجن في الدنيا، الدنيا هي سجن المؤمن، فإذا مات؛ انتقل من السجن إلى الراحة والنعيم.

    1.   

    كيفية التعامل مع المظالم التي على العبد بعد التوبة إلى الله

    السؤال: تقول سماحة الشيخ: لي صديقة ارتكبت العديد من الأخطاء، سواءً بينها وبين الله، أو بينها وبين الناس، ولكنها تابت إلى الله توبةً نصوحا، وليس بيديها الآن أن تصلح الأخطاء التي ارتكبتها مع الناس، فهل الله سبحانه وتعالى يغفر لها الذي بينها وبين الناس، أم كيف تنصحونها تتصرف؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: عليها الندم على ما مضى من سيئاتها، والإقلاع عن ذلك، والعزم ألا تعود، وهذه شروط التوبة، شروطها ثلاثة: الندم على الماضي من المعاصي، والإقلاع منها، وتركها خوفاً من الله، وتعظيماً لله، وإخلاصاً له، وأمرٌ ثالث، وهو العزم الصادق أن لا تعود فيها، وهناك شرطٌ رابع وهو يتعلق بحق المخلوقين، إذا كان عليها حقوق المخلوقين، خصوم، أو سرقات، أو قصاص، عليها أن تؤدي حقوقهم، إلا أن يسمحوا، فإذا كان عندها لأحدٍ حقوق، ظلمتهم، أخذت منهم أموال، تردها إليهم، السرقة تردها إليهم بالطرق التي توصلها إليهم، عليها قصاص، تمكن من أخذ القصاص، وهكذا الرجل، كله اللفظ واحد، على الرجل والمرأة جميعاً أداء الحقوق، من شرط التوبة، وتمامها؛ أن تؤدى الحقوق التي للناس، مع الشروط الثلاثة السابقة: الندم على الماضي، والإقلاع من الذنب خوفاً من الله، وتعظيماً له، وإخلاصاً له، والعزم الصادق أن لا يعود، والشرط الرابع، وهو أداء الحقوق، إذا كان على الرجل، أو المرأة حقوق، على كلٍ منهما أداؤها، إن كانت مالية يؤديها، إن كانت عرض؛ يستحل أخاه، كونه تكلم في عرضه، فإن كان يخشى شيئاً؛ استغفر له، ودعا له في ظهر الغيب، وذكره بالأخلاق الطيبة التي يعرفها عنه، والأعمال الطيبة، بدلاً من تلك الأعمال التي ذمه بها، يعني: هذه بهذا، إذا كان اغتابه؛ فإنه يذكره بالأخلاق الطيبة، والأعمال الطيبة التي يعرفها عنه، في المجالس التي اغتابه فيها، إذا لم يتيسر استحلاله من ذلك.

    المقدم: جزاكم الله خيرا، إذا كانت حقوقاً مالية سماحة الشيخ، هل يقدمها في شكل هدية، أو كيف ترون ذلك؟

    الشيخ: يردها بالطرق الموصلة، يرد الأموال بالطريقة التي توصلها إليهم، بواسطة من يرى من الثقات، يسلمها لهم، ويقول: هذه حقوقكم من شخصٍ يرى أنها لكم عليه، وأنها لازمةٌ له، أرسلني بها، ولا يحب أن يذكر اسمه.

    1.   

    حكم تارك الصلاة إذا مات ولم يتب

    السؤال: إذا كان هناك إنسان مات وهو لا يصلي، ولم يكن يعلم أن تارك الصلاة كافر، فهل يغفر الله له، لجهله؟

    الجواب: ظاهر الأدلة الشرعية؛ أنه لا يغفر له؛ لأنه ليس من شرطه أن يعلم الحكم، هو مأمورٌ بالصلاة؛ عليه أن يصلي، مأمورٌ بالزكاة؛ عليه أن يزكي، وهكذا.

    فالحاصل؛ أنه إذا ترك الصلاة عمداً، فهو كافر على الصحيح من أقوال العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد الوجوب؛ صار كافراً عند جميع العلماء، نسأل الله العافية، لكن إذا تركها تكاسلاً، وتساهلاً، فالصحيح أنه يكفر بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل، وبين الكفر والشرك، ترك الصلاة) خرجه مسلم في صحيحه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسنادٍ صحيح، ولأدلةٍ أخرى، ولأن تركه لها يدل على قلة الإيمان، أو عدم الإيمان، نسأل الله العافية؛ لأنها عمود الإسلام، نسأل الله العافية.

