إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (801)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الحلف بالطلاق

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من مستمع رمز إلى اسمه بالحروف (ج. ف. ع. س)، له سؤالان، يقول في سؤاله الأول: حلفت بالطلاق بيني وبين نفسي على أنه إذا وقع أي حلف بالطلاق على زوجتي ووقع هذا الحلف فلا يعتبر طلاقاً، فهل يجوز هذا جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالحلف بالطلاق معناه: أن يحلف بطلاق معلق على شيء يقصد منه المنع أو الحث أو التصديق أو التكذيب هذا يقال له: يمين الطلاق، فإذا قال: عليه الطلاق أن لا يكلم فلان أو عليه الطلاق أن لا يأكل طعام فلان، أو عليه الطلاق أن لا يسافر، أو عليه الطلاق أن لا تخرج امرأته إلى بيت فلان، وقصده من ذلك منع الكلام أو السفر أو الخروج هذا يسمى يميناً، كذلك إذا قال: عليه الطلاق أن يكلم فلان، عليه الطلاق أن تذهبي إلى فلان يا فلانة، عليه الطلاق أن يسافر لكذا وكذا، والمقصود حث نفسه أنه يفعل هذا الشيء وليس قصده إيقاع الطلاق، هذا كله يسمى يميناً وفيه كفارة اليمين، ولا يقع به طلاق إذا خالفه لأنه ما قصد الطلاق وإنما قصد حث نفسه أو منع نفسه، أو حث امرأته أو منعها، فهذا يسمى عند أهل العلم يميناً، والصواب عند المحققين من أهل العلم أنه لا يقع إذا فعل ما حلف على تركه أو ترك ما حلف على فعله، وعليه كفارة يمين لأحاديث وردت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالمقصود أن هذا يسمى يميناً ولا يقع به طلاق.

    أما إذا علق الطلاق على فعل قصده إيقاع الطلاق أو على فعل ليس فيه حث ولا منع ولا تصديق ولا تكذيب، مثل إذا قال: عليه الطلاق لفلانة إذا دخل رمضان، أو عليه الطلاق لفلانة إذا قدم فلان قصده من ذلك تعليق الطلاق، هذا يقع الطلاق بشرطه، فقوله: عليه الطلاق أن لا يطلق فلانة هذا إذا كان قصده منع نفسه من طلاقها فيكون إذا أراد أن يطلق عليه كفارة يمين، أما إذا كان قصده إيقاع الطلاق وأنه إذا طلق يقع الطلاق فيقع الطلاق مثل غيره من المسائل.

    فالحاصل: أن هذا يرجع إلى نيته، إن أراد إيقاع الطلاق وقع الطلاق وإن أراد منع نفسه أو حثها على شيء فإنه يكون له حكم اليمين وفيه كفارة اليمين.

    1.   

    حكم قول الزوج لزوجته: اعتبري نفسك مطلقة

    السؤال: له سؤال آخر أيضاً في باب الطلاق، يقول: في إحدى مشاجراتي مع زوجتي قلت لها: اعتبري نفسك مطلقة فهل هذا طلاق؟ ولو فرض أن هذا طلاق فما هو الحل جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: نعم يعتبر طلاقاً ولكن طلقة واحدة إذا كان ما سبق طلقتان، له مراجعتها مادامت في العدة، فإذا قال: اعتبري نفسك مطلقة أو طالقة يقع بذاك طلقة واحدة وله مراجعتها مادامت في العدة إذا كان لم يطلقها قبل ذلك طلقتين.