    1.   

    أجر فعل الخير لفاعله وللدال عليه

    السؤال: تقول: إذا كان زوجي يخرج كل شهرٍ مبلغاً من المال، ومن راتبه لله، وأنا أشجعه على ذلك، وقد كان ذلك اقتراحاً مني، فهل جزاء هذا العمل يذهب ثوابه له وحده، أم لي؛ لأنني اقترحته عليه، وهو قام بالتنفيذ؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الأجر مشترك لك وله، له الأجر على إنفاقه، ولك الأجر على الدلالة والإرشاد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير؛ فله مثل أجر فاعله) فأنت لك ثواب الدلالة، والنصيحة، والتشجيع، وهو له ثواب الإنفاق بماله، فكلا كما شريك في الخير.

    1.   

    ما يحل أن يراه الرجل من زوجته

    السؤال: من الدمام المستمعة: (ف. غ. ص)، تقول: هل يجوز للزوج أن يرى جسم زوجته، جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: نعم، له أن يرى جسمها، ولها أن ترى جسمه، مكشوفين، لهما أن يناما في ثوبٍ واحد، وفي كساءٍ واحد، فالذي أباح له أن يجامعها، أباح له النظر لها من باب أولى؛ لأن الجماع أشد وأعظم، فإذا أباح الله له الجماع، فكونه يلمس فرجها، أو يرى فرجها، أو يرى بدنها كله، كل ذلك لا بأس به. نعم، وهي كذلك. نعم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل مع نسائه ، يغتسلان جميعاً في محلٍ واحد، يراها، وتراه، قالت عائشة رضي الله عنها، وهكذا قالت أم سلمة، كانا يغتسلان جميعاً من إناءٍ واحد، في محلٍ واحد، مكشوفين، وهو أفضل الناس، وخير الناس، وأتقى الناس لله.

    1.   

    حكم جهل المرأة بأحكام الحيض ولم تعلم إلا بعد سنين

    السؤال: تقول: إذا كان هناك فتاة لم تعلم بأحكام الحيض، وما يجب على المرأة أن تفعله؛ إلا بعد سنوات، فكيف تنصحونها فيما مضى من حياتها؟

    الجواب: إذا كانت لا تقضي الصوم، فالأحوط لها أن تصوم، ينبغي لها أن تصوم، لأنها مكلفة، وتساهلت في الأمر، وهذا شيء لا يجهل، يعرفه المسلمون، فتساهلها لا يسقط عنها الصيام، فالذي نرى لها أن تصوم، وإن طالت المدة، تقضي ولو غير متتابع، تصوم ما أوجب الله عليها من رمضانات مضت، ولو مفرقة، لا حرج في ذلك، هذا هو الأظهر، والأبين في الأدلة الشرعية.

    وأما الصلاة؛ فليس عليها صلاة، الحائض لا صلاة عليها، فإذا صلت وهي حائض، صلاتها باطلة، ليس عليها في هذا شيء؛ إلا التوبة إلى الله، كونها تصلي وهي حائض، عليها التوبة إلى الله، والصلاة باطلة، وليس عليها شيء.

    أما الصوم فعليها أن تقضي الصوم، ولو كانت صامت في أيام الحيض، صومها في أيام الحيض غير صحيح،فعليها أن تقضيه.

    1.   

    توجيه للأمهات بتعليم بناتهن الأحكام المتعلقة بهن

    السؤال:سماحة الشيخ! بعض الأمهات هداهن الله، يغفلن عن تنبيه بناتهن إلى مثل هذه الأمور، ما هو توجيهكم للأمهات حيال هذا؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب:الواجب على الأمهات تنبيه بناتهن، وهكذا الأخوات الكبيرات، تنبيه أخواتهن، وهكذا العمات، والخالات؛ التعاون على البر والتقوى، كل واحدة تنبه الصغيرة على ما يجب عليها من جهة الصوم في رمضان، من جهة عدم الصلاة في أيام الحيض، من جهة الطمأنينة في الصلاة، والخشوع فيها، في جميع الوجوه، كل واحدة تعلم أختها في الله، أختها، بنتها، بنت أخيها، بنت أختها، جيرانها، جلساءها، تلاميذها، عليها أن تعلم، توضح لهم ما قد يخفى عليهم في أمور الصلاة، أمور الصيام، أمور الزكاة، أمور الحج، أمور بر الوالدين، إلى غير ذلك، على كلٍ من الأخوات، والعمات، والخالات، والأمهات؛ التوجيه للبنات الشابات، والإرشاد لهن إلى ما قد يخفى عليهن من أمور الدين.