    أما إذا كانت قد طلقها طلقتين فهنا تكون هذه الثالثة وتبين ولا تحل له إلا بعد زوج وإصابة، يعني: بعد زوج شرعي وإصابة يعني: وجماع من غير تحليل، فهو نكاح شرعي لا يقصد به التحليل، لكن لو طلقها في طهر جامعها فيه وليست حاملاً ولا آيسة لا يقع الطلاق على الصحيح، وهكذا لو طلقها في حيض أو نفاس لا يقع الطلاق؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يراجعها، وقال: أمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شئت طلق وإلا أمسك، وقال له: طلقها قبل أن تمسها) هذا يدل على أن الطلاق في الطهر الذي مسها فيه جامعها فيه لا يقع، وهذا هو الصحيح وهو قول جماعة من العلماء، وهكذا إذا طلقها في الحيض أو في النفاس لا يقع، أما إن طلقها وهي حامل أو في طهرٍ ما جامعها فيه، أو في طهر جامعها فيه لكنها حبلى أو آيسة يقع الطلاق في هذه الأحوال، في حال الحمل يقع الطلاق، وفي حال طهر لم يجامعها فيه، أو جامعها فيه لكنها حبلى أو آيسة يقع الطلاق، ما لم يمنع مانع من كونه اشتد غضبه شدة تغير شعوره، أو يمنع مانع من جهة أنه سكران تكلم بغير عقل لا يشعر بما صدر منه لكونه سكران أو أصابه شيء غير عقله فهذا لا يقع، من شرط وقوع الطلاق أن يكون يعقله الزوج، فأما إذا تعاطى شيئاً يفقده عقله، أو غضب غضباً يفقده عقله وشعوره ما يضبط ما يقع منه، أو يضبط لكن غلب عليه الغضب واشتد به الغضب من أجل مضاربة بينهما، أو مسابة بينهما، فالصحيح: أنه لا يقع في هذه الحالة لشدة الغضب كالذي زال عقله.

    1.   

    التحذير من اتخاذ القبور مساجد

    السؤال: من السودان الزرق، رسالة وبعث بها المستمع صديق من قرية الزرق يقول: نحن نصلي صلاة العيد خارج القرية، ومعنا مجموعة من القرى المجاورة، ولكن نصلي خلف المقابر التي تبعد بمسافة عشرة إلى خمسة عشر مترا، وسمعنا عبر برنامجكم أن الصلاة على المقابر لا تجوز، وفي الحين انقسمنا إلى مجموعتين، مجموعة خلف المقابر ومجموعة تركت المقابر على اليمين، ونطلب من سماحتكم الإجابة والتفصيل في هذا الموضوع الذي قسم شملنا بعد مجموعة طيبة وكبيرة؟

    الجواب: الواجب عليكم وعلى غيركم من المسلمين عدم الصلاة إلى القبور، وأن تكون الصلاة في محل بعيد عن القبور وليس في قبلتكم قبور؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم أيضا.

    فلا يجوز أن يصلى إلى القبور، ولا أن تتخذ مساجد يصلى بينها.

    لكن لو كان بينكم وبين القبور حاجز كجدار يمنعكم منها فالصلاة صحيحة، أو بينكم وبينها مسكن أو شيء يمنع منها مثل أن يكون بينكم وبينها وادي السيل أو ما أشبه ذلك، لكن بعدكم عنها أسلم، بحيث تكون عن يمينكم أو شمالكم هذا هو الطريق السليم، لا تجعلوها أمامكم إلا إذا كان بينكم وبينها حاجز يبعدكم عنها ولا يوهم أنكم تصلون إليها تعظيماً لها، تكونوا بعيدين عنها حاجز جدار وإذا كان جدار آخر غير جدار المقبرة يكون أسلم وأحسن، أو وادٍ بينكم، هذا يبعدكم عن شبهة استقبالها، لكن بكل حال إذا كنتم بعيدين عنها أو عن يمينها أو شمالها أو أمامها خلفكم لا يضركم، إذا كانت الأرض ليست من المقبرة ولا داخلة في المقبرة.

    المقدم: جزاكم الله خيرا، كونها تبعد عنهم خمسة عشر مترا كما قال؟

    الشيخ: قد لا يكفي هذا لأنها إذا كانت غير مستورة أمامهم قد يحصل بذلك الاستقبال ويظن أنهم قصدوا الاستقبال فالبعد عنها أسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بترك المشتبهات قال: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) اللهم صل عليه وسلم، فالبعد عنها أسلم، كونها عن يمين أو شمال أو خلفهم أو بينهم وبينها ستر وجدار، وإذا كان جدار آخر غير جدارها مثل جدار حوش أو جدار منزل أو بيت قائم يكون هذا أبعد عن الشبهة.

    1.   

    مفسدات الصوم، والفرق فيها بين صوم الفريضة والنافلة

    السؤال: من المستمع خضر سالم من المنطقة الشمالية رسالة وضمنها بعض الأسئلة، يقول في سؤال له: هل مفسدات صوم رمضان تنطبق كذلك على صيام النذر أو التطوع؟ وهل يأثم من أفطر في صيام النذر أو التطوع؟ وهل عليه كفارة؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: نعم مفسدات الصوم لرمضان كذلك تفسد صوم النذر وصوم الكفارات وصوم النافلة إلا شيئاً واحداً وهو أن النافلة يجوز أن يبدأها من النهار بخلاف الفرض، لابد من أن يكون من طلوع الفجر بحيث يمسك قبل طلوع الفجر، أما النافلة فيجوز أن ينوي الصيام من الضحى مثلاً إذا أصبح ولم يتعاط مفطراً لا أكلاً ولا غيره فله أن يبتدي صوم النافلة من النهار؛ (لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة ذات يوم فقال: أعندكم شيء؟ قالوا: لا. قال: فإني إذاً صائم) يعني: هذا يفارق فيه النافلة الفريضة. وأما المفسدات الأخرى؛ الأكل والشرب والجماع فهذا يستوي فيه النافلة وصوم النذر وصوم رمضان وصوم الكفارة كلها تفسد إذا أكل أو شرب أو جامع متعمداً، أما الناسي فلا يفسد صومه، لو أكل ناسياً أو شرب ناسياً أو جامع ناسياً صومه صحيح أو احتجم ناسياً فصومه صحيح، المقصود المفطرات مع النسيان لا تبطل الصوم سواء كان نافلة أو كفارة أو نذراً أو رمضان.

    1.   

    حكم أخذ الدم من الصائم

    السؤال: على ذكر الحجامة سماحة الشيخ، من أخذ منه دم للتحليل أو تبرع بالدم لمريض هل يؤثر هذا على صيامه؟

    الشيخ: دم التحليل خفيف لا يؤثر، لكن إذا أخذ دماً كثيراً يتبرع به لمريض فالأحوط له القضاء إن كان فرضاً؛ لأنه يشبه الحجامة من بعض الوجوه، والصواب عند أهل العلم: أن هذا خاص بالحجامة، لكن إلحاق الدم الكثير بالحجامة قول قوي، وإلا فالمعروف عند أهل العلم الذين فطروا بالحجامة يخصون الحجامة فقط لأنه جاء بها النص ولا يجعلون الفصد وغيره مفطراً، ولكن قول من قال يلحق بها ما يشبهها قول قوي، أما الشيء القليل كالتحليل في إصبعه أو التحليل من فخذ أو غيره هذا لا يفسد الصوم على الصحيح.

    1.   

    حكم من أفطر متعمداً في صوم النذر

    السؤال: يقول أخونا في سؤاله الثاني: ما الحكم في رجل كان يصوم نذراً لله ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث لم يكمل صومه، فهل عليه إثم في ذلك أو كفارة؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: نعم عليه إثم في ذلك إذا تعمد الفطر، أما إذا كان ناسياً فلا شيء عليه، أما إذا كان ثلاثة أيام نذرها يصومها ثم أفطر في واحد منها يأثم، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه) فليس له أن يفطر في اليوم الذي نذر صومه عليه أن يصوم، وإذا شرع في الصوم أمسك حتى يكمل، فإذا أفطر فيه لزمه قضاؤه بدل اليوم الذي أفطر فيه.

    المقدم: جزاكم الله خيرا، أما كفارة فليس عليه كفارة؟

    الشيخ: لا، الكفارة تخص المرأة، تخص من وطئ في رمضان خاصة، حتى قضاء رمضان ما فيه كفارة، إلا من وطئ في نفس رمضان.

    1.   

    شرح حديث: (إن أحدكم يجمع خلقه...)

    السؤال: من المستمع محمد سعد من العراق رسالة وضمنها سؤالين، في سؤاله الأول يقول: سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال حديثاً معناه: إن الجنين في بطن أمه يكتب له الشقاء أو السعادة، فهل الشقاء على وتيرة واحدة، أو السعادة على وتيرة واحدة أم أنها درجات، وهل هي في الدنيا أم في الآخرة أم في الآخرة والدنيا؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن الجنين إذا مضى عليه ثلاثة أطوار كل طور أربعين، يعني: أربعة أشهر يدخل عليه ملك ويأمره الله بكتب رزقه وأجله وعمله، ويكتب هل هو شقي أو سعيد، هل هو من أهل النار أو من أهل الجنة، فالشقي من أهل النار والسعيد من أهل الجنة، والله جل وعلا يكتب أعماله كلها، ولا ينافي هذا الأمر أو النهي، القدر ماضٍ في أمر الله، ولكن على العبد أن يعمل مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قال الصحابة: يا رسول الله! إذا كانت الأعمال تكتب شقاء وسعادة ففيم العمل؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة).