    1.   

    مدة النفاس

    السؤال: وأخيراً تسأل أختنا عن مدة النفاس الشرعية؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: مدة النفاس أربعون يوما، هذا أقصاها عند جمهور أهل العلم، حكاه غير واحد، حكاه ابن تيمية رحمه الله، وصاحب المغني، وغيرهما، أكثر النفاس أربعون يوما، وقال بعض أهل العلم: خمسون، وقال بعضهم: ستون، لكنها أقوالهم ضعيفة، فهي مخالفة للدليل، وقد ثبت من حديث أم سلمة (أن النفساء كانت تقعد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما)، يعني: أقصى ما تقعد، أكثر ما تقعد، وهو الذي عليه فتوى الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، أنها تقعد أربعين يوماً، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، إن رأت الطهر وهي في العشرين، أو في الثلاثين؛ تغتسل، وتصلي، وتصوم، وتحل لزوجها، لكن إذا استمر معها الدم؛ فإنها تبقى أربعين، فإذا تمت الأربعون تغتسل وتصلي، ولو معها الدم، وتحل لزوجها، إلا إذا وافقت دم الحيض حادث الحيض؛ تجلس ولا تصوم، ولا تصلي وقت الحيض.

    أما إذا لم يصادف الزائد على الأربعين وقت الحيض؛ فإنها تغتسل، وتصلي، وتصوم، ولو معها الدم؛ لأنه دم فساد، ليس بدم نفاس، هذا هو الصواب الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو الذي جاء عن الصحابة وأفتى به الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

    1.   

    مقدار الربح الشرعي في التجارة

    السؤال: المستمع: هاشم عبد المجيد محمد العطا ، يسأل سماحتكم عن مقدار الربح الشرعي في التجارة؟ وهل يجوز للإنسان أن يشتري سلعةً بخمسين، ويبيعها بثمانين، أو أكثر مثلاً؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: ليس للربح حدٌ محدود، بل يجوز له الربح بالكثير والقليل، إلا إذا كانت السلعة الموجودة في السوق، بأسعارٍ محددة، معلومة، فليس له أن يضر الناس، بل عليه أن يخبر الناس أن هذه السلعة موجودة بالأسعار كذا، وكذا، لكن سلعتي أنا هذه ما أبيعها بالسعر هذا، فإذا أحب أن يشتريها بزيادة؛ فلا بأس، لكن يرشد الناس إلى الأسعار الموجودة.

    أما إذا كانت الأسعار غير موجودة، ولا محددة، فهو يجوز له أعلى من الثمن، ولو بفائدة (30%)، أو (50%)، أو ما أشبه ذلك, ليس له حدٌ محدود، لم يجئ في الشرع تحديدٌ للربح، لكن المؤمن يرفق بإخوانه، ويرفق بالمسلمين، ويرضى بالربح القليل، إلا إذا تغيرت الأحوال بذلك ، تغيرت أشياء، وارتفعت في الأسواق، لقلة الوارد، أو لأسبابٍ أخرى، يبيع كما يبيع الناس، ولا بأس، ولو زاد في الربح، أما أنه يخالف الناس، كونه يخدع الضعفاء والمساكين، يبيع عليهم بزايد ما يجوز، يرشد الناس إلى الأسعار المعروفة، ويبيع مثلما يبيع الناس، إلا إذا بين له قال: السعر عند الناس كذا وكذا، ولكن أنا ما أبيع سلعتي إلا بكذا، كونه اشتراها على بصيرة، لأن هذا السوق بعيد مثلاً، أو غير ذلك، فلا بأس، هذا لأنه وضح له الأمر.

    المقدم: جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء، أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى، على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نسأل الله ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام؛ شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756202797