    فالعمل على ما كتب له، كتب له الشقاوة في الدنيا والآخرة فهو شقي، كتب له السعادة فهو سعيد في الدنيا والآخرة، يكتب له شيء في الدنيا شقاوة في الدنيا دون الآخرة أو شقاوة في الآخرة دون الدنيا، قد يعمل بعمل أهل الجنة في الدنيا ثم يموت على عمل أهل النار فيدخل النار نسأل الله العافية، وقد يكون شقياً في الدنيا بأعمال أهل النار ثم يكتب الله له التوبة فيموت فيتوب عند موته قبل أن يموت فيكون من أهل السعادة. فكل شيء يكتب على العبد شقاوته وسعادته في الدنيا والآخرة، لكن مع هذا كله الواجب عليه العمل، الواجب عليه أن يتقي الله وأن لا يقول هذا كتب علي وأنا أجلس لا، مثلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له)، والله يقول سبحانه: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]، الإنسان مأمور بالعمل، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن)، فكل إنسان مأمور بأن يطيع الله ورسوله، مأمور بأن يكسب الحلال، مأمور بأن يبتعد عن أسباب الشر، مأمور بأن يحذر الخطر، منهي عن أن يقتل نفسه، مأمور بالكف عن المعاصي، إلى غير ذلك، فعليه أن يمتثل الأوامر ويحذر النواهي ويجتهد في ذلك ولا يتأخر عن شيء أمر الله به ولا يقدم على شيء نهى الله عنه، وهو مع هذا ميسر لما خلق له.

    1.   

    حكم من عمل سيئة ودعا إليها ثم تاب منها

    السؤال: أيضاً يسأل ويقول: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)، ثم يقول: أنا كنت لا أدري هذه السنة السيئة وعلمتها لغيري ولم أجد هذا الشخص، فهل وزرها ووزر من علمهم علي؟ وإن كنت أعلم أن هذا العمل من السيئات وعلمته لغيري ثم تبت من هذا العمل، ولا أستطيع أن أجد الشخص الذي تعلم مني هذه السيئة، فهل وزره ووزر من علمه يلحقني إلى يوم القيامة رغم توبتي؟ وضحوا لي جزاكم الله خيرا.

    الجواب: الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عملها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا)، لكن متى تاب وأناب إلى الله وندم فالتوبة تمحو ما قبلها، وإذا وجد الشخص أعلمه بتوبته وأعلمه أنه أخطأ، وإن لم يجد فالله يعذره سبحانه وتعالى، الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

    فالشرك الذي هو أعظم الذنوب إذا تاب العبد منه تاب الله عليه، والله يقول سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، ويقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8] الآية، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

    فعليك يا عبد الله! الندم والإقلاع والعزم أن لا تعود في المعصية والحذر منها، وتنبيه من دللته على السيئة وزينتها له، تنبيهه على أنك أخطأت وأنك غلطت وأنك تبت إلى الله لعله يتوب ولعله يرجع إذا قدرت عليه، أما إذا لم تقدر عليه فأنت معذور.

    1.   

    حكم قراءة القرآن بنية الاستشفاء به

    السؤال: آخر أسئلته يقول: أختم القرآن للاستشفاء، وأنفخه على المريض، هل هذا يجوز أو لا؟

    الجواب: لا بأس بذلك، القرآن جعله الله شفاء، فإذا قرأته أو بعضه على نفسك وأنت مريض ترجو من الله الشفاء، أو على بعض المرضى فلا حرج عليك بل في ذلك الشفاء، قال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44] فالقرآن فيه الشفاء والخير، فإذا قرأته كله أو بعض الآيات كل ذلك خير والحمد لله.

    1.   

    أفضل الصيام وما يستحب صيامه وحكم صيام يوم الجمعة

    السؤال: من ليبيا المستمعة فريحة حامد الشريف رسالة وضمنتها جمعاً من الأسئلة، تقول في سؤالها الأول: إذا بدأت الصيام من يوم السبت حتى نهاية الأسبوع، فهل علي أن أتم صيام يوم الجمعة، أم أنني أصوم يوم السبت وأترك الجمعة؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: الأفضل للمؤمن والمؤمنة أن يتحرى الأيام الفاضلة مثل الإثنين والخميس يصومهما، مثل ثلاثة أيام من كل شهر يصومها، وإن سرد أياماً وأفطر أياماً فلا بأس، وإذا سرد أياماً وصار منها يوم الجمعة فلا حرج، وإذا صام الخميس والجمعة أو الجمعة والسبت فلا حرج، النهي إنما هو إذا كان خص الجمعة وحدها بتطوع، إذا خصها وحدها هذا هو محل النهي.

    أما إذا صامها مع الخميس أو مع السبت أو ضمن أيام سردها فلا حرج عليه، لكن الأفضل إذا كان عنده قدرة أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، هذا أفضل الصيام وهو صيام داود نبي الله عليه الصلاة والسلام، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا أفضل الصيام أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، وإن صام الإثنين والخميس فهذا خير عظيم، أو صام ثلاثة أيام من كل شهر كفى لأن الحسنة بعشر أمثالها، كل ذلك طيب.

    1.   

    حكم مصافحة المرأة للرجال الأجانب

    السؤال: تسأل أختنا من ليبيا تقول: ما حكم مصافحة زوج الأخت، وهل يجوز أن أضع قفازاً إذا أردت السلام عليه أو على أي رجل أجنبي ليكون حائلاً بين يدي وأيديهم؟

    الجواب: لا تجوز المصافحة للرجال الأجانب ولو كان زوج الأخت أو زوج العمة لأنه أجنبي ليس بمحرم ولو مع القفاز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء)، وتقول عائشة رضي الله عنها: (والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام)، ولما مدت امرأة يدها في البيعة قال: (إني لا أصافح النساء).

    فالواجب على المرأة أن تحذر هذا الشيء، لا مع زوج أختها، ولا مع زوج عمتها، ولا مع أخي زوجها ولا غيرهم من الأجانب؛ لأنه وسيلة للشر والفتنة أعظم من النظر.

    أما زوج أمها أو زوج جدتها هذا محرم من النسب والرضاع، وهكذا زوج ابنتها، وزوج بنت ابنها، وزوج بنت بنتها محرم من النسب والرضاع.

    أما زوج الأخت.. زوج العمة.. زوج الخالة هذا أجنبي، وهكذا أخو الزوجة وأخو الزوج، أخو الزوج ليس بمحرم بل أجنبي.. عمه.. خاله أجنبي، أما أبو الزوج وجد الزوج وابن الزوج وابن بنت الزوج وابن ابنه هؤلاء محارم، زوج البنت.. زوج بنت البنت.. زوج بنت الابن كلهم محارم من النسب والرضاع.

    1.   

    حكم إعطاء الصدقة لغير المسلمين

    السؤال: تسأل وتقول: بخصوص الصدقة أو فطرة عيد الفطر، هل يجوز إعطاؤها لغير المسلمين؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: أما صدقة تطوع فلا بأس أن يعطاها كافر فقير والذي ما هو بحربي، يعني: بيننا وبينهم أمان أو ذمة أو عهد لا بأس، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم في سورة الممتحنة: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] فأخبر سبحانه أنه لا ينهانا عن هذا، يقول: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة:8] البر معناه: الصدقة. (وقد قدمت أم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها إلى المدينة في أيام الهدنة تسأل بنتها صدقة ومساعدة، فاستأذنت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأذن لها أن تتصدق عليها وتحسن إليها، وقال: صليها).

    فالمقصود أن الإحسان والصدقة على الفقراء من أقاربك الكفار أو من غيرهم لا بأس بذلك إذا كان بيننا وبينهم أمان أو ذمة أو معاهدة، أما إذا كانوا حرباً لنا وفي حال الحرب فلا نعطيهم شيئاً لا قليلاً ولا كثيراً؛ لأن هذا موالاة لهم فلا نعطيهم لا قليلاً ولا كثيرا.

    أما الزكاة فلا يعطاها إلا المؤلفة قلوبهم، مثل رؤساء العشائر، كبار القوم، الناس الذي إذا أعطوا يرجى إسلامهم وإسلام نظرائهم أو يدفعون عن المسلمين الشر، لأنهم رؤساء كبار وأعيان، يعطون من هذه الزكاة لأن الله قال جل وعلا في كتابه العظيم: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ [التوبة:60]، المؤلفة قلوبهم يدخل فيهم المسلم والكافر.

    المقدم: جزاكم الله خيرا.

    سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: اللهم آمين.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755994528